كوباني/ سلافا أحمد ـ
تشتهر مدينة كوباني وريفها بإرثٍ غذائي عريق، تتقدمه أطباق تقليدية حافظت على نكهتها وخصوصيتها عبر الأجيال، وتأتي “الكبة النية”، أو كما يطلق عليها أهل كوباني “ Çîgê Goşt“، في مقدمة هذه الأطباق التراثية، إذ لا يزال حضورها ثابتاً في المناسبات والاجتماعات العائلية، وحتى في الأيام الاعتيادية.
ولمطبخ كوباني الأصيل مجموعة واسعة من المأكولات التراثية التي تتميز بها المنطقة عموماً، وهي: Tirşikê Holikan, Çîgê Goşt, , Becanlî, Dolme, kofte, Çîgî Nîsk, Yûlaq, tirşika kel û pelên hişk yên weke becanê hişk û fasûlî, nok, nîsk.
وعلى الرغم من تعدد وصفات الطعام الحديثة، ما زالت الأكلة المشهورة Çîgê Goşt تلقى إقبالاً كبيراً بين الأهالي الذين يرون فيها رمزاً لأصالة المطبخ الكوباني ونكهة مرتبطة بالذاكرة الشعبية.
وفي هذه المدينة التي ما زالت تتوارث طقوسها كما يتوارث الأهالي أغانيهم وقصصهم، وتبقى الكبة النية أو “Çîgê Goşt” أبرز الأطباق التراثية التي حافظت على حضورها في البيوت والمناسبات الشعبية، فهي ليست مجرد وجبة، بل جزءاً من هوية المدينة، حيث اعتاد الأهالي فتح أبوابهم للضيوف وتقديم هذا الطبق بوصفه رمزاً للكرم واستمراراً لذاكرةٍ لا تزال تنبض بالحياة.
Çîgê Goşt… نكهةٌ تصنع ذاكرة كوباني
وتبدأ حكاية الكبة النية أو Çîgê Goşt”” من حفنة برغل ناعم، ومن الفليفلة المجففة الناعمة، ومن البصل، واللحم المهروس فتمتزج المكونات في جلسات الأحباب، وتُقدم طعاماً شهيا في اجتماع عائلي مفعم بالحب.
واليوم، ومع تغير الزمن، ما تزال Çîgê Goşt تقاوم النسيان، حيث تقدم في العزائم، وفي ليالي الشتاء الطويلة، وفي اللقاءات الصغيرة التي يحتفل فيها الناس بالحياة رغم صعوبتها، هي الأكلة التي لا تحتاج إلى مناسبة، لأن مناسبتها الحقيقية هي وجود الناس حولها، وامتداد الحكاية التي لا تنتهي.
ولعل الفضل الأكبر في بقاء ” Çîgê Goşt” حاضرةً في ذاكرة كوباني، يعود إلى الأمهات اللواتي حافظن على سر نكهتها جيلاً بعد جيل، فهذه الأكلة، التي تحتاج إلى صبر ويد خبيرة تعرف كيف تنعم البرغل وتوازن الفلفل الناعم مع البصل المفروم واللحم المهروس وتعجن المكونات بحرفية، لا تخرج بطعمها الأصيل إلا من أيدي النساء اللواتي رسخن مكانتها في المطبخ الكوباني، وبفضل مهارتهن، تحولت الكبة النية إلى جزء من هوية المدينة وذاكرة بيوتها، إذ ما زال الأهالي يؤكدون أن ” Çîgê Goşt” الحقيقية هي تلك التي تصنعها الأمهات، بطعم لا يشبهه أي مذاق آخر.
ليست طبقاً بل حكاية
وفي لقاء مع صحيفة “روناهي”؛ أكدت “عدلة حاج مسلم“: “إن Çîgê Goşt أكلة ذات مذاق طيب، بل عادة ورثنها من أمهاتنا وجداتنا”.
وعن طريقة تحضيرها: “تحضر الكبة النية من مكونات بسيطة لكنها تحتاج إلى دقة في إعدادها، إذ تعتمد على البرغل الناعم، والبصل المفروم الناعم، والفلفل الأحمر المطحون الذي يمنحها لونها والطعم المميز، إضافة إلى اللحم المهروس بعناية ليكتمل قوامها ونكهتها الأصيلة”.
مضيفةً، لتقدم الكبة مزينة في أطباق بالبقدونس المفروم وقطع الليمون، وإلى جانبه الفجل والعيران وزيت الزيتون والمخلل، لتكتمل بذلك طقوس المذاق التقليدي الذي يميز موائد كوباني.
ونوهت عدلة إلى أن سر مذاق الكبة الأصيلة لا يكمن في المكونات وحدها، بل في لمة الأحباب والأبناء حول المائدة، حيث يكتسب الطبق نكهته الحقيقية من دفء جمعة الأحباب وروح المشاركة التي ميزت بيوت كوباني عبر السنين.
وتابعت عدلة: “وحين نجتمع لنبدأ بعجن الكبة النية، لا يكون الأمر مجرد تحضير لطبق شعبي، بل كأنه جسر بين زمنين، بين يدي التي اعتادت على العجن ويدي بناتي اللواتي يتعلمن اليوم، أشعر بأنني أنقل لهن نكهة عمر كامل، حتى لا يفقدن طعم هذه العادات وسط تغيرات وتبدل الحياة والعادات، وفي محاولات للحفاظ على هذا الموروث من الاندثار أمام موجة الأكلات الحديثة”.
وأشارت الأم “عدلة حاج مسلم” في ختام حديثها، إلى أن رغم التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي مرت بها المنطقة، ما تزال Çîgê Goşt طبقاً رئيسياً على مائدة آلاف العائلات في كوباني، وواحدة من الأطعمة التي يفتخر بها أبناء المدينة كجزء من هويتهم.
صحيفة روناهي
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd-online.com/?p=80739








