الصبحة.. تقليد راسخ في طقوس الزواج الفراتية

الطبقة /ماهر زكريا ـ
تتعدد العادات والتقاليد الاجتماعية، فتُصبغ بصبغة البيئة المحيطة، باختلاف المكان والزمان، منها من حافظ على استمرارها ومنها ما ذهب مع النسيان.
الزواج في منطقة الفرات يحمل تقاليده الخاصة، يعرفها أبناء المنطقة ويرويها من حضرها وعاشها، للأجيال القادمة. فمن العادات، التي لا تزال متبعة في طقوس الزواج في أغلب مناطق الفرات “الصبحة” وهي وليمة تجمع الأحبة من طرفي العريس والعروس في يوم العرس، وهي من تراث منطقة الفرات، يحضرها من يشارك في العرس وفي يوم “الزفة” بالتحديد.
 وللتوقف على هذا التقليد التقت صحيفتنا “روناهي” مع محمود الصياح عضو في مكتب الموسيقا في مركز الثقافة والفن في الطبقة.
تحضيرات وطقوس العرس
هناك أمور هامة وخطوات تسبق يوم العرس و”الصبحة” يشير اليها الصياح في بداية حديثه: “الصبحة عبارة عن وليمة من اللحم الضأن لتقليد فراتي وعادة من العادات والتقاليد الفراتية تقام في يوم العرس”.
وأضاف: “التحضيرات تبدأ عندما يرغب الابن أو الأخ… في الزواج، يقوم الأب والأم بمشورة الشاب، في غالب الأحيان لاختيار زوجته، ثم يذهبون لطلب يدها من قبل أهلها، وتسمى “الخطبة” حيث يقوم الوالدان برفقة بعض الأقارب والوجهاء في العائلة، وتعرف بـ “الجاهة” ويتم في تلك الخطوة الاتفاق على “السياك” أو المهر، ويحدد يوم الزفة أي العرس. يلي ذلك تقديم المهر أو “السياك”، ومن ثم كتب الكتاب وشراء مستلزمات العروس وتعرف بـ “الزهاب” وتختاره العروس وأهلها في الغالب، وقد يشارك فيها العريس، وهي تتنوع بين المستلزمات الشخصية للعروس كالأقمشة والعطورات، وبعض الأدوات المنزلية، وعلى رأس القائمة المصاغ الذهبي”.
وليمة الصبحة دليل كرم ومكانة أهل العريس
الصبحة تعدّ دليل كرم ورفعة مكانة العريس وعائلته، وقد تصل حد الإسراف والمبالغة، يشير الصياح على ذلك وإلى مكونات الوليمة: “الصبحة وليمة غداء تحضر فيها كميات كبيرة من لحم الغنم، لتكفي جميع المدعوين، حيث تتكون من الثريد ولحم الضأن، التي تقطع إلى قطع متوسطة ثم يتم طبخها بالماء، ويضاف الدسم والسمن العربي، حتى ينضج، ليسكب في صوان “صحون” كبيرة، يوضع في قاعها خبز الصاج، تقدم للضيوف والمدعوين، ويبالغ البعض في العناية بها، من حيث الكمية والإعداد والتوزيع، لأن ذلك دليل كرم وسخاء وتقدير للحضور والعريس”.
 فرصة لاجتماع الأحبة والمشاركة في الفرحة
وأضاف: “يجتمع المشاركون في العرس منذ الصباح، في مجلس يتبادلون فيه أطراف الحديث والتهاني، وترافق الصبحة أنواع الدبكة والأغاني الشعبية المتوارثة، من الأجداد إلى الآباء والأبناء، كما أنه لكل عشيرة طقوسها وعاداتها، في الأعراس والأفراح، إلا أنه مع مرور الزمن استبدل البعض تلك العادات بعادات جديدة في حين حافظ البعض الآخر عليها”.
والجدير ذكره، إنه بعد العرس تبدأ زيارة الأقارب والأحبة للعروسين، ويقومون من باب الفكاهة، والترويح عن النفس، بطلب بعض الأمور من العريس، وعليه حينها تلبيتها، كان يقوم بتقليد بعض الأصوات، أو الحركات والرقصات، أو بنفخ أعداد من البالونات وتحضير بعض المشروبات والأطعمة، لخلق أجواء أخرى تسودها المحبة والضحاكات في أجواء من البهجة والفرحة المشتركة.

​الثقافة – صحيفة روناهي  

شارك هذه المقالة على المنصات التالية