السبت, أبريل 20, 2024

الشعر الشعبي في الجزيرة السورية غنى ثقافي وإرث عريق

القسم الثقافي
الشدادي/ حسام الدخيل ـ
تعد الجزيرة السورية إحدى المناطق الغنية بالتراث الشعبي العريق، والتي تشتهر بالشعر الشعبي الذي يتميز بأسلوبه الفريد والمميز. وتعود أصول الشعر الشعبي في الجزيرة السورية إلى العصور القديمة، حيث كان يستخدم وسيلة للتعبير عن المشاعر، والأفكار، والتجارب الحياتية للناس في تلك الفترة.
يتميز الشعر الشعبي في الجزيرة السورية بأسلوبه البسيط والمباشر، حيث يعبر عن المشاعر والأفكار بطريقة سهلة وواضحة؛ ما يجعله مفهوما للعامة، ويمكن للجميع فهمه، واستيعابه. ويتنوع هذا الشعر بين النسيج الشعري والشعر الغنائي، ويتضمن مواضيع متنوعة تشمل الحب، والحرية، والوطنية، والتاريخ، والدين، والعادات والتقاليد.
الشاعر حسن الفياض المنحدر من مدينة الشدادي بريف الحسكة الجنوبي قال: “تعدُّ الجزيرة السورية من أغنى المناطق ثقافياً، لعدة أسباب أهمها غنى المنطقة بثقافات متنوعة، فهناك العرب والكرد، والسريان، والشركس، والشيشان، والأرمن، وغيرهم، وهذا النسيج المتجانس أعطى لأبناء الجزيرة السورية خصوصية بسبب تعدد الثقافات وتمازجها لتشكل فسيفساء فريدة”.
وتابع “فيما يتعلق بالشعر الشعبي في الجزيرة السورية، تأثرت المنطقة بحكم القرب مع دولة العراق، وصلة القرابة التي تربط بين العشائر السورية، والعراقية باللون العراقي، فهناك تشابه كبير بين الشعر في الجزيرة السورية مع العراق”.
وأضاف “يعدُّ شعر الحب من أبرز أنواع الشعر الشعبي في الجزيرة السورية، حيث يعبر عن العواطف الإنسانية العميقة، والمشاعر المتأججة في قلوب الأحياء، وتتميز أغاني الحب بأسلوبها المؤثر والعاطفي، ويعدُّ العشق، والحب الصادق محورا رئيسيا فيها”.
بالإضافة إلى ذلك، يعبر شعر الجزيرة السورية عن العادات، والتقاليد المحلية. حيث يستخدم للتعبير عن الثقافة الشعبية والتراث الثقافي للمنطقة، وتشمل هذه العادات والتقاليد الزواج والمناسبات الاجتماعية، والدينية، والعادات الشعبية الأخرى التي تميز المنطقة.
ويعدُّ الشعر الوطني، والتاريخي أيضا جزءا من التراث الشعبي في الجزيرة السورية، حيث يستخدم للتعبير عن الوطنية، والانتماء للأرض والتاريخ والثقافة المحلية. وتتنوع مواضيع هذا الشعر بين الغزوات والبطولات والثورات والمقاومة. وهو تعبير عن الروح الوطنية والانتماء للأرض والشعب في الجزيرة”.
وأردف الفياض: “علاوة على ذلك، يتضمن الشعر الشعبي في الجزيرة السورية العديد من الأساطير والحكايات الشعبية، والتي تستخدم للتعبير عن الحكمة الشعبية والخبرة الحياتية، التي اكتسبها الناس مع مرور الزمن. وتتنوع هذه الأساطير والحكايات بين الخيالية والواقعية، وتعبر عن قيم ومعتقدات الشعب وطريقة تفكيره”.
أما فيما يتعلق بأنواع الشعر ذكر الفياض، إن أنواع الشعر الموجودة بالجزيرة السورية تشابه إلى حد كبير أنواع الشعر النبطي في العراق، والتي يعد أهمها، القصيدة النبطية المحكية، والتي تسمى السلسلة، وتكتب باللهجة الجزراوية، ومن أمثلة هذا النوع نذكر هذه القصيدة:
سراب أنتِ بس أني أشوفچ ماي، لاهوب حر الصيف. قلبي وفرح بسرابچ، أمد الحفنة وأغرفها وترد خيبات، أكلچ فدوة عطش. هالروح وعلى حسابچ، حب هذا لو شنو الدق علي الباب، هم سهر عيونچ ودق على بابچ”
وتتبع هذا النوع من القصائد نظام الشطرين، وتحتوي على روي وقافية موحدة لكل القصيدة، وهي غير محدودة بعدد أبيات معينة، وينتشر هذا النوع بكثرة في منطقة الجزيرة السورية وحوض الفرات والبادية.
أما النوع الثاني والمشهور جداً في المنطقة هو الزهيري، أو المسبوع كما يسمى، ويتألف هذا النوع من القصائد من سبعة أبيات تتألف الأبيات الثلاث الأولى من ثلاثة أشطر، وتقفل هذه الأشطر بكلمة موحدة، وتأتي بثلاثة معان مختلفة.
والأبيات الثلاث الأخرى تأتي أيضاً بالنظام نفسه، ثلاثة أشطر وتقفل بكلمة موحدة وبمعان مختلفة أيضاً.
أما الشطر السابع والأخير يأتي بقفلة مشابهة لقفلة الأشطر الثلاثة الأولى وبمعنى مختلف، ومن الأمثلة على هذا النوع من الشعر:
أنت النويت الهجر كلمن مشا بسكتة، تنطرعيوني الدرب ويرف الجفن سكته، بجفاك سعرت ناري وصاب القلب سكته…وأدريك ناسيني ولا تسمع عتابي، وما أظن تجيني بيوم وتعبر عتابي، ما هزني يوم الريح بس ريحك عتا بي…يناديك دوم القلب ومجبور أسكته”
والنوع الشهير الآخر هو العتابا، وهذا النوع من الشعر يشبه الدارميات والزهيري، حيث يتكون من أربعة أشطر، الأشطر الثلاثة الأولى تنتهي بالكلمة نفسها، وبمعنى مختلف، والشطر الرابع والأخير يشترط أن ينتهي بكلمة نهايتها حرفا الألف والباء، ومن الأمثلة على هذا النوع من الشعر:
“أسمع ونين الروح عقبك ولمها، وأعد جروح دلالي من هجرك وألمها، لا أب جبرها على هجري ولا أمها، مشوا عنا وعاشروا غير أحباب”
أما الأبوذية تشبه العتابا، ولكن قفلة البيت الرابع يجب أن تكون بأحد أحرف المد، ومثال على ذلك:
“دواهي لحظ العين ورمشه ولاني، ولاهو مستوي طرحه ولا ني، لاني بالصبر أيوب يبنيه ولا آني، لقمان تداوي جرحي بأديا”
وهناك أنواع أخرى من الشعر الشعبي في الجزيرة السورية، مثل المولية، والتي تشتهر بها الرقة ودير الزور بالإضافة إلى الدارميات.
وأكد الفياض إن جميع هذه الأنواع والألوان الشعرية الشعبية في الجزيرة السورية مغناة، ويغنيها فنانو الجزيرة السورية.
وأشار الفياض إلى أن مواضيع الشعر الشعبي في الجزيرة كثيرة ومتنوعة وتتنوع الأساليب في كتابتها وطرحها من شاعر إلى آخر، ويعدُّ النسيج الشعري أو المساجلات أمراً شائعاً بين الشعراء في المنطقة، وهو شعر يتميز بأسلوب الرد والمواجهة، حيث يقوم الشاعر بالإجابة على شاعر آخر بأسلوب شعري مميز. ويعدُّ هذا النوع من الشعر شائعا في المناسبات الاجتماعية مثل الأعراس، والاحتفالات الدينية، والاجتماعية الأخرى.
الشعر الغنائي: وهو شعر يتم غناؤه وأداؤه بواسطة المطربين، والمغنيين، ويتميز بأسلوبه النغمي والإيقاعي، ويعبر عن المشاعر والأفكار بطريقة ملحنة وموسيقية.
شعر الحب: وهو شعر يعبر عن المشاعر العاطفية والعواطف الإنسانية العميقة، ويتميز بأسلوبه الرومانسي والشاعري المؤثر.
الأساطير والحكايات الشعبية: وهي قصص وحكايات شعبية تنتقل عن الأجيال، وتستخدم للتعبير عن الحكمة الشعبية والخبرة الحياتية التي اكتسبها الناس مع مرور الزمن.
وفي النهاية، يمثل الشعر الشعبي في الجزيرة السورية جزءا أساسيا من التراث الثقافي والأدبي للمنطقة، حيث يعبر عن تجارب الأهالي وحياتهم وعاداتهم وتقاليدهم، ويعكس الثقافة والتراث الغني لهذه المنطقة. ورغم تغيير العصور وتطور الحياة، إلا أن الشعر الشعبي لا يزال يحتفظ بمكانته وأهميته في قلوب الأهالي، ويعدُّ جزءا لا يتجزأ من الهوية الثقافية للمنطقة وشعبها.

​الثقافة – صحيفة روناهي

شارك هذا الموضوع على