الفنانة جانيت ألمرادي – ج/ 7
كورد أونلاين تاريخ النشر: 4 مارس، 2025
عصمت شاهين الدوسكي
* جعلت للمرأة دوراً كبيراً في الفن والوجود.
* تجلى الصمت من عقره كردستان إلى بغداد وإلى كل مدن العالم.
كل الفنون في العالم لها مناهج فنية ,توجيهية ,إرشادية ,فكرية ,تصب في التقدم المكاني والزمني للإنسان ,الذي لها لأثر الكبير في إظهار الفن بإحساس مرهف وفكر متقد وتجسيده بالصورة التي تليق بالجمال الفني فكراً ومضموناً ,لا يمكن للألوان أن تجسد فكرة ولا يمكن لقلم الرصاص والطين والحجر أن يتحول إلى رؤية فكرية إلا بعد لمس وحركة هذه الأشياء الصامتة والإحساس فيها ونظمها وفق معايير وأطر مخطط لها مسبقاً ،ولا شك هناك فرق كبير بين الرسم كممارسة وجهد عضلي وبين التكوين الفني للطين والحجر ,فالرسم يمكن ممارسته في أي مكان الغرفة الصالة الحديقة وغيرها من الأماكن التي يمكن استغلالها لهذا الأمر ,أما ممارسة الطين والحجر لا يمكن ممارسته إلا في مشاغل كبيرة ومعامل لصب البرونز وهي في نفس الوقت مكلفة ,النحت هو بناء لجسم المنحوت بحديد ثم الطين الحر وبعدها الصب في قوالب مستخدماً ألبور ك , أما النحت في الحجر, ينحت الحجر بالبدريل الكهربائي وهذا أصعب الأعمال , وباختلاف الجهد بين هذا الفن وذاك , تبقى الرغبة والحب والهواية ,لهم الدور الرئيسي في العمل الفني مهما كان ,لأن أي عمل بلا حب ورغبة لا يأتي كما يراد له كفكر ومضمون ورسالة ,وممارسة هذه الفنون الرسم والتخطيط والنحت لهو أمر شاق جداً خاصة عندما تمارسه فنانة متألقة مثل ( جانيت ألمرادي ) رغم أن رأيي ,أن المرأة عندما تقوم بعمل فني أصيل تحبه وتحس فيه فكرياً وروحياً ,أكيد ستبدع وتتألق فيه شكلاً ومضموناً , قال أرسطو : ( أن من لا يملك حساً لا يستطيع أن يعرف شيئاً ) ، أعمال الفنانة المتألقة جانيت ألمرادي في ظل مسيرتها الفنية وتجربتها الطويلة وخبرتها القيمة , لمست الكثير من المعاناة في مدنا لعالم تصحب معها جراحات المسافات والغربة في كل الأماكن في الأزقة والشوارع والحارات بين لظى حرارة الشمس وزمهرير الشتاء وصقيع الثلوج وضباب الغمام ,تواجه التناقضات البشرية بين أمزجة متمردة ,ثائرة, متحجرة, جاهلية, وأخرى قانعة قد تكون مذلة أو زاهدة ,فترحل بمخيلتها الأنثوية ,الطرية إلى عوالم لا نهائية ,تائهة بين المعقول ولا معقول ,بين الوجود ولا وجود ,بين الصمت ولا صمت , بين صرخة الأعماق والضياع في غربة العالم المفقود .
أنها تجربة فنانة متألقة ,تسير مواكبة لإبداع خلفها ,لأنها نبع الإبداع الحقيقي وأصله الذي لا يفارقها رغم كل الهمسات الجارحة والأناة الشجية الملتهبة والآهات التائهة في دجى الليالي المظلمة , ترنو للحلم ربما يكون الحلم ضائعاً في غربة الحياة .
أنوثتها الناضجة ثائرة غير مستقرة لزمن معين ,ثائرة بالفكر والجمال يتخيل إليك إنها ليست ككل نساء العالم ,شعرها الداكن يخفي إرهاصات هذا العالم المضطرب ومملكة نسائية ليس فيها عبيد وأسياد ,وفي عينيها أحلام هاربة للمجهول ,وروحها كطير النورس يسافر مع الرياح إلى أرض الجنان والحلم والأمان حيناً وإلى أرض اليباب والآلام حيناً آخر , كأنها تقول للعالم ها أنا ذا بينكم ,ولكني لست بينكم .
صوتها يشرخ جدار الصمت والحب والواقع ,كشلال كلي علي بك , تتخيل انك تسمع موسيقى هادئة سحرية طبيعية ,وتارة مضطربة منفعلة ثائرة ,يديها الناعمتين عجنت الطين وحركت الحجر ومسكت الفرشاة ,لتصرخ فيهم ,وتبكي عليهم ومن أجلهم .
أنها الفنانة التي نحتت المرأة لتقول لها كوني امرأة كما أرادت السماء ,ونحتت الرجل لتقول له كفى جهلاً ,كن رجلاً , ولا تكن من أشباه الرجال ,أسمك رجل ونجمك من ضعفك وجهلك آفل .
الفنانة المبدعة جانيت ألمرادي التي جعلت للون جمالاً زاهية ,وللتخطيط معنى ,وللطين عالماً جريئاً ,وللحجر صوتا راقياً رغم الصمت .
جسدت معاني التألق الإنسان يفي مجمل أعمالها الفنية التشكيلية والنحتية ,بسحر لوحاتها الفنية التي تجسد جنان الطبيعة الزاهية, ورونقها وصفاءها , وصمتها الكوني الجميل فيظل هذا العالم الكارثة , فالألوان في لوحاتها الفنية توأم مترابط حيناً ,ممزوجاً حيناً آخر مع بعضها بدقة متناهية ,لتتجلى فيها عوالم الإحساس الجميل والنقاء الروحي الذي يلفت الأنظار بلا استئذان ,ليست الطبيعة همها الوحيد رغم امتداد جذورها الأولية فيها ,بلوحاتها جسدت الأماكن والأحياء السكنية البغدادية ,العربية والدولية وهو اختيار موفق من أحساس فنانة وجدت الحياة وأحست بالصمت الرهيب ,وجدت الأصالة في عمق تاريخ الإنسان ,لتنقل رؤية العين الأولية ومن ثم تأويل هذه الرؤية إلى خطوط وألوان وأفكار على أقمشة بيضاء ,ليس نقلاً مباشراً لحارة, لبيت, لباب أو نافذة , لأن كل هذه الرموز تحكي بصمتها قصة مرت من هناك في لحظة ما أو قدر ما ,أنه ليس جنون الأماكن بل جنون اللحظة التي راودت البصر من النظرة الأولى ليتغلغل في أعماق الفنانة المبدعة جانيت ألمرادي ,فهذا السفر بين الألوان والصمت يجعل الفرشاة تتمرد وهي بين أنامل ناعمة جميلة لسيدة التألق والفن الجميل جانيت ألمرادي ناهيك عن المخطوطات الراقية بحبر الصين الأسود التي تجاوزت فيها لتألق التخطيطي في الظل والضوء ,والتي تحولت في نفس الوقت إلى أعمال نحتية لوحات صغيرة فخارية , إن مزج هذا التكوين الفني التطوري ،الرسم ,التخطيط ,النحت ,ليس يسيراً بل شاقا ولكن الفنانة المبدعة جانيت ألمرادي جعلت منه رمزاً يذكر دائماً ,فما زال ( تمثال ز بيده ) الجميل رغم صمته يروي حكايات ليالي بغداد الجميلة هذا العمل الرائع من عمل يدها ,مازال شامخاً أمام باب عمادة كلية الفنون الجميلة في بغداد يتأمله من في أعماقه جذور الفن الأصيل ,من حيث الاستهلال الذهني والوعي الإدراكي للشكل وللظل والضوء والأشكال المجسدة التي تحتاج إلى رؤية نافذة في جميع الاتجاهات ,عندما تبحر بعيداً وتتخيل حركة الطيف وتناثر فتات الحجر على يد الفنانة المبدعة جانيت ألمرادي يتجلى مدى هذا الصبر ,وهذا الفكر المتقد ,وهذا الإصرار والطموح ,وهذا العطاء الفكري في زمن نام على الآلام والعذابات والجراحات ,وفي معصميه قيود ( لا ) ,لا تفعل هذا , أفعل هذا ,وكلاهما صوت خافت يخجل منه الناظر والمنظور ,وإن حاولت أن تعطي قيمة تفضيلية لأي عمل من أعمالها الفنية بين الرسم والتركيب الطيني والحجري ,تجد كل عمل له نسبة تفضيلية عالية في الرؤية الفنية والتشكيلية والرمزية ,رغم تجلي التدرج الفني بينهم كمسار تصاعدي متألق ,مثلا تكوين خاص من الهيدروجين والأوكسجين بانفعال ,يظهر الإدراك الحسي البشري ,ثلاث مراحل مختلفة ,صلداً , سائلاً ,غازاً , والخط الذي يميز
أحدھما عن الأخر يظهر عند الفصل بین الجلید والماء ,وبین الماء والبخار ,ھكذا انقطاع أي رؤیة فنیة جزئیة ,كلیة في أعمال الفنانة جانیت ألمرادي تعود إلى نقطة الأصل الفني ,أن تجزأ ھذا العمل أو ذاك ,وأن دمج صورتین لتكوین صورة ثالثة مع الواقع أو ضد الواقع بتناسق جمیل في اللمسات على شكل المجسد ,وبما لا یقبل التأویل النوافذ التي یوفرھا الرسم أسھل بكثیر من النوافذ الصعبة التي یوفرھا فن السیرامیك والنحت الذي یجعل عقل وفكر وذاكرة الفنان دائماً متقدة ,وعامل مھم في استیعاب الصور والأشكال الفنیة ,فأن فتات الحجر والطین تلتحم في ذاكرة الفنان المبدع ,ویتجلى تفاعل قیم مع الإحساس والحب والرغبة داخل وعي الفنان ولیس الاتكال على المشاهدة البصریة فقط ,عند تكوین عمل فني ,ومن الخبرة الشاقة والتجربة الفنیة یتضح مدى فن التشریح الشكلي لیس البشري فقط بل شكل كل ما في العالم فقد علق ( سابارتيه ) على حقیقة ( أن ذاكرة بیكاسو لأشكال العالم المحیط بھ كانت جیدة إلى حد أنھ لم یكن بحاجة إلى وضع نماذج ” مودیلات ” أمامھ لقد حفظھا جمیعاً عن ظھر قلب بخطوط محیطاتھا , بخصوصيتها ,وبكل ما من شأنھ أن یجعلھا فریدة …) إذا لم یكن هناك ضرورة في الرسم ,التوضیح بمكونات مادیة ،لكن من الضروري جداً أن یتضح ذلك مع الطین والحجر عند الفنان الذي یصور الشكل عن طریق التركیب الفني وهنا لا یبقى سوى الرؤیة . الفنیة بینھما الفنانة المتألقة جانیت ألمرادي لھا مسیرة رائعة في ھذا المیدان الجمیل والشاق في نفس الوقت رغم جمالھا وصمتھا العمیق من عقره كردستان إلى بغداد إلى كل مدن العالم تحمل غربتھا المركونة في زاویة من زوایا العالم ,حیث روحھا كالطیر المھاجر إلى مدن العالم رؤاها من أصالة الماضي العریق لرؤیة الحاضر للمرأة العراقیة المتألقة في عصر كاد یقتل فیھ الإبداع ,ولكن إصرار الفنانة جانیت ألمرادي . جعلت للمرأة دوراً كبیراً في الفن والوجود . *************
جانیت جرجس ألمرادي
ولادة :
كركوك دبلوم معھد الفنون الجمیلة فرع / نحت / بغداد / عراق بكالوریوس كلیة الفنون الجمیلة فرع / : y نحت / بغداد / عراق دراسة ماجستیر ( علم الآثار ) في الجامعة الأردنیة / عمان / الأردن عضوه جمعیة التشكیلین العراقیین بغداد عضوه Nampa (نقابة الفنانین العراقيین عضوه نقابة الفنانین التشكیلین الأردنیین عمان عضوه نقابة الفنانين التشكيليين الأمريكان فی ایداھو عضوه اللجان للإشراف على الفنون ورسوم الأطفال داخل وخارج العراق التابعة لدیوان وزارة التربیة والتعلیم محاضرة في (Guild Art معھد الفنون الجمیلة / بغداد / عراق
المشاركات :
– معارض جماعیة في قاعة الفنون الجمیلة لعام 1977 -1986 – معارض في جمعیة الفنانین التشكیلیین لعام 1978م .
– معارض ومهرجانات الفن والنحت لعراقي داخل العراق .
– معرض الميدالية في أكاديمیة الفنون الجمیلة .1996 9 -معارض مشتركة مع الفنانین في أكاديمیة الفنون الجمیلة.
– معرض الفانین التشكیلین في رابطة الأردنیین یوم عید الاستقلال على قاعة رأس العین لأمانة عمان 2001 م .
– معرض تشكیلي الأول لفنانات من المشرق العربي ” أطیاف عربیة ” قصر الأونسكو – بیروت – لبنان 2001 .
– معرض مشترك لوحات 62 فنان قاعة جالیري الأورفلي – عمان 2002 .
– معرض في مركز الثقافي الاسباني عن كتیب ” التفكیر بالیدین ” 2001 .
– معرض الفنانین التشكیلیین في رابطة الأردنیین عن (الهوية و الوجود ) في القاعة المركز الثقافي الملكي عمان 2001 .
– معرض مشترك الفنانین العراقیین عن ( شعاع النور ) للسفارة السویدیة في قاعة اللأندى – عمان .
– معرض مشترك ” مجموعة من الفن العراقي المعاصر ” دبي – الأمارات العربیة المتحدة 2003 .
– معرض مشترك ” مجموعة من الفن العراقي المعاصر ” قاعة جالیري ھنر – دبي – الأمارات العربیة المتحدة 2004 .
– معرض مشترك ” أربعون عاما : للوطن والثقافة ” بیروت – لبنان 2004 .
– معرض مشترك ( دعوة إلى السلام ) بیروت – لبنان 2004 – معرض مشترك (مهرجان الكرافیك ) عمان – الأردن 2004 م .
– معرض شخصي ” امرأة من العصر العباسي ” مركز الثقافي الملكي 2004 .
– معرض شخصي ” نساء وشرفات المدن ” قاعة جالیري برودوي 2005 .
– معرض مشترك ( معرض الكرافیك ) – إیران 2005
– معرض مشترك ( معرض تنویعات ) قاعة رأس العین 2006 -معرض مشترك ( یوم المرأة العالمي ) قاعة رأس العین 2007 .
– معرض مشترك في الجامعة الأردنیة عن ” كلنا الأردن ” وحصلت على الجائزة الأولى 2007 .
– معرض مشترك ( معرض الفن العراقي ) قاعة رؤى – عمان – الأردن 2009 .
– معرض مشترك ( الفن والزهور ) فی الولایات المتحدة الأمريكية بویسی – ایداھو 2009 .
– معرض مشترک (الفن والزهور) فی الولایات المتحدة الأمريكية.
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=64018