الثلاثاء, نوفمبر 5, 2024

المرصد السوري: مناطق “نبع السلام” في تشرين الأول: الفصائل الموالية لأنقرة تواصل انتهاكاتها بحق المدنيين

تتصاعد معدلات الانتهاكات الحقوقية في مناطق نفوذ القوات التركية والفصائل الموالية لها في ريفي الحسكة والرقة، المعروفة بمناطق “نبع السلام”، والتي سيطرت عليها في تشرين الأول/أكتوبر من العام 2019.

تصاعد الانتهاكات يأتي مقابل تحقيق المآرب والأطماع السياسية والاقتصادية على حساب استغلال هذه الأراضي وثرواتها ومواردها وأهلها أسوء استغلال، وقد رصد ووثق نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان جميع الأحداث التي شهدتها تلك المناطق خلال الشهر العاشر من العام 2024.

حيث بلغت حصيلة الخسائر البشرية خلال الشهر الفائت قتيل واحد من الفصائل الموالية لأنقرة وذلك في باقتتال فصائلي بتاريخ 15 تشرين الأول، حين اندلعت اشتباكات مسلحة بين مسلحين من “الجيش الوطني”، استخدم خلالها الأسلحة الرشاشة والثقيلة، وسط مدينة رأس العين ضمن منطقة “نبع السلام”، ودارت الاشتباكات بين عناصر من فصيل فرقة ” الحمزات” من جهة، وعناصر من فصيل فرقة “فيلق الرحمن” من جهة أخرى، إثر خلاف على عائدات عمليات التهريب، مما أدى إلى مقتل عنصر وإصابة 3 آخرين.

وبالانتقال إلى ملف الانتهاكات المستمرة من قبل الفصائل الموالية لأنقرة، تشهد مدينة رأس العين، أزمة اقتصادية خانقة نتيجة احتكار التجارة من قبل قيادات فصائل مسلحة مثل فصيل “السلطان مراد” و “الملك شاه”، المدعومة من الاستخبارات التركية.، حيث تسيطر هذه القيادات على سوق المواد الغذائية والسلع الأخرى، مما أدى إلى ارتفاع حاد في الأسعار.

ووفقاً لمعلومات تُمنح هذه القيادات امتيازات خاصة للتعامل مع التجار الأتراك، حيث تكون الأولوية للشاحنات التركية، ويعمل الكثير منهم كوسطاء بين التجار والمسلحين، وبهذه الطريقة تساهم في خلق أسعار مرتفعة تُثقل كاهل المواطنين، الذين يجدون صعوبة في شراء السلع الأساسية.

في هذا السياق، أفاد نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن قيادات الفصائل تستغل ممتلكات الأهالي المهجرين، حيث يتم بيع المحلات والمنازل بأسعار متدنية عبر منصات التواصل الاجتماعي، كما تُفرض ضرائب مرتفعة على التجارة، مما يزيد من صعوبة العيش في المدينة.

وفي 5 تشرين الأول، اعتدت ممرضات يحملن الجنسية التركية على طبيبة سورية في مشفى تل أبيض بريف الرقة الشمالي ضمن مناطق عمليات “نبع السلام”.

وتعتبر الطبية هي الوحيدة التي تحمل اختصاص في طب العيون في منطقة “نبع السلام”، وهي نازحة من مدينة البوكمال شرق دير الزور.

وعلى إثر الحادثة طالب الكادر الطبي وأهالي في المنطقة بمحاسبة وفصل الممرضات التركيات المعتديات، وسط غضب شعبي في المنطقة.

وفي 30 تشرين الأول، أرسلت جمعيات خيرية تركية مساعدات شتوية تضمنت الفحم، وسترات، ومدافئ تعمل على الحطب، إلى السكان في مدينة رأس العين ضمن منطقة “نبع السلام” في ريف الحسكة الجنوبي الغربي، بهدف توزيعها على المحتاجين مع حلول فصل الشتاء.

واستولت قيادات فصائل “ملك شاه” و”سلطان مراد” و”فرقة الحمزات” على غالبية المساعدات، حيث نقلت القسم الأكبر منها إلى مستودعاتها الخاصة بغرض توزيعها على أقاربهم وعناصرهم المقربين.

ووفقاً لنشطاء المرصد السوري، فإن جمعية خيرية وزعت جزءًا محدودًا من الألبسة الشتوية بغرض التصوير الإعلامي، لإظهار انسانيتهم، بينما خزنت القسم الأكبر من المدافئ والفحم والمستلزمات الشتوية في مستودعات الفصائل الآنفة الذكر.

ويأتي هذا في وقت يعاني فيه سكان رأس العين من نقص حاد في وسائل التدفئة، مع شح مادة المازوت، وقطع مسلحي الفصائل عددًا كبيرًا من أشجار المنطقة وبيعها كحطب، مما زاد من معاناتهم في ظل الأجواء الشتوية القاسية.

 

أما في ملف الاختطاف والاعتقال فقد رصد نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان، حالات عدة يسلط الضوء على تفاصيلها فيما يلي:

-2 تشرين الأول، يواجه 8 مدنيين بينهم نساء وأطفال مصيرا مجهولا في رأس العين في منطقة “نبع السلام”، شمال غرب الحسكة بعد اختطافهم وابتزازهم من قبل عناصر أحرار الشرقية بعد دخولهم إلى منطقة “نبع السلام” بغية دخول تركيا عبر طرق التهريب، لعدم توفر المبالغ المطلوبة لدى ذويهم لدفعها للفصيل لقاء إطلاق سراحهم.

وكانوا قد اعتقلوا من قبل فصيل أحرار الشرقية قبل نحو شهر للعبور إلى تركيا عبر طرق التهريب من قبل مسلحين من الفصيل ذاته ، وطالب الفصيل ذوي المختطفين مبلغ 5 آلاف دولار أمريكي على كل شخص لقاء إطلاق سراحهم إلا أن المبلغ لم يتوفر لدى عائلات المعتقلين، دون تدخل الجهات الحقوقية أو السلطات التركية لمنع خطف المدنيين بمناطق سيطرتها في سورية.

-6 تشرين الأول، اعتقل عناصر فصيل “أحرار الشرقية” الموالي لتركيا 3 شبان يتراوح أعمارهم ما بين 16- 17 عاماً، أثناء عبورهم منطقة “نبع السلام” بريف رأس العين عبر الساتر الترابي في منطقة مبروكة بطرق غير شرعية، بهدف الوصول إلى تركيا ومنها إلى الدول الأوربية بحثاً عن ملاذ آمن.

ووفقاً للمعلومات التي حصل عليها نشطاء المرصد السوري، فإن الشبان ينحدرون من ريف تل تمر والحسكة، وبعد اعتقالهم واقتيادهم إلى جهة مجهولة، طالب عناصر الفصيل ذوي المعتقلين مبالغ مالية كبيرة لقاء الإفراج عنهم، بينما لا يزال مصيرهم مجهولاً حتى اللحظة.

-9 تشرين الأول، اعتقل عناصر من فصيل أحرار الشرقية المنضوي في صفوف “الجيش الوطني”، خمسة عناصر من الشرطة المدنية عند حاجز بلدة مبروكة غرب رأس العين في منطقة “نبع السلام” شمال غرب الحسكة، بسبب خلاف سابق بين الطرفين على طرق التهريب، وفرض الحاجز إتاوات على المارة مع إطلاق الشتائم باستمرار للعاملات في حقول زراعية بالمنطقة اثناء عبورهن من أمام الحاجز، ورافق عملية الاعتقال توتر أمني وتحشيد من الطرفين.

-12 تشرين الأول، داهمت الشرطة المدنية التابعة للقوات التركية عند منتصف ليل الجمعة- السبت، عدة منازل في مدينة رأس العين التي تخضع لسيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها ضمن مناطق “نبع السلام” شمال غرب الحسكة، واعتقلت 5 مسلحين يتبعون لفصيل “ملك شاه”، بتهمة تجارة المخدرات.

ووفقا للمعلومات التي حصل عليها نشطاء المرصد السوري، فإن عملية اعتقال العناصر المسلحة جاءت نتيجة خلاف بين قيادي في الشرطة المدنية والمعتقلين، لتهربهم من دفع المستحقات المالية للقيادي من عائدات تجارة المخدرات في المدينة.

-23 تشرين الأول، انقطع الاتصال بشابين بعد دخولهما منطقة “نبع السلام” الخاضعة لسيطرة القوات التركي والفصائل الموالية لها، عبر طرق “التهريب” غير الشرعية في قرية التروازية بريف رأس العين، دون معرفة مصيرهما حتى اللحظة.

ويتعرض المدنيين الباحثين عن ملاذ آمن للاعتقال أو الخطف للحصول على فدى مالية، كما يتعرضون للاعتداءات والضرب والقتل أحيانا سواء على يد الفصائل الموالية لتركيا أو قوات حرس الحدود التركية “الجندرما”.

حادثة اغتصاب طفلة تتصدر المشهد

في حين شهدت مدينة تل أبيض وريفها بتاريخ 24 تشرين الأول حالة استياء وغضب شعبي، على خلفية إقدام رجل مسن على اغتصاب طفلة صغيرة، في حين جرى اعتقاله من قبل عناصر الشرطة المدنية، وخرج العشرات من المدنيين وعناصر من الفصائل الموالية لتركيا بمظاهرة غاضبة أمام مقر “عدلية تل أبيض” في مناطق “نبع السلام” مطالبين الشرطة المدنية بإعدام الفاعل، ومرددين هتاف “الشعب يريد إعدام الخنزير”، بينما وعد العاملون في “عدلية” مدينة تل أبيض ذوي الطفلة بإنزال أشد العقوبات بمرتكب جريمة الاغتصاب، وبعد وصول المجرم إلى المركز الأمني فارق الحياة في ظرف غامض.

وإجمالاً ستظل هذه الصورة القاتمة تزداد وتتمدد مع استشراء الفساد والاستبداد اللذين تمارسها الفصائل الموالية لأنقرة دون وازع أو رادع يقف أمامهم للحيلولة دون ارتكابهم لمزيد من الجرائم الإنسانية في حق المواطنين السوريين في مناطق “نبع السلام”، وعليه فإن المرصد السوري لحقوق الإنسان يجدد مطالبته للمجتمع الدولي لحماية المدنيين في تلك المنطقة من الممارسات الممنهجة للفصائل والمتمثلة بعمليات سرقة وقتل ونهب وسلب واعتقال واختطاف.

المرصد السوري يجدد مطالبته للمجتمع الدولي لحماية المدنيين في تلك المنطقة من الممارسات الممنهجة للفصائل الموالية لأنقرة

المرصد السوري لحقوق الإنسان

شارك هذه المقالة على المنصات التالية