رغم كل ما حل بسوريا وشعبها من مأسي ومحن على مدى السنوات الستة الماضية، وفشل المعارضة السورية بمختلف إتجاهاتها القومية والإسلامية في الإطاحة بالنظام الأسدي، وتقديم البديل السياسي الموضوعي، بحيث يجمع عليه جميع السوريين بكافة قومياتهم وإختلاف أديانهم ومذاهبهم، ويأخذ بعين الإعتبار الواقع السوري الجديد، الذي لا يمكن القذف فوقه بأي حال من الأحوال.
للأسف المعارضة السورية لم تتعلم الدرس، وإستمرت في المضي بنفس منهجها العقيم السابق، أي عدم الإعتراف بالكرد كشعب له حقوق قومية مشروعة، وشريك أساسي في الوطن، وتتعامل معه حتى الأن كحزب سياسي، وتسعى إلى اقصاء الكرد من المعادلة السياسية السورية بتوجيه من أنقرة، وتماشيآ مع فكرها الشوفيني والعنصري البغيض، الذي لا يختلف بشيئ عن فكر ومماراسات النظام الأسدي العنصرية، وتحاول فرض رؤية الإخوان المسلمين على الثورة، والسعي لبناء دولة دينية متزمتة، على غرار دولة حسن الترابي الفاشلة في السودان.
وبدلآ من سياسة الإنفتاح على الشعب الكردي، وكسبه الى جانب الثورة، تعاملت هذه المعارضة العربية اللقيطة مع الكرد كعدو، إرضاءً لممولها التركي والقطري والسعودي وتماشيآ مع فكرها الإقصائي، وشنت حرب إعلامية وسياسية وعسكرية قذرة ضدهم، إضافة إلى فرض حصار خانق على المناطق الكردية. هذا عدا وصف الكرد بأقذر العبارات، وإتهامهم بالإرهاب، ورفض هذه المعارضة مشاركة الكرد في المفاوضات التي تجرى بينها وبين النظام في جنيف.
وعندما طرح الكرد مشروعآ سياسيآ لحل الأزمة السورية، ومن ضمنها حل القضية الكردية حلآ عادلآ، يستند في أساسه إلى صيغة الفدرالية المعمول بها في الكثير من دول العالم الناجحة، ومن ضمنها دولة الإمارات العربية المتحدة المتطورة، جن جنون هؤلاء المعارضين، وأخذوا على الفور يتهمون الكرد بالإنفصال، وتوعدوهم بالويل وسواد الليل، في حال إقدامهم على هكذا خطوة. كل هذا دون أن يقرؤوا مضمون مشروع الفدرالية، المقدم من طرف الإدارة الذاتية في غرب كردستان. ولكنها في المقابل هي مستعدة للجلوس مع النظام الأسدي، والعمل معه ضمن إطار حكومة إنتقالية، وتحت إدارة الأسد الشخصية، ولكنها غير مستعدة للجلوس مع الإدارة الذاتية، وقوات سوريا (ق س د) وحزب الإتحاد الديمقراطي.
الجميع أخذ يدرك، ولكن ما عدا المعارضة الإسطنبولية والرياضية، بأن سوريا لن تعود دولة مركزية، كما كانت قبل الثورة، وأنها ماضية لا محال إلى الحل الفدرالي والواقائع على الأرض تؤكد صحة ذلك. وهذا ما باتت تدركه أيضآ كل من روسيا وأمريكا، ومن هنا جاء حديث الروس العلني، عن سوريا الفدرالية.
والفدرالية لم تكن يومآ عامل تفتيت للدول الديمقراطية، بل على العكس فهي تمنح دولها قوة دفع وإستقرار، وتجلب الرخاء الإقتصادي. فانظروا إلى كل مثلآ الى كل من امريكا وكندا، وسويسرا والمانيا، التي بنيت على اساس فدرالي. وإذا كانت المعارضة السورية العربية ترفض الصيغة الفدرالية، وتعتبره عامل تفتيت للدول، فما هو مشروعها لحل الأزمة السورية الدامية، والقضية الكردية الملتهبة إذآ؟
إن أي كلام عن مشروع ما يسمى بدولة المواطنة، الذي يروج له تلك المعارضة البعثية الجديدة، لن تجد قبولآ لدى الكرد ولا حتى عند بقية أطياف الشعب السوري، كالعلويين، والمسيحيين، لأن الجميع يدرك بأن هذا المشروع في جوهره إسلامي- قومجي متطرف، يرفض الأخر المختلف عنه، قوميآ ودينيآ وثقافيآ. ومن يرفض الإعتراف بالأخر، لا يحق له الحديث عن المواطنة. والمواطنة المتساوية، لا تعني نهائيآ التنازل عن الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي، وأن يتمتع بإقليميه الفدرالي على غرار اقليم جنوب كردستان وكيبك بكندا.
30 – 03 – 2017
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=2260