الخميس, ديسمبر 26, 2024

جواد إبراهيم ملا: عظماء الأمة الكوردية – العم أوصمان صبري (4/2)

عظماء الأمة الكوردية: والدي إبراهيم الملا والعم أوصمان صبري والبروفيسور جمال نبز أحد العظماء السبعة الذين أسسوا كاژيك والجنرال مصطفى البارزاني

جواد إبراهيم ملا

الجزء الثاني من الحلقة الرابعة

 

  1. العم أوصمان صبري

في العام 1961 كان لقائي الأول مع العم أوصمان صبري بعد خروجه من السجن، اتصل بي أحد أعضاء الجمعية وقال لي إن أحد الزعماء الكورد من رفاق خويبون قد أفرج النظام السوري عنه وهو الآن في داره وإسمه أوصمان صبري وجميع الكورد ينادونه بالعم Apo فذهبنا لتهنئته بالخروج سالماً من سجن الطغاة، وعلى ما أتذكر كنا أكثر من 15 من أعضاء جمعيتنا حينما زرناه وكان منهم عصمت برازي وقصي آلرشي وإبراهيم ظاظا وخالد آلرشي وصباح ملا وغيرهم، وفي يومها أعطانا العم أوصمان أول دروسه في الوطنية التي كنا جميعاً نتشوق لسماعها بفارغ الصبر.

لقد كان العم أوصمان صبري استاذي وقائدي للمرحلة الثانية من نضالي من أجل إستقلال كوردستان.

وفيما يلي لمحة عن حياة العم أوصمان صبري:

ولد العم أوصمان صبري في 7-1-1905 ينتمي لعشيرة المرديسيان الكوردية العريقة في قرية نارنجة التابعة لقضاء آديامان  Semsûr، في شمال كوردستان المحتلة من قبل الكيان التركي، حيث أضاء الله بميلاده شعلة لا تنطفئ أوارها. فقد كان منذ صباه مناضلاً كوردياً وطنياً يأبى لشعبه الذل والضيم، لذا انخرط في صفوف المناضلين الكورد في شتى الميادين والتنظيمات السياسية والإجتماعية والثقافية الكوردية، وبعد ثورة الشيخ سعيد پيران في شمالي كوردستان وإعدام أعمامه نوري آغا وشكري آغا والكثير من أهله الذين إشتركوا في الحركة الوطنية الكوردستانية، في العام 1926 توجه إلى جنوب كوردستان وإلتقى مع ملك كوردستان الشيخ محمود الحفيد في مدينة السليمانية ومع الشيخ أحمد البارزاني والملا مصطفى البارزاني في بارزان من أجل قيام ثورة كوردية شاملة يشترك فيها الشعب الكوردي كله ولكنه لم يوفق في مساعيه فتوجه إلى غرب كوردستان، المحتلة من قبل الكيان السوري.

تابع العم أوصمان نضاله في غرب كوردستان ضمن حزب خويبون-الإستقلال Xoybûn  وإشترك في الثورة الكوردية بقيادة الجنرال إحسان نوري باشا في جبال آغري فيما بين 1927-1930. وشارك الامير جلادت بدرخان في إصدار العديد من المجلات الكوردية مثل هاوار، (النجدة)، وروناهي، (الضياء)، كما إحتل مكاناً مرموقاً بين الكتاب والشعراء الوطنيين الكورد، وإستطاع أن يثبت للجميع، الأعداء قبل الاصدقاء بأنه مناضل صلب لا تهاون عنده في حقوق شعبه ولم تلن قناته أبدا طيلة حياته وعلى جميع الأصعدة السياسية والقومية والثقافية، حيث علّم رفاقه دروس الوطنية من خلال مواقفه الجريئة والبطولية أمام محاكم محتلي كوردستان وأجهزتهم القمعية وتحت التعذيب ولأكثر من سبعين عاماً، كما علّم رفاقه قواعد وكتابة اللغة الكوردية حيث كان كثير العناية بالعلم واللغة إيماناً منه بأنه بدون دراسة ومدرسة كوردية لن تكون لكوردستان أية نهضة.

وفي العام 1957 أسس الحزب الديمقراطي الكوردي في سورية البارتي وانتخب أميناً عاماً للحزب عدة مرات ولغاية 1968، وبتحد اسطوري واجه السجن والنفي والإقامة الجبرية لأكثر من ثمانية عشر مرة، وبالرغم من كل هذا وذاك لم يكل ولم يمل من النضال وبقي شوكة في أعين الطغاة، ومفخرة وطنية كوردية على مر الأجيال.

أما على الصعيد الأدبي والثقافي فله ديوان شعر بإسم “العم Apo”، والعديد من المؤلفات النثرية والشعرية الوطنية التي تحمل عناوين Derdên me  همومنا، و Char Leheng أربعة أبطال و Bahoz العاصفة و Elfbayê Kurdî  تعليم اللغة الكوردية وعشرات المقالات والدراسات.

إعتقل العم أوصمان صبري 18 مرة وقضى في السجون أكثر من 12 عاما.

حكمت عليه المحاكم التركية بالاعدام مرتين وتعرض للنفي ثلاثة مرات كانت إحداها إلى جزيرة مدغشقر في أفريقيا أثناء الإنتداب الفرنسي في سورية.

 

فيما بين 1964-1969 حينما كنت عضوا قياديا في الحزب الديمقراطي الكوردي في سورية وقعت حوادث متتالية هامة أدت إلى استقالة العم أوصمان صبري من الحزب والى استقالتي أيضا… وهنا لا بد من شرح تلك الأحداث، وسوف أحاول ان تكون متضمنة كافة الحقائق التي لمستها بنفسي والتي عرفتها خلال وجودي في صفوف الحزب في تلك الفترة المفصلية.

 

في العام 1964 على أثر الإنشقاق فيما بين المكتب السياسي للحزب الديموقراطي الكوردستاني-العراق وقيادة الجنرال مصطفى البارزاني جرى إنشقاقاً مماثلاً في الحزب الديمقراطي الكوردي في سورية وقد لعب جلال الطالباني الدور الرئيسي في هذا الإنشقاق كما كان له الدور الرئيسي في إنشقاقات الحزب الديمقراطي الكوردستانني-تركيا فيما بين قياداته: سعيد آلجي والدكتور شفان وعمل نفس الإنشقاقات في شرق كوردستان فيما بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني-إيران والكومله.

لقد كان العم أوصمان صبري في سوريا يمثل جناح البارزاني أما حميد درويش كان يمثل جناح المكتب السياسي وجلال الطالباني المنشق عن الثورة الكوردية، هذا الإنشقاق لعب دوراً كبيراً في أحداث الإنشقاق في جمعيتنا أيضا (التي أسستها في العام 1958) لأن جماعة حميد درويش كانوا يعتقدون بأني عضوا في البارتي جناح العم أوصمان صبري، مع العلم لم يكن العم أوصمان قد حدثني عن وجود البارتي طوال تلك السنوات التي كنت أتردد فيها على بيته من أجل تلقي دروس اللغة الكوردية، وبعد أن حصل الإنشقاق في الجمعية وعلم العم أوصمان بذلك عندها أخبرني بوجود تنظيم البارتي وطلب مني ومن رفاقي أن ننتسب للحزب، ولكوني كنت رئيسا لجمعية تحرير كوردستان من قبل أصبحت في البارتي مسؤولا عن التنظيم الحزبي في منطقية دمشق، وبذلك تقّوت علاقتي مع العم أوصمان وأصبحت على إتصال دائم به، وكنت في بعض الايام أقضي معه من الوقت أكثر مما أقضيه مع أهلي.

حينما طلب مني العم اوصمان صبري الانتساب إلى الحزب الديمقراطي الكوردستاني في سورية في العام 1964 شاهدت اسم الحزب في احدى بياناته (الكوردستاني) ولكن فيما بعد استلمت بيانا آخر وعليه اسم الحزب (الحزب الديمقراطي الكوردي في سورية) ولكن محبتي للعم اوصمان لم تجعلني اسأل عن تغيير الاسم من الكوردستاني إلى الكوردي… وفيما بعد علمت ما جرى في إعتقال المخابرات السورية لـ 35 عضوا قياديا وكادرا حزبيا في العام 1959 حيث تراجع معظمهم عن هدف الحزب الرئيسي في توحيد وتحرير كوردستان واصبح هدف الحزب المطالبة بالحقوق الثقافية والسياسية والإجتماعية مع تغيير اسم الحزب من الكوردستاني إلى الكوردي.

لقد رفض محمد خير وانلي ابو جنكيز واعضاء جمعيته الانضمام إلى الحزب فما كان مني إلا الانسحاب من الجمعية ومعي رفاقي القدماء للانضمام إلى الحزب وقمت بتنظيم خلايا ولجان الحزب الديمقراطي الكوردي من شباب جمعيتنا وكنت في قيادة منطقية دمشق للحزب الديمقراطي الكوردي في سورية منذ 1964 ولغاية 1968.

 

منذ العام 1964 كان اهتمامي الرئيسي منصبا في تقوية التنظيم الحزبي بالإضافة إلى المهمات الحزبية الأخرى حيث ان رئيس الحزب العم أوصمان كان مقيما في دمشق وبصفتي مسؤولا عن التنظيم الحزبي في دمشق كنت على إتصال دائم مع العم اوصمان لتنفيذ أوامره ومنها عملت كمرساله الشخصي مع العديد من الشخصيات الكوردية وغير المنتسبة للحزب وكان العم أوصمان يكلفهم بمهام خاصة وكنت أشعر بقيمتهم الفائقة عند العم أوصمان لأنه كان يتصل بهم في أوقات الازمات والتحولات الهامة وأتذكر بعضهم كالاخوة الاعزاء: وحيد مللي أبو رسول وراشد جلعو وعزة فلو ومحمد رشيد شيخ الشباب وعبد الوهاب كيكي وغيرهم كثيرون… وكانت احدى تلك المهمات ارسال بريد الحزب من منطقة إلى أخرى بواسطة أحد الرفاق ولكن حينما كان هناك بريدا للثورة كان العم أوصمان يطلب مني ان اقوم بإيصاله شخصيا وكنت مسرورا بإيصاله لأن العم أوصمان كان يضع ثقته التامة فيي، كما اني كنت مسرورا في حمل بريد الثورة حيث وكأني احمل الكتاب المقدس بصوفية كاملة للحزب وللثورة وللعم اوصمان وللجنرال بارزاني، وكان بريد الثورة القادم من أوروپا يأتي إلى صندوق بريدنا الحزبي في بيروت وكنت استلم البريد من العزيز خضر جمباز مسؤول منطقية بيروت للحزب وكنت أوصل البريد إلى العم أوصمان في دمشق ومن ثم إلى قامشلو فيأخذ البريد مني رفيقا آخر فيوصله إلى الثورة.

فمرة كلفني العم أوصمان بمهمة حزبية وكانت عبارة عن مغلف اقوم بتسليمه للرفيق د. محمد عزيز زازا في مدينة قامشلو (الذي يعمل حاليا بروفيسورا في جامعة هولير) ومن ثم سلم المغلف لآخر ليقوم بإرساله إلى قيادة الثورة في جنوب كوردستان… واتذكر حادثة لا يمكنني ان انساها حينما كنت في دار الدكتور محمد عزيز زازا في قامشلو وكنت واقفا اتأمل صورة كبيرة بطول أكثر من متر للعم أوصمان صبري معلقة على جدار الغرفة وفي تلك اللحظة دخل إلى الغرفة العم عزيز زازا والد الدكتور محمد وقال لي: تنظر إلى الاسد الذي بدون اسنان… (Şêrê bê dran) لأن العم أوصمان صبري بعد ان اعادته سلطة الإنتداب الفرنسي من منفاه في جزيرة مدغشقر في افريقيا وقع مريضا بمرض افريقي افقده وزنه واصبح من النحافة كالخيال وتساقط شعره وجميع اسنانه وبعد ان تعافى لم يك عند العم أوصمان من المال ليركب اسنانا صناعية ولكن بعد عشر سنوات صار عنده بعض المال لتسديد قيمة الاسنان الصناعية فذهب إلى الطبيب ولكن الطبيب اعتذر وقال للعم أوصمان ان اللثة قد مسحت ولا يمكن تركيب الاسنان الصناعية على لثة ممسوحة وهكذا بقي العم أوصمان صبري بدون اسنان طوال بقية حياته رحمه الله ورحم العم عزيز زازا واسكنهم فسيح جناته.

في العام 1966 انعقد مؤتمرا حزبيا في غرب كوردستان، وكان من جملة قرارات المؤتمر مقاومة الإضطهاد القومي بشكل عام بما فيه الحزام العربي والاحصاء الاستثنائي… بعد انتهاء المؤتمر الحزبي الاول إعتقلت المخابرات السورية العم أوصمان وهو في طريقه من القامشلي إلى حلب حيث أرسلته إلى سجن المزة العسكري في دمشق وكان موقف العم أوصمان اثناء الإعتقال والتحقيق والتعذيب موقفا مشرفا وصلبا كالعادة حيث دافع بكل جرأة عن حقوق الشعب الكوردي وندد بسياسة الإضطهاد القومي… وقد بقي العم أوصمان في سجن المزة العسكري حوالي ستة أشهر في زنزانة منفردة وطبقوا عليه أسوأ المعاملات إلا انه ظل مصمما على موقفه رغم كل الضغوط.

وخلال تواجد العم أوصمان في سجن المزة العسكري عرضت قيادة حزب البعث عليه إستعدادهم لإطلاق سراحه والاعتراف بالحقوق الثقافية الكوردية وغض النظر عن نشاطات الحزب مقابل إلا يعترض الحزب على تنفيذ مشروع الحزام العربي، ولكن العم أوصمان رفض طلبهم ورد عليهم: ان شبرا واحدا من أرض الحزام لا يعادل كل هذه العروض.

في العام 1966 وصلني خبرا من الرفاق في قامشلو في أن قوات الجيش السوري المسماة بلواء اليرموك بقيادة اللواء “فهد الشاعر” عادت من حربها العنصرية القذرة ضد الشعب الكوردي في جنوب كوردستان وثورته التي تطالب ببعض الحقوق القومية الكوردية المشروعة… واني اتذكر ما قاله لي شهود عيان في قامشلو الذين شاهدوا لواء اليرموك في الذهاب والاياب في ان السيارات العسكرية السورية في العودة كانت اقل بكثير مما كانت عليه في الذهاب وكذلك كانت سياراتهم شبه فارغة من الجنود وقد كان الپيشمرگه الأبطال قد اعطوهم درسا لن ينسوه.

وكانت إحدى واجباتي الحزبية معرفة عناوين الشخصيات السورية الصديقة والمعادية على حد سواء… ومن ضمن المعلومات التي وصلتني اني إستلمت عنوان اللواء فهد الشاعر الذي كان يسكن في شارع ركن الدين التحتاني أي في حي الكورد فيما بين  منطقة جسر النحاس وجامع صلاح الدين… واتذكر ان الرفيق العزيز محمود أومري تطوع من أجل إغتياله فقلت له لا تقم بأي شئ حتى آخذ موافقة القيادة وقد اخبرت عضو المكتب السياسي صلاح بدر الدين الذي كان يقيم في دمشق آنذاك وكان العم أوصمان في سجن المزة العسكري… ولكن صلاح لم يعطني جوابا بالنفي أو بالايجاب ولكنه طلب مني ان اعطيه اسم الرفيق الذي تطوع من أجل إغتيال اللواء فهد الشاعر واعطيته الاسم وبعد فترة اختفى أي أثر لرفيقنا محمود بالرغم من اني تحريت وسألت عنه ولكن دون جدوى وفي ذلك الوقت كنت على ثقة كاملة بصلاح بدر الدين ولكن بعد ان تبين للحزب عمالته للمخابرات السورية ربطت الأحداث السابقة وسؤال صلاح بدر الدين عن اسم البطل محمود أومري ومن ثم اختفاؤه فكان لا بد من ان صلاح بدر الدين هو من قام بتسليم اسمه للمخابرات السورية والتي إختطفته وأودعته السجن أو اغتالته حيث هذا ما تفعله مع الكثير من الوطنيين الاحرار. ألف رحمة على أرواحهم الطاهرة.

ان عمليات النظام السوري العنصرية والإستخباراتية في ستينيات القرن الماضي هي التي اعطتنا القوة والعزيمة والاصرار على متابعة النضال القومي الكوردي التحرري. ولم ينكر النظام السوري على الشعب الكوردي حقوقه القومية والإجتماعية والثقافية والسياسية والإنسانية فحسب بل إرتكب بحقه الكثير من الجرائم العنصرية الدنيئة على أيدي عناصر مخابراته.

في بداية العام 1967 باشر النظام السوري بتنفيذ المرحلة الثانية من مشروعه العنصري “الحزام العربي” بالهجوم المسلح على القرى الكوردية لإرهاب الشعب الكوردي وازاحته من المنطقة الكوردية الحدودية وإسكان عناصر عربية مكانه… وبدأ بقرية علي فرو المناضلة، وتحدى سكان قرية علي فرو الأبطال المخابرات وشرطة المنطقة وجلسوا أمام المصفحات السورية وقالوا هيا اسحقونا واقتلونا فنحن لن نخرج من ديارنا وأرضنا. فإعتقل النظام السوري أكثر من مئتي كوردي من تلك القرية الصامدة والقرى المجاورة وساقوهم إلى سجن الحسكة والدماء تسيل منهم من كل جانب من شدة الضرب بأعقاب البنادق وبساطير الشوفينية البعثية.

بعد حادثة قرية “علي فرو” الصامدة طغت على الجماهير الكوردية حماسة منقطعة النظير تمثلت في دعوة الشعب الكوردي إلى الاضراب العام وتوزيع النشرات والبيانات المنددة بالممارسات العنصرية من قبل النظام السوري في المناطق الكوردية. فقاومت المخابرات السورية هذه الإنتفاضة الجماهيرية بإعتقالها العديد من الناشطين الكورد خلال عام 1967 وشاركت بالإنتفاضة والتضامن مع شعبنا وحقوقه القومية المشروعة ومن أجل رفع روح المقاومة قمت بتوزيع بيان الاضراب العام على المحلات والدكاكين في حي الكورد بمدينة دمشق وحرضتهم على اغلاق محلاتهم وقمت بإيصال البيانات إلى جميع اعضائنا وانصارنا ونسخا منها إلى سفارات الدول الكبرى في دمشق وكذلك إلى اصدقاء الشعب الكوردي في كل مكان.

في 3-2-1967 في الساعة الرابعة صباحا وعلى خلفية توزيعي لبيان الاضراب العام كانت المخابرات السورية تطرق باب بيتنا بعنف فخرج والدي وفتح لهم الباب وقال لهم ماذا تريدون فقالوا له اننا رجال أمن وابنك جواد مطلوب للتحقيق وسنعيده بعد ساعة… ولكن هذا الإعتقال إستمر حتى 15 آذار وكان تحقيقهم مركزا حول عضويتي في الحزب ولكن حسب تعليمات الحزب كان علي ان أنكر انتمائي… ومن أجل ذلك تعرضت للتعذيب الشديد بالضرب في كل انحاء جسدي ولقد رديت على اللكمة الأولى فقط وتمنيت لو لم أرد لأن ضربهم صار أشد… وفي كل مرة كنت محاصرا فيما بين سبعة عناصر مخابرات شكلوا دائرة حولي وكنت انتقل من الواحد للآخر بلكمة أو رفسة وفي كل مرة كانت تنتهي حلقة الملاكمة بالفلقة وكانوا يتبادلون ضرب اقدامي حتى تورمت… ولكن إستعمال الكهرباء كانت رهيبة فقد كانوا يربطون اصابع الابهامين في كلتا يدايا بشريط كهربائي وحينما كانوا يوصلون التيار الكهربائي كنت اهوي ارضا واصطدم بقوة على وجهي… وحينما كانوا يربطون اصابع الابهامين لقدماي بشريط كهربائي ولمجرد وصل التيار الكهربائي كنت ارتفع لأكثر من متر عن الارض ومن ثم أهوي أرضا واصطدم بقوة على ظهري… ومرة اصطدمت بطرف حاد لربما كان زاوية طاولة وشعرت بألم شديد في نهاية عمودي الفقري وكانت يداي تنزف ولا اعرف كيف جرحت لأن يداي كانت تحاول العمل اوتوماتيكيا في تلمس الارض من أجل تخفيف قوة الاصطدام بالارض.

وكان تعذيبهم النفسي أشد وممارستهم لكل أنواع التخويف وإسماعي أصوات بكاء وصراخ وتوسلات تأتي من غرفة مجاورة لأشخاص قد أصابهم انهيارا كاملا تحت التعذيب.

ومرة اقترب أحد ضباط المخابرات مني ومسك يدي وقال إنك ناعم وعندنا من يقوم بهذه المهمة مع الناعمين فإنتابني خوف رهيب من كلامه الذي ينوي القضاء على شخصيتي وطلب من عناصره أن يمسكوني جيدا وإنزال بنطلوني وأنا أقول أنتم لستم رجال أمن… أنتم… وبنفس الوقت حينما أنزلوا بنطالي صرخ الضابط ياخنزير لابس بيجاما تحت البنطلون ومحضر حالك للإعتقال… وكان دخول ضابط آخر في تلك اللحظة قد أنقذني ولا أعرف السبب إنه أعطاهم إشارة في التوقف عن ذلك… فتركوني وزررت بنطالي وكانت الدموع تنهمر من عيوني بدون بكاء.

كان فرع المخابرات/الشعبة السياسية الذي إعتقلني يتواجد في منطقة الجسر الابيض ولكن التحقيق والتعذيب كان يتم في سجن مخفر الشيخ حسن في منطقة الميدان. وكان مؤلفا من القبو والطابق الارضي وطابق علوي… وكان عبارة عن زنازين (متر عرض ومترين طول) فيها مصطبة اسمنتية باردة جدا للنوم عليها وبدون أية اغطية لا تحتي ولا فوقي والتواليت ضمنها كما ان باب الزنزانة الحديدي المحكم وفي وسطه نافذة حديدية صغيرة بثلاثة ثقوب وهي من أجل اخراج أحد الاصابع منها في حال ان للسجين أي طلب وعادة كنا ننتظر ساعات حتى يتم الإجابة… وقد كان بجانب زنزانتي زنزانة لجاسوس اسرائيلي وكان عناصر السجن يعاملونه بكل احترام حتى قلت لأحد الحراس اني اخاف ان يكون هناك خطأ ما في المعاملة الرهيبة التي تعاملونني بها والتي يجب ان تكون للجاسوس وليس لي… فقال لي اخرس، انت تريد ان تعلمنا شغلنا… وفي زنزانة أخرى كان فيها سجين أعتقد كان اسمه غصوب أو محجوب أو رجوب أحد قادة النقابات العمالية في حمص… وفي زنازين أخرى بعض عناصر الشرطة لسجن القلعة وكانت تهمتهم تهريب رسائل المساجين إلى خارج السجن… واتذكر كان بينهم الباجاري من حي الكورد في دمشق والقباني كان من دمشق القديمة وكان صوته رائعا في الموشحات والاناشيد الدينية  وغيرهم… ولكن أسوأ المساجين كانوا من حزب التحرير الإسلامي الذين كانوا في عداء شديد لي منذ ان علموا ان تهمتي تتعلق بإنتمائي الكوردي… وكانوا يقولون لي انك وامثالك في جهنم لأنكم تدعون إلى عصبية وكل عصبية في النار… مع اني منذ طفولتي كنت أصلي في جامع ابو النور في حي الكورد واستمع لخطب امامه الشيخ أحمد كفتارو حتى إعتقالي… ولكني حينما صادفت عناصر حزب التحرير الإسلامي الذين كانوا سببا في إبتعادي عن الصلاة وان لم يستطيعوا من زعزعة ايماني بالله خالق الخلق… وكنت ولا ازال إلى اليوم أعتقد ان هذا النوع من الإسلاميين سيكونوا اسوأ من البعثيين فيما إذا اصبحوا حكاما… وفي اليوم الاخير تم تحويلي إلى زنزانة جماعية وهناك إلتقيت بالعزيز أحمد كفوزي الذي تم إلقاء القبض عليه وبحوزته بيان الاضراب العام الذي أعطيته نسخة منه، وهو بالتالي لم يستطع تحمل التعذيب واعترف للمخابرات بأنه أخذ البيان مني.

وبعد تعذيبي من قبل المخابرات السورية من أجل الحصول على اعتراف مني في إني عضوا في الحزب الديمقراطي الكوردي ولكني لم أعترف فأفرجت المخابرات السورية عني قبل عيد النوروز بأيام… وأول عمل قمت به تنظيم عشرات الاحتفالات بعيد النوروز في البيوت بشكل سري… وبعد النوروز وحتى شهر حزيران لم أقم بأي نشاط حزبي وكان همي أن أنجح في امتحانات البكالوريا (الشهادة الثانوية العامة) والحمد لله نجحت فيها وتسجلت في جامعة بيروت العربية لعام 1968 ولكني لم استطع إكمال الدراسة لحضوري الكونفرانس الحزبي السابع وإكتشاف عمالة معظم أعضاء القيادة وعلى أثرها قدمت استقالتي من الحزب مع العم أوصمان صبري… وقد كان عام 1968 عبارة عن إجتماعات متواصلة مع الرفاق حول انحراف الحزب عن خطه القومي الكوردي.

وللحقيقة والتاريخ إن مقاومة الحزام العربي العنصري في قرية علي فرو وغيرها من قرى الجزيرة كانت نضالا مشتركا فيما بين الحزب الديمقراطي الكوردي بقيادة العم أوصمان صبري والحزب الشيوعي السوري بقيادة رمو شيخو مسؤول الحزب الشيوعي في منطقة الجزيرة. 

وكانت مقاومة الحزام العربي هذه إحدى الانتصارات الرائعة التي حققها تضامن الحزب الديمقراطي الكوردي والحزب الشيوعي السوري لإفشال المخططات العنصرية للنظام السوري تجاه الشعب الكوردي.

ولكن النظام السوري إستطاع من تحييد الحزب الديمقراطي الكوردي في مؤآمرة عملاء المخابرات السورية ضد العم أوصمان صبري والتي انتهت بتقديم العم أوصمان صبري استقالته من الحزب الديمقراطي الكوردي في العام 1968 مما أدى إلى سيطرة المخابرات السورية على قيادة الحزب الديمقراطي الكوردي سيطرة كاملة وبذلك إستطاعت من فبركة الإنشقاقات فيه حتى أصبح اليوم يزيد على المئة حزب ومنظمة وتيار وتنسيقية وحركة.

كما إستطاعت المخابرات السورية من تحييد الحزب الشيوعي السوري بعد قيام حافظ الاسد بإنقلابه على حزب البعث في العام 1970 حيث استمال الإتحاد السوڤيتي لطرفه وبالتالي استمال الحزب الشيوعي السوري ومنذ ذلك الحين انتهى دور الحزب الشيوعي السوري كمعارض للنظام السوري وأصبح جزء من النظام السوري وشارك في الحكومة والپرلمان السوري وكذلك في جبهة الأحزاب والتي سموها الجبهة التقدمية في العام 1972.

وحينما استتبت الامور للمخابرات السورية في استقالة العم أوصمان صبري أحد عمالقة الحركة التحررية الكوردية ولم تعد المخابرات السورية بحاجة لهذا الكم الهائل من عناصرها فقامت بتحويل قسم منهم إلى جنوب كوردستان بعد أن حصلت الثورة الكوردية على الحكم الذاتي من أجل تمييع الحركة الكوردية هناك كما ميعوها في سورية وفي غرب كوردستان.

ان النظام السوري كان مصرا على تنفيذ الحزام العربي ويبقى العم أوصمان صبري في السجن إلا أن حرب الخامس من حزيران 1967 بين العرب واسرائيل، أدى إلى إصدر النظام السوري عفوا عاما عن المعتقلين السياسيين ليس محبة بل خوفا من وصول اسرائيل إلى دمشق والافراج عنهم وكان العم أوصمان من ضمنهم حيث يخرج من السجن مع بقية المعتقلين.

عادت المخابرات السورية إلى استدعاء العم أوصمان صبري وغيره من الذين خرجوا من السجن بعفو سوري عام، للتحقيق معه عدة مرات وفي كل مرة كان يطلق سراحه ومن ثم تعتقله وفي كل مرة كانت المخابرات السورية تطلب منه ان يكتب تقريرا عن تاريخ حياته وأهداف الحزب بعدها اقتنع النظام السوري بأن الضغط عليه لا يجدي فيقوم النظام السوري بنفيه إلى محافظة السويداء حيث بقي هناك رهن الإقامة الجبرية لمدة خمسة أشهر، وأثناء وجوده في السويداء عرضت عليه المخابرات السورية مرة أخرى ما عرضت عليه في سجن المزة العسكري فيرفض العم أوصمان هذه العروض مرة أخرى ويطالب بإلغاء الحزام والاحصاء وكافة الممارسات العنصرية تجاه الشعب الكوردي وفي مقدمتها الإضطهاد القومي.

لم احضر كونفرانس جمعاية عام 1964 ذلك الكونفرانس المشؤوم حيث تم تغيير اسم الحزب الديمقراطي الكوردستاني إلى الحزب الديمقراطي الكوردي وتم استبدال أهداف الحزب من توحيد وتحرير كوردستان إلى الحقوق الثقافية والإجتماعية والسياسية بالاختصار كان بداية النكسة والتي نراها اليوم متمثلة بعشرات الأحزاب مما أدى إلى تمزيق وحدة الشعب الكوردي وهذا هو بالضبط ما كان يهدف إليه النظام السوري.

في 15-1-1968 إستلمت من العم أوصمان صبري هدية جميلة جدا عن طريق العزيز ابنه هوشنك بعضا من قصائده حينما كان قيد الإقامة الجبرية في مدينة السويداء وكانت تحت العناوين التالية: نوروز ويقظة الكهل والقائد العالي واليقظة وغيرهم من القصائد القديمة والتي أعاد كتابتها بخط يده وجميعهم كانوا بتواريخ قديمة ما عدا قصيدة الكوردي الصغير التي تحمل تاريخ 15-1-1968 أي أنه نظمها وكتبها حينما كان قيد الإقامة الجبرية في السويداء وحينما قرأتها أحسست وكأنه كتبها لي شخصيا رحمه الله وأسكنه فسيح جناته. حيث تقول القصيدة:

ففي بداية القصيدة قال لي العم أوصمان:

أنا كوردي صغير أريد أن أمسي مقاتلا ثوريا

وذلك لأحرر وطني وفي هذا الطريق أفديه بروحي

وفي نهاية القصيدة قال لي:

وعندما أكبر قليلا أستطيع أن أقدم الكثير لوطني

هدفي هو الحرية والثقة والايمان بالله تعالى

وبإذنه تعالى في الاعوام القادمة ستتحرر كوردستان.

قصيدة الكوردي الصغير للعم أوصمان صبري وبخط يده:

ومنذ أن سلمني العزيز هوشنك هذه القصيدة وخاصة حينما أواجه أية مشكلة كنت أقرأ قصيدة الكوردي الصغير للعم أوصمان التي كانت ولا تزال تحثني على المقاومة والإستمرار في النضال من أجل إستقلال كوردستان والجدير بالذكر أن العم أوصمان صبري كان رئيسا للحزب الديمقراطي الكوردي في سورية الذي يهدف إلى الحقوق الثقافية والاجتماعية والسياسية في سورية إلا أن العم أوصمان صبري كان دائما وأبدا يطالب بإستقلال كوردستان حتى وهو في السجن أو الإقامة الجبرية، وعلى الإطلاق لم يكن يشتري بفلس أهداف الحزب من الحقوق المبتورة والديمقراطية المزيفة.

الكونفرانس الحزبي السابع 1968

في صيف عام 1967 استولى النظام السوري على اراضي الكورد ولم يسمح لهم بحصد ما زرعوه في ذلك العام ومعظمه كان من القمح… لذا أمر رئيس الحزب العم أوصمان صبري بعدم ترك المحاصيل الزراعية الكوردية غنيمة بيد النظام السوري مهما كلف الامر وعلى الاقل ان لم تك محاصيلنا لنا فلن ندع النظام السوري من الإستفادة منها حتى ولو وصل الامر إلى اتلافها واحراقها.

إلا أن صلاح بدر الدين ورفاقه في قيادة الحزب لم ينفذوا قرار الرئيس العم أوصمان صبري فحسب بل أوهموه في إنهم قد نفذوه…

فقال أحد رفاق صلاح في أنه ربط ذنب أرنب بكتلة خروق تحترق وترك الارنب يجري في الحقول وخلفه كتلة الخروق التي تحترق ولكن الارنب لم يستطع من احراق المحصول. فهل من المعقول ان يقوم ارنب بحرق منطقة بطول 375 كم!

ان أصحاب عملية الارانب لم يتخاذلوا فحسب بل انهم كذبوا ونافقوا بإمتياز.

وكنت ألتقي يوميا بالعم أوصمان في داره بمدينة دمشق حيث كان ينتظر بشغف عمليات حرق محصول الحزام العربي ولكن وصلتنا الاخبار في أن النظام السوري قد حصد محاصيل منطقة الحزام العربي بدون اية مقاومة عندها بدأت اشعر بأن النظام السوري قد اشترى عناصر متنفذة في الحزب وكان العم اوصمان عنده نفس الشعور. لذا دعا العم اوصمان إلى عقد الكونفرانس السابع للحزب فورا ولكن كانت منطقية الجزيرة تتعذر بصعوبة التنقل وان نهاية الصيف افضل وغيرها من الأسباب الواهية… فتم عقد الكونفرانس بمدينة عامودا في اواخر صيف 1968 وقد حضرت الكونفرانس مع العم اوصمان وكان في الكونفرانس عشرون مندوبا فقط ومعظمهم من منطقية الجزيرة بينما لم يستطع مندوبو حلب وعفرين وكوباني من الحضور وعلمت فيما بعد ان صلاح بدر الدين كان قد اعطاهم معلومات خاطئة عن مكان وزمان عقد المؤتمر لذا لم يحضر أحدا من مناطق حلب وعفرين وكوباني… وكنت الوحيد ممثلا للجنة المنطقية لتنظيمات الحزب في مدينة دمشق.

لقد كان هذا الكونفرانس تاريخياً حيث وضع القيادة الكوردية الحزبية في غرب كوردستان على المحك، إذ كان النظام السوري بدأ في تنفيذ مشروع “الحزام العربي”، كما كان الموضوع الرئيسي للكونفرانس هو “الحزام العربي”، وكان رأي العم أوصمان مقاومة “الحزام العربي” وإعلان الثورة في غرب كوردستان إلا أن عضو المكتب السياسي صلاح بدر الدين كان معارضاً لمسألة المقاومة، وقال: إذا قاومنا فإننا سوف ننتهي لأن قسماً منا سيقتل والقسم الآخر سينتهي في السجون. وكان صلاح بدر الدين يحاول إقناع الحاضرين بوجهة نظره في عدم مقاومة الحزام العربي بالإستناد إلى “النظريات العلمية” التي قرأها من هنا وهناك وبمحاولته تلك نجح في ذر الرماد في العيون إلى حد ما.

ومن خلال المناقشات تبين لي ان هناك مؤآمرة تحاك ضد العم أوصمان وإتجاهه الثوري من أجل مقاومة الحزام العربي وكانت المناقشات كما يلي:

كان صلاح بدر الدين يقود الإتجاه الاستسلامي وكان يبرر كلامه ببعض النظريات المعلبة والمستوردة لكسر شوكة المقاومة لشعبنا الكوردي… وأذكر هنا بعض الأمثلة التي قالها صلاح بدر الدين في الكونفرانس السابع للحزب المنعقد في مدينة عامودا في شهر ايلول 1968:

  1. بكل مهابة وقوة وتعظيم لمقولة الزعيم الصيني ماو تسي تونغ حول الحرب الطويلة الامد… وبدون ان يعلم صلاح بدر الدين في ان الزعيم الصيني نفذ حربه الطويلة الامد هذه ضد اليابان لأنها كانت في مصلحة الصينيين من عدة نواح اهمها: الفرق السكاني فيما بين الصين واليابان وبعد المسافات بينهما وما نتج عنها من صعوبات وتكاليف باهظة ارهقت اليابان في حرب طويلة الامد، نعم انها نظرية استندت إلى الدراسة والعلم لذا كتب لها النصر في بلدها وظروفها ولكن هذا لا يعني بالضرورة انها تصلح لكل زمان ومكان فالحرب الطويلة الامد في كوردستان هي ضد الشعب الكوردي وحركته التحررية لأن الوقت يمر والكيانات التي تحتل كوردستان تتطور بسرعة البرق بينما الكورد لا يزالون يتبعون أساليب مقاومة الشعب الكوردي قبل 2400 عام حينما عبر العشرة آلاف يوناني كوردستان.

كتب اكزينفون في كتابه آناباسيس عن مقاومة الكورد على لسان المؤرخ اليوناني الشهير هيروديت الذي كان يرأس الجيش اليوناني بعد مقتل قائده… حيث يقول ان الجيش اليوناني كان يحاول إيقاف الهجمات الكوردية ولكن مساعيه فشلت ولم يستطيعوا من مواجهة أي كوردي وحينما كان الجيش اليوناني يتعب ويهم للاستراحة فكان الكورد يهاجمونهم مما جعل الجيش اليوناني الهروب من كوردستان وهو يعاني الخسائر الكبيرة.

  1. كان صلاح بدرالدين في الكونفرنس يأتي بكافة الأمثلة التي تدعم إتجاهه الاستسلامي فكان يقول: “ان تطبيق الحزام العربي هو في صالح الشعب الكوردي!!” وحجته في ذلك “ان لينين العظيم – حسب تعبيره – مؤسس الدولة السوفياتية قام بثورته الأولى عام 1905 التي فشلت لإعتماده على الفلاحين فعاد مرة أخرى إلى الثورة في المدينة عام 1917 فنجحت لانه اعتمد على العمال” وبعد اعطاء هذا المثال العلمي! بهر عيون البسطاء في الكونفرنس.
  2. واجمل ما قاله صلاح بدر الدين في الكونفرانس والذي يصل إلى درجة المسخرة في أن: “الحلزون كان شكله مستقيما قبل عدة ملايين من السنين قبل ان يصبح شكله حلزونيا”… وبذلك اعطى إنطباعا لا يدع مجالا للشك بأن صلاح يعلم بما كان في الكون قبل ملايين السنين… ووجدت بعض الاعضاء من فتح فمه وارتخت مفاصله لسماعه مقولات عالم العلوم وفيلسوف العصر والزمان صلاح بدر الدين.

ولكن العم أوصمان صبري كان مصرا على المقاومة… مما جعل صلاح في أن يعرض مسألة مقاومة الحزام العربي على التصويت فكنت مع العم اوصمان صبري والرفيق شمو أيزيدي Shamo Iyzidi أبو شوقي ورفيقا آخر معنا لا أتذكر اسمه كنا نؤيد العم أوصمان إلى جانب المقاومة، لاننا اعتبرنا أن الشعب  الذي لا يقاوم من أجل ارضه وقمحه وقوت يومه ولقمة عيشه سيكون شعبا سلبيا مهزوما من الداخل ولن يقاوم يوما ما من أجل فتح مدرسة لتعليم اللغة الكوردية، اما في حالة المقاومة فسيتعرض الشعب للسجن والملاحقة ولكن سيخلق جيلا من الأبطال، وان القضية الكوردية هي قضية أرض ووطن، واذا انسلخ الشعب الكوردي عن أرض وطنه لن يكون سوى جالية ممزقة، وان ما حدث مع لينين كان شيئا آخر ومختلفا عن قضيتنا شكلا ومضمونا لأن سكان القرى والمدن في روسيا هم من الروس بينما سكان المدن الكبيرة في سوريا هم من العرب واذا هاجر الكورد من قراهم فسوف يضيعوا في المدن السورية ذات الغالبية العربية.

أكد العم أوصمان: إنّ مسألة “الحزام العربي” هي مسألة أرض كوردستان وهي المسألة الأساسية في القضية الكوردية… وأن “الحزام العربي” يعني مسألة المحاصيل الزراعية الكوردية التي تريد الحكومة الاستيلاء عليها. وإن عدم المقاومة يعني أننا نجعل من شعبنا شعباً ذليلا محطماً وأقلية قومية موزعة على المدن السورية.

في حالة المقاومة سوف نخلق آلاف الأبطال من بين صفوف الشعب الكوردي، وهذا هو ما نريده من التنظيم والنضال الحزبي وبالإضافة إلى هذا وذاك فلا قيمة للشعب الكوردي بدون أرض وطنه.

إلا أن أكثرية أعضاء ذلك الكونفرانس (16 عضوا) دعمت رأي صلاح بدر الدين لأن صلاح كان قد اختارهم ممن على شاكلته حلزونيا خوفاً من رجحان كفة المؤيدين للعم أوصمان.

كما قال كل من محمد نيو وصلاح بدر الدين في أن حزب البعث حزب تقدمي ومن الخطأ مقاومته… فقلت لهما: “ما هذا الكلام وانتم تعلمون جيدا ما يقوم به حزب البعث من مخططات عنصرية بحق شعبنا وانكم بهكذا كلام تقوموا بخداع رفاقكم”. فقالا: “ألا ترى ان البعث يقوم بخطوات تقدمية ويحارب الإستعمار والرجعية وغيرها من الامور الهامة على الصعيد المحلي والاقليمي والعالمي”…

فقلت لهم: “إذا قلتم هكذا كلام كخطة خلال حوار مع البعث لربما فيه وجهة نظر… أما الآن ونحن في كونفرانس حزبي يجب قول الحقيقة للرفاق بكل صراحة وشفافية ومن ضمنها مخططات البعث العنصرية الخطيرة التي يطبقها بحق شعبنا والتي يهدف منها إلغاء وجود الشعب الكوردي في غرب كوردستان بالقتل والسجن وسحب الجنسية والتهجير”… واخيرا قلت لهم: “هل لأجل تأميم بعض الشركات وتوزيع بعض الاراضي على الفلاحين وبشكل خاطئ ينبغي ان نسكت عن الإضطهاد القومي والمخططات العنصرية التي يطبقها البعث بحق شعبنا الكوردي”.

كما قلت ما يلي: “إن الحزب ليس غاية بل هو وسيلة لخدمة الشعب وإن سكوتنا على تنفيذ الحزام العربي يعني القضاء على وجود الشعب الكوردي في سورية… وما قيمة الحزب إذا لم يعد للشعب الكوردي وجود… إلا إذا كنتم تريدون ان تجعلوا الحزب هيكلا للزعامات من أجل أن يقول الناس عنكم انكم قيادة حزبية وطنية مناضلة!… فهذا لا يسمى بأي حال من الأحوال نضال وبالتالي لن نستطع ان نخدم شعبنا على الإطلاق.

كان محمد نيو وصلاح بدر الدين قد رتبوا الامر بحيث دعوا إلى الكونفرانس ما أمكنهم من الموالين لإتجاههم الانهزامي لكي يكسبوا أكثرية الاصوات إلى جانب موقفهم المتخاذل من قضية الحزام العربي وحاول بعض الرفاق مقاومة تيارهم المتخاذل والانهزامي إلا أنهم تعرضوا للمضايقات.

حقيقة لقد خرجت من الكونفرانس وأنا في حالة خيبة أمل كبيرة مما جعلني ان قلت لأحد الرفاق القياديين وكان مسؤولي المباشر: ان هذا الكونفرانس ليس كونفرانس الحزب الديمقراطي الكوردي الذي اعرفه ولا بد إننا حضرنا كونفرانسا لحزب آخر… إذ لم أكن أتصور ان يقوم بعض القياديين يوجهون الاطراء والمديح إلى جلادي شعبنا ومنفذي سياسة الإضطهاد القومي ضد الشعب الكوردي.

ومن أجل أن يغطي محمد نيو وصلاح بدر الدين مواقفهم المعادية للشعب الكوردي في الكونفرانس افتعلوا مسألة تجميد هلال خلف ومحمد علي حسو واعتبروهما مصدر الانحراف عن خط الحزب  والتقصير في تنفيذ قرارات الحزب.

ولقد تبين للعم أوصمان أيضا هذه المواقف الانهزامية لبعض القياديين وخاصة موقف صلاح بدر الدين وعندما عاد العم أوصمان إلى دمشق حقق في الامر وخاصة أثناء وجود صلاح بدر الدين في السجن… حيث وصل إلى الحزب تقريرا يقول ان صلاح بدر الدين قد تم أخذه من السجن ليجتمع مع الملازم أول يوسف طحطوح الذي كان مدير ناحية عامودا وهو الذي قاد العدوان على قرية علي فرو ثم تم نقله كرئيس قسم التحقيق في الشعبة السياسية في مدينة دمشق.

وقد أهملت قيادة الحزب هذا التقرير لأنها تملك معلومات بأن صلاح قد تم احضاره إلى الشعبة السياسية لمقابلة مسؤول آخر وليس الملازم أول يوسف طحطوح بالذات.

وعندما خرج صلاح بدر الدين من السجن لم يذكر في تقريره الذي قدمه إلى اللجنة المركزية للحزب عن مقابلته لا بطحطوح ولا بغيره… وقد حقق العم أوصمان في الامر وتبين له ان هذه المقابلة قد تمت بين طحطوح وصلاح ولم يذكر صلاح ذلك في تقريره، وقد أوضح العم أوصمان هذه النقطة في إجتماع اللجنة المركزية المنعقد في دمشق، ثم حققت اللجنة المركزية في الامر وتأكد لها ان صلاح قد أخفى إتصاله مع طحطوح وغيره عن قيادة الحزب وكانت إحدى تحقيقات اللجنة المركزية مع الشخصية الكوردية المعروفة في حي الكورد بدمشق العزيز محمد شريف ديركي (أبو خالد) حيث تم استدعاؤه إلى إجتماع اللجنة المركزية للحزب وبوجود العم أوصمان صبري وصلاح بدر الدين ليدلي بما شاهده حينما كان شرطيا في سجن القلعة وكان صلاح بدر الدين سجينا هناك… فقال ابو خالد لقد شاهدت مدير مخابرات الحسكة مرتين وهو يزور صلاح بدر الدين في سجن القلعة… وحينما إنتهى ابو خالد من شهادته قال العم أوصمان صبري إن هذه نضيفها إلى الادلة الأخرى على كذب صلاح وإخفائه علاقته بالمخابرات السورية لأن صلاح بدر الدين لم يذكر شيئا عن زيارة مدير مخابرات الحسكة له ولا عن لقائه بيوسف طحطوح حينما كان في سجن القلعة… وحدثت مشادات كلامية في الإجتماع فما كان من ابو خالد إلا ان قال إني اعتذر ولم أكن أعلم ان كلامي سيعمل مشكلة كبيرة هكذا وإنسحب من الإجتماع… فقدم صلاح بدر الدين استقالته وذهب إلى الجزيرة… وهنا، وحسب تعليمات الشعبة السياسية تحركت الفئة الثانية من عملاء المخابرات السورية لتكون على علاقة جيدة مع العم أوصمان وحينما دعت هذه الفئة إلى انعقاد الكونفرانس الحزبي السابع الاستثنائي إستطاعت من اقناع العم أوصمان للحضور وإبعادي وإبعاد كل من ساند العم أوصمان في الكونفرانس السابع عن الحضور في الكونفرانس الحزبي السابع الاستثنائي لكي يكون العم أوصمان لوحده تماما.

أما تفسير هذه الحادثة هو إن الشعبة السياسية في مدينة دمشق طلبت من هلال خلف ومحمد علي حسو اقناع بعض القياديين الحزبيين بفكرة الشعبة السياسية في عدم مقاومة الحزام العربي فجاء محمد علي حسو إلى دمشق واجتمع مع صلاح في الغرفة الخاصة لمقابلة السجناء، وكان العم أوصمان يعلم بهذا اللقاء ولكنه لم يكن يعلم بما جرى من ترتيب للمؤآمرة التي حاكها ضباط الشعبة السياسية مع بعض قادة الحزب لإستمالتهم وكانوا يخفون إتصالاتهم عن العم أوصمان فعلى سبيل المثال: ذهب هلال خلف ومحمد علي حسو إلى مقابلة محافظ الحسكة وحينما جاء محمد علي حسو إلى دمشق أخفى هذه المقابلة عن العم أوصمان ولكنهما حينما ذهبا لمقابلة صلاح بدر الدين أخبراه عن مقابلتهما لمحافظ الحسكة لإن الشعبة السياسية كانت قد قالت لمحمد علي حسو بالحرف الواحد (وهذا ما قاله محمد علي حسو نفسه فيما بعد): إن رئيس حزبكم (دماغه ناشفة) أي ان العم أوصمان يرفض التعاون مع النظام، لذلك أرادت الشعبة السياسية التعاون مع غيره من قادة الحزب… ونجحت في ذلك.

وهكذا إستطاع العم أوصمان ان يمسك رأس الخيط وسبب التهرب من مقاومة الحزام العربي كما ظهر في الكونفرانس وان هذه المؤآمرة لم تكن مطبوخة في يوم الكونفرانس بالذات بل كانت قبل ذلك بشهور من الإتصالات بين الشعبة السياسية وبعض القيادات الحزبية أمثال: صلاح بدر الدين وهلال خلف ومحمد علي حسو وهؤلاء الذين انكشفوا في تلك الفترة وكان هناك غيرهم ولم يظهروا لأنهم كانوا بوجهين لمعرفة آراء العم أوصمان حسب خطة للشعبة السياسية على ان لا يظهروا عملائهم دفعة واحدة.

لاحظ العم أوصمان بعد ان عاد إلى دمشق ان التيار الانهزامي قد تفشى وانتشر بين معظم القيادات والكوادر الحزبية مستفيدين من وجود العم أوصمان في دمشق بعيدا عن مناطقهم… لذا قدم العم أوصمان استقالته هذه المرة بإصرار كامل لا رجعة فيها ولكن على ان تتم تقديم الاستقالة بعد انتهاء جلسات المحكمة التي سيمثل أمامها لكي لا يترك مجالا للمتأمرين الطعن بمصداقيته بأنه قدم استقالته قبل صدور حكم المحكمة أو خوفا من الحكم.

لقد حضرت جلسات المحكمة مع الأعزاء هوشنك صبري ومحمد ايوبي… وشاهدنا وسمعنا جلسات المحاكمة بأنفسنا والتي كانت كما يلي:

انعقدت جلسات محكمة أمن الدولة في الشهر الثاني من عام 1969 في مقرها في منطقة ابو رمانة بمدينة دمشق.

لقد دافع العم أوصمان عن أهداف الحزب والشعب الكوردي بصفته رئيسا للحزب وركز على ملكية الكورد للارض والجنسية وطالب برفع القوانين الاستثنائية بمنطقة الجزيرة وأدان الإضطهاد القومي الذي يتعرض له الشعب الكوردي بكل جرأة وشجاعة بينما صلاح بدر الدين قال امام نفس المحكمة وبنفس ذلك اليوم (بأنه انتسب إلى الحزب الديمقراطي الكوردي في سورية عام 1966 لأنه حزب تقدمي ويساري وبعد عام واحد في العام 1967 تركت الحزب وذهبت إلى أوروپا للدراسة).  ولم يفصح للمحكمة عن هويته ومركزه القيادي في الحزب كما لم يقم بواجبه كقيادي في الدفاع عن أهداف الحزب… حيث قال بأنه عضوا عاديا فقط.

صدر حكم المحكمة على العم أوصمان وصلاح بدر الدين بالسجن لمدة سنتين وكان الحكم على صلاح محاولة مخابراتية لإبعاد الشبهات عنه.

بعد استقالة العم أوصمان من الحزب بدأ بعض القياديين الحزبيين ببث الدعايات الكاذبة ضد العم أوصمان من أجل تشويه مسيرته النضالية ومنها ان العم أوصمان رجعيا وديكتاتوريا وشوفينيا وانعزاليا ومتحجرا لأنه رفض التفاهم مع القوى التقدمية بقيادة حزب البعث… بينما الجميع يعلمون ان حزب البعث يمارس أبشع سياسة عنصرية تجاه الشعب الكوردي… وفي تلك الآونة أسرع صلاح بدر الدين في ضم العديد من العناصر المشبوهة بموالاتها للمخابرات السورية في صفوف الحزب ليساعدوه في محاربة القائد الاسطورة العم أوصمان صبري.

وتبين فيما بعد أن المخابرات السورية كانت تعتمد على صلاح بدر الدين منذ ان كان عضوا في منطقية الجزيرة في بداية ستينيات القرن الماضي وكان له اليد الطولى في نشر الأفكار الانهزامية وسياسة المديح والاطراء لحزب البعث في كل مناسبة… ولم يخرج صلاح بدر الدين من الحزب إلا بعد ان زرع فيه من العناصر المشبوهة والتي تفننت في العمالة أكثر منه وكم من تلميذ تفوق على استاذه بالضبط كما تفوق صلاح بدر الدين على استاذه حميد درويش من قبل.

بعد ان رأيت بنفسي الحقائق الآنفة الذكر قدمت استقالتي من الحزب كما اني لا اتهم جميع القياديين بالعمالة وإنما بعضهم، كما ان البعض الآخر سرهم طريق العمالة لأنهم إرتاحوا من الملاحقات من قبل النظام السوري وبنفس الوقت احتفظوا لأنفسهم بصفات القادة.

وان الايام القادمة ستكشف الكثير من الحقائق والكثير من القياديين الذين تستروا بالوطنية وإستغلوا القضية الكوردية أبشع إستغلال.

ولقد قررت أن أقف مع العم أوصمان وسأبقى كذلك ما حييت حتى ولو كنت لوحدي لأني على قناعة تامة ولا يدخل إليها الشك بأنه لا حدود لإخلاص العم أوصمان للكورد وكوردستان. وحينما شاهدت وضع عناصر الحزب المهلهل قدمت استقالتي من الحزب شفهيا في الكونفرانس نفسه، وكذلك فعل العم أوصمان ومن كان يؤيدنا، وفي اليوم الثاني عدنا إلى دمشق وقدمت الاستقالة كتابياً، وكتب العم أوصمان استقالته أيضا ولكنه لم يقدمها لأن محكمة أمن الدولة كانت في انعقاد لمحاكمة العم أوصمان وصلاح بدر الدين. فقال العم أوصمان سوف أواجه المحكمة وأنا سكرتير الحزب فإن إعتقلوني في المحكمة قدموا الإستقالة، ولن أقدمها الآن حتى لا يقولوا بأني خائف من تحمل المسؤولية أمام محكمة أمن الدولة، وحينما سأله النائب العام في المحكمة ما نوع مهامك في الحزب؟ فرد عليه العم أوصمان بصوت جرئ جهوري : “انا رئيس الحزب…” فوقف النائب العام على قدميه وضرب بيده على الطاولة التي أمامه قائلاً : “وإلى الآن انت الرئيس…” أي بما معناه انك أمامنا وتتجرأ أن تقول هذا، وبدون ان يعلم ذلك النائب العام المسكين، ان العم أوصمان لم يهاب احداً قط في حياته. فرد عليه العم مرة ثانية وبصوت أقوى: “نعم أنا الرئيس وإلى الآن”. نعم لقد كان العم أوصمان البطل والعملاق يناضل في زمن العملاء والصعاليك الذين لم يحترموا شرف الكلمة والإنتماء، وضربوا عرض الحائط بكل القيم السامية بل كانوا أداة بيد النظام السوري لإبعاد العم أوصمان عن ساحة النضال.

الكونفرانس الحزبي السابع الاستثنائي في نهاية 1968

قبل الكونفرانس انعقد إجتماعا للجنة المركزية (وفي الإجتماع تم دس جرثومة مرض الانفلونزا في شاي العم أوصمان من قبل أحد عملاء المخابرات السورية في الحزب، لكي لا يقوى على أي مقاومة خلال الكونفرانس وهذا ما كان) وطلبت اللجنة المركزية من العم أوصمان ان لا يثير مسألة إتصالات صلاح بدر الدين مع الشعبة السياسية… والاكتفاء على محاسبة هلال خلف ومحمد علي حسو وكان ذلك جزءا من مؤآمرة جديدة لأن الفئة المتلونة من العملاء قاموا بإقناع العم أوصمان انه يكفي محاسبة هلال خلف ومحمد علي حسو وهذا يؤدي إلى مأزق حرج للحزب واذا تم إضافة صلاح بدر الدين اليهم فسيحدث نكسة للحزب من الصعب قيام الحزب بعدها وقبل العم أوصمان بهذا الاقتراح ولكن بشرط ان يتم وضع صلاح بدر الدين تحت المراقبة الحزبية الشديدة ووافقت اللجنة المركزية على شرط العم أوصمان.

في بداية الكونفرانس قال العم أوصمان بأنه قد حصلت لديه شكوك على صلاح ولكنه يجدها الآن غير كافية، وهنا بدأت المؤآمرة فقام صلاح في الكونفرانس ووجه إلى العم أوصمان تهما خطيرة كذبا وبهتانا… فغضب العم أوصمان كثيرا من وقاحة صلاح وسكوت القياديين المتلونين على هذه الوقاحة… فكشفهم العم أوصمان وقدم استقالته وخرج من الكونفرانس قبل أن ينتهي.

ولكن صلاح وشلته كانوا يعلمون جيدا انهم لا شئ بدون العم أوصمان كواجهة وطنية يختبئون وراءها… لذلك أسرعوا إلى العم أوصمان ورجوه في ان يرجع عن استقالته… وبعد ذلك اخبرني العم أوصمان انه وجد تقديم استقالته وهو مريض كان قرارا غير متزن ولذلك تراجع عن استقالته وتم انتخابه أمينا عاما للحزب.

لم يعد العم أوصمان صبري يملك من قوة الإستمرار في العمل مع صلاح بدر الدين بعد هذه الحادثة ومعلومات أخرى وصلته عن تخاذله في تنفيذ قرارات الحزب بشأن الحزام العربي وكانت احداها احراق محصول القمح في منطقة الحزام العربي، لأن احراق المحصول الكوردي لعدة سنوات كان سيجبر النظام السوري على التراجع عن مشروع الحزام العربي.

كما ان أسباب انتصار صلاح بدر الدين على العم أوصمان صبري يعود إلى ان صلاح بدر الدين قد حصل على توجيهات وإمكانيات المخابرات السورية من أجل إخراج العم أوصمان صبري من الحزب، لأن العم أوصمان صبري كان يمثل الصمود الكوردي في وجه النظام السوري وبالفعل بعد استقالة العم أوصمان صبري بدأ العد التنازلي للحراك الكوردي في توالد الأحزاب الكوردية والسباق فيما بينها ليس من أجل تثبيت المواقف الوطنية والقومية بل كانت ولا زالت في حالة سباق فيمن يتنازل أكثر للنظام السوري.

كما ان هناك سببا وجيها آخر لإنتصار صلاح بدر الدين هو ان اصدقاء العم أوصمان صبري في الحزب قد تقلص إلى حد بعيد حيث قام انصاره بتجميد انفسهم مثل الاعزاء محمد انور ورشيد سمو ومحمد ملا أحمد وغيرهم كثيرون مع انهم كانوا من العناصر القيادية… ولا اعلم هل انسحابهم وتجميد انفسهم كان صادرا عن أسباب خاصة بهم أم انهم قد تعرضوا لضغوط خارجية من أجل أن يتركوا العم أوصمان وحيدا يواجه عملاء وجواسيس النظام السوري في الحزب.

حينما تيقنت المخابرات السورية من عدم جدوى الإعتقالات والنفي وكافة الضغوطات التي مارستها بحق العم أوصمان لزحزحته عن مواقفه القومية والثورية بدأت في بث الدعايات الكاذبة ضد العم أوصمان من أجل تشويه سمعته بين الجماهير الكوردية في اعتماد أسماء ونشرات كوردية مزيفة وملفقة، وزعتها في منطقة الجزيرة تحمل ختم الشعبة السياسية في الحسكة وعليها صورة العم أوصمان وتدعي بأنه عميل للمخابرات السورية وانه يتقاضى منها 450 ليرة سورية شهريا مقابل تزويد المخابرات السورية بالمعلومات حول الحزب الديمقراطي الكوردي في سورية وحول الثورة الكوردية في كوردستان العراق، وقد تم توزيع هذا المنشور بإسم الحزب الشيوعي السوري، وان الحزب الشيوعي قد حصل على هذه الوثيقة بوسائله الخاصة وانه ينشرها بين الكورد. وطبعا كانت تلك عملية مخابراتية مفبركة لذا قام الحزب الشيوعي السوري على تكذيبها في جريدته الرسمية الخاصة بمنطقة الجزيرة وأعلن أنه لا علاقة له بهذا المنشور لا من قريب ولا من بعيد.

ثم وزعت المخابرات السورية نشرة ثانية بشكل واسع وخاصة بين الكورد في دمشق حيث يقيم العم أوصمان تحت اسم حزب العمل الكوردي السوري وكلها تهجم وافتراء على العم أوصمان حيث تتهمه بالشوفينية والرجعية ومعاداة النظام التقدمي في سورية.

ثم أصدرت المخابرات السورية نشرة ثالثة في منطقة حلب بإسم راستي-الحقيقة وكان فيها أيضا تشويه لسمعة العم أوصمان حيث ادعت ان العم أوصمان قال بأن الكورد في سورية والعراق هاجروا من إيران وتركيا وغيرها من الافتراءات المفضوحة والتي لا تنطلي على أحد.

فكانت هذه المحاولات الدنيئة للمخابرات السورية من أجل بناء حاجز نفسي فيما بين العم أوصمان وجماهير الشعب الكوردي لأن المخابرات السورية علمت جيدا ان العم أوصمان صبري هو الشخصية الكوردية الوحيدة التي تقف بوجه مؤآمرات النظام السوري لذا سعت إلى إبعاده عن الحزب والجماهير بكافة الوسائل. وهذا ما تفعله المخابرات السورية مع الوطنيين الأحرار إلى اليوم.

والجدير بالذكر ان صلاح بدرالدين في الوقت الذي كان الشعب  الكوردي كله مع الجنرال مصطفى البارزاني وثورته كان صلاح بدرالدين ضد الجنرال مصطفى البارزاني وضد الثورة الكوردية وكانت تلك احدى النقاط الخلافية الرئيسية فيما بينه وبين العم أوصمان صبري… وكما كان من المفروض مواجهة النظام السوري في 1967 لمقاومة مشروع الحزام العربي العنصري، كان صلاح بدر الدين من المقربين لاجهزة المخابرات السورية، وحينما إنهارت حركة المقاومة الكوردية في سورية باستقالة سكرتير الحزب العم أوصمان صبري ومعه العناصر الوطنية الشريفة في الحزب الديمقراطي الكوردي في سورية، فاطمأن قلب صلاح بدرالدين وأسياده في المخابرات السورية إلى ضعف الحركة الكوردية في سورية وبذلك انتهت مهمته وتحول من العمالة لأجهزة المخابرات السورية إلى اجهزة المخابرات العراقية بعد بيان آذار 1970 ليأكل لقمة مسمومة أخرى من المخابرات العراقية كما أكلها من المخابرات السورية.

فصلاح بدرالدين ، وامثاله هم حاضرون في كل زمان ومكان ليكونوا عناصر اجهاض الحركات التحررية، وان دور صلاح بدرالدين في داخل الحركة الكوردية في سورية أم في العراق أم في الحركة الفلسطينية لم يك يخرج عن كونه سمسارا دوليا للتآمر على الشعوب بالضبط كبائع العقارات الذي لا يهمه إذا كان البيت الذي يبيعه جيدا أم لا، ولا يهمه ان كان رخيصا أم لا، ولا يهمه أيضا اكانت البيعة في صالح البائع أم في صالح المشتري، ولكن المهم لديه هو استلام اجرة دلالته وسمسرته فقط، وعليه هناك من يظن ان صلاح بدرالدين حينما يقوم بالوساطة فيما بين الكورد واية حكومة أم بين الفلسطينيين واية جهة أخرى…  فهو يقوم بعمل وطني كبير، ولكن العكس هو الصحيح، والأكثر صحة -ولكي لا نظلمه- هو مع الذي يدفع أكثر،  وعلى الحركة الكوردية ان لا تخلط بين المخلصين والسماسرة.

ان مسألة عمالة صلاح بدرالدين للمخابرات السورية بعشرات الوثائق حتى الكثيرون من اصدقائه تحدثوا عنه وعن عمالته وعلى سبيل المثال صديقه كريم حسامي (السياسي الكوردي من شرق كوردستان) الذي كتب في مذكراته الصادرة باللغة الكوردية المطبوعة في السويد عن علاقة صلاح بدر الدين بالمخابرات السورية،  وهنالك أيضا من لهم معلومات تتعلق بإتصالات صلاح بدر الدين التجسسية والاجرامية مثل الإرهابي العالمي “ماركوس” عندما كان في ألمانيا الشرقية في عهد الدكتاتور المقبور هونيكر.

فليس من باب الصدف أن هرب صلاح بدر الدين إلى جنوب كوردستان خشية الوقوع تحت طائلة المسائلة القانونية، وذلك بعد انهيار النظام الفاشي الإرهابي في ألمانيا الشرقية الذي أخفى أفعاله وأفعال غيره من العملاء.

وهناك الكثير من الأحداث والعلاقات التي تثبت عمالة صلاح بدر الدين واحداها ما اخبرني بها العزيز كمال سيدو الذي كان أحد كوادر الحزب الديمقراطي الكوردي في سورية وكان أحد المعتقلين في إعتقالات عام 1959 وبعدها ابتعد عن التنظيم وكان متوجها من المانيا الشرقية بالطائرة إلى بيروت واذ بصلاح بدر الدين كان في نفس الطائرة أيضا وقال لكمال سيدو عليك ان تعود إلى نشاطك السابق في الحزب فرد عليه كمال اني قررت العيش في أوروپا وبعيدا عن أي نشاط على الاقل في الوقت الحالي… فقال له صلاح بدر الدين: “إذا لا تسمع كلامي فحين الوصول إلى مطار بيروت سوف اقوم بتسليمك لعناصر خاصة لتأخذك إلى دمشق موجودا”.

كما أخبرني العزيز محمد كيكي عن تهديدات صلاح بدر الدين له وإنه من القوة ان يدمره ويدمر أي كان يقف بوجهه… وهذا التهديد كناية على قدرته في التأثير على المخابرات السورية التي مستعدة لتنفيذ كل ما يطلبه صلاح بدر الدين منها.

ومن هنا جاءت قوة الأحزاب الكوردية التي تحمل بيدها عنصران تجعلها تحافظ على أحزابهم الكرتونية:

1-     معظم القيادات الكوردية الحزبية تعتمد على الولاء العشائري وتهدد عناصرها بقوتهم العشائرية.

2-     معظم القيادات الكوردية الحزبية لها تنسيق أمني مع المخابرات السورية تهدد عناصرها بعصا المخابرات السورية.

فالمحسوبية العشائرية والخوف من المخابرات تجعل من الكثيرين يلتفون حول الأحزاب الكوردية من أجل تأمين سلامتهم وسلامة عوائلهم من بطش المخابرات فيما إذا غضبت الأحزاب عليهم.

في العام 1969عاد صلاح بدر الدين إلى حي الكورد بدمشق وعقد إجتماعا لبعض الحزبيين ليشكل منهم اللجنة المنطقية للحزب بمدينة دمشق التي استقالت من الحزب تضامنا مع العم أوصمان صبري وكان محمود رسول (شقيق الدكتور أحمد رسول) أحد الاعضاء الذين دعاهم صلاح بدر الدين وفي الإجتماع حاول صلاح بدر الدين النيل من شخصية العم أوصمان صبري والتقليل من قيمته… فرفض الاعضاء هذا التوجه واحتد النقاش ووصل إلى درجة ان قام محمود رسول وصفع  صلاح بدر الدين على وجهه صفعة مدوية اوقعته على الارض وكان محمود رسول يقول له لم يبق إلا صعلوك مثلك ليتطاول على العم أوصمان صبري… في هذه الاثناء وصل خبر وجود صلاح بدر الدين في دمشق إلى بعض اعضائنا واخبروا هوشنك ابن العم أوصمان بذلك، حيث أراد هوشنك أن لا تفوته الفرصة ليكمل على صلاح الذي إستطاع الهروب من الإجتماع ولكن مع الاسف كان صلاح قد هرب من الحارات الخلفية عن طريق تلال جبل قاسيون بينما نحن توجهنا إلى الشارع العام حيث هناك وسائل الانتقال الخاصة والعامة والتي يلجأ إليها عادة من ينوي الهروب.

في العام 1969 بعد ان قدم العم أوصمان صبري استقالته من الحزب قرر ان يغادر سورية ويتوجه إلى شمال كوردستان من أجل التحضير لثورة كوردية بعد أن وجد الظلم والعنصرية التي يمارسها النظام التركي ويطبقها على الشعب الكوردي ووجد أن الظروف مواتية إلى تفجير ثورة على الظلم ومن أجل الحرية، وطلبت منه ان أرافقه ولكنه قال لي في أنه يفضل ان يذهب لوحده لأنه لا يعرف الوضع هناك بعد نصف قرن من الزمان على مغادرته شمال كوردستان.

ولكن بعد حوالي العام رجع العم أوصمان إلى سورية واخبرني ما يلي: في أنه لم يلق استجابة لا من الزعامات الكوردية ولا من الأفراد ولا من الجماعات لأن الخوف والجزع قد أطبقا بقوة على الناس حتى كتم أنفاسهم ففقدوا بذلك التنظيم والقيادة الكوردية الواعية… كما أن المخابرات التركية مسيطرة على كافة مناح الحياة… فقلت له كيف كان ذلك؟ هل من المعقول أن تخمد نار الثورة في نفوس الناس؟ فقال لي لست أقصد الثوار والمناضلين والمقاتلين، فالشعب الكوردي كله شعلة وهو مستعد في كل لحظة للثورة والقتال والفداء ولكني أقصد المخلصين الذين يتطلب منهم واجب القيادة أي إن أرسلت أحدهم ليكون ظهراً وسنداً لي من أجل الإتصال بحكومة أو جهة ما… فلم أر أحدا من يستطيع الصمود امام الإرهاب والإحباط أو تحت تأثير المغريات لذا عدت بعد أن علمت الحكومة التركية بوجودي وبمهمتي فدفعت أحد أبناء أعمامي لقتل إبني ولاتو  Welatoبدافع تآمري، من أجل إعتقالي حين أحضر موكب الجنازة التي حرمت من حضورها والمشاركة فيها وكذلك من زيارة قبر ولاتو Welato الذي كان تحت رقابة المخابرات التركية المشددة، وبالتالي لكي أتورط في الثأر من القاتل فيتأجج الخلاف ويستشري النزاع في صفوف عشيرة المرديسية، ولكني تحفظت حتى لا أقع في ذلك الفخ أيضا مع أن العديد من أبناء العشيرة قد عرضوا علي إستعدادهم للثأر من قاتل ولاتو Welato ولكني رفضت ذلك بقوة مع أن قلبي كان يتحرق حسرة وألماً عليه، وهكذا عاد العم أوصمان إلى سورية فيقع في قبضة النظام السوري ليمضي عاماً ونصف في السجن بموجب حكم قضته محكمة أمن الدولة.

لم يك تأثير العم أوصمان بي من خلال المهمات التي كان يعتمد علي فيها والنضال اليومي بل ان تأثيره الأكبر كان في مواقفه التي جعلت مني أكثر محبة لشعبي الكوردي ووطني كوردستان. ولقد تعلمت الكثير من العم أوصمان ومن مواقفه الثابتة والمبدئية الخالدة فقد كان مدرسة قومية لتربية كوادر تحرير كوردستان، وفيما يلي بعضها والتي عشتها شخصيا ودونتها في دفتر خاص سميته مواقف العم أوصمان صبري:

  1. لقد ذكر لي العم أوصمان كثيرا عن اشتراكه في الثورات الكوردية ضد الأتراك بعد انهيار ثورة الشيخ سعيد پيران وثورة المرديسيان قام بالإتصال بالشيخ محمود الحفيد ملك كوردستان والشيخ أحمد البارزاني وغيرهم من قادة الكورد وفي العام 1927 ذهب بنفسه إلى السليمانية وبارزان من أجل قيام ثورة كوردية كبرى ولكن لم تكلل جهوده بالنجاح لأسباب عدة.
  2. بعد فقدان الأمل من قيام ثورة كبرى أخبرني العم أوصمان كيف نزح إلى سورية وطلبت السلطات الفرنسية منه أن يكون ضابطاً في الجيش الفرنسي فقال لهم العم أوصمان إني أقسمت أن لا أحمل سلاح ظالم أو مستعمر يوجه إلى المستضعفين والمستعبدين، وكذلك عرضوا عليه ملكية بعض القرى كغيره من الكورد الذين نزحوا من شمال كوردستان، ولكنه رفض أن يأخذ منهم شيئاً لأنه أدرك مسبقاً أن هذا لن يكون بلا مقابل… وكذلك حدثني العم أوصمان عن إعتقاله في تركيا والموصل وفلسطين وسورية من أجل دفاعه عن الشعب الكوردي وحقوقه القومية المشروعة فهي ملحمة بطولية نادرة وبحاجة إلى مؤلفات ضخمة لتوفيها حقها.
  3. الحكم الفرنسي في سورية قام بنفي العم أوصمان من سورية مع إخته إلى جزيرة مدغشقر في أفريقيا لمدة عام كامل، كما أخبرني عن نضاله في خويبون واشتراكه في تأسيس النوادي والمجلات الكوردية مثل نادي كوردستان ومجلة هاوار في دمشق ومجلة روناهي في بيروت، وبعد خروج الفرنسيين من سورية إستمرت الملاحقات والإعتقالات له والتي بلغت 18 حالة إعتقال من أجل القضية الكوردية حيث سجل رقماً قياسياً في عدد حالات الإعتقال كما سجل أرقاماً قياسية أخرى في المقاومة والصمود في السجون وأمام المحاكم ببطولة نادرة ليس بين الشعب الكوردي فحسب بل انها غير موجودة في الشعوب الأخرى أيضا، ومن القصص الطريفة التي يتداولها السجناء في سورية: أنه كان هناك أحد النزلاء الجدد في السجن ولم يكن عنده شيءٌ من الفراش أو الأغطية لينام عليها، لكنه شاهد مكاناً في صدر القاعة ولا يحتله أحد فقال هل بالإمكان أن آخذه لأنام عليه فقالوا له إنه مكان العم أوصمان صبري وقد خرج البارحة إلا أنه قال أتركوا هذا المحل لي سأعود قريباً… إلا أن السجناء منحوه المكان بشرط إخلائه حينما يعود صاحبه العم أوصمان.
  4. حدثني العم أوصمان عن تأسيس البارتي في سورية وكيف كان منهاج الحزب الديمقراطي الكوردستاني في البداية وكان يطالب بتوحيد وتحرير كوردستان وبعد إعتقالات 1959 تم تغيير ذلك إلى الحقوق الثقافية والإجتماعية والسياسية للشعب الكوردي في سورية، وذلك لأن القيادة الكوردية إثر تلك الإعتقالات تنازلت عن هدف تحرير كوردستان وعن كلمة الكوردستاني من اسم الحزب وذلك خوفاً من الحكم الظالم الذي كان يتهددهم إلا أن العم أوصمان كان الوحيد الذي لم يتنازل… وحين سأله القاضي هل صحيح ما يقوله رفاقك بأن منظمتكم هي منظمة إجتماعية وثقافية وليست حزباً يطالب بإستقلال كوردستان؟ فإجابه العم أوصمان: “إن منهاجنا أمامك ومن خلاله تستطيع معرفة ماهية منظمتنا”. هكذا كان موقف العم الثابت والمبدئي وبنفس الوقت لم يترك مجالاً للقاضي بأن يزرع الشقاق فيما بينه وبين الذين تنازلوا عن منهاج الحزب وجعلوه منظمة إجتماعية، وأعتقد ان الحقائق سوف تظهر كاملة بعد إزاحة الإحتلال عن غرب كوردستان وحصول الشعب الكوردي في سوريا على حريته وإعلان دولته المستقلة، لأن هناك من يعلمون الحقائق كاملة ولكنهم يتريثون حتى ازاحة كابوس الإحتلال عن كوردستان.
  5. في العام 1966 أرسل جلال الطالباني وفداً برئاسة محمد أمين فرج إلى العم أوصمان من أجل شرح أسباب إنشقاق المكتب السياسي للبارتي عن قيادة الملا مصطفى البارزاني في جنوب كوردستان وكان مركّزاً على أن المكتب السياسي يمثل البارتي والبارزاني ليس سوى إلا زعامة عشائرية رجعية بعيدة كل البعد عن البارتي وطلب محمد أمين فرج أن يكون موقف عناصر البارتي الكوردي السوري الذين يدرسون في أوروپا من هذا الإنشقاق إلى جانب إخوانهم جماعة المكتب السياسي أو على الاقل أن يكون موقفهم حيادياً… إلا أن العم أوصمان قال لمحمد أمين فرج ما يلي: بغض النظر عن هوية كل منكم، وباختصار نحن مع الثورة وبما أن البارزاني على رأس الثورة فنحن معه، ولو كنتم على رأس الثورة والبارزاني تعاون مع الحكومة العراقية كما أنتم الآن تتعاونون معها فإننا كنا نتعاون معكم ضد البارزاني. هكذا كان جواب العم أوصمان وبكل وضوح وشفافية. وبعد أن ذهب محمد أمين فرج قال لي العم أوصمان: مع إني أعلم من الآن أن البارزاني سيعفو عن جلال الطالباني والمكتب السياسي ولكنه لن يعفو عني…!

نعم إن قرارات العم أوصمان كانت دائماً نابعة من توجهاته القومية وكان ينسى نفسه تماماً حين اتخاذ القرارات القومية. فغيره لو كان يعلم أن البارزاني لن يعفو عنه، لكان ينضم إلى خصومه وبدون أن يحاول أحد من اقناعه بذلك.

في العام 1966 وبعد الإفراج عن العم أوصمان من السجون السورية زارته مجموعة من ضباط المخابرات السورية بمرافقة فايز كم نقش أحد الشخصيات الكوردية في حي الكورد وبتكليف من رئيس الجمهورية السورية أمين الحافظ وطلبوا من العم أوصمان مساعدة رئيس الجمهورية الذي كان يخشى وقوع انقلاب عليه، فقال لهم العم أوصمان: لا مانع إذا ألغيتم الحزام العربي والإحصاء الاستثنائي وفتح مدارس كوردية، فقالوا له: إننا نؤمن بحقوق الكورد ولكن هناك عدد من المسؤولين علينا ان نقنعهم بذلك لذا نطلب منك أن تقوم بإقناعهم، فإذا اقتنعوا يمكننا القول أننا نستطيع حل كل المشاكل. فقال لهم العم أوصمان: طالما تعتقدون أن الاعتراف بحقوق الشعب الكوردي هو في مصلحة سورية وبما أن هؤلاء هم رفاقكم الذين ليس عندهم قناعة بحقوق الشعب الكوردي فيمكنكم أنتم اقناعهم والتأثير فيهم أكثر مني، وعليه فهي مهمتكم وإني أعتذر عن القيام بذلك. وبعد مغادرتهم سألت العم أوصمان أليست فرصة ليحصل شعبنا على حقوقه؟ فوقف العم أوصمان على قدميه محتداً وماسكاً ذقنه كعادته حينما تطرأ قضية تثيره، وقال لي: يا عمي وحياة هذه الذقن إنهم يكذبون، وهدفهم من زيارتهم لنا هو تمييع موقفنا وليس حقوق الشعب الكوردي. إنهم يريدونني، كغيري من قادة الأحزاب الكوردية، أن نطرق أبواب المسؤولين، وهذا لن يحلموا فيه. ومما قاله لهم العم أوصمان: هل الجزيرة هي جزء من سورية أم هي مستعمرة… فإجابوه: طبعاً انها جزء من سورية، فإجابهم العم أوصمان: طالما تعتقدون أن الجزيرة جزء من سورية لماذا توجد هناك قوانين استثنائية تطبق في المنطقة الكوردية فقط ولا تسري على المناطق العربية، وهذا دليلي على ان المنطقة الكوردية في سورية ليست جزء من سورية وانما هي مستعمرة سورية. ومن الجدير بالذكر اعترض آخرون على موقف العم أوصمان الصلب مع ممثل أمين الحافظ ولكن وجهة العم أوصمان كانت الصائبة لأن أمين الحافظ بعد هذا الإجتماع بأشهر قليلة تم اقصاؤه عن الحكم بإنقلاب صلاح جديد في 23-2-1966. ومن هذه الأحداث وفي كل مرة كان العم أوصمان يثبت أنه كان يتمتع ببُعد نظر بالإضافة إلى مواقفه القومية الثابتة.

  1. فيما بعد حاول غيرهم من عناصر النظام السوري الإتصال بالعم أوصمان وأبدوا إستعدادهم للسماح بصحافة كوردية مقابل السكوت عن مشروع “الحزام العربي”، فرفض ذلك العم أوصمان أيضا وحينما قلت للعم أوصمان إنها خطوة جيدة للتعبير عن وجودنا… فوقف العم أوصمان كعادته حينما يحتد يباعد بين قدميه ولعدم وجود أسنان في فمه يصبح وجهه منكمشاً أكثر من العادي، وقال لي: إن شبراً واحداً من أرض كوردستان لا أعطيه بكل الحقوق الكوردية، وكان يعني أرض كوردستان هي الأهم وكان يؤكد دائما على ان جزءا من كوردستان واقع تحت الإحتلال السوري، وإن مسألة تنفيذ “الحزام العربي” يعني أنهم يريدون طردنا من كوردستان، وإن الشعب  الكوردي إذا ترك أرض بلاده، فلن يكون شعباً بل أقلية أو جالية متناثرة هنا وهناك. نعم لقد كان العم أوصمان يعرف أين يقف وكان يعرف بالضبط ماذا يريد.
  2. في بداية عام 1969 حضرت مع مجموعة من الرفاق إحدى الجلسات العلنية لمحكمة أمن الدولة السورية بدمشق والتي كانت تحاكم العم أوصمان صبري، ووقفت على مجرياتها واشهد للحق والتاريخ ببطولة ووطنية العم أوصمان التي لا حدود لهما حيث أعطى صورة ناصعة لبطولة عمه الشهيد شكري آغا الذي اعدمه الأتراك ولكل القادة الكورد الكلاسيكيين الأوائل الذين وقفوا ببطولة فذة أمام محاكم الكيانات التي تحتل كوردستان، حيث تلقى القادة الكورد حكم الإعدام وبدون أن يرف لهم جفن كساكني الجنان الشيخ سعيد پيران عام 1925 وسيد رضى عام 1939 وقاضي محمد عام 1947. وان العم أوصمان صبري لم يكن أقل من هؤلاء العظام الاوائل على الاطلاق.
  3. أخبرني العم أوصمان عن إحدى محاكماته في عام 1960 حينما قال له القاضي أنتم الكورد تتمعون بكافة الحقوق فمثلاً كاتب المحكمة هو كوردي فإذا كان كلامك صحيح بأننا نضطهد الكورد فلا نوظفه، فقال العم أوصمان: “إنه ليس كوردياً”، فقال القاضي: “إني أؤكد لك أنه كوردي”، فقال العم أوصمان مصراً: “أنه ليس كوردياً على الإطلاق، ولو كان كوردياً كما تدعي لكان واقفاً إلى جانبي وليس إلى جانبك”. وفي محاكمة أخرى للعم أوصمان عقدت إحدى جلساتها في مبنى الپرلمان السوري وكان رئيس المحكمة المقدم مصطفى طلاس الذي قال “إن الكورد إخواننا”، فإجابه العم أوصمان: إذا كانوا إخوانكم إذن اعطوا الكورد الحقوق التي أعطتها اسرائيل للعرب القاطنين في اسرائيل”. نعم إن العم أوصمان كان يتكلم بكل ثقة وقوة وجرأة في كل زمان ومكان أكان مع رفاقه أم أمام المحاكم وحتى في مراكز الإعتقالات وتحت التعذيب فكان يواجه المحققين بنفس القوة والثبات والشجاعة.
  4. بالرغم من أن توزيع البيان من تحت أبواب منازل حي الكورد بقيت عملية سرية ولم يعلم بها أحد إلا أن العم أوصمان علم بها كيف وبأسمائنا في وقت فشلت المخابرات السورية من معرفتنا والوصول إلينا، فذهبت مع رفاقي الذين قاموا بالعملية كل من الرفاق قصي آلرشي وعصمت برازي لمقابلة العم أوصمان حسب طلبه وقد كان منزعجاً جداً، وقال لنا: إن الذي نبنيه منذ سنين تريدون تقويضه أنتم في يوم واحد، ولكنه بعد لحظات تغير أسلوبه وطلب منا راجياً أن لا نعود إلى ذلك مرة ثانية، وقال لنا إن لغتكم الكوردية ضعيفة فإذا أردتم أن تخدموا شعبكم تعلموا لغتكم بشكل جيد، ومن يومها بدأنا نتردد على بيت العم أوصمان لإعطائنا دروس في اللغة الكوردية فوزعنا انفسنا على مجموعات صغيرة لكي لا تلاحظ المخابرات السورية زياراتنا لبيت العم اوصمان.

لقد كان العم أوصمان صبري يستقبلني أنا ورفاقي بالساعات ويعطينا دروسا بالوطنية بأسلوب بسيط احببناه جميعا لما كان يتخلله من قصص وتجارب عملية حصلت مع العم أوصمان شخصيا وكان يسردها لنا بإسلوب جميل وكان ينهي دروسه الوطنية بإعطائنا دروس في تعلم القراءة والكتابة باللغة الكوردية مستعملا كتابه لتعليم الكوردية “ألفبايي كوردي”. وإستمرت هذه الدروس حتى أوائل العام 1964 حيث طلب مني العم أوصمان الانتساب للحزب الديمقراطي الكوردي في سورية ومن حينها أخذ العمل الحزبي كل وقتي أما غيري من الرفاق فقد إستمروا في أخذ الدروس.

وخلال فترة الدروس كنت مع رفاقي نقوم بأعمال الجمعية النضالية والتنظيمية وفي غاية السرية وحتى كنا نكتمها عن العم أوصمان بعدما شعرنا بإنزعاجه لما قمنا به سابقاً في عملية توزيع البيان، حتى ظننا أن العم أوصمان لا يصلح إلا لتدريس اللغة الكوردية فقط ولكن فيما بعد تعرفت على العم أوصمان جيدا في أنه يهدف إلى تحرير كوردستان وليس لديه أي هدف آخر وهذا ما جعلني ان أحبه بعقلي وقلبي ووجداني وأن أقسم له بالولاء.

وإني ورفاقي تلاميذ مدرسة العم أوصمان صبري سنظل أبد الدهر مدينين له ولتوجيهاته، وإن ما نقوم به في حياتنا النضالية وعدم تهاوننا في حقوق شعبنا وحبنا غير المحدود لكوردستاننا المقدسة هو ما تعلمناه من العم أوصمان صبري الخالد. كما إن شخصيته القوية وعظمة ايمانه تواضعه إستطاع من اسرنا. وكان مدرسة قومية كوردية ودروسه مستقاة من حياته وتجاربه الخاصة ومواقفه المبدئية والوطنية من أجل التحرر الوطني الكوردي وكان صخرة صلدة بوجه كل من حاول النيل من حقوق الشعب الكوردي.

10.إن العم أوصمان صبري أول من دعا إلى تأسيس الحزب الديمقراطي الكوردي في سورية عام 1957 وساعده في البداية كل من الدكتور نور الدين زازا ورشيد حمو وغيرهم، وحاول بعض الإنتهازين التسرب إلى قيادة الحزب وذلك بدعم من جلال الطالباني الذي كان في دمشق حينذاك ولكن العم أوصمان صبري قاوم هذه المحاولات بشدة… وبعد فشل هذه المحاولات أخذ الحزب خطا جماهيريا وشعبيا وديمقراطيا، وخلال الثلاثة سنوات الأولى من تأسيسه استقطب الحزب معظم الجماهير الكوردية بشكل منقطع النظير وخاصة في منطقة الجزيرة. إلا ان الحزب دخل في عدة محن وتجارب كانت أولها في العام 1959 (في زمن الوحدة فيما بين سورية ومصر) حيث تم إعتقال 35 عضوا قياديا وكادرا من الحزب وتراجع معظمهم أمام المحكمة عن أهداف الحزب لأن المخابرات السورية نشرت بين المعتقلين الكورد اشاعة مفادها ان الحزب متهم بإقتطاع جزء من سورية وان عقوبة ذلك تتراوح ما بين 10 إلى 15 عاما في السجن… وفعلا تراجع معظم قادة الحزب عن كون الحزب تنظيما سياسيا يمثل الشعب الكوردي في سورية… والذي قالوه في المحكمة ان الحزب جمعية ثقافية مع العلم ان المنهاج والنظام الداخلي وبيانات الحزب كانت في المحكمة امام القاضي وكلها تثبت بما لا يدع مجالا للشك في ان الحزب هو سياسي وليس جمعية ثقافية… بينما العم أوصمان صبري كان الوحيد الذي لم يتراجع بجرأة وشجاعة عن منهاج الحزب وأهدافه المشروعة واثبت وجود الشعب الكوردي على أرضه التاريخية كوردستان وبعد هذه التجربة تم طرد الفئة التي تراجعت عن أهداف الحزب ولكن بقي عدد من الذين تروقهم الأفكار الانهزامية وكان على رأسهم حميد درويش الذي كان يتقوى نفوذه داخل صفوف الحزب مستغلا وجود العم أوصمان صبري بعيدا في دمشق. وفي العام 1964 كانت التجربة الثانية حينما إعتقل النظام السوري العم أوصمان صبري واعضاء المكتب السياسي للحزب في مدينة حلب، وتخاذل بعض القادة اثناء التحقيق في هذه المرة أيضا، اما موقف العم أوصمان فكان صلبا كالعادة، بالرغم من تعرضه لتعذيب جسدي ونفسي ومختلف أنواع الضغوط، وكان موقفه الثابت في التحقيق والسجن. أما قيادة الحزب كانت ميدانا مفتوحا للخلافات والتناحرات والمؤآمرات وظهور روح الاقليمية… ولم يكن العم أوصمان راضيا عن الأوضاع، فأعلن العم أوصمان صبري بأنه سيقدم استقالته بعد خروجه من السجن، وانه طالما في السجن فسيعتبر نفسه سكرتيرا للحزب وعليه الدفاع عن أهداف الحزب وحقوق الشعب الكوردي، وهذا ما كان خلال فترة الإعتقال.

إلا أن حميد درويش إستغل وجود قيادة الحزب في السجن ووجوده خارج السجن فدعا إلى عقد مؤتمر حزبي من أجل أن يسيطر على الحزب مع مجموعة من اعوانه… ولكنه فشل في محاولته هذه.

في نهاية عام 1964 خرجت قيادة الحزب من السجن ودخل الحزب في مرحلة من الجمود حيث ضعف ارتباط القواعد بالقيادات وتوقفت النشرات الحزبية عن الظهور مما أدى إلى التذمر في صفوف القيادات الدنيا والمتوسطة التي إستطاعت من استمالة بعض القواعد الحزبية… وتعاون العم أوصمان معهم بعد قناعته بأن القيادة السابقة لا يمكن ان تقدم اية خدمة لقضية شعبنا الكوردي في سورية.

في أواخر عام 1965 تم تشكيل قيادة مرحلية للحزب والإتجاه بدأ إلى التحضير لمؤتمر حزبي عام، بينما واصلت جماعة حميد درويش نشاطها بإسم الحزب أيضا، وفي هذه الاثناء تأخذ المخططات العنصرية للنظام السوري تموضعها للتنفيذ وفي مقدمتها مشروع الحزام العربي العنصري والقوانين العنصرية الاستثنائية الخاصة لمنطقة الجزيرة بعد سحب الجنسية السورية من الكورد والاستيلاء على أراضيهم. وإستمالة بعض القياديين في الحزب ليأخذوا موقفا مواليا للنظام السوري من أجل إضعاف موقف العم أوصمان الذي لا يعرف التهاون في حقوق الشعب الكوردي.

11.في بداية الشهر السابع من العام 1967 جاء إلى منزل العم أوصمان صبري مسؤولا في حزب البعث ومعه رئيس قسم الأحزاب في الشعبة السياسية وبحضور هلال خلف ومحمد علي حسو أعضاء في قيادة الحزب الديمقراطي الكوردي ومن ضمن ما قاله العم أوصمان لهم: هل تعتبرون الجزيرة جزءا من سورية أم تعتبرونها مستعمرة؟  فإجابوا: إننا نعتبر الجزيرة جزء من سورية فيرد عليهم العم أوصمان: إذا نحن نريد ان تسري عليها القوانين السورية بعيدا عن القوانين العنصرية الاستثنائية المطبقة في الجزيرة فقط، كالاحصاء والحزام وغيرهم… ولكن الوفد اخبر العم أوصمان بأنهم منقسمون بشأن القضية الكوردية فقسم يؤمن بحل القضية الكوردية وقسم لا يؤمن… فترجوا العم أوصمان ان يقوم بالإتصال بهم ليقنعهم بعدالة القضية الكوردية وذكروا كبير المعارضين  بالاسم اللواء صلاح جديد… وكانوا يحاولون تمييع موقف العم أوصمان ولكنه إجابهم كالسابق أليس المعارضون هم رفاقكم فالافضل ان تقوموا بإقناعهم فهذا شأنكم وليس شأني…

ومن ذلك كان النظام السوري يسعى لأن يضع العم أوصمان في موقف متساو مع موقف جماعة حميد درويش في طرق أبواب المسؤولين في النظام السوري والسبب الآخر لأنه بالأساس لم تتوفر لدى النظام أي حسن نية في مسألة الشعب الكوردي في غرب كوردستان.

رفض العم أوصمان صبري ما طلبه النظام السوري لكي لا يسير في طريق العمالة وطرق ابواب المسؤولين في النظام السوري كما يفعل الآخرون.

وفي نهاية الإجتماع قدم العم أوصمان لهم مذكرة شاملة عن وضع الشعب الكوردي ومطالبه، وقد استلم ممثلوا النظام السوري مذكرة العم أوصمان من أجل تقديمها إلى القيادة القطرية لحزب البعث.

وكان السبب الرئيسي لإتصال النظام السوري هذا لأنه علم بنية العم أوصمان على مقاومة الحزام العربي حيث اقترب موعد جني محصول القمح في مناطق الحزام العربي في صيف 1967 وكان هذا الإتصال لم يكن سوى مناورة  لخداع القيادة الكوردية من أجل أن تصرف النظر عن مقاومة الحزام وان تبتعد عن أية قرارات ثورية… ولكن العم أوصمان ومن تجاربه الشخصية بالنظام السوري أصر على مقاومة الحزام العربي عمليا واتذكر ما قاله العم أوصمان في هذا الصدد: ان محصول القمح في منطقة الحزام العربي هو محصولنا فلن يكون للنظام وعلينا احراقه أو اتلافه أو حتى تهريبه والمهم ان لم يكن لنا فلن يكون لغيرنا.

لقد اتخذ العم أوصمان قراره بحرق المحصول ولكن الحزب فشل في تنفيذ القرار… واخبروا العم أوصمان انهم قد احرقوا المحصول في أكثر من 30 موقعا ولكن المحصول لم يحترق!.

12.وهنا لا بد من ذكر نقطة هامة في حياة العم أوصمان صبري وهي انه لو بقي بعيداً عن النضال منذ البداية وعاش بين أهله فهو إبن رئيس عشيرة كوردية كبيرة “عشيرة المرديسيان” في شمال كوردستان وعنده من الأملاك ما يجعله أن يعيش عيشة الأمراء، إلا أنه ترك كل شئ وجاء إلى سورية وحيداً بدون عشيرته وسنده وهو لا يملك شيئاً من المال من أجل أن يكمل مسيرته النضالية علماً بأن العديد من الحكومات عرضت عليه المغريات شريطة أن يتعاون معها، إلا أنه كان دائماً يرفض مساعداتها المسمومة والتي كانت وما تزال على حساب شعبنا الكوردي وحقوقه القومية، بل بقي صامداً إلى آخر لحظة من حياته لم يتنازل لأعداء الشعب الكوردي قيد أنملة وبقي شامخاً مرفوع الرأس ومثالاً خالداً للوطنية.

ولا يسعني إلا أن أقول كلمتي في هذا البطل الكوردي العم أوصمان صبري الذي عانى الأمرين بسبب كورديته:

أولاً من رفاقه الذين خذلوه حيث إنسحبوا من الحزب ووقفوا متفرجين، وثانياً من الذين خانوه تنفيذا لمخطط مدروس من قبل المخابرات السورية، يتلخص بإبعاد العم أوصمان عن الحزب الديمقراطي الكوردي في سوريا وكان ذلك على مرحلتين: الأولى شق الحزب على يد حميد درويش في العام 1965 والمرحلة الثانية شق الحزب على يد صلاح بدر الدين في العام 1969 التي كانت الضربة الاشد والتي فقد بها العم أوصمان الثقة بالحزب نهائيا وفضل أن يتابع مسيرته النضالية بلا حزب أو تنظيم سياسي، وبذلك اتبع العم أوصمان المثل الكوردي الهورامي القائل: أفضل أن أكون بدون بيت على أن يكون لي بيتا صاخبا، وأفضل أن أمشي حافيا على أن يكون لي حذاء ضيقا.

وثالثاً ما عاناه مباشرة من الدول التي تحتل كوردستان وهذه المعاناة الاخيرة كان يصفها العم أوصمان بأنها الأقل شأنا لأنها صادرة عن عدو ولا نتوقع منه غير ذلك.

لقد عاني العم أوصمان في مسيرته الكثير من المشقات لكنه لم يتوقف وناضل بعناد من أجل أمته وتحقيق الحرية لها، ولم يك يأبه بجبروت المستبدين ولا بمغريات مستعمري كوردستان، دأبه أن يحقق لأمته حريتها وعزتها وكرامتها، فإذا انطلق، انطلق بمبدئية وقوة، لا يراهن ولا يداهن ولا يمالئ، فخير ما أقول فيه : لقد وهب حياته من أجل أمته ففاز بحبها وتقديرها وبقي حياً في وجدانها مربياً ومعلماً وقائداً يترسم فيها أمله ويستبقي فيها حياته ووجوده إلى الأبد.

استلمت عشرات الرسائل من الاجيال الجديد التي تتحدث عن العم أوصمان صبري من خلال مشاهداتهم الشخصية وفيما يلي إحداها:

في 30-3-2013 إستلمت رسالة على النت من العزيز عمار البرازي Ammar Al-Barazi الذي لا أتذكره تماما ولكني أتذكر والده المحامي الشهير محي الدين البرازي… والعزيز محي الدين البرازي يكون عم أحد رفاقي الأوائل الذين شاركوني النضال في ستينيات القرن الماضي الشهيد عصمت برازي رحمة الله عليه… وفيما يلي رسالة العزيز عمار البرازي:

“يوما من الايام طلبت من ابن عمتي حماده أبو أحمد الذي كان تربطه بآپو (آپو الاسم المختصر والمتعارف عليه شعبيا للعم أوصمان صبري) وبجميع العائلة بعلاقة قوية بأن يتوسط لي عند آپو ليعلمني اللغة الكوردية وذلك قبل سفري إلى فرنسا بعامين… (1983-1985).

معزته وحبه لأبو أحمد وافق آپو أن يعلمني اللغة، وعلى ما أعتقد كنت آخر طالب تعلم اللغة عند آپو.

قرعت الباب في اليوم الاول واذا بكوي (بنت آپو) تفتح لي الباب…

رحبت بي وقادتني إلى غرفة العم… غرفة صغيرة… مليئة بالذكريات…

صور قديمة من شمدين آغا إلى قدري بك… وبيت الزركلي…

صافحني وجلس امامي… في تلك اللحظة احسست بأني صغير جدا. قزم امام جبل صامد… امام بركان ثائر…

كنت مبهورا… سعيدا… فخورا… خجولا من تلك العظمة التي من صغر سني سمعت مرارا عنها.

بعد دقائق صرخ آپو “كاوي تشاي” واذا بكوي تأتي بالشاي…

شربنا الشاي وبعد ذلك وضع آپو آلته الكاتبة وبدأ يطبع لي الابجدية الكوردية…
مرت الايام والاشهر… تعلمت منه كثيرا… تعلمت الفخر بأن أقول أنا كوردي. تعلمت النضال… تعلمت كيف ان شعبنا عانى ومازال يعاني…

تعلمت عدم الخنوع للظالم… تعلمت بأن الحرية قادمة يوما من الايام…

قبل سفري ذهبت وودعته وقبل المغادرة قبلني وقال لي: هناك 3 أنواع من الرجال. رجل يحب ان يبقى في الوراء، ورجل يحب ان يبقى في الوسط، ورجل يحب ويريد ان يبقى في الامام… وأريدك ان تكون في الامام.
رحمك الله آپو وكما قال الشاعر:

شعب دعائمه الجماجم والدم تتحطم الدنيا ولا يتحطم

لم يقدر أحد ان يحطم آپو عثمان لا فرنسي ولا اتاتوركي ولا ناصري ولا بعثي لانه من هذا الشعب الذي لا يتحطم.

خلال عشرات السنين وأنا في إجتماعات ولقاءات مع العم أوصمان صبري كنت أدون في دفتري الصغير الذي كنت أحمله دائما وخاصة حينما أزور العم أوصمان لأكتب ما يقوله… وكل ما كان يقوله لي عن النضال والقومية والحزبية والثقافة والآيديولوجيات وغيرها من المسائل. فكل ملاحظة وكلمة من كلماته كتبتها بعد نقاش إستمر لساعات أو لأيام ولهذا إني اعتبرها جزءا من سيرتي الذاتية لأني سمعتها مباشرة من العم أوصمان وناقشته بها وكتبتها بوجوده… حيث أخذت حيزا كبيرا من حياتي النضالية في فهمها نظريا وتطبيقها عمليا.

ان نضال العم اوصمان صبري وكتاباته وكلماته ستبقى إلى الابد منارة يهتدي بها المناضلون من أجل إستقلال كوردستان:

وإختصرتها في نقاط محددة وإن كانت شروحات هذه النقاط التي أخبرني إياها العم أوصمان تحتاج إلى مجلدات… وفيما يلي بعض ملاحظات العم أوصمان:

ملاحظات العم أوصمان صبري حول النضال:

  1. التضحية هي معيارنا لمستوى الوطنية.
  2. القوة والإنسانية يجب أن يكونا عنصرين ملازمين في نضالنا التحرري
  3. إني أفهم مقوماتنا القومية من خلال الإرادة، أي إرادة شعبنا بالسيادة على أرض وطنه، أما ما يسمى باللغة والتاريخ والعادات… فلها تأثيرها ولكن ليس بمستوى الإرادة، فاللغة والعادات والتاريخ كانت موجودة من قبل ولكنها لم تحقق الحرية ولا السيادة وذلك يعود لعدم توفر الإرادة. فالإرادة هي العامل الأساسي والمقوم الرئيسي من مقومات قوميتنا. والنتيجة : أن لا سيادة ولا قومية بلا قوة وإرادة وإنسانية.
  4. إني أؤمن جازماً بقوة الشعب لأنه إذا استيقظ الشعب ظهرت من بين صفوفه أبطال وقادة ومفكرين وأحرار ووطنيين.
  5. نحن لسنا من الذين يفضلون شعبهم على شعوب العالم ولكننا لا نرضى أبدا بأن يكون شعبنا دون غيره من الشعوب وكان العم أوصمان يقصد خلال مناقشتنا لهذه الفقرة بأن شعوب العالم لها دولها المستقلة وكذلك يجب أن لا يقبل الكورد بأقل من الدولة الكوردية المستقلة.
  6. إن ثالوث الفقر والموت والسجن يجب أن يكون ماثلاً أمام المناضلين في نضالهم الوطني التحرري، وإن أصعبهم وأقساهم هو الفقر ثم يليه السجن ثم الموت وعلى المناضلين أن يواجهوا هذا الثالوث بكل جرأة وصمود.
  7. الجسر يُبنى على قواعد حجرية ثابتة مرتكزة على طرفي الماء فيذهل المرء من ضخامتها وقوتها مما يظهر له منها لكنه لا يبصر ما دونها من حجارة ودعائم مغمورة تحت الارض والمياه والتي قد تكون أقوى وأقوم من ظاهرها والتي لولاها ما استقام الجسر عليها، وهكذا هو درب النضال يمهده الرواد المجهولون من الفدائيين، لتعبر جموع المناضلين، الذين هم كالدعامات القوية في عمق الماء.
  8. لا تستطع أية قوة أن تدوس كرامتنا إن لم نلقها مهملة على قارعة الطريق.
  9. يتطلب النضال غير المسلح من أبطاله الجرأة والصمود أكثر من غيرهم المكافحين في ساحة النضال المسلح.

10.الشعب الحي المناضل أمامه التمرد فإن لم يستطع فالصمود أما التخاذل فهو من صفات الشعوب الضعيفة.

11.يجب على الوطنيين الأحرار أن يقدموا لأمتهم واحداً من ثلاثة على الأقل: المساعدة بالروح أوبالمال أو بالفكر حتى يحصلوا على شرف الوطنية.

12.لا تستطيع قوى المرتزقة أن تحرر الوطن من المحتلين ولكن يتحرر الوطن بقوة إيمان الوطنيين بهذا الوطن وقوة تنظيمهم وإخلاص قيادتهم، وعندما لا يتوفر ذلك فلا أمل في تحرير الوطن.

13.لا نجاح بدون الفشل، فالفشل في النضال ثم المثابرة على النضال مرة ثانية وثالثة هو الطريق الصحيح للنصر، لأنه بالفشل تتكون لدينا التجربة والخبرة من أجل إحراز النصر في النهاية.

14.الفشل والانتكاسات لابد أن تحصل في كل النضالات، لذا يجب علينا أن نقلل من نسبتها ومن غير الجائز أن نقع بالفشل من جراء خطأ واحد مرتين، وخاصة الثورات الكوردية التي تكررت أخطاءها ولكنها لم تستفد من الدروس.

15.الحركات الوطنية التحررية مَثَلُها كمَثَلِ الكتلة الجليدية التي تتدحرج من فوق جبل عال مغطى بالثلوج، فما تكاد تصل هذه الكتلة الصغيرة منتصف الجبل حتى تصبح ذات حجم وقوة كبيرة تحطم كل ما يعترضها.

16.لا يوجد إنسان لا يخطئ ومن الطبيعي أن تخطئ المنظمات أحياناً أيضا وهو ليس عيبا ولكن العيب عدم الاعتراف بالخطأ والإستمرار فيه.

17.الشعب المحظوظ نوعاً ما يكون له صديق جيد أو عدو أحمق، وتفضل الله علينا بالنوع الثاني.

18.المصيبة هي عندما يكون شعبنا آلة في أيدي مستعمري كوردستان الحمقى، لذا يجب أن يناضل شعبنا لنفسه ولحقوقه، ويتم ذلك بعد أن يفكر بظروفه لا بظروف ومبادئ وشعارات الغير.

19.إننا لا نعتدي على حق أحد وإننا بنفس الوقت لا نسمح لأحد أن يعتدي على حقوقنا.

20.إن روح التضحية لدى الطبقات الفقيرة هي أعلى مما هي لدى المثقفين، فتغلب على المثقف الروح الإنهزامية وذلك يعود إلى حياته المرفهة، ولكن في حال وجود مثقف وطني وحر تكون تضحيته كبيرة وخدماته لشعبه أكبر وأعظم.

21.إننا نكافح ونضحي ولا ننتظر ثمرة نضالنا ولا حتى كلمة شكر، وأن الأجيال من بعدنا ستناضل أيضا حتى يحصل شعبنا على حقوقه كاملة، ولا أعلم أنحصل على حقنا في هذا الجيل أم لا ولكن الذي أعلمه هو أن الحرية قادمة لا محالة وما علينا سوى أن نقوم بواجباتنا الوطنية والقومية.

22.أنا لا أملك سنداً من السماء يتعهد لنا بالنصر ولكن سنحصل على حقنا نتيجة تقديم التضحيات وقيامنا بواجباتنا.

23.إننا نرفض هذه الحياة، حياة الذل والإضطهاد ولكننا نقبل بها من أجل شئ واحد فقط وهو : لكي نناضل ونكافح للتخلص من الإضطهاد والذل الذي اُلحق بنا، ولا نستطيع حماية شعبنا إلا بالدولة الكوردية.

24.خسارة كبرى في أي عمل نضالي أن نتقدم خطوة ونتراجع خطوتين وحتى يجب أن لا نقبل أيضا أن نتقدم أربع خطوات ونتراجع خطوة واحدة، فلا نفرح بأنه بقي لدينا ثلاث خطوات نحو الأمام، لأن خطوة واحدة إلى الأمام وبدون تراجع أفضل من ثلاث خطوات نحو الأمام مع خطوة واحدة تراجع، لأن التراجع له رد فعل معنوي ونفسي سئ على المناضلين والجماهير.

25.ان فقد المناضل الوطني شرفه فقد فقده إلى الأبد، فإذا خان المناضل قضيته فلن يستطيع أن يسترجع شرفه الوطني، وفي هذا المجال كان العم أوصمان يكرر دائماً مقولة الزعيم الوطني المصري الكبير مصطفى كامل: بأن الذي يتهاون في حق وطنه ولو لمرة واحدة يبقى أبد الدهر مزعزع الإيمان وسقيم الوجدان.

26.الخوف الكثير يجلب معه انهيار الإنسان، أما إنعدام الخوف فيأتي باللامبالاة والهلاك وكليهما مرفوضان، فالمطلوب قليلاً من الخوف والذي يشكل الحذر واليقظة الثورية عند المناضل.

27.الإنسان بحاجة إلى سنين طويلة وإموال كثيرة حتى يربي أبناءه ويجعلهم كباراً ومتعلمين، فهذا ما يلزم من أجل أسرة واحدة. فكيف إذا قسنا هذه النسبة مع شعب تعداده بالملايين ومتخلف عن غيره من شعوب الدنيا سياسياً وإجتماعياً وإقتصادياً، فإنه يتطلب نضالاً قاسياً حتى يحصل شعبنا على الحياة الحرة الكريمة ويحصل على كيانه السياسي المستقل من أجل ممارسة حقوقه السياسية والقومية والإجتماعية والإقتصادية والسيادة الوطنية على أرض بلاده كوردستان.

28.يجب على شبابنا أن ينظروا بعين واحدة إلى أنفسهم وما يقدمونه لشعبهم وينظروا بالعين الأخرى إلى شباب الشعوب الأخرى وما يقدمونه لشعوبهم، فنتقدم إذا استفاد شبابنا من نضال شباب الشعوب الأخرى.

29.العقل النيّر والذكي لا يكفي من يتحلى بهما لكي يكون وطنياً، فإذا لم يرافق ذلك حب الشعب والوطن فلن يكون له أي إعتبار في الوطنية، وحب الشعب والوطن يتكون بالنضال الطويل. فلا فائدة وطنية تُرجى من العقل الذكي والنيّر وغير المقترن بالشعور والإحساس الوطني، لذا نرى الكثير من الوطنيين الأميين يخلقون المعجزات في المضمار الوطني، هذه المعجزات من نتاج الشعور بالإنتماء القومي والحس الوطني.

30.ان الثوار أقوى وأثبت من القوات الحكومية الإستعمارية في كل زمان، لأن القوات الحكومية غير مؤمنة بالحرب، وبذلك تنهار مع أول صدام، أما الثائر فهو على العكس لأنه منتقى ومؤمن بقضيته ويعمل بما يمليه عليه شعوره وضميره، وبذلك يكون أثبت وأقوى وأشجع.

31.عندما يهرب الجبناء في الجيوش الإستعمارية من المعركة يضطر رفاقهم الجبناء والشجعان على حد سواء الهروب أيضا بكل تأكيد، وذلك بالضبط كما تنكسر وتنهار وتتهاوى أسنان المشط حينما ينكسر أحد أسنانه.

32.إننا لم نتحرر بعد ويعود ذلك لأننا لم نستطع أن نخلق ظروفاً خاصة ولم نستطع الإستفادة من الظروف العامة كالحرب العالمية الأولى والثانية، والسبب لأن شعبنا لم يكن متهيئاً بعد، فلذا يجب علينا أن نتهيأ للمعركة القادمة حتى لا نخسرها مرة أخرى.

33.يوجد بين صفوف الشعب أفرادا لا يريدون أن يناضلوا لشعبهم ولا يسمحون بنضال غيرهم أيضا، لكي لا يتسنى للمناضلين من كشفهم على حقيقتهم الخيانية، وعملهم للغير هو من أجل المنافع الشخصية. لأن العمل في المضمار الوطني يتطلب التعب والتضحية وهؤلاء يتهربون من التعب والتضحية.

34.في بدء النضال من أجل التحرر الوطني، نحصل على نتائج قليلة بكثير من النضال أما بعد الإستمرار في النضال فنلاحظ أننا نحصل على نتائج كبيرة بقليل من النضال.

35.المياه ساكنة في بحيرة كبيرة، ولكن إذا ما تم فتح ثغرة في مكان مناسب بطرف البحيرة يمكن أن نجعل مياه البحيرة الساكنة تندفع بتيار قوي يحطم في طريقه كل ما يصادفه، وكذلك الأمر بالنسبة للشعوب التي هي صاحبة تلك القوة الجبارة الساكنة، حيث لا تستطيع أن تصيب هدفها إلا بعد قيام المناضلين الوطنيين الأحرار بفتح التيار المناسب في المكان والزمان المناسب.

تجارب وملاحظات العم أوصمان صبري حول الحزب والتنظيم

  1. للتنظيم شرطان : أ – التقيد التام بموعد الإجتماع بـ – دفع بدل الاشتراك بوقته المحدد بدون أن يطالب به.
  2. عندي شعار للرفاق : عندما يأوون إلى فراشهم للنوم أن يتأملوا دقيقتين فقط : الدقيقة الأولى مراجعة النفس بما فعله وحققه في يومه هذا، والدقيقة الثانية للتفكير بما سيفعله غداً.
  3. يجب جعل جميع الناس أصدقاء للحزب ما عدا الخائن وذي السمعة السيئة.
  4. يوجد لدينا رفاق يتعبون كثيراً ويتحملون جميع أنواع المشقات والعذاب، ولكن القدرة على الإقناع لا تتوفر في كل الرفاق وهذا ما يجعل القدرة على إقناع الناس فنا حزبيا رفيعا.
  5. عليك بالحذر، والذي يُسمى بالحياة الحزبية باليقظة الثورية وخاصة من ضم مؤيد غير ناضج للحزب.
  6. يجب أن لا ندع في الصفوف النضالية الأولى الأشخاص الذين يتصفون بالأوصاف التالية : الكذب والأنانية والحقد والتباهي.
  7. بإمكاننا أن نستعين بخبراء وفنيين وعلماء أجانب ولكننا لا نستطيع أن نستعين بخبراء أجانب في السياسة لتسيير سياستنا وتنظيماتنا، فلذا يجب أن نخطط سياستنا بأنفسنا، وإن أخطأنا فإننا سنحرز النصر بالنهاية عن طريق التجربة والخبرة من نضالنا ونضال الشعوب الأخرى.
  8. المرء الذي يصبح صديقاً بعد عداء شديد وقديم لا يؤتمن جانبه، لأنه إذا افترضنا صدقه نكون قد ربحنا صديقاً واحداً أما إذا كان كاذباً وهذا ما يكون غالباً نكون قد خسرنا كثيراً.
  9. يجب أن لا نتسرع بضم الأفراد إلى صفوف الحزب ويجب أن تنضج قابلية هذه الأفراد قبل أن تدخل سلك التنظيم، وذلك بالإتصال الدائم معها. مَثَلُها كمَثَلِ الفاكهة التي إن قطفناها من الشجر قبل نضوجها فهي لا تنضج بعد قطفها.

10.التصرف الفردي يقلل القيمة الحزبية للرفيق.

11.من أجل مقاومة الإضطهاد والحصول على حقوق الشعب يجب أن لا يحيد المناضلون عن شعاراتهم الثلاثة : الثقة بالنفس والإيمان بقوة الشعب وبعدالة قضيته.

12.يجب أن لا يحيد الحزب عن شعاراته الثلاثة : الديموقراطية والتقدمية والقومية.

13.عندما يواجه قطيع من الخراف نهراً في طريقه، يقف خائفاً من العبور، ولكن إذا عبر إثنان أو ثلاثة خرفان النهر، رأيت القطيع كله يعبر النهر كالأسود. وبوجه من الوجوه ينطبق هذا المثل على الشعوب أيضا، أي أنه يجب أن تظهر طلائع ثورية جريئة مستعدة للضحية بين صفوف الشعب لتتمكن الأمة من العبور والوصول إلى أهدافها الوطنية المنشودة.

14.الحركات الإنهزامية التي تدعي الوطنية يكون وجودها ضروري في النضال التحرري لأنها بذلك ستضم الأفراد الانهزاميين، وبذلك تتخلص حركتنا من هؤلاء الانهزاميين. بالإضافة إلى ذلك فإن هذه الحركات الإنهزامية تجعل من الحركة الوطنية أكثر وعياً ونشاطاً وأكثر دقة في تحديد الهدف.

15.يحق للمناضل الحزبي الإعتراض وإبداء الرأي في موضوع ما وقت مناقشة اتخاذ القرار، أما وقت التنفيذ فيجب عليه التنفيذ بدون تأخير أو تردد.

16.إذا جاء أمر قيادي بتنفيذ مهمة من المهمات، فالمناضل الذي يقول إني لا أستطيع القيام به بسبب المرض أو غيره فلا يوجد عليه لوم أما اللوم والإثم الكبير على المناضل الذي يبدي مقدرته على التنفيذ ولا ينفذ.

17.إننا لا نستطيع أن نحرر الشعب وإنما مهمتنا ايقاظه وإفهامه كيف يتم التحرير، عندها هو الذي يحرر نفسه ونحن معه جنباً إلى جنب حتى النصر.

18.لا يتمكن الشعب أن يقدم التضحيات قبل أن نضحي قبله، فنعلمه عدم الخوف من السجون بأن نُسجن، ونُعلمه بأن يقدم إمواله وروحه في سبيل القضية ببذل إموالنا وأرواحنا قبله أيضا.

19.بتقديم التضحية لقضيتنا نكون أبطالاً ووطنيين أما القيادة فهي تحتاج إلى أشخاص لهم مميزات خاصة، وهؤلاء قلائل جداً بين صفوف الشعب.

20.لا بد من وجود عناصر وسخة معادية للحزب وستظل تكيل التهم الباطلة بحساب وبغير حساب، ولا يمكن التخلص منهم بالهروب منهم، والحل للتخلص من مثل هؤلاء القذرين لا يأتي إلا بالعمل والنضال المستمر من أجل أهدافنا الوطنية السامية، لأن النضال سيكسبنا نصراً وعلواً يبعدنا عنهم أشواطاً كبيرة.

21.لا نملك حق المساومة على حقوق الشعب مثل: العمل على الحفاظ على دماء ومال وكرامة الشعب مثل إلغاء مشروع “الحزام العربي” العنصري والقوانين الاستثنائية وفي مقدمتها الإحصاء والسير في طريق السيادة القومية الكوردية. إلا أننا يمكننا أن نقبل بمطلب واحد فقط من مطالب الحزب دون التنازل عن بقية المطالب، وهذا يعتبر مساومة ولكنها إيجابية، ويمكن أن نحصل على مطالب الحزب الأخرى بعد عام أو خمسة أعوام وذلك لأن الحزب حزبنا، أما حقوق الشعب فلا مساومة عليها لأننا لسنا أوصياء على الشعب وإنما نحن اُناس وهبنا أنفسنا لخدمته. فلذا يجب عدم المساومة على حقوق الشعب حتى ولو لم يبق هناك شعب فما قيمة الشعب بدون كرامة وسيادة.

22.لقد علمتني التجارب في الحياة أن لا أحمل سلاحاً إلا وأن يكون جيداً وأن لا أركب حصاناً إلا وأن يكون جيداً، ولا أقتني ساعة إلا وأن تكون جيدة، فإن لم أحصل على مقتنياتي بشكل جيد فلا أقتنيها، فشعاري إما جيد وإما فلا، لأن الحصان والسلاح والساعة غير الجيدة يمكن أن تسبب خسارة كبيرة لا تقدر بثمن… أي أن يكون المناضل الحزبي جيداً أو عدم مرافقته وضمه للحزب.

23.الإنسان يستطيع أن يخطو خطوة كبيرة ولكنه قد يفقد توازنه وكذلك الأمر في الأحزاب فمن الأفضل أن تكون الخطوات ثابتة ولايهم إن كانت صغيرة لأنه سيتبعها خطوات أخرى.

24.يجب على الرفيق عدم معاداة الناس وانتقادهم في كل صغيرة وكبيرة كقاضي القضاة، ولكن يجب أن تكون انتقاداتنا على الأكثر لرفاقنا وأنصارنا من الدرجة الأولى، وأن يكون انتقادنا لأنصارنا بصورة لطيفة أيضا.

25.عندما ينشب خلافا فكريا في حزب ما فلا يمكن أن يعود المتخاصمون فكرياً إلى سابق عهدهم تحت لواء حزب واحد، وإن عادوا فتكون النتيجة قتل فكرة أحد الفريقين أو الإثنين معاً. فبعد الولادة هل يمكن إعادة المولود إلى بطن أمه فإذا فعلنا ذلك فإننا نقتل المولود ولربما أمه أيضا.

26.ليس مكتوباً على جبين أحد بأن هذا شجاع وذلك جبان، وليس مكتوباً بأن هذا وطني وذلك إنهزامي ولكننا نستطيع التمييز بينهم بوسيلة واحدة فقط إلا وهي التجربة. فإذا تبين نتيجة للتجربة بأن شخصاً ما يتحلى بالصدق والشجاعة وملتزم بأقواله ومواعيده فهذا يُمكنّه أن يكون وطنياً.

27.المناضل كالرياضي الذي ينزل الميدان للمباراة، فكما يجب إلا يكون الرياضي مثقلاً بالملابس الكثيفة، كذلك يجب على المناضل إلا يكون مثقلاً بالمصالح الشخصية لأنها ثقيلة جداً بالنسبة للمناضل في كفاحه الوطني التحرري.

28.الوطني لا يبيع رفيقه من أجل المصالح حتى ولو كانت مصلحة وطنية، الوطني لا يبيع وطنه لأجل المصالح الحزبية، أي إن الإنسان ثم الوطن وآخرها الحزب من حيث الأهمية.

29.الجماهير تملك القوة، ويلزمها قرار وإرادة المناضلين حتى يمكن إحراز التحرير.

30.الثقافة والموسيقى تهذبان النفس، أما الوطنية والعبادة فتصقلان الوجدان.

تجارب وملاحظات العم أوصمان حول الأنظمة والآيديولوجيات العالمية:

  1. المبادئ والأنظمة هي كالقمصان التي نرتديها، فكما نحن نحاول ارتداء قميص يناسبنا في الحجم واللون ومن الحماقة تغير لوننا وحجمنا من أجل أن يتناسب مع حجم ولون القميص، فنأخذ من المبادئ والأنظمة ما يناسب شعبنا وليس العكس.
  2. إن الخطوط العامة لسياستنا التي نسير عليها في مرحلتنا هذه، مرحلة التحرر الوطني، هي محاربتنا للإستعمار بجميع أشكاله وصوره وتفضيلنا للإشتراكية على الرأسمالية وكان يقصد العم أوصمان من ذلك تأمين العدالة الإجتماعية ويقصد بمحاربة الإستعمار أي محاربة الكيانات التي تحتل كوردستان.
  3. بما إننا تقدميين نفضل الإشتراكية (العدالة الإجتماعية) على الرأسمالية، لإيماننا بالعقل والعلم، وهذا لا يعني أن نفرض الإشتراكية على شعبنا فرضا لأننا ما زلنا في طور التحرر الوطني.
  4. النظام الإشتراكي وكل نظام آخر يُعد فاشلاً إذا لم يتكيف حسب ظروف البلاد التي سيُطبق فيها ليكون ملائماً لتقاليد الشعب ولغته ودينه وحتى مناخ وتضاريس المنطقة، يقصد العم أوصمان من ذلك إذا اخترنا الاشتراكية فيجب أن تكون اشتراكية تناسب المجتمع الكوردي وإبعاده الحياتية وأن لا تكون مستوردة أو مستنسخة.
  5. إننا نتوقع مصادقة الحزب الشيوعي أكثر من أي حزب آخر، وإننا نمد له يد الصداقة ولكن لن يكون صديقنا إلا حينما نكون أقوياء.
  6. إننا نلتقي مع الشيوعية في عدة نقاط أهمها محاربة الإستعمار وحق تقرير المصير للشعوب ومحاربة الأحلاف العسكرية وتأييد السلام… أما هذا لا يعني الإنسياق وراء تيارهم لأنه لنا طابعنا الوطني المميز وهذه النقاط كلها ننظر إليها من خلال نظرتنا الوطنية والإنسانية.
  7. إذاً لن ننساق بتيار الشيوعية لأنه لنا طابعنا الوطني المميز ولهذا فإن حاربوننا فإننا لن نحاربهم، لأننا بمحاربتهم نخدم الإستعمار عدو الشعوب، فإن حاربونا هم فإنهم يخدمون الإستعمار بذلك.
  8. إننا نقدر الاشتراكية والماركسية لأنها تعتمد على العلم والمنطق، ولكننا لسنا اشتراكيين ولا ماركسيين مثلهم.
  9. إن الشيوعيين السوفييت وغيرهم ينظرون إلى قضيتنا نظرة علمية متفهمة أما الشيوعيين السوريين ما زالت نظرتهم إلينا نظرة أنانية رذيلة، والأرذل منها نظرة الكورد منهم إلى قضيتنا.

10.لقد تبين أخيراً أن الشيوعيين السوريين ينطقون ماركسياً ويناضلون ميكافيلياً.

11.الشيوعيون السوريون أصبحوا بعثيين ماركسيين أما الكورد من بينهم فهم كوسموبولوتيون، أي مواطنون أمميون والانسلاخ من الإنتماء القومي والوطني.

12.عندما نقول إننا نؤمن بالعلم أو العلمية ليس معناه الشيوعية لأن العلم لم يقتصر على الشيوعية فقط.

13.الشيوعيون الكورد سيهاجموننا في المستقبل وبشراسة فيكفي أن نقول لهم فقط وبشكل سلمي ناعم: نحن نعمل من أجل شعبنا ولأنفسنا وكياننا وأنتم تعملون لإرضاء الغير.

14.إن الإستقامة والوجدان ليس لهم وجود في قواميس الشيوعيين السوريين وخاصة الكورد منهم، لأن الشيوعيين العرب يعملون لشعبهم ولتأمين النظام الشيوعي له أما الشيوعيين الكورد فقد باعوا أنفسهم بلا قيد ولا شرط، ولذلك نرى تلك الثقة الكبيرة بالشيوعيين الكورد في الحزب الشيوعي السوري، وبهذا الشكل حق عليهم لقب الكوسموبولوتيين أي اللاوطنيين.

15.إن هنالك أحزاباً تقدمية تعادينا من أجل مصالحها الحزبية والسياسية ومن أجل إبعادنا عن الجماهير الكوردية لكي ينفردوا بقيادتها، وسيهاجموننا بشراسة ولكننا سنرد عليهم بكلمة واحدة: حاقدون، وبلطافة وهذا ما سيقتلهم.

16.الشيوعيون المحليون يعيشون بعقلية ملخصها في أن أي إنسان أو منظمة تقدمية محلية لا تعمل حسب إرادتهم أو إرادة موسكو، فالويل له أو لها وهجوم الشيوعيين المحليين هجوم دعائي سياسي ويصل درجة التآمر أيضا.

17.الشيوعيون يحاربون الحركات الوطنية والتقدمية والشعبية والديموقراطية لأن هذه الحركات ستشاركها أو تنفرد في قيادة الجماهير دونهم ولأن هذه الحركات وطنية لا يستطيع الشيوعيون منافستها في هذا المجال وهي تقدمية وديموقراطية وشعبية وتطالب بالعدالة الإجتماعية التي ينادي بها الشيوعيون أيضا، لقد رأينا في كثير من الأحيان كيف حارب الشيوعيون منظمات وشخصيات تقدمية ووطنية لكي لا يفسحوا لهم المجال لقيادة الجماهير ولكي ينفردوا لوحدهم في تسييرها.

18.الرجعية ليست التمسك بكل ما هو قديم وإنما الرجعية في نظرنا هي كل ما هو جامد، فكثيراً من الأفكار الجديدة جامدة. فما الفرق بين أن نقول أن المسيح ابن الله أو أن نقول أن ستالين أو ماو آلهة فكليهما جمود، الأول قديم والآخر حديث.

19.سألت العم : إن البرجوازي إنسان يعمل لمصلحته الخاصة ضارباً مصلحة الشعب عرض الحائط فلماذا نحكم على إبنه نفس الحكم؟ فإجاب العم : الأفعى تكون سامة وضارة وقاتلة أما إبنها الصغير لا ينفث السم ولكنه ما يلبث أن يضر وينفث سمه ويقتل حينما يكبر.

20.الأغوات والمتصوفون هم سماسرة بين الحكومات والشعوب، سماسرة سياسيين يتلاعبون بمقدرات شعوبهم وإنهم بمثابة الغضب من الله تعالى على الأمم.

21.لا يُعتمد على الأغوات والبورجوازية في النضال غير المسلح ضمن الحركات الوطنية التحررية أما في النضال التحرري المسلح فينقسموا إلى قسمين : قسم ترتبط مصالحهم بالثورة فيعملون معها وقسم ترتبط مصالحهم بالمستعمر فيصبحون في صفوف الخونة.

22.تنظر البورجوازية الكوردية إلى الطبقات الكوردية الكادحة نظرة السيد لعبده، إضافة لهذا فإن الحكومات تنظر إلى البورجوازية الكوردية نظرة السيد لعبده أيضا، وهذا ما كان مؤلماً وعظيم الأثر في نفسية الطبقات الكادحة من شعبنا وهذا ما حدا بها أن تثور على هذا الواقع المرير.

23.لا مجال للشك في أن البورجوازية تعمل لصالحها، والطبقات الكادحة تعمل لصالحها أيضا، فالبورجوازي لا فرق عنده أحصل الشعب على حقوقه أم لا، بل المهم عنده المحافظة على إمواله وأملاكه بشتى الوسائل ولو على أكتاف شعبه. أما الطبقات الكادحة فلا تملك شيئاً كي تخاف عليه من الضياع. الجواب هو أنها تملك القيود، ومن هذا المنطلق تكون الطبقات الكادحة الفقيرة أشد وطنية وأعنف نضالاً من غيرها.

24.الغنى يجلب الرفاهية للإنسان، والنضال التحرري يتطلب التعب والخشونة. ونحن نعلم أن النعومة والخشونة متناقضتان ولا تتفقان.

25.البورجوازي الكبير ضحى ويضحي دائماً براحته ووقته وكرامته وإنسانيته في سبيل الحصول على امتيازات ومصالح مادية وشخصية. فليس غريباً أن نرى البورجوازي لا يضحي بمصالحه هذه في سبيل المصلحة الوطنية وذلك لأن مصالحه الشخصية وامتيازاته هذه قد كلفته كل ما يملك من القيم فمن الصعب أن يضحي بها.

تجارب وملاحظات العم أوصمان حول الحياة الإجتماعية والثقافية:

  1. يجب على المناضلين مراعاة الأخلاق بوجهيها : التي يؤمن بها الشعب والتي نحن نؤمن بها. وعدم التفضيل بينهما وعدم الطعن بهما وبالأولى خاصة.
  2. أنا أؤمن بالله تعالى، وإذا أردت أن تعلم بوجود الله وقدرته فإنظر إلى نفسك.
  3. لا أذكر يوماً أن تزحزح إيماني بالله والحق.
  4. أبغض شئ في الوجود عندي الكذب الذي يؤدي إلى فساد الأخلاق وانهيار المجتمع.
  5. ليس جهلنا في فهم الدين، هو كل السبب في تأخرنا وإنما له سهم في هذا التأخر، وليس النظام الإجتماعي الفاسد هو كل السبب في تأخرنا وإنما له سهم في هذا التأخر أيضا، وأما السبب الرئيسي في تأخرنا عن ركب التقدم والرقي هو تدني مستوى أخلاقنا. فيوجد بين أبناء شعبنا عادات قذرة دنيئة كالكذب والخداع ويجب أن نذكرها ونعترف بها وبصراحة، فتحدث الكثير من الجرائم كالقتل من أجل حفنة من النقود أو التعدي على أعراض الغير. ونرى كذلك الكثير من الولائم لأصحاب المناصب الحكومية للتقرب منهم والتذلل لهم. ولا نجد من العادات الحسنة إلا نادراً، فلا نجد أحداً يقدم على قتل مستعمري شعبه بدل قتل جاره لقاء بضع دريهمات، ولا نجد أحداً يتبرع ولو بشئ زهيد لشعبه المشرد المضطهد بدل صرفها على طاولات القمار.
  6. المال كالخمر، فالخمر قليل منه لا بأس وأكثر بقليل يبسط أما إذا أكثر منه فيرذل الإنسان وكذلك المال.
  7. ألا ننعت إنساناً بأبشع الصفات كالدناءة وغيرها وهو يجلس على مائدة مليئة بالأطعمة، فيأكل وينعم، أمام الأقارب والأصدقاء ولا يقول لأحد منهم تفضل وتناول الطعام. فكيف لا نصف الذين ينعمون بنعم الحياة ولا يقدمون شيئاً بسيطاً من مالهم أو راحتهم لشعبهم، لماذا لا نصفهم بهذه الأوصاف، أليسوا أكثر حقارة ودناءة من ذلك الشخص الجالس على مائدة الطعام ولا يدعوا إليها أصدقاؤه وأقاربه.
  8. يجب أن يتحلى رفاقنا بصفات إنسانية طيبة ولا ضير في أن يكونوا ذوي ثقافة متوسطة وعادية، لأنه ما قيمة شخصٍ عالي الثقافة وبدون أخلاق وإنسانية.
  9. واجب علينا محاربة الذي يعتدي على دم ومال وعرض الكوردي، وأضعف الإيمان أن لا نبني صداقة مع المعتدي.

10.لا عيب في أن يخدم الإنسان والده لأنه بذلك يكون في خدمة أبيه، ولكن إذا لم يخدم أبيه بل خدم شخصاً غريباً فيصبح غلامه وليس إبنه، وكذلك الحال في أمر خدمة الشعوب، فالذي يخدم شعبه يصبح إبناً باراً له، والذي يخدم شعباً غير شعبه يصبح غلامه وعبده.

11.يوجد اُناس يعبدون المال ويوجد اُناس يستهترون بالمال ويضعونه في غير موضعه، ويوجد اُناس يدخرونه ليوم يستفيدون منه بشكل معقول. وكذلك الأمر بالنسبة للأفكار والآيديولوجيات، فمنهم من يعبدها ومنهم من يستهتر بها ومنهم من يسخرها لمصلحة شعبه ووطنه.

12.مهما كان الإنسان متعلماً يظل بحاجة إلى التعلم ومهما كان ذكياً يظل بحاجة إلى مشورة ومهما كان معتركاً الحياة يظل بحاجة إلى تجربة وخبرة.

13.يجب أن نكون مع القوي الشرس أقوى وأشرس منه لكي لا يزيد من شراسته ومع الضعيف يجب أن نكون لطفاء رحماء لكي نكسب تأييده.

14.بالعلم لا تتوسع آفاق البصيرة وإنما تتوضح، فكثير من الناس غير المتعلمين عندهم بُعد نظر أكثر من المتعلمين.

15.في كثير من الأحيان لا يتفق المنطق مع الواقع ، فنرى أن المنطق يتجه في إتجاه والواقع في إتجاه آخر فلنحاول أن نقرب المنطق من الواقع لأننا لا نستطيع الهروب من الواقع.

16.في وطننا المحرر يجب الإهتمام بالمعلم والضابط والمرأة وتقديس مهنة التعليم والفنون العسكرية وجعلها من مهن الدرجة الأولى.

17.إن لغتنا جميلة ورقيقة وغنية ولكنها كحبات المسبحة المنثورة في عدة غرف مظلمة لا نستطيع جمعها إلا بنشر الضوء والنور في هذه الغرف. وهذا النور هو الكيان السياسي المستقل لشعبنا الكوردي.

18.يجب الإهتمام بتعليم المرأة ويجب أن يقتصر تعليمها في المرحلة الأولى على اللغة والتربية الصحية والتربية الوطنية، وإن تكون برامج تعليم المرأة مختلفة عن برامج تعليم الرجل.

19.إذا لم يكن الإنسان مرتاحاً مع أهل بيته سيكون بالتأكيد إنساناً محطماً وحتى لو كان جميع الناس أصدقائه.

20.يجب أن لا يتجاوز عمر الفتاة حين زواجها عن 25 سنة و 30 سنة عند الفتى.

21.إنها لجريمة أن يتزوج رجل عمره ما فوق 40 سنة من فتاة لم تتجاوز الـ 15 سنة.

22.يجب أن يكون بين الزوجين نوعا من الإتفاق وكذلك التقارب في الأفكار والأخلاق.

23.يجب أن يتوفر في الفتاة العقل ثم الأخلاق ثم الجمال وأن يتوفر في الرجل الأخلاق ثم العقل.

24.يفنى الجمال على مر الأيام ولكن العقل ينضج مع الأيام.

25.يجب أن يُسير الطالب الابتدائي تسييراً تاماً من قبل والده والطالب الإعدادي والثانوي يوجه ويراقب، أما الطالب الجامعي يُنتقد. لأن الطالب الثانوي والجامعي لا يمكن إجبارهم على الدراسة، لذا يجب أن تكون بإرادتهم لا بالقوة كما هي الحال في المرحلة الابتدائية.

26.قال لي والد أحد رفاقنا الأثرياء : أريد أن أسألك سؤالاً، فقلت له تفضل، قال : أنت تعبت وناضلت كثيراً لأجل شعبك فلماذا لم تتزوج فتاة من شعبك فقلت له : إن النظام الإجتماعي السئ هو السبب، فقال : كيف؟ فقلت له : أنا لا أملك شيئاً فهل تقبل أن تزوجني إبنتك ، فقال : لا.

27.إسمع من عمك هذا القول وإعلم بأنه من الأعمال الصغيرة تتشكل لدينا أعمالا كبيرة.

تقول الفلاسفة:

فقط الطيور القوية أو الجميلة بمنظرها وصوتها يتم وضعهم في القفص لذلك فقد تم سجن العم أوصمان صبري عشرات المرات لأنه متميزا عن غيره.

ان ما قاله العم أوصمان صبري والدكتور نور الدين زازا والشيخ معشوق الخزنوي والبروفيسور جمال نبز اعظم بكثير مما قاله مارتن لوثر كنغ وغيره من عظماء العالم ولكن المصالح الشخصية والحزبية في مجتمعنا قد قللت من قيمتهم كثيرا.

يجب النضال حسب اقوال عظمائنا والإستفادة أيضا من اقوال مارتن لوثر كنغ وغيره من عظماء العالم.

في العام 1980 بعد الانقلاب العسكري في تركيا إلتجأت الأحزاب الكوردية في شمال كوردستان إلى سورية وكنت مع العم أوصمان صبري نجتمع مع بعضهم ونتجادل ونتناقش حول مستقبل الأمة والحركة الكوردية التحررية وحول كارل ماركس وتروتسكي وماوتسي تونغ وأنور خوجة… إذ كانوا في حالة من الغفوة واليأس، أشبه بحالة أهل الكهف الذين استيقظوا بعد غياب طويل عن مجريات الأحداث في العالم، فسلوكياتهم ونفسياتهم كانت تمثل نفسية وسلوكيات مصطفى كمال أتاتورك، وثقافتهم كانت ماركسية ولكن ماركسيتهم متنوعة فبعضهم كانوا ماركسيين لينيين، وبعضهم ماركسيين تروتسكيين وبعضهم ماركسيين ماويين وبعضهم ماركسيين على خط أنور خوجة الألباني وبعضهم من يقول ماركس وماركس فقط وبعضهم كان يقدس ستالين وإلخ من المسائل التي ليس لها أية علاقة بتحرير كوردستان، وهذا الإختلاف في الأفكار أدى إلى إقتتال  دامي فيما بينهم واستشهاد المئات من أفضل كوادرهم الحزبية قبل الانقلاب العسكري التركي والذي بدوره قضى على ما تبقى من الكوادر الكوردية.

وهنا أريد أن أذكر مثالاً عن هؤلاء وهو حزب “كاوا”، فكان العزيز “محمد مختار بولاد” أحد قادة حزب كاوا، ولم يكن هذا الحزب ولا غيره، على دراية بشئ إلا انهم يعلمون كل صغيرة وكبيرة عن مصطفى كمال وستالين، ولم يكن أعضاؤه يدركون ويعلمون شيئاً عن تطور الحركة التحررية الكوردية ولا عن الشيخ محمود الحفيد ملك جنوب كوردستان في 1919-1924 ولا عن الثورات والانتفاضات التحررية في بقية أجزاء كوردستان.

وكنت والعم أوصمان نحاول إقناع العزيز محمد بولاد بأن الرئيس الالباني أنور خوجة لا يعلم أن هناك أحزاباً كوردية في جبال كوردستان تتقاتل من أجله، وأن مئات الكوادر إستشهدت من أجله أيضا!! وبالرغم من أن قضية أنور خوجة ليست لها أية علاقة بقضية تحرير كوردستان، كنت أعتقد أن نقاشاتنا عقيمة لا تجدي نفعا لأن العزيز محمد مختار بولاد كان كغيره من الحزبيين يعاني من عملية غسل دماغ رهيبة، فهم اُناس طيبون وساذجون جدا لكن أدمغتهم كانت خالية من كل ما يمت إلى الأمن القومي الكوردي أو تحرير كوردستان بصلة والتي هي أعظم شأناً من المصالح الحزبية والإقليمية والآيديولوجية والمنافع السياسية التي يلهثون راكضين وراءها. وقد حزنت كثيراً حينما أقنعنا محمد بولاد وغيره بأن قتل الكوردي لأخيه الكوردي الذي يختلف معه في الرأي جريمة نكراء، نعم حزنت جدا لأن تفكيرهم أصبح تائها ولربما يحتاجون إلى سنوات عديدة من الانفتاح على العالم ليعودوا لوضعهم الطبيعي، فأكثريتهم حينما كانوا يصطدمون بالحقائق والوقائع فيعلموا انهم كانوا يسبحون في بحر من الخيال فغادر معظمهم سورية إلى أوروپا، حيث ألتقيت ببعضهم فيما بعد في سويسرا والسويد.

أجل كانت هذه تجربة فريدة من نوعها وكنت أتمنى لو أني سجلت ما كان يدور في حوارنا خلال تلك الفترة في دار العم أوصمان في دمشق والتي كانت تستمر أحيانا حتى بعد منتصف الليل وكان العم أوصمان يهدأ حيناً ويثور أحياناً وكان صوته ينخفض ثم يعلو وكأنما في معركة كر وفر تتأرجح فيما بين الحياة والفناء… وكنت حينما ألتقي بهذه النخب من الشعب الكوردي، وهم في هذه الحالة من السلبية البعيدة كل البعد عن المصلحة القومية للأمة الكوردية، كنت أتساءل إذا كانت النخب الواعية من شعبي هكذا، فما هو حال الناس العاديين، ولكن العم أوصمان لم يكن يقطع الأمل أبدا في مهمته في شرح وأيضاح الامور الهامة والغائبة عنهم ويبث فيهم روح اليقظة والوعي بأساليب وطرق عقلانية ومنطقية ومن خلال أمثلة وخبرة وتجارب عملية للعم أوصمان والتي لا حدود لها.

في الوسط العم أوصمان صبري وكنت على يمينه والعزيز محمد مختار بولاد على يساره أحد أعضاء قيادة حزب كاوا في شمال كوردستان في العام 1980 في منزل العم أوصمان صبري بدمشق.

منذ 1982 أصبحت بعيداً عن العم أوصمان صبري ولم تتح لي الفرصة في أن اجتمع به أو ألتقيه أو الاستماع إلى أحاديثه القومية والوطنية من بعد ذلك، ولكني كنت على إتصال روحي دائم به وبما قمنا به سوية، وبمواقفه القومية التي تعتبر بحق مدرسة للقومية الكوردية وبالإضافة إلى جديته وتشدده في مواقفه القومية تجاه محتلي كوردستان إلا انه مع شعبه كان يمتاز بروحه المرحة ودماثة خلقه وإبتسامة الرضى والثقة التي كانت تومض على وجهه البشوش حتى في أحلك وأقسى الظروف هذه الصفات الرائعة كانت تعطينا نحن تلاميذه الكثير من القوة والعزيمة، ولا أنكر بإن الكثير من مواقفي القومية قد اقتبستها منه.  فالكبير والصغير كان يجله ويحبه ولا أحد يمله أو يجافيه لأن العم أوصمان كان يمثل الأمة في شخصه ومدرسة قومية كوردية عالية المستوى في تجاربه.

إن مواقف العم أوصمان صبري القومية ونضاله المتميز تجعله في مصاف القادة الكورد الاسطوريين، لذا فإن حياة العم أوصمان قد بدأت بوفاته وسيذكره الشعب الكوردي على مر الزمان ولن تنتهي حياته على الاطلاق…

في السنوات الأخيرة من حياة العم أوصمان وبعد أن توفيت زوجته المناضلة أم هوشنك وسافر كل من أبنائه هوشنك Hosheng  وهوشين  Hoshîn وهفال Heval وبناته هنكور Hungûr وهيفي Hêvî إلى البلاد الأوروپية والأ‌مريكية وزواجهم هناك…  وبقي العم أوصمان مع إبنته كوي Kewê  التي بقيت إلى جانبه لوحدها حتى آخر لحظة من حياته لتقوم في خدمته وبذلك اعطت مثالاً نادراً لنكران الذات، وكانت ترفض الزواج لتبقى إلى جانبه في تأمين احتياجاته اليومية، ولم تتزوج إلا بعد وفاة العم أوصمان في 11-10-1993.

إن العم اوصمان صبري حالة خاصة جدا لا يمكن أن تتكرر:

وخلال نضالي لم اجد احدا من قادة الكورد الذين التقيتهم من هو يرقى إلى العم اوصمان صبري فقد كان العم اوصمان مقاتلا شجاعا لا يهاب الموت وإشترك في العديد من الثورات الكوردية في الوقت الذي تهرب الكثيرون من ميدان القتال انظر إلى مذكراته وكيف تم الإتفاق ان تعبر ثلاثة مجموعات من الپيشمرگه الحدود السورية إلى تركيا لتخفيف الضغط عن ثورة أرارات ولكنه كان الوحيد الذي عبر الحدود… كما كان العم اوصمان صبري سياسيا ومفكرا من الطراز الاول من أجل حاضر ومستقبل الكورد وهذا واضح في كتاباته واشعاره فيقول في كتابه باهوز الذي كتبه قبل أكثر من سبعين عاما:

Çi ramanekî kevin çi ramanekî nuh me grêde ewe kolî, ewe wendabûn

 أي (ان اية عقيد قديمة أو اية عقيدة جديدة تقيدنا هي العبودية وهي الضياع) ان العم اوصمان صبري كان في القمة في كل شئ.

وبالرغم من شيخوخة ومرض العم أوصمان إلا أنه إستمر بعطائه استاذاً ومرجعاً وطنياً ولغوياً لكل من طلب استشارته. وهكذا يمكننا القول بأن العم أوصمان كان رائداً قوميا وسياسياً للأمة الكوردية ومن الذين شاركوا في الحركة الوطنية الكوردستانية في مراحلها الأولى وعاصر بفعّالية نادرة جميع مراحلها، وإن رحيله خسارة عظمى للشعب الكوردي في جميع أنحاء كوردستان وستبقى ذكراه وآثاره بقاء جبال جودي وحمرين وبشتكو.

رحمة الله عليه وأسكنه فسيح جناته

في 11-10-1997 أقامت جمعية غرب كوردستان ندوة بمدينة لندن بمناسبة الذكرى الرابعة لوفاة القائد والمربي الكبير العم أوصمان صبري الذي توفي في الحادي عشر من تشرين الأول عام 1993

الندوة تحت عنوان:

العم أوصمان صبري قائداً ومربياً وأديباً قومياً كبيرا

جمعية غرب كوردستان تدعوكم إلى حضور الندوة الخاصة لإحياء الذكرى الرابعة لرحيل ساكن الجنان الزعيم الكوردي الكبير العم أوصمان صبري:

الذين تحدثوا في الندوة كل من :

الدكتور جمال نبز

الدكتور عصمت شريف وانلي

الاستاذ حمرش رشو

الدكتور محمود عثمان

الاستاذ محمد ملا أحمد

الدكتور ممد جمو

الاستاذ هوشنگ أوصمان صبري

الاستاذ جواد ملا

صورة لبعض المشاركين في ذكرى العم أوصمان صبري:

من اليمين: گلباران وشيركو عابد والدكتور عصمت شريف وانلي وجمال علمدار والدكتور محمود عثمان وهوشنگ صبري ومحمد ملا أحمد وكمال ميراودلي وحمرش رشو وخديجة زين علوش وجواد ملا وشيركو زين علوش ورشيد والدكتور خليل مراد ومصطفى زين علوش وممد جمو وإبنه آپو.

في 15-11-2000 طبعت مذكراتي مع العم أوصمان صبري والتي كتبتها كلمة كلمة من فم العم أوصمان خلال لقاءاتي معه خلال فترة ستينيات القرن الماضي وحينما غادرت سورية في العام 1969 حملت معي أوراقي التي فيها أقوال العم أوصمان ومواقفه التي شاهدت بعضها لأني كنت مسؤولا عن تنظيم منطقية دمشق في الحزب الديمقراطي الكوردي والعم أوصمان كان رئيسا للحزب ويقيم في دمشق فكنت ألتقيه أكثر من لقائي مع أهلي… وحينما تعرفت على الدكتور جمال نبز في برلين في العام 1969 وضعت أقوال العم أوصمان عند الدكتور جمال خوفا عليها من الضياع وعلى أمل في يوم أقوم بطباعتها لأني في حينها قررت العودة للوطن… وبعد سنين طويلة تزيد على الثلاثين عاما زارني الدكتور جمال في لندن وقال لي لقد جئتك بهدية فقلت له ما هي فقال كلمات العم أوصمان… لقد سررت جدا بها وكانت البداية لطباعة مذكراتي مع العم أوصمان صبري وكان سروري أعظم في أن يكتب الدكتور جمال نبز مقدمة مذكراتي مع العم أوصمان، أي إني في مذكراتي مع العم أوصمان جمعت العمالقة قادتي وأساتذتي وأحبائي العم أوصمان والدكتور جمال في كتاب واحد

صورة غلاف كتابي: مذكراتي مع العم أوصمان صبري:

في 23-11-2012 زرت ضريح العم اوصمان صبري حيث لا يستطيع الإنسان إلا الخشوع والركوع أمام عظمته… ألف رحمة عليه

جواد ملا في لحظات خشوعه أمام ضريح العم أوصمان صبري

العم أوصمان صبري في شبابه

 

جواد إبراهيم ملا: عظماء الأمة الكوردية: والدي ابراهيم الملا والعم أوصمان صبري والبروفيسور جمال نبز أحد العظماء السبعة الذين أسسوا كاژيك والجنرال مصطفى البارزاني (4/1)

جواد إبراهيم ملا: الضباط الجواسيس (3)

جواد إبراهيم ملا: مهمات القيادات الكوردية الحزبية (2)
جواد إبراهيم ملا: نقاط هامة في سيرتي الذاتية وكفاحي (1)

هذه المقالات مقتطفات من مجموعة كتب للكاتب جواد ملا على الرابط التالي

مجموعة كتب لـ جواد إبراهيم ملا “سيرتي الذاتية وكفاحي من أجل استقلال كردستان”

شارك هذه المقالة على المنصات التالية