لا ديمقراطية ولا قضية كردية في عرس وطني!
زاوية نقاط على حروف*
السلطة الجديدة في دمشق منذ ثلاثة أشهر تطالبنا بالصبر وانتظار الأفضل، ولكنّها كانت مستعجلة في سلق «الحوار الوطني» وعقده عبر «مهرجانات محلية» ألقيت فيها الخطابات والأشعار ومؤتمر على شاكلة «عرس وطني» مبرمج تحت سيطرة الجهة الداعية ولجنتها التحضيرية ذات اللون الواحد، وبدون أيّ دور ميسر من فرق الأمم المتحدة في دمشق، وبعد ساعات من نقاشات مفتوحة، أعلنت مخرجاته في بيان ختامي إيجابي ولكن العديد من فقراته حمّال أوجه، ويفتقر إلى الوضوح في عدة قضايا، وتجنّب ذكر مفاهيم الديمقراطية والتعددية السياسية ونظام الحكم وهوية الدولة والتنوع الإثني والديني، ومهام الجيش والأمن، أو تناول قضايا الكُـرد والمكوّنات القومية ولغاتهم وثقافاتهم، وغيرها.
كيف نسميه «حواراً وطنياً شاملاً في سوريا» وتمّ إقصاء كافة الأحزاب والكتل السياسية ومنظمات المجتمع المدني، والمجتمعات المحلية في مناطق الإدارة الذاتية داخل مدينة حلب وشرق الفرات، من المشاركة فيه، واُختير أشخاص كُـرد مقرّبين من الاحتلال التركي؛ ولم يجري المؤتمر وفق آليات تفضي إلى تمثيل حقيقي لكافة مناطق ومكوّنات الشعب السوري وقواه السياسية والمجتمعية، وبمدد زمنية كافية.
السلطة عقدت مؤتمراً وفق رؤيتها الأحادية، ولم تلزم نفسها بمخرجاته، بل هي توصيات حسب ما أكّدتها لجنتها التحضيرية مراراً، فيما قيل في الختام أنّ البيان «يمثل عهداً وميثاقاً وطنياً تلتزم به كافة القوى الفاعلة»!… لا ندري أية قوى يقصدون، إذا كانت السلطة غير ملزمة وأعضاء المؤتمر أفراد لا يمثلون أي كيان؟!
لم يتبنى المؤتمر الديمقراطية نهجاً للدولة، على غرار خطابات حكّام سوريا الجدد، باعتبارها شكل عصري للدولة الحديثة لا لبس فيه، وتحظى بقبول أكثرية السوريين، ونموذج ناجح للكثير من الدول… فهل هي صناعة «بلاد الكفر» وفجور وخروج عن الدين، حتى استبعدت نهائياً؟!… تعبير «دولة القانون والمؤسسات» لا يشكل بديلاً عنها، لا سيّما أنّ أي نظام استبدادي أيضاً يضع القوانين ويشكّل المؤسسات حسب هواها، مثلما فعل النظام السوري السابق بوضع قوانين التأميم والطوارئ والإرهاب والجرائم الالكترونية والقانون /49/ لعام 1980 والاحصاء الاستثنائي في الحسكة عام 1962 والحزام العربي في الجزيرة والتعريب وغيره، وشكّل ما سمي بـ«مجلس الشعب» و «مجلس القضاء الأعلى» وغيره.
وتجنب المؤتمر مناقشة نظام الحكم مركزي أم لامركزي، رغم أنّ طيفاً واسعاً من السوريين يفضلون اللامركزية لضمان حقوق كافة مناطق ومكونات سوريا، وقطعاً مع الماضي المركزي الاستبدادي، فلا تعني تقسيم البلاد أو الانفصال عنها.
الطامة الكبرى كانت إقصاء المكوّن الكردي كثاني أكبر قومية في البلاد، والتجاهل التّام للقضية الكردية باعتبارها قضية وطنية بامتياز.
لا يمكن تحقيق الأمن والاستقرار والسّلم الأهلي وبناء الدولة الحديثة، دون حوار حقيقي وفعّال بين السوريين، بأوسع مشاركة تمثيلية، للوصول إلى توافقات وأسس عمل مشترك حول كافة القضايا… أم سنسير وفق مقولة «من يحرر يقرر».
————
* جريدة “الوحـدة” – العدد /347/ – 1 آذار 2025م – الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=64003