من وثائق الصراع على الجزيرة عام 1937- 5- خالد عيسى

كوردأونلاين |

 

لقد بدأ القلق يعم في الأوساط العلوية و الدرزية و الكاثوليكية والكردية و التركية بتصاعد القوة السياسية للنخبة السنية العروبية وحلفائها في المعمورة السورية، أي في دمشق و حمص و حماه و حلب.
كانت مطالبة الكتلة الوطنية بالاستقلال السوري تعني بالنسبة لقسم كبير من النخب غير السنية و النخب غير العربية، التخلي عن المطالب المحلية و القومية و الثقافية للشرائح التي كانت تمثلها هذه النخب، و الخضوع للإدارة العروبية السنية في المعمورة السورية.
منذ الاتفاقية التي تم عقدها في عام 1936 بين السلطات الفرنسية و الكتلة الوطنية، تم تقليص الحكم الذاتي لسكان المناطق العلوية و الدرزية. وازداد المد السني العروبي ضمن الإدارة المدنية السورية، ولحق بالكرد و بمناطقهم غبن كبير.
بينما ازدادت عمليات تهميش النخبة الكردية، استطاعت النخبة التركية في أنطاكيا من تمكين مواقعها، و بالاعتماد على الدعم التركي تم في عام 1937 إعلان دولة هتاي في تلك المنطقة. بعد أن تمكنت الكتلة الوطنية مساومة شرائح من النخب المسيحية و الدرزية و العلوية مقابل مكاسب في السلطة المركزية، ضعفت قوة التيار القومي الكردي ولم يتم قبول رموزه في الحياة السياسية كممثل للشعب الكردي.
بدأ الصراع الداخلي قوياً في جميع المناطق خارج المعمورة، بين القوى التي كانت تريد الحفاظ على هوياتها المحلية و القوى التي كانت تريد إلحاق هذه المناطق بالنفوذ السني العروبي المدعوم من قبل الانكليز و القوى العربية و السنية الخارجية.
نترجم في هذه الحلقة الوثيقة التي تتضمن المعلومة رقم 3516 التي أرسلها، في 16تموز 1937، مدير الأمن العام، المفتش العام للشرطة، إلى وزارة الخارجية الفرنسية في باريس. و نرفق صورة عن الوثيقة المذكورة.
****
الأمن العام
بيروت في 16 تموز 1937
معلومة رقم 3516
أمن القامشليه، 10-7.
الحركة الانفصالية (الداخل)
في السابع من الشهر الجاري، حوالي الساعة الخامسة و النصف صباحاً، انتفض سكان القامشليه ضد الحكومة. تم فوراً إغلاق الأسواق و بدأ السكان بإطلاق النار بالبنادق على السراي.
كل عناصر الجاندارمه و الشرطة، و هم محبوسين في السراي، لم يردوا. استمر إطلاق النار حتى الساعة الخامسة مساءا. كان الشباب يتظاهرون باستمرار في الشوارع منادين: ” عاشت فرنسه يسقط الاستقلال السوري”.
توقف إطلاق النار بناء على تدخل سلطات الأمن حوالي الساعة 17، تم منح سكان القامشليه مهلة خمسة أيام لدراسة مطالبهم. لا يزال السكان مسلحين بانتظار جواب السلطات. الأسواق مغلقة، وتجري إشاعات باستمرار تفيد بأن العشائر العربية ستهاجم القامشليه لمساندة الحكومة المحلية، ولكن لم يقع أي هجوم حتى الآن.
القلق شديد. يسعى الآن أنصار القوميين (العرب- المترجم) إلى تحريض المشاعر الدينية لدى زعماء العشائر، فان نجحت سيكون الصراع جدياً.
ستبقى السراي مغلقة خلال الأيام الخمسة من الهدنة. يتم الحفاظ على الأمن من قبل السلطات العسكرية. و من الممنوع على الجاندارمه و الشرطة التجول مع سلاحهم.
في الحسجه، الوضع نفسه. لقد تم قتل أربعة من عناصر الجاندارمه في السابع من تموز 1937.
في القامشلية، لا توجد لا قتلى و لا جرحى، ولم ترد عناصر الجاندارمه على النيران التي أطلقت على السراي، فاكتفوا بالدفاع عن أنفسهم بدون استخدام بنادقهم.
ينتظر السكان بقلق نهاية الهدنة التي تنتهي في يوم الاثنين الواقع في الثاني عشر من الشهر الجاري.
خاتم و توقيع
مدير الأمن العام
المفتش العام للشرطة
****
يتبع

شارك هذه المقالة على المنصات التالية