إينسايت: عام على جريمة جنديرس.. إفلات من العقاب وأحكام غير قابلة للتنفيذ
عمليات القتل في الحادثة ظهرت للعلن كونها حدثت في الشارع، على عكس انتهاكات خطيرة أخرى بقيت طي الكتمان لأنها جرت في المنازل والمعتقلات المغلقة.
السخط الشعبي دفع هيئة تحرير الشام لمحاولة التدخل في المنطقة، وحاول كل من الجيش الوطني والائتلاف المعارض إظهار الحادثة “كاستثناء”،
ويخلص هذا التقرير إلى أن العوامل السابقة نفسها لم تنتج في نهاية المطاف العدالة للضحايا وذويهم، بل إنها أبقتهم في خانة المهددين بالانتهاكات كما كان حال الضحايا قبيل مقتلهم.
وبغرض إعداد التقرير أجرى فريق Insight 9 مقابلات عبر الإنترنت, من بينها شهادة أحد أفراد العائلة، وثانية لأحد سكان الحي، وثالثة لمحامٍ ناشط في القضايا الحقوقية بعفرين، بالإضافة إلى حقوقيين وناشطين آخرين، واعتمد على شهادات ووثائق حصل عليها سابقاً ولها علاقة بمجريات القضية, بالإضافة إلى تحليل موادٍّ من المصادر المفتوحة المتعلقة بالحادثة والتي تم نشرها في الفترة الممتدة من آذار 2023 إلى آذار 2024.
وتخضع منطقة عفرين، ومن ضمنها جنديرس، لسيطرة فصائل الجيش الوطني السورية المدعومة من تركيا والموالية لها منذ اجتياح تركيا المنطقة عام 2018.
ووثقت تقارير حقوقية محلية ودولية ارتكاب هذه الفصائل انتهاكات مختلفة بحق السكان الأصليين الكرد، ترتقي لتكون جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية, كالقتل والاعتقال التعسفي والتعذيب والاغتصاب والاستيلاء على ممتلكات المدنيين، من بينها تقرير “كل شي بقوة السلاح” لمنظمة هيومن رايتس ووتش[1]، وقبلها دراسة “عفرين خمس سنين حاجة ظلم” التي أصدرت من قبل عدد من المنظمات المحلية والدولية.[2]
قتل عمد:
قتل عناصر لفصيل جيش الشرقية، المنضوية ضمن حركة التحرير والبناء أحد تشكيلات الجيش الوطني السوري الذي تدعمه تركيا، ليلة 20 آذار/مارس 2023، أربعة أفراد من عائلة واحدة أثناء إيقاد أحد أفرادها شعلة فوق سطح منزلهم في جنديرس التابعة لعفرين احتفالاً بقدوم نوروز.
وبعد عام من الحادثة، ما يزال بعض مرتكبي القتل والمسؤولين عنه لم يخضعوا للمساءلة والمحاسبة ، بينما يعيش ذوو الضحايا في وسط مشبع بالتشدد الديني والتمييز العنصري، وهي الظروف ذاتها التي أدت لمقتل ذويهم.
وفقد الشقيقان نظمي عثمان (53 عاماً) وفرح الدين عثمان (45 عاماً) وابنه محمد فرح الدين (19 عاماً) حياتهم على الفور، وفي وقت لاحق من الليلة نفسها توفي المصاب محمد عثمان (38 عاماً)، بينما نجا طفل مصاب يبلغ من العمر 15 عاماً.[3]
وبالعودة إلى مجريات الحادثة وبالاعتماد على بعض المصادر المفتوحة, أكد الشهود وذوو الضحايا أن الجناة أطلقوا النار من مسافات قريبة، بالإضافة للتأكد من مقتلهم والتمثيل بالجثث.[4]وكانت إصابات الضحايا بالطلقات في الصدر والوجه والرقبة[5]، ما يؤكد نية القتل العمد.
كما اختلفت وتناقضت المعلومات التي عرضتها حركة التحرير والبناء التي يتبعها الجناة وفصيلهم “جيش الشرقية”، من حيث القول إن الجناة مدنيون من المنطقة الشرقية للبلاد، والاعتراف بأن السلاح المستخدم هو حربي، ووجود عسكريين تابعين لهم في المكان.[6]
وفي وسط السخط الشعبي والاحتجاجات التي حدثت في المنطقة عقب الحادثة والتخبط الذي تبعه ضمن صفوف فصائل الجيش الوطني, طلبت السلطات من العائلة الاستعجال بدفن الضحايا بإشراف الدفاع المدني، ووضعوا الجثامين على رصيف المشفى العسكري في عفرين.[7]
لجأ ذوو الضحايا لمنطقة تتبع إدلب الخاضعة لهيئة تحرير الشام”جبهة النصرة سابقاً” ونقلوا الجثامين إليها, ليعودوا إلى جنديرس بعد ساعات مع دعم عسكري من الهيئة التي حضر قائدها أبو محمد الجولاني مع عناصر له تشييع الضحايا يوم 21 آذار/ مارس، مهدداً الفصائل بالتدخل.
في حين كانت هناك تحركات غامضة ومفاوضات تجرى ضمن مبنى الشرطة العسكرية في تلك الأثناء بحسب أحد الشهود, ليعلن بعدها الفصيل اعتقال ثلاثة من مرتكبي الجريمة وآخرين فيما بعد.[8]
وفي 17 كانون الثاني/ يناير 2024، أصدرت محكمة الجنايات العسكرية في بلدة الراعي بريف حلب أحكاماً بالإعدام على بعض المتورطين في الجريمة، وذلك في منطقة لا تخضع لرقابة على السجون والمحاكم.
وشمل الحكم عقوبة الإعدام بحق المتهم بلال العبود بجناية القتل القصد، والحكم بالإعدام على المتهمين “عمر الأسمر وحبيب الخلف وعبد الله العبد الله” بجناية الاشتراك بالقتل قصداً.
وأصدرت المحكمة أحكاماً بالسجن ثلاثة أشهر، على كل من المتهمين “صدام المسلط وعلي الضبع وأحمد الحواس وفادي المصطفى”، بجنحة إخفاء شخص يعرف أنه اقترف جناية أو ساعده على التواري عن وجه العدالة، وبراءة المتهم علي جيجان الخلف لعدم كفاية الأدلة.
جانٍ أفلت من المساءلة والمحاسبة
حصلت Insight ، في اتصال عبر الواتس آب، على شهادة من أحد أفراد العائلة ، طلب إخفاء هويته خشية التعرض لأفعال انتقامية.
وقال الشاهد إن العائلة تلقت تهديدات طيلة العام رغم أنها أصبحت أخف وطأة مطلع العام الحالي 2024، وأن مسلحي فصيل “جيش الشرقية” بعثوا برسائل عبر وسطاء لتسوية القضية لقاء مبلغ مالي، لكن العائلة رفضت وطالبت بحقها في محاكمة القتلة.
وقدمت العائلة أدلة وشهوداً على أن علي الخلف هو المتورط الأساسي في جريمة القتل، ولم تقدم أدلة على تورط الباقين، رغم ذلك كان الحكم بالبراءة لعلي الخلف المكنى “أبو حبيب”، بحسب الشاهد.
يضيف الشاهد: “عندما وقعت الحادثة، توجه الضحية محمد عثمان إلى مكتب الشكاوى (ضمن مقر فصيل جيش الشرقية) في الحي الذي تقيم فيه العائلة، لكن تم غدره من الخلف على يد أبو حبيب، هذا إضافة إلى أن محمد عثمان تم قتله بالرصاص وبالسكين والأثر كان موجوداً على الرقبة قبل دفن الجثمان”.
ونقلت مصادر أخرى وجود أربعة شهود في قاعة المحكمة أفادوا بإطلاق علي الخلف (أبو حبيب) النار تجاه الضحايا.[9]
ويعلل الشاهد تبرئة علي الخلف بأنه “توجد دولة خلفه (يقصد تركيا)، فلا قانون يطاله بينما يطبق السجن مباشرة على السكان الكرد والعائدين منهم لمنازلهم وممتلكاتهم”.
وتؤكد الشهادة التي حصلت عليها Insight أن أحد مرتكبي حادثة القتل تم تبرئته بالرغم من توفر الأدلة والشهود, لكن المحكمة برأته وأدعت أن الأدلة غير كافية.
تهديدات مستمرة لذوي الضحايا:
لم تحصل العائلة على أي ضمانات سلامة أو دعم استشاري أو قانوني لحضور جلسات المحكمة، بحسب الشاهد الذي اعتبر ذهاب ذوي الضحايا لبلدة الراعي بمثابة “وضع دمهم على أكفهم من جديد”.
واعتبر أن الموقف المُهدِّد بالقتل في الساحة أمام منزلهم مستمر حتى الآن، عائلة بلا سند في مواجهة مسلحين ينتمون لفصيل يسيطر على المدينة وهو جزء من الجيش الوطني المهيمن المدعوم من دولة هي تركيا.
وكان اثنان من مرتكبي القتل قد وجها عبارة “عبدة النار” للضحايا قبيل قتلهم، ما يدل على التشدد الديني والعنصري.[10]
وفي تموز/ يوليو الماضي، نشرت قناة Ark مقطع فيديو لمسعفين من منظمة بهار ينقلون اليافع نظمي أشرف عثمان (16 عاماً)، وهو ابن شقيق الضحايا، بعد اعتداء مسلحي فصيل جيش الشرقية عليه.[11]
وفي آب/ أغسطس، انتشرت، على مواقع التواصل الاجتماعي، شهادة لعمة الشاب نفسه تشرح تعرضه لتهديد ثانٍ بالقتل بعد رفضه فتح قفل هاتف بيده، ثم التقطوا صوراً له بعد الاعتداء.[12]
وتنقل الشاهدة عن الشاب المعتدى عليه أنه سأل المعتدين عن سبب تصويره، فردوا أنهم سيرسلونها لأبو علي (والمقصود الرائد حسين حمادي أبو علي، قائد فصيل جيش الشرقية).
وتقدمت العائلة بشكوى إلى الشرطة العسكرية حول الاعتداء الذي طال ابنها والتهديد الذي يتعرض له، ورغم وعود من مستقبلي الشكوى بأنهم سيتمكنون من اعتقال المعتدين خلال أيام، إلا أن الشكوى بقيت دون جدوى.
يضيف الشاهد: “حتى بعد شهرين من تاريخ تنفيذ المجزرة، كان هناك من يزور العائلة ويبدون مساندتهم، لكن من بعدها بات الناس يخشون حتى إلقاء السلام عليهم”.
وما يزال مسلحو فصيل “جيش الشرقية” الذي ينتمي له الجناة يسكنون في الحي ويمرون جيئة وذهاباً من أمام منازل الضحايا.
تتعرض عائلة “بيشمرك” التي فقدت أربع من أفرادها عشية نوروز2023, للتهديد المستمر بالانتقام منذ وقوع الحادثة في ظل غياب رقابة وحماية لهم وإمكانية إفلات مرتكبي الجريمة من العقاب.
وينص إعلان المبادئ الخاصة بحماية ضحايا الجريمة والذي اقرته لجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1985، الفقرة د من البند 6، على :”اتخاذ تدابير ترمي إلى الإقلال من إزعاج الضحايا إلى أدنى حد وحماية خصوصياتهم عند الاقتضاء وضمان سلامتهم فضلاً عن سلامة أسرهم والشهود المقدمين لصالحهم من التخويف والانتقام”.
لكن بحسب تصريح الضحايا وذويهم فإنهم ومنذ وقوع الجريمة يقبعون بحالة خوف وتهديد بالرغم مما حاق بهم من آلام نفسية على فقدان أحبتهم ومعيليهم.
محكمة الراعي:
أوقفت الحكومة السورية عمل مؤسساتها الرسمية، بما فيها القضائية، في المناطق التي خرجت عن سيطرتها منذ احتجاجات العام 2011 وما تبعها من نزاع مسلح.
وأنشأت المعارضة محاكم في مناطق سيطرتها بدعم تركي، اعتمدت على قضاة، بعضهم شرعيون (يحملون إجازة في الشريعة الإسلامية)، لتطبيق القوانين السورية بمرجعية دستور سورية لعام 1950.[13]
في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2018، حضر مراسم افتتاح القصر العدلي في بلدة الراعي والي كلس التركية محمّد تكين أرسلان، ونائبه فهمي سنان نياز، والنائب العامّ في كلس التركيّة ظفر كاراجا أوغلو، بالإضافة لمسؤولين محليين من المجلس المحلي وعسكريين من المعارضة السورية.
واعتُبر القصر العدلي بمثابة المحكمة المركزية ومرجعية المحاكم في مناطق سيطرة المعارضة المدعومة من تركيا.[14]
لكن كما أن مراسم الافتتاح، تشير متابعة الأحكام الصادرة عن المحكمة ومآل القضايا التي بتت فيها لخضوعها لتأثير الفصائل المسلحة والسلطات التركية.
وفيما يتعلق بالأحكام الصادرة بحق مرتكبي قتل أفراد العائلة في جنديرس، يرى المحامي جبرائيل مصطفى، الرئيس المشترك لاتحاد محامي إقليم عفرين للإدارة الذاتية سابقاً، أن “الحكم شكلي في محاولة لخداع ذوي الضحايا والمنظمات الحقوقية”.
ويضيف مصطفى: “محكمة الراعي لن تنفذ الحكم لأن تنفيذ عقوبة الإعدام يستوجب حسب القوانين الوطنية الحصول على إذن جهات قضائية حكومية”.
وأصدرت محكمة الراعي أحكاماً بالإعدام على حوالي 100 شخص، لم يتم تنفيذ أي من تلك الأحكام.[15]
وفيما يتعلق بعقوبة السجن، يشير المحامي إلى أن السجون في الراعي وأعزاز وغيرها من المناطق التي تسيطر عليها تركيا وفصائل المعارضة السورية لا تخضع لرقابة، “لا يسمحون بدخول مراقبين لأي منظمة حقوقية”.
وتشير حوادث نقل سوريين إلى الأراضي التركية لمحاكمتهم، وهو إجراء غير قانوني، إلى خضوع المحاكم للإرادة التركية.[16]
وحصلت Insight على شهادة زوجة مفقود في سجون الفصائل منذ العام 2019، أخبرها المحامي أنه لا يمكنه الاستمرار في البحث عن زوجها لأن السلطات التركية أوقفت عمله لثلاثة أيام بهدف إنذاره للتوقف عن قبول قضايا مسجونين كرد بقوا دون محاكمات ودون كشف مصيرهم، لأن تركيا تعتبرهم إرهابيين.
تقول زوجة المفقود: ” قال المحامي إنه مضطر لحذف أرقام اتصالنا وترك القضية”.
كما تلقت عائلة المفقود نفسه اتصالاً من أشخاص ادعوا أنهم من عناصر الجيش الوطني، طالبوا فيها بمبالغ مالية كفدية أو يتم تسليمه للاستخبارات التركية.
وخصصت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقريرها “كل شيء بقوة السلاح”، الصادر نهاية شباط/ فبراير 2024، فصلاً بعنوان “محاكمات معيبة” لعرض طريقة تعامل القضاء العسكري للحكومة المؤقتة مع قضايا يكون طرفاً منها كردياً.
القضاة قادة سابقون في الجيش الوطني بالإضافة لتعيين آخرين بالتنسيق مع المخابرات التركية، بحسب رايتس ووتش.
“تفتقر هذه المحاكم العسكرية إلى الاستقلالية والحياد والالتزام بالإجراءات القانونية الواجبة، حيث يخضع القضاة للقيادة العسكرية والأوامر العليا”.[17]
وقال أربعة أشخاص لهيومن رايتس إنهم أبلغوا القضاة عن تعرضهم للتعذيب، لكنهم لم يفعلوا شيئاً، ونصح أحد القضاة ضحية اغتصاب أن تسكت حفاظاً على سمعتها، وقال قاض آخر لضحية تعذيب إنه لا يستطيع سجن الجاني لأنهم سينتقمون منه.
يقول الشاهد الأول (من أفراد العائلة) إن الجميع نصحوا ذوي الضحايا بالذهاب للمحكمة، لكنهم لم يقدموا أي مشورة لهم.
وبخصوص أمله في الانتصاف يضيف: ” لا توجد حقوق إنسان في عفرين”.
وتبقى البيئة العامة في المناطق الخاضعة فصائل الجيش الوطني مشجعة على التطرف والتمييز العنصري ضد السكان الكرد أرضية لمزيد من الجرائم والانتهاكات، لا سيما مع عوامل الإفلات من العقاب، أبرزها أن القضاة والسجون تخضع لجهة عسكرية ينتمي لها المدانون.
ونقل أحد السكان الكرد في الحي، لـ Insight أنه سمع عن تلقي فصيل جيش الشرقية أوامر بإقامة احتفال شكلي هذا العام 2024 بعيد نوروز، كطريقة أخرى لخداع الرأي العام الحقوقي والإنساني.
يقول الشاهد: “ذلك لتبييض صفحتهم، فهم لم يكونوا يسمحون حتى بإيقاد شمعة في الأعوام السابقة”.
وبحسب ما وثقناه قتل مسلحون يتبعون فصائل الجيش الوطني في عفرين ، خلال العام 2023 بالرصاص وبشكل عمد، 8 أشخاص على الأقل، كما أصيب 19 آخرون بالطريقة نفسها وذلك بحسب ما وثقته Insight.
إن التمييز العنصري والتشدد ضد ثقافة ولغة ومعتقدات السكان الأصليين والأقليات في المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل الجيش الوطني المعارض تدفع لممارسات واعتداءات مختلفة, منها جريمة جنديرس التي قتل فيها 4 أشخاص من العائلة ذاتها بسبب احتفالهم بطقس من طقوسهم الاجتماعية والقومية.
تحليل قانوني
بالاعتماد على التحليل القانوني لمحامٍ متابع للقضية من أجل التقرير الذي أعدته Insight , فإن الحكم صدر بالاستناد إلى قانون العقوبات السوري الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 148 لعام 1949.
وشمل الحكم عقوبة الإعدام بحق المتهم بلال العبود وفق نص المادة 535 عقوبات بجناية القتل القصد المرتكب تسهيلاً لفرار مرتكب جناية، والحكم بالإعدام على المتهمين “عمر الأسمر وحبيب الخلف وعبد الله العبد الله” وفق نص المادة 535 عقوبات بدلالة المادة 212 عقوبات بجناية الاشتراك بالقتل قصداً، والحكم على كل من المتهمين “صدام المسلط وعلي الضبع وأحمد الحواس وفادي المصطفى” بالسجن ثلاثة أشهر بجنحة إخفاء شخص يعرف أنه اقترف جناية أو ساعده على التواري عن وجه العدالة، بحسب المادة 221 عقوبات عام، وبراءة المتهم علي جيجان الخلف لعدم كفاية الأدلة.
رغم صدور الحكم بالإعدام وفق مواد قانون العقوبات السوري، ولكن توجد إشكالية قانونية لتنفيذ حكم الإعدام، فقد نصت المادة 43 من العقوبات، لا ينفذ حكم بالإعدام إلا بعد استطلاع رأي لجنة العفو وموافقة رئيس الدولة، ونصت المادة 461 أصل محاكمات جزائية عند صدور حكم الإعدام يحيل وزير العدل أوراق الدعوى حالاً على لجنة العفو مرفقة بتقرير النائب العام لدى المحكمة التي أصدرت الحكم فتنظر فيها وتبدي رأيها في اقتضاء إنفاذ عقوبة الإعدام أو إبدالها بغيرها وذلك خلال خمسة أيام على الأكثر.
في النص القانوني، تنفذ أحكام الإعدام بعد تصديق قرار الإعدام من قبل محكمة النقض، ويتم إرسال ملفات الأحكام إلى لجنة العفو الخاص في وزارة العدل، والتي يتم تشكيلها من قبل رئيس الجمهورية بمرسوم، وتكون مهمتها دراسة الملفات و تقديم الاقتراح لرئيس الجمهورية إما لإنفاذ الأحكام أو لاقتراح العفو، ويكون رأيها غير ملزم لرئيس الجمهورية، لذلك يعتبر رئيس الجمهورية، حسب نص المادة 43 قانون عقوبات و المادة 454 و 461 أصول محاكمات جزائية، صاحب القرار الأخير، وحيث أن وزارة العدل في للحكومة السورية المؤقتة لا يوجد بتشكيلها لجنة العفو الخاص كونه لا يوجد منصب رئيس الجمهورية، كون تعيين قضاة لجنة العفو الخاص وفق مرسوم يصدر عن رئيس الجمهورية بصفته رئيس مجلس القضاء الأعلى، ما يجعل الحكم بالإعدام غير قابل للتنفيذ لاستحالة إتمام الإجراءات القانونية التي نص عليها قانون العقوبات وقانون أصول المحاكمات الجزائية لتنفيذ عقوبة الإعدام.
التوصيات
للقضاء المحلي:
- ينبغي للقضاة أن يضمنوا أن جميع المحاكمات تجرى وفقاً وفقاً لنصوص المواد القانونية النافذة من حيث الإجراءات والأحكام وبإنصاف دون تدخل أو تأثير من فصائل الجيش الوطني أو السلطات التركية على الأحكام الصادرة.
- يجب على القضاة التأكد من أن الأحكام التي تصدر من المحكمة تتماشى مع القوانين والمواثيق الدولية ، الضامنة لحقوق الضحايا والمتهمين في محاكمة عادلة.
- يجب على القضاة أن يعملوا على تحقيق العدالة بدون أي تمييز عنصري أو سياسي، ويجب أن يتم التعامل بمساواة مع جميع الأفراد أمام القانون بغض النظر عن أصولهم أو انتماءاتهم السياسية.
- يجب على الكوادر القضائية والمحامين العامين التعاون مع المنظمات الحقوقية المستقلة والسماح لها بمراقبة ومراجعة دور القضاء لتقصي مدى احترام حقوق الإنسان وتحقيق العدالة.
- إتاحة المرجع القضائي المختص بمخاصمة القضاة ممن يثبت تقصيرهم بمحاباتهم وتبرئتهم للجاني علي الخلف دون الأخذ بما يدينه، وإعادة محاكمته كفاعل رئيسي في الجريمة المذكورة.
للمجتمع الدولي:
- المطالبة بتحقيق مستقل وشامل: ينبغي على على مجلس حقوق الانسان المطالبة عبر جهازي الأمم المتحدة (مجلس الأمن والجمعية العامة) المطالبة بإجراء تحقيق مستقل وشامل في الانتهاكات والجرائم المرتكبة في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني المدعومة من تركيا.
- ينبغي على المجتمع الدولي ممارسة الضغط على الدولة التركية الداعمة للجيش الوطني المسيطر لضمان إجراء محاكمات عادلة وحماية المدنيين من أي تمييز قومي.
- ينبغي على المجتمع الدولي المطالبة بمحاكمة القادة والمسؤولين عن ارتكاب الجرائم إلى العدالة للاختصاص العالمي أينما حلوا، ومحاكمتهم أمام المحاكم الدولية المعنية بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
إلى لجنة التحقيق الدولية:
- على لجنة التحقيق أن تقوم بإجراء تحقيق شامل ومستقل في جميع الانتهاكات والجرائم المرتكبة في المناطق المعنية، ومآلات الأحكام القضائية الصادرة فيها.
- ينبغي على لجنة التحقيق توثيق جميع الأدلة والشهادات المتعلقة بالانتهاكات والجرائم المرتكبة، وضمان حماية الشهود والمعتقلين.
- على لجنة التحقيق تقديم التوصيات اللازمة بناءً على نتائج التحقيق للمجتمع الدولي والجهات المعنية لضمان تحقيق العدالة ومنع تكرار الانتهاكات في المستقبل.
- على لجنة التحقيق نشر نتائج التحقيق في الجرائم والانتهاكات المرتكبة بكل شفافية وضمان المساءلة والمحاسبة.
لتحميل الملف بصيغة PDF انقر هنا
مراجع
[1] هيومن رايتس ووتش: كل شيء بقوة السلاح
[2] سوريون من أجل الحقيقة والعدالة: عفرين خمس سنين حاجة ظلم
[3] قناة أورينت: نساء من ذوي الضحايا يروينَ تفاصيل جريمة جنديرس ويُطالبن بالقصاص من القتلة
[4] أورينت: طفل يروي شهادته للحظة مقتل والده على يد عناصر من ميليشيا “جيش الشرقية” في جنديرس
[5] هيومن رايتس: سوريا: مقاتلون مدعومون من تركيا يقتلون 4 مدنيين أكراد
[6] تلفزيون سوريا: لقاء خاص مع قائد حركة التحرير والبناء حول جريمة جنديرس
[7] منصة تارجيت: إحدى قريبات ضحايا جنديرس تكشف تفاصيل صادمة عن مقتل الشبان الأربعة.
[8] حركة التحرير والبناء: بيان مرئي 21 آذار يظهر ثلاثة متهمين.
[10] تقرير لجنة التحقيق الدولية 11 أيلول/سبتمبر- 6 تشرين الأول/أكتوبر 2023
[11] Ark nuce: مجموعة مسلحة تعتدي وتعذب الشاب نظمي أشرف عثمان في مدينة جنديرس بريف عفرين
[12] نداء عاجل بخصوص الاعتداءات على عائلة “بيشمرك” في مدينة جنديرس بريف عفرين المحتلة
[13] تصريح لوزير العدل في الحكومة المؤقتة
[14] المونيتور: بدعم من الحكومة التركيّة… افتتاح القصر العدليّ في الراعي
[15] عنب بلدي: الراعي.. ما تفاصيل الهجوم على محكمة قررت إعدام خمسة متهمين
[16] لجنة التحقيق الدولية أيلول/ سبتمبر 2020: نقل المتهمين السوريين لتركيا
[17] هيومن رايتس: كل شيء بقوة السلاح
المصدر: إينسايت
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=39229