البيشمركة: رموز الشجاعة والتضحية في قلب باريس

صبحي دقوري

إنه يومٌ لا يُنسى في تاريخ الشعب الكردي، يومٌ تجلت فيه معاني الفخر والشجاعة، حيث زار الرئيس مسعود بارزاني العاصمة الفرنسية باريس ليشهد مراسم تكريم تاريخية تمثلت في تسمية ممر في إحدى حدائقها الشهيرة باسم “البيشمركة”. إن احتفاء دولة بحجم فرنسا بتضحيات البيشمركة لا يُعتبر مجرد حدث عابر، بل هو اعتراف عالمي بالبطولات التي خاضها هؤلاء الأبطال في مواجهة الإرهاب.

في كلمته المقتضبة، نقل الرئيس بارزاني رسائل هامة للعالم بأسره، مشددًا على أن الكورد ليسوا شعبًا يرضى بالظلم. لقد أثبت الكورد أنهم قادرون على مواجهة التحديات الكبرى، حيث دفعوا ثمن حريتهم غاليًا، متمثلًا في دماء أكثر من اثني عشر ألف شاب من مختلف المكونات في إقليم كوردستان. لم تكن هذه المعركة دفاعًا عن الكورد فحسب، بل كانت دفاعًا عن القيم الإنسانية التي يناضل من أجلها العالم المتحضر. من هذا المنطلق، يستحق الشعب الكردي أن يعيش في دولته المستقلة، دولة تضمن له كرامته وحقه في الحياة.

ومما أضفى عمقًا إنسانيًا على هذه الزيارة، كانت الصورة المؤثرة للبيشمركة الجريح الذي عاد من معارك الجبل، ورغم أن قدميه لم تعودا قادرتين على السير، إلا أن روحه القتالية لا تزال متقدة. لقد كان وجوده في هذا الاحتفال بمثابة رسالة قوية عن صمود الشعب الكردي وإرادته الحية. وعندما مسح الرئيس بارزاني برفق على رأس الجريح وأعرب عن إعجابه ببطولته، كانت تلك اللحظة تجسيدًا للحب والاحترام الذي يكنه الشعب الكردي لجنوده الأبطال، وللذكريات التي يحملونها من ساحة المعركة.

خطوات الرئيس الواثقة وهو يتخطى الدرجات إلى منصة الاحتفال كانت تعكس ثقة كبيرة في المستقبل، وتؤكد أن النضال من أجل الحرية لن يتوقف، بل سيستمر حتى تحقيق الأهداف التي يسعى إليها الكورد. إن هذا التكريم في باريس هو بمثابة صرخة في وجه الظلم واعتراف بعزيمة شعب يحمل في قلبه آمالاً كبيرة.

في الختام، إن احتفال باريس بتضحيات البيشمركة ليس مجرد تكريم، بل هو دعوة لكل العالم للاعتراف بحقوق الشعوب في تقرير مصيرها. إن الكورد، بشجاعتهم ومقاومتهم، قدموا درسًا في الإنسانية والتضحية، ومن خلال هذه الزيارة، أثبتوا أن صوتهم سيصل إلى كل أرجاء المعمورة، وأنهم لن يتراجعوا عن المطالبة بحقوقهم المشروعة.

Scroll to Top