منذ ست سنوات تعيش النساء في مخيم واشو كاني مرارة التهجير القسري من سري كانيه (رأس العين) في روج آفا (شمال شرق سوريا)، لتجدن أنفسهن في مواجهة معاناة يومية بين خيام مهترئة لا تقي حر الصيف ولا برد الشتاء، تبدأ رحلتهن مع الفجر ولا تنتهي إلا بالعطش والتعب.
في مخيم “واشو كاني” الواقع على بعد 12 كيلومتراً شمال مدينة الحسكة، تعيش 2156 أسرة يبلغ تعداد أفرادها نحو 116,276 شخصاً، وفق آخر الإحصاءات. هؤلاء هم المهجرون قسراً من مدينة سري كانيه التي احتلتها تركيا ومرتزقتها في تشرين الأول عام 2019، ويعانون في ظروف صعبة جداً، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة ونقص المياه.
مع أولى ساعات الفجر، تستيقظ حسينة محمد العلي، البالغة من العمر خمسة وأربعين عاماً، لتقف عند خزانات المياه في المخيم مترقبة وصول صهاريج المياه. منذ ست سنوات، وهي تكرر هذه الطقوس اليومية، رحلة عطش لا تعرف نهايتها.
تقول المهجرة قسراً حسينة العلي بحزن وهي تنظر إلى الخزان الفارغ: “منذ سنوات ونحن نعيش أزمة نقص المياه، إلى جانب مرارة التهجير القسري من منازلنا وأراضينا. تكمن المشكلة في أن كثيرين يمدون خراطيم من الخزانات إلى خيمهم، فلا يتبقّى لنا شيء”.
وعلى مقربة منها، تتحرك زهرة إبراهيم، الخمسينية التي أنهكها المرض والتعب، وهي تحمل جالونات المياه الثقيلة تحت أشعة الشمس. ابتسامتها المرهقة لا تخفي صوت أنينها وهي تقول: “أعاني من مشكلات صحية كثيرة بسبب نقل المياه. الطريق طويل والجالونات ثقيلة، لكن لا خيار لنا، حياتنا مرتبطة بهذه الجالونات”.
ومع اشتداد حرارة الصيف، تتضاعف المعاناة، فالقاطنون في المخيم يعتمدون على المكيفات الصحراوية لتخفيف لهيب الحر، ما يزيد الطلب على المياه بشكل يفوق المتوفر.
أما المهجرة سناء العلي (30 عاماً) فتقف أمام خيمتها متعبة بعد ثاني رحلة من نقل المياه، تروي قصتها بصوت متقطع بين الشكوى والأمل: “الكثير من الخيم لا يوجد قربها خزانات، نضطر لنقل المياه لمسافات طويلة، ورغم كل هذا لا تكفي الكمية لحاجتنا من شرب وغسيل وتشغيل المكيفات. نطالب بزيادة الخزانات وكميات المياه”.
وبين أصوات النساء وأحلامهن بمياه تكفي حاجة أطفالهن، أوصلت مراسلات وكالتنا هذه المطالب كما عبّرت عنها نساء المخيم إلى إدارة المخيم، حيث أوضحت الإدارية في اللجنة الخدمية كزيفان حسو جانباً من القصة.
وقالت كزيفان حسو: “بسبب نقص دعم منظمات المجتمع المدني، قلّت كميات المياه في مخيم واشو كاني. نحن بحاجة ماسة لمساعدة المنظمات الدولية والإنسانية لزيادة نسبة المياه والخزانات”.
وهكذا تظل الحكاية مفتوحة، نساء يقفن على أبواب الخزانات بانتظار قطرة حياة، وإدارة تترقب دعماً قد يأتي أو لا يأتي، فيما يزداد العطش يوماً بعد يوم داخل مخيم واشو كاني المثقل بالحرارة والهموم.
ANHA
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd-online.com/?p=75316