اليساري الكردي: قراءة أولية في ما يسمى (الإعلان الدستوري)
بيان:
أصدر رئيس الإدارة الانتقالية في سوريا السيد أحمد الشرع بتاريخ 13/3/2025، ما سمي بالإعلان الدستوري الذي يتألف من مقدمة و /53/ مادة، وبقراءة مقدمة وبنود هذا الإعلان فإن جملة من الحقائق والمواقف تصدم القارئ، ومنها:
1- إن لجنة صياغة وإعداد هذا الإعلان تابعة للإدارة الانتقالية، وبذلك تكون الإدارة الانتقالية قد تفردت في إخراج هذا الإعلان، ولهذا أيضاً جاء الإعلان الدستوري من لون واحد، ويحصر كل شيء في سوريا في رؤية ولون واحد.
لم يدع لإعداد هذا الإعلان أية جهة سياسية أو ثقافية أو اجتماعية من خارج منظومة الإدارة الانتقالية للمشاركة في صياغة هذا الإعلان الدستوري بالرغم من أن الشعب السوري والمجتمع السوري هو شعب ومجتمع متعدد ومتنوع قومياً وثقافياً ودينياً ومذهبياً، ولهذا نعتبر هذا الإعلان غير شرعي ولا يتفق مع مبادئ الديمقراطية والتعددية وإرادة أغلبية الشعب السوري، ويكرس هيمنة جهة واحدة على الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية في سوريا.
2- فرض هذا الإعلان الفقه الإسلامي (المذهب السني) كمصدر رئيسي للتشريع، وهو ما يقوض الحريات العامة والفردية، ويجعل حقوق المواطنين مقيدة وفق رؤية فكرية ودينية واحدة، ويسيء إلى الأديان والمذاهب الأخرى، إضافة إلى قمع التيارات السياسية والفكرية المتنوعة التي يعج بها المجتمع السوري.
3- حصر الإعلان الدستوري دين رئيس الدولة بالإسلام (المذهب السني) وهو ما يناقض حقيقة تنوع الشعب السوري، ويشكل تقويضاً لحقوق أبناء الشعب السوري من غير المسلمين ومن المذاهب الإسلامية الأخرى، ونرى أنه يحق لكل سوري مهما كانت قوميته ودينه وعقيدته الوصول إلى رئاسة الجمهورية إذا حصل على 51% من أصوات السوريين في انتخابات حرة ونزيهة.
4- خلا الإعلان الدستوري من كلمات ومفاهيم الديمقراطية والدولة المدنية والحقوق المتساوية، وهذا ما يشكل ضربة موجعة لكل السوريين الذين ثاروا على النظام السابق تحت شعارات الديمقراطية والمساواة، ودولة القانون والمواطنة الحقة، كما يشكل مدخلاً للدكتاتورية والاستبداد ويتناقض مع مسارات التطور في العالم المتحضر، خاصة أن الديمقراطية ليست أسلوباً للعمل فقط، وإنما تكتسب قيمة بذاتها تنعكس مباشرة على حرية الشعب ومعيشته، كما أنها ركن أساسي في التطور البشري، والتداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع، وإغفالها لا يعني فقط التنكر لتلك القيم والمفاهيم، وإنما يشكل موقفاً إيديولوجياً للإسلام السياسي ويرفض العلمانية، كما يعيدنا إلى سلطة الحاكم الفردية.
5- تعمد الإعلان الدستوري عدم الإفصاح عن طبيعة نظام الحكم في سوريا، والنظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد، وينبع ذلك من حقيقة أن الإدارة الانتقالية في سوريا تمهد لفرض حكم الإسلام السياسي، وهو ما يرفضه أغلبية أبناء الشعب السوري.
6- تعمد الإعلان الدستوري عدم ذكر المكونات السورية القومية والدينية والمذهبية، كالعرب والكرد والسريان والآشوريين والأرمن والشركس والتركمان والشيشان، وكذلك الأديان المسيحية والإيزيدية واليهودية والطوائف السنية والعلوية والشيعية والدرزية والإسماعيلية. إن عدم ذكر هذه المكونات في الإعلان الدستوري يعني إنكار التعددية القومية والدينية والمذهبية، بينما كانت الضرورة تقتضي ذكرها وتعدادها لكي تطمئن تلك المكونات على وجودها وحقوقها.
7- يؤكد الإعلان الدستوري على تسمية الدولة السورية بالجمهورية العربية السورية، ويدل ذلك على إصرار الإدارة الانتقالية بعدم الاعتراف بالمكونات السورية الأخرى، وحصر اسم الدولة تحت اسم مكون واحد فقط هو المكون العربي.
8- خلا الإعلان الدستوري من النظام السياسي المتمثل في النظام اللامركزي، وهذا يؤكد على توجه الإدارة الانتقالية وإصرارها على النظام المركزي على غرار حكم حزب البعث والحكومات الأخرى التي تعاقبت على الحكم في البلاد وتغول المركز على الأقاليم، وبالتالي عدم الاعتراف بحقوق المكونات السورية التي من حقها أن تدير نفسها بنفسها وتحمي حقوقها القومية والديمقراطية.
9- إن تحديد الفترة الانتقالية بـ /5/ سنوات مدة طويلة جداً، تكرس حكم الحكام الجدد كما تكرس حكم الفرد والاستبداد والدكتاتورية.
10- إن بقاء صلاحيات رئيس الجمهورية مفتوحة وعدم وضع ضوابط وحدود لصلاحياته هو الاستبداد والدكتاتورية بعينها.
في إطار هذه الرؤية للإعلان الدستوري، نرى أنه غير شرعي، ومرفوض سياسياً واجتماعياً وثقافياً، ويشكل انتكاسة لكل تضحيات السوريين من أجل الحرية والديمقراطية وعدالة توزيع الثروة والكرامة، كما يعيد إنتاج الاستبداد والسلطة المطلقة ويعطل الحياة السياسية في البلاد، كما يعطل مسار التحول الديمقراطي ويعمق الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في سوريا، خاصة أن هذا الإعلان الدستوري يأتي من طرف واحد بعيداً عن نتاج توافق وطني حقيقي.
سوريا هي وطن لجميع أبنائها، ولن نرضى بإعادة النظام الاستبدادي
المجد والخلود لجميع شهداء الحرية
14/3/2025
اللجنة المركزية
للحزب اليساري الكردي في سوريا
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=64986