غادر الرئيس الأمريكي جو بايدن أمس السبت المملكة العربية السعودية بعد تأكيده لقادة دول الخليج وثلاث دول عربية أخرى خلال لقائه بهم في جدة أن واشنطن “لن تتخلى” عن الشرق الأوسط.
وفي كلمة أمام الرؤساء والملوك والمسؤولين الممثلين لست دول خليجية بالإضافة إلى الأردن ومصر والعراق، شدد بايدن على أنه أول رئيس أمريكي يزور الشرق الأوسط دون أن يكون الجيش الأمريكي منخرطا في حرب في المنطقة منذ هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001.
وقال بايدن “لن نتخلى (عن الشرق الأوسط) ولن نترك فراغا تملؤه الصين أو روسيا أو إيران”. وأضاف “اسمحوا لي أن أختتم بتلخيص كل هذا في جملة واحدة: الولايات المتحدة ملتزمة ببناء مستقبل إيجابي في المنطقة، بالشراكة معكم جميعا، ولن تغادر” تحت تصفيق الحاضرين.
وقال بايدن إن الولايات المتحدة ستظل شريكا فعالا ومتعاونا في الشرق الأوسط وحث الزعماء المجتمعين في قمة عربية بجدة السعودية على رؤية حقوق الإنسان باعتبارها قوة كبيرة للتغيير الاقتصادي والاجتماعي.
وفي كلمة ألقاها قبل بداية القمة، قال بايدن للزعماء العرب “الولايات المتحدة تستثمر في بناء مستقبل إيجابي للمنطقة بالشراكة معكم جميعا”.
ويسعى بايدن لبدء فصل جديد في انخراط الولايات المتحدة في الشرق الأوسط على أمل تجاوز الصراعات العسكرية الأمريكية السابقة، والحث على احترام الشؤون الداخلية لكل دولة بالمنطقة مع السعي في الوقت نفسه إلى التكامل الاقتصادي والدفاع المشترك وسط مخاوف بشأن إيران.
وكان بايدن قد عقد السبت لقاءات منفصلة مع كل من الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ودعاه لزيارة واشنطن، ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي والرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي.
واستهدفت رحلة بايدن التي استمرت أربعة أيام إلى إسرائيل والسعودية، وهي الأولى له إلى الشرق الأوسط منذ توليه الرئاسة، إعادة العلاقات مع عملاق النفط العربي الخليجي والتأكيد على التزام الولايات المتحدة تجاه المنطقة ومواجهة النفوذ المتزايد لإيران وروسيا والصين.
وعلى الرغم من أن بايدن غادر الشرق الأوسط دون الحصول على تعهد فوري من السعودية بزيادة إنتاج النفط أو دعم الجهود الأمريكية لإنشاء محور أمني في المنطقة من شأنه أن يشمل إسرائيل، فإن الرحلة لم تخل من المكاسب.
ستظل المصافحة بقبضة اليد بين بايدن والأمير محمد أمام القصر الملكي في جدة بمثابة الصورة المميزة لهذه الزيارة التي استغرق الترتيب لها عدة أشهر. وكان مسؤولو البيت الأبيض منقسمين بين مكافأة الأمير محمد بهذه الزيارة والتذمر من الشكل الذي ستبدو عليه.
وتصدّر السلام بالقبضتين بين بايدن وبن سلمان الصفحة الأولى لصحيفة “واشنطن بوست”، فوصفه مديرها التنفيذي ب”المخجل”.
ورفض بايدن، في رده على الصحفيين في البيت الأبيض بعد عودته من أول رحلة للشرق الأوسط منذ توليه الرئاسة، رواية وزير الشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير عن أنه لم يسمع بإلقاء بايدن اللوم على ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مقتل خاشقجي كاتب العمود بصحيفة واشنطن بوست والمنتقد الشديد لسياسات بلده السعودية.
ورد بايدن بالنفي على سؤال عما إذا كان الجبير يقول الحقيقة في روايته لما دار بين بايدن والأمير.
وقال الجبير إن ولي العهد قال لبايدن إن المملكة تعمل على منع تكرار أخطاء مثل قتل خاشقجي وإن الولايات المتحدة ارتكبت أخطاء كذلك.
وأضاف الوزير لقناة فوكس نيوز الإخبارية يوم السبت إنه “لم يسمع هذه العبارة بالتحديد” التي يلقي فيها بايدن باللوم على ولي العهد.
وقال مسؤول سعودي كان حاضرا الاجتماع إن تبادل الحوار لم يكن كما وصف بايدن وإن المناقشات المتعلقة بخاشقجي تمت قبل اجتماع رسمي وبصورة غير رسمية.
وأضاف المسؤول أنه لم يسمع الرئيس يقول لولي العهد إنه يحمله مسؤولية قتل خاشقجي.
ورد بايدن على سؤال عما إذا كان نادما على التعامل بشكل مباشر مع الأمير محمد بن سلمان يوم الجمعة قائلا “لماذا لا تتحدثون عن أمر مهم؟ سأكون سعيدا بالرد على أسئلة عن أمور مهمة”.
وجاء بايدن إلى السعودية على أمل إقناعها بزيادة إنتاج النفط من خلال أوبك، لكن المملكة تمسكت باستراتيجيتها التي تقضي بضرورة العمل في إطار تحالف أوبك+، الذي يضم روسيا، وعدم التصرف من جانب واحد.
وكانت واشنطن تتطلع إلى مساعدة المملكة، أكبر مصدّري النفط الخام، في خفض أسعار النفط التي تهدّد حظوظ الديموقراطيين في الانتخابات النصفية في تشرين الثاني/نوفمبر.
وكان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أعلن رفع الطاقة الإنتاجية لبلاده إلى 13 مليون برميل يومياً بحلول العام 2027.
شهدت الزيارة تحسنا طفيفا في العلاقات بين السعودية وإسرائيل بعد أن قالت الرياض إنها ستفتح مجالها الجوي أمام جميع شركات الطيران مما يمهد الطريق أمام مزيد من رحلات الطيران من وإلى إسرائيل.
اعتبر بايدن إعلان هيئة الطيران السعودية رفع قيود التحليق عن “جميع شركات الطيران” المدنية، مّا مهّد الطريق للطائرات الإسرائيلية باستخدام المجال الجوي السعودي، “قرارا تاريخيا”. وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لبيد إنه “الخطوة الرسمية الأولى للتطبيع مع السعودية”.
لكن الأمير فيصل بن فرحان أكد في مؤتمره الصحافي السبت أن الخطوة “غير مرتبطة” بإسرائيل و”ليست في أي حال من الأحوال تمهيدا لخطوات لاحقة”.
وكالات
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=5952