الجمعة, أكتوبر 18, 2024
آراء

بشرى علي: استفتاء… قصف… احتلال…

انتهى الاستفتاء على النظام الرئاسي في تركيا في 16 نيسان الجاري. لكن تداعياته ابتدأت معه، بحيث يمكننا القول: إنَّها بداية النهاية وفي واقع الأمر، فإن النظام الرئاسي الاستفرادي الاستبدادي مبتدئ فعلياً منذ مدة في تركيا، وقد تكرس إلى حد ما بعد محاولة الانقلاب الفاشلة الأخيرة في أواسط العام الماضي. ومن هذه الناحية، فإن الاستفتاء، وأياً كانت نتائجه، كان لن يلعب دوراً أبعد من إضفاء الشرعية على طموح السلطنة والخلافة لدى أردوغان في شرعنة الاستفراد بالحكم والتحكم بجميع مفاصل الدولة ومؤسساتها على اختلافها، لإطالة عمره كأول رمز تركي يحطّم قدسية الرمز الأتاتوركي ويخلفه.

رغم ذلك، فلا أعتقد أن الرياح ستجري بما يشتهيه الديكتاتور التركي المتعجرف. فنظرية “الهندسة الاجتماعية” قد أثبتت فشلها في الكثير من البلدان والأحداث. وللتاريخ روحه الخاصة. فهو يمهل ولا يهمل. والمجتمع أيضاً كذلك. إننا الآن أمام انقسام حاد في الرقعة التركية. والاستفتاء الأخير إن دل على شيء جديد، فهو يدل على أن الانقسام ليس كردياً – تركياً، بقدر ما هو انقسام موالاة ومعارضة، تحتوي كل واحدة منها على مختلف شرائح المجتمع، مع فارق أن المعارضة هي بريادة كردية بامتياز.

مر أسبوع على الاستفتاء، وقراءة خاطفة لهذا الأسبوع الحافل بالأحداث على الصعيد التركي، جديرة بتصوّر ملامح السياسة التركية لِما بعد الاستفتاء إن صح التعبير، حيث القصف التركي المتواصل على مناطق الدفاع المشروع (قنديل) منذ يوم الاستفتاء نفسه حتى اللحظة، وتمديد حالة الطوارئ بعد انتهاء الاستفتاء بيوم، وتكاثف عملية حشد القوات العسكرية التركية بكل عتادها في باشور كردستان في هذا الأسبوع بوتيرة ملحوظة، واللقاءات والاجتماعات السرية المنعقدة بغرض إعادة ترتيب الفصائل التي بايعت السلطان التركي في الداخل السوري، والاستعداد بالتالي لاستهداف المقاومة الكردية في روج آفا والشمال السوري وفي منطقة الشهباء.

كل ذلك يشير بوضوح إلى المطامع الأردوغانية الجديدة القديمة في المنطقة، ويدلل بوضوح أكبر على أسباب إصراره على استصدار الـ”نعم” من “الصناديق”، دونما الاكتراث بالخروقات القانونية والانتهاكات المريعة في ظل حالة الطوارئ. الهدف واضح: تذليل كل العقبات الموجودة على درب السلطان الديكتاتور الأوحد، لأجل الاستمرار بتطبيق مخطط الإبادة والإنكار والتصفية الشاملة بحق الكرد بوتيرة أعلى، وتحت مسمى “مكافحة الإرهاب”!!!

صدرت الـ”نعم” ولكن بخجل، رغم كل الألاعيب وعمليات التزييف وتبديل الصناديق، ورغم التهجير والوعيد والترغيب وغيره. لكن صوت الـ”لا” كان أكثر وقعاً من الناحية السياسية، وأقوى تأثيراً من الناحية النفسية؛ على الموالين والمعارضين، داخلياً وإقليمياً ودولياً…

وربما تكون هذه بدايةً لأجل “لا” كبيرة مدوية في وجه أردوغان والسياسة الديكتاتورية الفاشية العدائية التي تقتات من تأليب الشعوب والإثنيات والقوميات والمذاهب على بعضها البعض… وأعتقد أنها بداية لأجل “لا” مؤثرة في توازنات المنطقة برمتها لصالح الشعوب والمعارضة الديمقراطية، وصفعة قوية في وجه كل مَن عوّل على القمع والاستبداد، أولهم “رجب طيب أردوغان” وكل مَن عوَّل وما يزال يعوّل عليه، وستكون بداية النهاية لأجل الـ”نعم” للسلطان الديكتاتوري الفاشي… وبداية جميلة ربيعية لأجل الشعوب…
“روناهي”

الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين

شارك هذه المقالة على المنصات التالية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *