حول حصار حيي الشيخ مقصود والأشرفية في حلب تزامنًا مع مرور ستة أعوام على احتلال مدينتي سري كانيه (رأس العين) وگري سبي (تل أبيض)

بيان إلى الرأي العام

في مثل هذا اليوم، التاسع من تشرين الأول/أكتوبر عام 2019، شنّت القوات التركية، وبمشاركة مباشرة من فصائل مسلّحة تابعة لما يُعرف بـ”الجيش الوطني السوري”، عدوانًا واسع النطاق على مدينتي سري كانيه (رأس العين) وكري سبي (تل أبيض) شمال سوريا، مستخدمةً الطيران الحربي والمدفعية الثقيلة في قصف الأحياء السكنية والبنى التحتية المدنية.

أسفر هذا العدوان عن تهجيرٍ قسري لأكثر من مئة ألف مدني من أبناء المدينتين باتجاه المناطق والمدن المجاورة، في مشهدٍ أعاد إلى الأذهان المآسي التي رافقت احتلال عفرين عام 2018، وما ارتكبته القوات التركية ومرتزقتها هناك من انتهاكاتٍ ومجازر بحق المدنيين.

وفي الثاني عشر من تشرين الأول/أكتوبر من العام نفسه، وأثناء تضامن المدنيين مع أهالي سري كانيه، تعرّضت قافلة مدنية تقل العشرات من النشطاء والصحفيين والأهالي لقصفٍ مباشر من الطيران التركي، ما أدى إلى استشهاد أكثر من عشرة مدنيين وإصابة العشرات بجروح متفاوتة.

كما شهد اليوم نفسه اغتيال السياسية السورية الكردية هفرين خلف، الأمين العام لحزب “سوريا المستقبل”، على الطريق الدولي (M4)، على يد الفصائل المسلحة المدعومة من أنقرة، حيث تمّ إعدامها ميدانيًا والتمثيل بجثمانها بطريقةٍ وحشية شكّلت انتهاكًا صارخًا لكل القوانين والأعراف الإنسانية والدولية.

ومنذ ذلك التاريخ، تواصل قوات الاحتلال التركي ومرتزقتها ارتكاب الانتهاكات اليومية بحق المدنيين في المناطق المحتلة، من الاستيلاء على منازل وممتلكات السكان الأصليين إلى عمليات الخطف والتعذيب والتغيير الديموغرافي الممنهج. كما أقامت القوات التركية عشرات القواعد العسكرية داخل الأراضي السورية، وحوّلت العديد من القرى إلى مناطق عسكرية مغلقة.

وتزامنًا مع هذه الذكرى الأليمة، أقدمت الفصائل نفسها، وبالدوافع العنصرية ذاتها، وبتوجيهاتٍ من وزارة دفاع السلطة المؤقتة في دمشق، على فرض حصارٍ خانق على حيي الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب ذات الغالبية الكردية، والخاضعة لإدارةٍ مدنيةٍ محلية، وذلك عبر منع دخول المواطنين والسلع الغذائية والحاجات الأساسية إليهما، في محاولةٍ للابتزاز والإخضاع من خلال التجويع.

جاء ذلك في الوقت الذي كان فيه الوفد الأمريكي برئاسة السيد توماس باراك يزور القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية الجنرال مظلوم عبدي، تحضيرًا للقاءٍ مرتقب مع السلطة في دمشق، واستئناف العمل باتفاق العاشر من آذار بين الجانبين، بعد تنصّل السلطة من كامل استحقاقاته، ومحاولتها حصره في ملف دمج قوات سوريا الديمقراطية ضمن وزارة دفاعها.

إننا، في حزبي الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا والديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا نُدين بأشدّ العبارات استمرار الاحتلال التركي لمناطق سري كانيه وكري سبي، كما نُعبّر عن تضامننا الكامل مع أهلنا في حيي الشيخ مقصود والأشرفية ومع أبنائنا في قوى الأمن الداخلي (الآسايش) المدافعين عن أمن الحيين وخصوصيتهما.

ونستنكر في الوقت ذاته نهج السلطات السورية في تعميق الهوة بين المكونات، بل، وحتى بين مكونات المدينة الواحدة، عبر فرض الحصار على مئات آلاف المدنيين لأيامٍ متواصلة، والتلكؤ في رفعه رغم تعهدها بذلك خلال اللقاء الذي عُقد في دمشق بتاريخ 8/10، برعايةٍ دولية، تمهيدًا لتفاهماتٍ واتفاقاتٍ أوسع.

نؤكد أن هذه السياسات لا تخدم أمن واستقرار البلاد والمنطقة، بل تُعمّق الأزمات وتُطيل أمد الصراع.

وندعو المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية إلى القيام بمسؤولياتها القانونية والأخلاقية عبر الضغط على الحكومة التركية لسحب قواتها من الأراضي السورية، والكفّ عن تدخلاتها المدمّرة في الشأن السوري، وضمان عودة المهجّرين إلى ديارهم بأمانٍ وكرامة، ومحاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب والانتهاكات التي ارتُكبت منذ عام 2018 وحتى اليوم.

المجد والخلود لشهداء الحرية، والعار للمعتدين والمحتلّين.

حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا

حزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا

9 تشرين الأول/أكتوبر 2025

Scroll to Top