الخميس, مايو 2, 2024

عفرين: قصص من مقاومة العصر – 6 مقاتلون من جبهة الأكراد يروون قصص التضحية والفداء في مقاومة ناحية شيه

أخبار

شهدت ناحية شيه الواقعة أقصى غرب مقاطعة عفرين والتي تتبع لمنطقة جندريسه القريبة من الحدود الفاصلة بين المقاطعة وباكور كردستان، مقاومة تاريخية في وجه العدوان التركي ومرتزقته ضمن المرحلة الأولى من مقاومة العصر، ورغم أنه يحيط بها الحدود المصطنعة بمسافة حوالي 7 كليو متر واستخدم الاحتلال التركي ومرتزقته في الهجوم عليها كافة إمكانياتهم العسكرية والطيران الحربي والاستطلاع والهجوم بآلاف المرتزقة عليها إلا أن المقاتلين والمقاتلات الذين شاركوا في الدفاع عنها صمدوا أمامها وكبدوا الاحتلال ومرتزقته الكثير من الخسائر.

تلك المقاومة التي تعددت فصولها وكثرت مصاعبها وقدم فيها العديد من المقاتلين والمقاتلات التضحيات، شارك فيها بالإضافة إلى وحدات حماية الشعب والمرأة مقاتلو قوات جبهة الأكراد ضمن قوات سوريا الديمقراطية. وبعض تفاصيل مقاومة شيه يرويها لنا مقاتلون من جبهة الأكراد ممن شاركوا فيها.

7 مقاتلين يتصدون لمئات المرتزقة ومقاتلان ينقذان رفاقهم من الحصار

المقاتل ضمن أفواج قوات جبهة الأكراد محمود محمد الذي شارك مع باقي رفاقه المقاتلين في مقاومة ناحية شيه يروي بعض أحداث المقاومة التي جرت هناك ويقول:” في أول يوم من العدوان التركي الذي بدأ بتاريخ 20 كانون الثاني 2018 على عفرين، استهدف طيران الاحتلال التركي ناحية شيه، بعدها بدأت محاولات جيش الاحتلال التركي ومرتزقته شن هجمات برية مدعومة بالطيران والمدفعية لاحتلال المناطق الاستراتيجية في الناحية، ولكن مقاومة المقاتلين هناك ودعم الأهالي لهم في المقاومة أحبطت الهجمات وعرقلتها عدة أيام”.

وأضاف محمد:” بعد عدة أيام من بدء الهجمات تم فرزي إلى مركز ناحية شيه لمساندة مقاتلي ومقاتلات وحدات حماية الشعب والمرأة في التصدي لتلك الهجمات، وفي أول يوم لوصولنا لم تجري أية اشتباكات وكان هناك قصف بالمدفعية وقذائف الهاون على قرى الناحية، وفي صباح اليوم الثاني في تمام الساعة السادسة والنصف تعرضت الناحية لهجوم عنيف شارك فيه  حوالي 300 مرتزق تساندهم 3 طائرات حربية بالإضافة إلى قصف بالمدفعية وراجمات الصواريخ من قبل جيش الاحتلال التركي، كنا 7 مقاتلين في تلك الجبهة توزعنا في عدة نقاط للتصدي للهجوم، ومع اقترابهم من محيط شيه بدأت الاشتباكات بيننا لم نكن نملك إلا الأسلحة الفردية الخفيفة والقنابل اليدوية، واستمرت مقاومتنا حوالي ساعتين وتمكنا من قتل وجرح العشرات من المرتزقة، ثم اشتد القصف على مواقعنا ولم نعد نستطيع التحرك كثيراً، وماكان يصعب علينا الأمر هي طائرات الاستطلاع التي لا تفارق سماء شيه، واستفاد المرتزقة من هذا الوضع والتفوا علينا من 3 جهات ولم يبقى لنا منفذ إلا الجهة الخلفية والتي باتت تحت رصد طائرات الاستطلاع، وكان العدو بالإضافة إلى قصف نقاطنا يقصف القرى الواقعة خلفنا أيضاً ليمنعوا وصول المؤازرة إلينا أو محاولة الأهالي مساعدتنا، علماً أن تلك القرى كانت لاتزال آهلة بالسكان.

كان العدو يضيق الخناق علينا مع مرور الوقت ويحاولون محاصرتنا من كافة الجهات، ولكننا كنا نلحق بهم الضربات كلما حاولوا الالتفاف ولم نسمح لهم بمحاصرتنا من الجهة الرابعة، واستمرت الاشتباكات بهذا الشكل حتى باتت المسافة بيننا وبين المرتزقة لا تزيد عن 75 متراً، وحينها طلب منّا مقاتلين من وحدات حماية الشعب أن ننسحب بشكل تدريجي نحو التلال الواقعة خلفنا والمزروعة بأشجار الزيتون، وبأنهما سيواجهان الهجمات حتى نخرج كلنا ثم سيلحقون بنا، وبالفعل بدأنا بالتحرك بشكل منفرد وتوجهنا صوب مزارع الزيتون على سفح التلال واختبأنا تحت الأشجار على أطراف القرية، وبقي المقاتلان يصدان الهجوم حتى تأكدا من خروجنا، وانتشرنا بعدها بين الأشجار وبدأنا السير ببطء نحو أعلى التل ولم يمض وقت طويل حتى شاهدنا رفيقينا يلحقان بنا وقد تمكنا من الخروج سالمين، وبينما نواصل المسير شاهدنا 4 طائرات استطلاع تحلق فوق المنطقة يبدو أنها كانت تبحث عنا، فعاودنا الانتشار بين الأشجار والصخور ولم نتحرك، وكلما كانت الطائرات تغيب عدة دقائق كنا نتحرك عدة أمتار إلى الأمام، وبقينا نتقدم بهذه الحالة من الساعة 10 صباحاً حتى الساعة الثانية بعد منتصف الليل إلى حين غياب الطائرات عن سماء المنطقة بعد يأسهم من تعقبنا، وبعدها فتحنا أجهزة اللاسلكي وتواصلنا مع رفاقنا في القرى الخلفية وأخبرناهم بمكاننا ولا نعرف كيف نصل إليهم، وأخبرونا بأنهم قريبين منا وبأنهم سيرسلون لنا إشارة ضوئية لنتعرف على مكانهم ونسير باتجاههم، وبالفعل رأينا من بعيد ظهور إشارات ضوئية وتوجهنا نحوهم حتى وصلناهم. وكان التعب والنعاس نالا منّا ولم نعد نقوى على الوقوف ونمنا تلك الليلة عند رفاقنا.

3 مقاتلين يحررون قرية ويلحقون الضربات بالمرتزقة

وأكمل محمد حديثه بالقول:” وفي صباح اليوم التالي جاءتنا التعليمات بأن نتوجه إلى قرية شكاتا التابعة لناحية شيه ومنها أرسلونا إلى نقاط تمركز على التلال وبين الأشجار في موقع يقع بين شكاتا وقرية ميركان “حسيه” التابعة لناحية موباتا وكانت نقطة تمركزنا مقابلة لتلة الإذاعة التابعة لقرية “خليل” وهذه الأخيرة كانت محتلة من قبل الجيش التركي ومرتزقته حينها، ورابطنا في تلك الجبهة 4 أيام خلالها هاجمونا 3 مرات تساندهم طائرات الاستطلاع والمروحي، ومع ذلك لم نسمح لهم التقدم في الجبهات التي كنا فيها ونحبط هجماتهم ونجبرهم على التراجع، وفي اليوم الرابع لتواجدنا في تلك الجبهة لاحظنا عدم وجود الطيران لانعلم لماذا غابت الطائرات ذلك اليوم عن كامل المنطقة وقررنا الاستفادة من هذا الوضع وقررنا نحن 3 مقاتلين تنفيذ عملية نوعية على قرية خليل وإلحاق الضربات بالمرتزقة وجيش الاحتلال المتمركزين فيه، وعليه جهزنا أنفسنا وتوجهنا نحو القرية مساء واستهدفنا إحدى نقاط المرتزقة على طرف القرية وقتلنا من فيها ثم دخلنا القرية واشتبكنا مع المرتزقة فيها وتعالت أصوات الرصاص واستنفر جيش الاحتلال والمرتزقة وباتوا يطلقون الرصاص بشكل مكثف وعشوائي دون أن يعرفوا من أين نهاجمهم ولم تمض نصف ساعة حتى هرب كل من في القرية ولم نعد نسمع صوت إطلاق أي رصاصة من القرية علماً أننا كنا لانزال في المنازل الأولى من القرية، لكن جيش الاحتلال ومرتزقته الذين أدركوا أن الطيران لن يأتي لمساندتهم هربوا من القرية، وقمنا بتمشيط القرية وكانت الدماء في كل الشوارع تقريباً وشاهدنا جثث 7 مرتزقة بين منازل القرية تركوها خلفهم ولاذوا بالفرار.

بعدها أرسلت وحدات حماية الشعب مجموعة من المقاتلين ليرابطوا مكاننا وطلبوا منا العودة إلى مقاطعة الشهباء لأن جيش الاحتلال ومرتزقته باتوا يهاجمون قرى مريمين وأناب ومرعناز وغيرها من القرى الواقعة على خط شرا وشيراوا المتاخمة لقرى مقاطعة الشهباء.

إنقاذ الجرحى بالدراجات النارية عبر الطرق الوعرة

في القرى الأخرى التابعة لناحية شيه وموباتا كان يشارك المقاتل في قوات جبهة الأكراد ياسر البنوي في المقاومة، حيث كان فرزه في الجبهات بين قريتي ميركان وترميشا، وحول الأحداث التي مرت معهم يقول المقاتل ياسر البنوي:” كانت نقطة تمركزي مع بعض رفاقي في قرية ميركان التابعة لناحية موباتا، وجاءت التعليمات بإرسال مجموعة منّا إلى قرية معسركة لاستبدالهم بالمجموعة التي كانت تقاتل هناك لتعود الأخيرة وتستريح قليلاً، وعليه توجهت مجموعة من المقاتلين من ميركان صوب معسركة وكانت طائرات الاستطلاع التركي قد تعقبتهم وكشفت موقعهم وعند نقطة التقاء المجموعتين لاستبدال بعضهم تعرضوا لقصف من قبل الطيران واستشهد وأصيب بعض المقاتلين ونجا البعض بصعوبة، ووصلتنا المعلومات بتعرض رفاقنا للقصف وأن هناك جرحى يجب إنقاذهم، ولكن المنطقة كلها مراقبة من قبل طيران الاستطلاع، واضطررنا لاستخدام الدراجات النارية للتحرك بين الطرق الوعرة والحراجية والتوجه إلى المكان الذي أصيب فيه رفاقنا لانقاذ الجرحى عن طريق الدراجات على دفعات، واستطعت الوصول إلى الجرحى وأسعفتهم على الدراجة إلى المواقع الآمنة، وكانت عملية صعبة للغاية وبالغة الخطورة أيضاً ولكن لم يكن بوسعنا إلا اتباع هذه الطريقة.

وبعد نقلنا لعدد من الجرحى وفي حوالي الساعة 12 ظهراً ذهبت وجلبت جريحاً آخر وحينها كشف المرتزقة الطريق الذي أسلكه، وكانوا يراقبوننا من تل الإذاعة حينها التي كانت محتلة من قبل المرتزقة، وبينما كنت أصعد التل بالدراجة وخلفي أحد المصابين أطلق المرتزقة علينا رشقات من الأسلحة المتوسطة أصابت إحدى الطلقات الدراجة ووقعت على الأرض مع الجريح الذي كان معي، ولم تعد الدراجة تعمل وساعدت الجريح على النهوض وأسرعنا للاختباء بين الأشجار وخلف الصخور، وبعدها بدأ المرتزقة بإطلاق القذائف صوبنا، وسقطت القذيفة الأولى بعيدة عنا، أما الثانية فكانت قريبة ونتيجة انفجارها على الصخور أصابت شظايا خرجت من الصخور وأصابت ركبتي، ومع ذلك حاولت أن أخلص نفسي ورفيقي المصاب وتحركنا ببطئ وحذر تحت الأشجار في محاولة منا الوصول إلى نقاط رفاقنا في قرية ميركان، ولكن هذه المرة جاءت طائرات الاستطلاع وبدأت تحوم فوق المنطقة واستلقينا تحت الأشجار حتى لاتكشفنا وتقصفنا، وكنا نسير  عدة أمتار كلما ابتعدت الطائرة قليلاً وعندما تعود لانتحرك، وبقينا على هذه الحال مدة 4 ساعات وخلالها قطعنا 2 كيلو متر بعد أن أنهكنا التعب وألم جروحنا، وفي النهاية استطعنا النجاة والوصول إلى ميركان حيث أسعف الجرحى إلى مشافي عفرين، أما أنا فكان جرحي صغيراً وتلقيت إسعافات ميدانية، ثم انتقلت إلى جبهات قرية ترميشا.

مقاومة قرية ترميشا وإحباط 3 هجمات

وأكمل البنوي حديثه عن المقاومة التي جرت في قرية ترميشا التي كان متواجداً فيها بالقول:” بعد انتقالي لقرية ترميشا لم تشهد القرية أية اشتباكات مباشرة ولا قصف للطيران مدة يومين، سوى إطلاق جيش الاحتلال والمرتزقة بين الحين والآخر بعض القذائف التي كانت تسقط على القرية ومحيطها، وفي يوم الثالث صباحاً جاءتنا معلومة مستعجلة تقول أن مجموعة من المرتزقة تسللوا ووصلوا إلى مدخل القرية عند النقطة الأولى التي تقع عند مفرق 3 طرق، وعليه أسرعنا في تشكيل مجموعة مؤلفة من 6 مقاتلين كنت من بينهم وتوجهنا إلى تلك النقطة، وتوزعنا على عدة محاور وتقدمنا صوب مفترق الطرق للتصدي للمرتزقة، واختبأنا على مقربة من المفرق حتى وصل المرتزقة إلى النقطة ولدى محاولتهم التقدم صوب القرية فاجأناهم بإطلاق الرصاص بشكل مكثف عليهم وتشتتوا أمام ضرباتنا ووقع منهم قتلى وجرحى واندلعت اشتباكات بيننا استمرت قرابة الساعة بعدها جاءت الطائرات لمساندتهم واختبأنا تحت الأشجار وحمل المرتزقة قتلاهم وجرحاهم حينها وهربوا، وبعد هروبهم تقدمنا نحو المفرق وكان  هناك الكثير من آثار الدماء، وتمكنا من استعادة النقطة.

وأضاف البنوي:” وفي اليوم التالي عاد جيش الاحتلال ومرتزقته بشن هجوم حوالي الساعة الرابعة عصراً، وجرت بيننا اشتباكات مباشرة من طرف قرية مستكو كنا قد أخذنا تدابيرنا قبل الهجوم وتصدينا لهم وقتل حينها 7 مرتزقة، وأحبطنا هجومهم مرة أخرى، وبعد مرور 22 ساعة هاجموا القرية للمرة الثالثة، تساندهم المدفعية والدبابات، ورغم ذلك لم نترك نقاطنا في القرية وواجهنا تلك الهجمات واندلعت الاشتباكات بيننا من الساعة 4 عصراً حتى فجر اليوم التالي، وفي هذه الاشتباكات قتل وأصيب عدد من جيش الاحتلال والمرتزقة وأجبرناهم على التراجع للمرة الثالثة.

بقينا ستة أيام في القرية لم نسمح للعدو بالتقدم وبعدها طلب من مجموعتنا التابعة لقوات جبهة الأكراد العودة إلى مقاطعة الشهباء لمواجهة هجمات جيش الاحتلال والمرتزقة هناك، واستلمت مجموعة من مقاتلي وحدات حماية الشعب مكاننا في قرية ترميشا حينها.

مقاتلة تضحي بنفسها لإنقاذ رفاقها ومواطن يخاطر لإيصال الطعام لهم

في الطرف الآخر من ناحية شيه وبالتحديد في تل “كوندي خليل” كانت ترابط مجموعة مؤلفة من 6 مقاتلين بينهم المقاتل عدنان عبد العزيز من قوات جبهة الأكراد ومقاتلتان من وحدات حماية المرأة إحداهما قائدة هذه المجموعة ، وسرد لنا عبد العزيز ما جرى معهم في تلك المقاومة.

يقول عبد العزيز:” اتخذنا مواقعنا على التل مساء وبقينا في التلة حتى الفجر، وبعدها سمعنا أصوات الطيران في سماء المنطقة، اختبأنا في أماكن محصنة على التل كانت وحدات حماية الشعب والمرأة جهزتها مسبقاً تحسباً لقصف الطيران، ولم تمض دقائق حتى أمطرت الطائرات التل بوابل من الصواريخ دمرت كل شيء وارتفعت سحب الدخان والغبار على التل، أعتقد أنه وخلال 5 دقائق قصف الطيران الحربي التل بحوالي 200 قذيفة، ولحسن حظنا لم نصب بأذى، واستمر الطيران يحلق فوق التل ويقصفها بين الحين والآخر، ولم نعد نستطيع التحرك، وكنا نخشى أن يستغل المرتزقة الوضع ويصعدوا على التل، وبعد أن ابتعدت الطائرات قليلاً خرجنا من أماكننا ونزلنا من التل واتجهنا صوب قرية شيطانا.

وفي هذه القرية استلمنا نقاط رفاقنا والمجموعة التي كانت فيها انتقلت إلى قرية أخرى، ثم تعرضت قرية شيطانا لقصف مدفعي مكثف من قبل جيش الاحتلال ومرتزقته الذين احتلوا التل، وطائرات الاستطلاع لم تكن تفارق سماء المنطقة، وبقينا 6 أيام محاصرين في القرية، كانت الأيام تمضي بصعوبة بالغة علينا، وفي اليومين الأخيرين لم يبقى لدينا طعام، وفي الليل تفاجأنا بشخص دخل القرية من الخلف وينادينا اسرعنا في محاصرته وسألناه عن هويته فأخبرنا أنه مدني من القرى الخلفية جاءنا ببعض الطعام لأنه سمع بأننا محاصرين في القرية، تلك المبادرة من ذلك المدني ومخاطرته بنفسه للوصول إلينا أثارت في قلوبنا مشاعر الحماسة ورفعت كثيراً من معنوياتنا، شكرناه على عمله هذا وطلبنا منه العودة بسرعة قبل تحليق طيران الاستطلاع على المنطقة حتى لا تكشفه، وقبل مغادرته سألنا إن كنا نريد الخروج من القرية فسيدلنا على الطريق الذي اتى منه، فقلنا له لن نترك القرية حتى الرمق الأخير، ومع ذلك دلنا على طريق يمكنا الخروج عن طريقه من القرية في حال اشتد الحصار علينا ثم غادرنا وهو يتمنى لنا النصر.

وأضاف عبد العزيز:” حاول جيش الاحتلال والمرتزقة التقدم إلي نقاطنا ولكننا كنا نتصدى لهم وبقينا نقاوم ليومين آخرين حتى أوشك المرتزقة على حصارنا من كل الجهات وبدأت ذخيرتنا تنفذ. وحينها اتخذت القيادية لمجموعتنا قراراً مصيرياً وطلبت منا التخطيط للخروج من القرية وبأنها ستبقى وحدها وتلهي العدو وتقاتلهم للفت انتباههم حتى نتمكن الوصول إلى الطريق الذي وصفه لنا ذلك المواطن، رفضنا في البداية فكرتها وقلنا لن نتركك وحدك إما أن نستشهد معاً أو نخرج معاً،  لكنها لم تقبل وقالت أنا قائدة المجموعة وأعطيكم التعليمات وعليكم تنفيذها ومن واجبي أن أحمي رفاقي المقاتلين وهذه مسؤوليتي، ثم إن بقاءنا كلنا مع الكمية الضئيلة للذخيرة المتبقة معنا يعتبر انتحارا ولا فائدة منه، وعليكم الخروج لتستطيعوا إكمال المقاومة، واستطاعت بحنكتها إقناعنا على الخروج، وأوصتنا بأن نواصل المقاومة حتى النهاية، وودعناها وفي قلوبنا غصة وعيوننا غرقت بالدموع، وطلبت منا التحرك بشكل منفرد والتسلل من بين المنازل نحو أطراف القرية، فيما بدأت هي بالتصدي لهجمات المرتزقة وكانت تتحرك من نقطة إلى أخرى وتطلق الرصاص من كافة النقاط باتجاه العدو لتوهمهم أن المجموعة كلها لاتزال تقاتل.

وعليه تحركنا بسرعة واتجهنا صوب الطريق الذي شرحه لنا المواطن وكان طريقاً وعراً ومزروعة بأشجار زيتون كبيرة، وتسللنا من بين الأشجار وابتعدنا عن القرية قليلاً وصعدنا إحدى التلال القريبة منها، ومن هناك بدأنا بمراقبة القرية بالمنظار وشاهدنا مدرعات ودبابات جيش الاحتلال ومرتزقته يتقدمون صوب القرية ودخلوا أطرافها ولاتزال أصوات الرصاص تسمع من القرية، ومن مكاننا بدأنا بإطلاق الرصاص صوب المرتزقة في محاولة منا لفت انتباههم إلينا لعلنا نستطيع تخفيف الضغط على القيادية وتتمكن هي الأخرى من الخروج، وبقينا لأكثر من نصف ساعة نطلق الرصاص من بعيد ولكن المرتزقة دخلوا كامل القرية ولم تأتي رفيقتنا، كان ينتابنا شعور بالندم أحياناً لأننا تركناها وشعور بالحزن والإصرار على الانتقام لها مرة أخرى، وبعدها واصلنا المسير نحو نقاط رفاقنا ومن حينها انقطعت أخبارنا عنها ولا نعلم إن كانت وقعت في الأسر أو استشهدت أو نفذت عملية فدائية.

وأكد المقاتلون الثلاثة في ختام حديثهم أنهم واصلوا المقاومة ضمن المرحلة الأولى من مقاومة العصر في عفرين وقرى الشهباء حتى الإعلان عن انتهاء المرحلة الألى، وسارعوا للانضمام إلى المرحلة الثانية من المقاومة التي لاتزال مستمرة حتى الآن، وذلك وفاء منهم للعهد الذي قطعوه لرفاقهم الشهداء والجرحى على مواصلة النضال حتى تحرير عفرين من المحتلين والمرتزقة.

ANHA

شارك هذا الموضوع على

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *