الخميس, نوفمبر 21, 2024

نصوص هاربة من قبضة الاستبداد

خالد عته

أزهرت زاوية “أوراق خريفية” الصحفية لـ ضياء اسكندر، التي بدأ بكتابتها في جريدة (قاسيون) قبل أكثر من 20 عاماً، ربيعاً مغترباً عن موطنها الأصلي، لتُبصر كلماته النور بعدة مجموعات قصصية في إقليم شمال وشرق سوريا، بعدما واجه المنع والاستبداد والطغيان لسنواتٍ طويلة.

يقف الستيني ضياء اسكندر في رواق معرض الشهيد هركول الثامن للكتاب أمام رف في جناح دار النشر “شلير”، يتأمل كتبه قبل أن يحمل أحدها ويغوص في قراءة أحرفها التي منعت يوماً ما من الطباعة في مسقط رأسه.

ضياء اسكندر كاتب وقاص سوري، وُلد عام 1957 في مدينة اللاذقية. وبعد أن ضاق ذرعاً بالاضطهاد في مدينته، حمل حقيبته مع المخطوطات التي خطتها أنامله، والتي حاول طباعة بعضها مراراً، لكنها رُفضت دائماً ممهورةً بعبارة: “غير قابل للنشر”.

مُجبَراً، اختار الرحيل من مدينته، ليستقرّ في مدينة قامشلو منذ ثلاث سنوات ونيّف، بعد أن مرّ بتجارب قاسية من اعتقال وتعذيب واستدعاءات.

“مُنِعت في اللاذقية ورأت النور في قامشلو”

بلغة عربية رصينة، يتحدث اسكندر عن رحلته مع الكتابة لوكالة هاوار، قائلاً: “بدأت الكتابة في عام 2000، حيث انطلقت من المقالات السياسية، ثم قررت التوجه إلى كتابة القصة القصيرة، كنت أكتب في جريدة قاسيون من خلال زاوية (أوراق خريفية) التي لاقت استحساناً مشجعاً من القرّاء.”

ويضيف: “على مدار 16 عاماً، حاولت طباعة بعض من مجموعاتي القصصية، لكنها كانت تُرفض بذريعة أنها تتجاوز الخطوط الحمر.” ثم يعلق ساخراً: “وما أكثر الخطوط الحمر وما أعرضها لدى الأنظمة الاستبدادية؟”

وعن أسباب اتخاذه قرار مغادرة موطن ذكرياته في اللاذقية وقدومه إلى مدينة قامشلو عام 2021، يقول: “كانت الضغوطات والتهديدات تلاحقني، إضافة إلى الظروف المعيشية الصعبة. ما اضطرني إلى البحث عن ملاذ يؤويني، فكانت قامشلو هي الخيار الأنسب، والآن أعمل في وكالة هاوار للأنباء مدققاً لغوياً.”

استمر اسكندر محتفظاً بتلك الكتابات والمخطوطات التي منعتها السلطات في مدينته، ليقوم بطباعتها في مدينة قامشلو. لديه الآن في خزانته الأدبية خمسة كتب ما بين مجموعات قصصية وشعرية، وهي: “نهود في شارع هنانو”، و”زفرات على أرصفة الخوف”، و”إلا..”، وأحدثها مجموعته القصصية التي أبصرت النور في معرض الكتاب هذا العام تحت عنوان “الأصابع الشهيدة”، إضافة إلى ديوانه الشعري (نثر) بعنوان “أرجوكم قبل أن أموت” والذي شارك به في مسابقة مهرجان أوصمان صبري للأدب العام الماضي، وحاز على المرتبة الثالثة.

عندما يواجه القلم الاستبداد والطغيان ويحلم

تظهر على ملامح الكاتب علامات السعادة وهو يرى كتبه معروضة في المعرض بعد طباعتها، ويصف حالته الآن بقوله: “لا شك أن رؤيتي لكتبي المطبوعة تشبه الأم التي حُرمت من الولادة زمناً طويلاً ثم تمكنت أخيراً من الإنجاب. لدي مخطوطات أخرى، عدة مجموعات قصصية، بالإضافة إلى روايتين، أتمنى أن تصافح القرّاء في قادم الأيام”.

لا ينسى ضياء اسكندر أن يشكر جهود هيئة الثقافة والوسط الثقافي، ويؤكد أنه لولاها لما استطاع رؤية كتبه مطبوعة. وفي ختام حديثه، يقول: “سيبقى قلمي في خدمة الدفاع عن الفقراء والمظلومين، وسأواصل الكتابة حاملاً أمل التغيير في كل كلمة أكتبها، ساعياً إلى إضاءة دروب الظلام بنور الحقيقة والإبداع. إنها مسؤولية وأمانة سأحملها بكل إخلاص حتى آخر نبضة في قلبي، إلى أن نحقق حلمنا المنشود: سوريا ديمقراطية لا مركزية عادلة حرة ومزدهرة.”

ضياء اسكندر ليس الوحيد الذي حاولت الأنظمة الاستبدادية منعه من نشر أفكاره. تقول بوطان هوشي من ديوان الأدب في إقليم شمال وشرق سوريا، والمسؤولة عن مراقبة الأدب: “هناك الكثير من الكتب تأتي من داخل سوريا ومن جنوب وشرق كردستان التي لا تسمح هناك بنشرها، ولكنها تُطبَع وتُنشر هنا.

وتضيف عن معايير النشر والطباعة في المنطقة: “نحن نرحب بكل المنتوجات الأدبية بشرط ألا تكون ضد قيم المجتمع، ولا تدعو إلى خطاب الكراهية أو ازدراء الأديان.”

شارك هذه المقالة على المنصات التالية