عقدت اللجنة المركزية لحزبنا الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا ( البارتي ) أواخر شهر كانون الأول الجاري اجتماعها الاعتيادي , والذي بدأ بالوقوف دقيقة صمت على أرواح شهدائنا الأبرار .
تمت دراسة الواقع التنظيمي لهيئات الحزب و فروعه في الداخل والخارج , وتقييمه بالإيجابي ولا سيما بعد انتهاء أغلبية المنظمات من عقد كونفرانساتها التنظيمية بعد المؤتمر الثاني عشر للحزب , و ما تلاها من نشاطات تنظيمية و سياسية , و مناقشة الآليات التي من شأنها زيادة وتيرة العمل الحزبي بما يتماشى مع المصلحة العامة للشعب الكردي .
أما على الصعيد السياسي فقد سرد الأستاذ نصرالدين إبراهيم سكرتير الحزب بإسهاب آخر المستجدات السياسية المتسارعة في المنطقة , ولا سيما وأن العالم بات على أعتاب مرحلة جديدة بجميع تفاصيلها , لذلك نجد هذا الكم الهائل من الصراعات السياسية و العسكرية سواءً فيما يتعلق بالأزمة السورية المستعرة منذ عام 2011م , أو العراق المتهاوي تحت وطأة الصراعات الطائفية والإقليمية والقومية , وكذلك اليمن ولبنان , كانعكاس للدور الإقليمي في مفاصلهما وخاصةً دور إيران كدولة تحاول تصدير أزماتها إلى الخارج و نشر الفوضى لإبعاد الأنظار عنها , ولكنها على ما يبدو بدأت تحصد نتاج ما زرعت , فبدأت تتصدع أمام ثورة الشعوب الإيرانية و بطليعة نسائية هذه المرة .
تركيا أيضاً باتت على حافة الهاوية جراء تدخلها السافر في العديد من الملفات الدولية في آن واحد ,في تقدير خاطئ لقدراتها على اللعب على الحبال الدولية وفي أكثر من محور , دورها السلبي والخطير في الأزمة السورية ومن قبلها في الساحتين الفلسطينية والمصرية مروراً بالليبية و لعب دور الحاضنة لحركة الإخوان المسلمين عالمياً , كل ذلك جعل منها دولة متهالكة اقتصادياً و زرعت بذور انقسام حاد في الساحة السياسية التركية ولا سيما وأنها مقبلة على انتخابات مصيرية تهدد مصير حكومة العدالة والتنمية بعد توريط البلاد في احتلال عسكري لمناطق واسعة من الشمال السوري ودعمه للفصائل الراديكالية المتطرفة , إلى جانب خلق أزمات دولية مع اليونان و أرمينيا و إدخال تركيا في مفاضلة غير محمودة العواقب بين أكبر قوتين عالميتين كأمريكا و روسيا , حيث يصعب على دولة إقليمية كتركيا التلاعب بتحالفاتها الاستراتيجية معهما .
روسيا التي دخلت الحرب الأوكرانية بشكل متهور جعلها في موقف صعب للغاية ولا سيما في ظل الانهيار الكبير للاقتصاد الروسي عقب العقوبات الدولية الهائلة عليها , إلى جانب الخسائر العسكرية التي منيت بها في أوكرانيا وخاصةً البشرية منها , فهي الآن تعاني أزمة اقتصادية , وعزلة سياسية , وضربة عسكرية ربما أظهرت حقائق عن ضعف إمكاناتها القتالية في مواجهة عسكرية اعتبرتها روسية مسألة أسابيع وربما أيام لتكتشف متأخراً أنها باتت في دوامة تجرها إلى الهاوية .
النظام السوري الكثير من الدلائل الواضحة تشير إلى انهياره وتآكل مرتكزاته من الداخل ” اقتصادياً وإدارياً وعسكرياً ” وهو يدرك الآن أنه بات عاجزاً عن إدارة مناطق سيطرته بمفهوم الدولة .
في ظل هذا المشهد الدراماتيكي لعجز الحلفاء الافتراضيين , وبالتزامن مع انتهاء الفترة القانونية للاتفاقيات الدولية والتي أبرمت قبل مائة عام ولا سيما اتفاقية سايكس – بيكو و لوزان والتي حرم الكرد بموجبها من حقهم في تقرير مصيرهم و قسمت الجغرافيا الكردستانية بين أربع دول إقليمية …. باتت القوى العظمى تستعد لإعادة رسم خارطة جديدة للمنطقة و للعالم بأسره ” جغرافياً و سياسياً واقتصادياً ” بملامح و رؤى مغايرة تماماً عما سبق , لذلك نجد هذه الهرولة الدولية بين ” الحلفاء المجبرين ” على إفشال أو إيقاف عجلة التغيير هذه .
وفي هذا السياق تعتبر اللجنة المركزية للحزب بأن اللقاء الثلاثي الذي جمع بين وزراء دفاع ” روسيا وتركيا و سوريا ” يأتي أولاً كهروب للأمام لأنظمة هذه الدول من أزماتها الداخلية وتصريف أنظار شعوبها وإلهائهم بانتصارات وهمية جوفاء , ربما تنقذ مصيرهم ومستقبلهم السياسي دولياً و كذلك داخلياً ولا سيما أن شعوب هذه الدول الثلاث بدأت تدرك تماماً أن هذه الأنظمة هي من سببت لهم وللمنطقة كل هذه المآسي والويلات .
مما لا شك فيه أن الدول الإقليمية وبالتحديد دول محور أستانا مختلفة في الكثير من القضايا , ولكنها تتفق في نقطتين وهما العمل على إفشال المشروع الأمريكي الساعي إلى تغيير المنطقة وفق أجنداته الخاصة , وثانياً استهدافها للقضية الكردية و منع الشعب الكردي من تمتعه بحقوقه القومية المشروعة.
وبناءً على ما سبق ترى اللجنة المركزية وفيما يخص القضية الكردية بأن الشعب الكردي على مفترق طرق مصيري في هذه المرحلة التاريخية , لذلك يتوجب علينا التحرك على عدة أصعدة وبشكل يتسم بالعقلانية والاتزان السياسي وفق قراءة واقعية للمتغيرات من حولنا , والوقوف على جملة من المعطيات والحقائق و الواجبات الملحة :
فعلى الصعيد الكردي في سوريا :
– الأحزاب السياسية الكردية أداة نضالية لتحقيق أهداف الشعب الكردي , وليست وسيلة لتحقيق مكاسب حزبية أو شخصية .
– الإدارة الذاتية ورغم ما يعتريها من سلبيات و خلل إلا أنها تعتبر مكسباً وطنياً لشعوب المنطقة عموماً , ومكسباً قومياً للشعب الكردي , لذلك لا بدّ من الحفاظ عليها مع بذل الجهود لتطويرها و إصلاح بنيتها .
– الإدارة الذاتية وفي ظل التحديات الكبيرة والتهديد الخطير الذي قد يطال وجودها من الأساس مطالبة وأكثر من أي وقتٍ مضى بإجراء مراجعة جادة سياسياً و إدارياً و أمنياً واقتصادياً , وصولاً إلى قبولها بمبدأ الشراكة الحقيقية .
– الحركة السياسية الكردية مطالبة بالتحرك الفوري لبناء مرجعية كردية عليا تكون صاحبة القرار السياسي و الأمني والإداري في روجآفاي كردستان .
– تعزيز شراكة قوات سوريا الديمقراطية مع قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية و الانتقال من التعاون العسكري إلى الاعتراف السياسي بالإدارة الذاتية .
وعلى الصعيد الكردستاني :
ما يحاك من قبل الأنظمة الإقليمية من مؤامرات ومكائد إنما تستهدف الكرد في كل مكان وليس طرفاً أو كياناً بعينه .
سياسة المحاور الكردستانية و صراعاتها على النفوذ أضرت كثيراً بالحركة السياسية الكردية في روجآفاي كردستان , لذلك لا بدّ من الاقرار بخصوصية كل جزء كردستاني واحترام إرادة أبنائه وعدم التدخل في شؤونه الداخلية .
تعزيز التعاون والتنسيق بين مختلف القوى الكردستانية من خلال وضع استراتيجية قومية شاملة ومتفق عليها , تعتبر بمثابة خارطة طريق .
دعم ومساندة الحركة الكردية في شرق كردستان ولا سيما بعد الثورة الشعبية التي تشهدها إيران الآن , واستفادة الكرد من هذه الفرصة التاريخية لنيل الشعب الكردي حقوقه القومية والوطنية .
دعم و مساندة القوى الكردستانية و مباركة كل المساعي الرامية لترتيب البيت الكردستاني في إقليم كردستان العراق .
دعم ومساندة نضال الحركة السياسية الكردية في شمال كردستان و لا سيما النضال السلمي الذي يقوده حزب الشعوب الديمقراطية والذي بات يؤرق أردوغان قبيل الانتخابات المرتقبة .
وعلى الصعيد الوطني :
التنسيق والتعاون مع مختلف مكونات البلاد القومية والدينية والسياسية لتعزيز الجبهة الداخلية .
مطالبة القوى الوطنية السورية بإبداء موقف واضح وصريح من اللقاء الثلاثي المنعقد في روسيا كونه يشكل تهديداً لمستقبل سوريا وشعوبها .
على القوى السياسية الكردية و العربية وغيرها والتي تربطها علاقات سياسية مع دولة الاحتلال التركي أن تدرك تماماً أن تركيا كانت وما تزال تستخدمها كورقة للمساومة لا أكثر , وستتخلى عنها في أول فرصة .
وعلى الصعيد الدولي :
ما زال العالم أحادي القطب بقيادة أمريكا في ظل المأزق الروسي و النأي الصيني عن الدخول في أي مغامرة شبيهة بالتهور الروسي في أوكرانيا , فهي تحاول الحفاظ على تنامي قوتها الاقتصادية قدر المستطاع .
قوات التحالف الدولي مطالبة بإظهار موقف قوي و صريح تجاه المحاولات الروسية استهداف حلفائها في الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية في شمال وشرق سوريا .
مطالبة قوات سوريا الديمقراطية للجانب الروسي بتوضيح موقفه مما يجري , حيث تشير التطورات بأنه لم يعد ضامناً بل بات شريكاً للنظامين السوري والتركي في هذا المخطط الآثم .
على مجلس سوريا الديمقراطية تكثيف اتصالاته الدولية لكسب المزيد من التأييد والدعم لروجآفاي كردستان وشمال وشرق سوريا ولحمايتها من أية مخططات تستهدف الإدارة الذاتية والشعب الكردي .
ومن خلال جملة الرؤى السابقة سيكون بمقدورنا القول أن بإمكان الحركة السياسية الكردية في سوريا أن تستعيد ثقة الجماهير بها وتلتف حولها من جديد و ستتحول حبنها إلى رقم صعب في معادلة صعبة لا يمكن تجاهله أو الاستغناء عنه .
وأولاً وأخيراً لا خيار أمام شعبنا الكردي وحركته السياسية للتصدي لهذه المخططات العدوانية سوى الاستمرار في النضال القومي والوطني وبإرادة لا تعرف اليأس والهزيمة , ورهاننا الأوحد هو شعبنا الكردي و عدالة قضيتنا ووحدتنا .
قامشلو 31 / كانون الأول / 2022م اللجنة المركزية
للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا
( البارتي )
The post بلاغ صادر عن الاجتماع الاعتيادي اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا ( البارتي ) appeared first on الــبــارتــي – P A R T Î.
المصدر: الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا ( البارتي )