1. خلفية:
تتناول هذه الورقة واحدة من أهم الآليات الحديثة التي اعتمدتها العديد من الدول ما بعد الصراع في صيانة حقوق الإنسان والحريات العامة وهي “العدالة الانتقالية”، وتهدف إلى إبراز دور وأهمية العدالة الانتقالية في سوريا وفي معالجة الانتهاكات والممارسات القمعية المتنوعة من مختلف أطراف الصراع، وذلك في سبيل بناء تدابير قانونية وسياسية واجتماعية؛ أبرزها البحث وكشف الحقيقة حول انتهاكات حقوق الإنسان، وإنصاف الضحايا، وإصلاح المؤسسات، وإيجاد آليات لمحاسبة المنتهكين من المسؤولين في الدولة أو ضمن الجهات الأخرى المنخرطة في الصراع في سوريا.
إن للعمل على العدالة الانتقالية في سوريا أهمية كبيرة بسبب تعقيد الوضع وكمّية الانتهاكات وتعدد الجناة، لقد بنيت العديد من الافتراضات حول فكرة العدالة الانتقالية في سوريا من طرف العديد من الجهات، على إن الحكومة السورية هي الطرف الوحيد الذي ارتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، ورغم أنّ هذا الافتراض كان في محله حتى نهاية العام 2011 على الأقل، غير أن العدد الهائل للجرائم المرتكبة من معظم اللاعبين المحليين والأجانب على مدار سنوات الصراع، والمشاركين في الوقت عينه في مفاوضات السلام، يجعل الفرضية السابقة غير أكيدة، لذا لابد من تبنّي مقاربة جديدة، تتصف بالشمولية، بما يتوافق مع الواقع الحالي للنزاع السوري.
تستند هذه الورقة إلى ورشة عمل دعت لها “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، على مدار أربع جلسات تناولت المفاهيم العامة للعدالة الانتقالية وأيضا تجارب سابقة للعدالة الانتقالية في عدد من البلدان، وخصوصاً (جنوب أفريقيا والمغرب وتشيلي)، وأيضاً تمّ عرض أوجه أو مقاربات جديدة داعمة للعدالة الانتقالية من سبيل العدالة التصالحية والعدالة التحويلية، كما تمّت مناقشة ضرورة إدراج العدالة الانتقالية ضمن جدول أعمال اللجنة الدستورية الخاصة بسوريا، كجسر وممر أساسي للانتقال إلى مستقبل آمن ودولة قانون مستدامة.
2. ما هي العدالة الانتقالية؟
يُعدّ مفهوم “العدالة الانتقالية” من المفاهيم القانونية الحديثة، حيث بدأت دوافعه السياسية والقانونية والحقوقية والإنسانية بالتبلور، وإنْ كان ببطء، من خلال التجارب الدولية، وفي العديد من المناطق في العالم، ولاسيما في أوروبا، بعد الحرب العالمية الثانية، مع إنشاء المحاكم العسكرية الدولية في طوكيو ونورمبرغ. وساعد إنشاء منظمة الأمم المتحدة، وصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهود الدولية المختلفة بشكل واضح، في تطوير هذه الفكرة.[1]
كان لتطور المجتمع المدني في أوروبا نهاية الستينيات أثرٌ واضح في انتقال دول عدّة في أوروبا، من الحكم العسكري إلى الديمقراطية، كما في اليونان وإسبانيا. كذلك كان الانتقال السياسي من الدكتاتورية إلى الديمقراطية في أوروبا الشرقية، اتبّعت هذه الدول مسارات مختلفة من العدالة الانتقالية، تتناسب وأوضاعها السياسية والاجتماعية والاقتصادية. ساهمت في توطيد مفهوم العدالة الانتقالية.[2]
مع اندلاع الحروب الأهلية في العديد من دول العالم (دول أميركا اللاتينية وأفريقيا) وازدياد حجم الانتهاكات الجسيمة، تحرك المجتمع الدولي لتعزيز المحاكمات الجنائية لملاحقة كبار مرتكبي الانتهاكات، فتم إنشاء محاكم دولية ومختلطة في يوغسلافيا السابقة ورواندا وسيراليون وغيرها.
إن العدالة الانتقالية ميدان دائم التوسع في البحث الأكاديمي والممارسة، تتعلق بمجموعة من الإجراءات التي تتناول انتهاكات سابقة لحقوق الإنسان في أعقاب الانتقال/التحول السياسي؛ حيث طُبقت العدالة الانتقالية في المجتمعات التي خرجت من أنظمة استبدادية، وفي البلدان الخارجة من صراعات داخلية أو صراعات عبر الحدود، وفي البلدان التي تعاني من صراعات جارية أو ديمقراطية محدودة أو تحول ديمقراطي[3]
2.1. تعريف العدالة الانتقالية:
عرفت الأمم المتحدة مفهوم العدالة الانتقالية بأنه “كامل نطاق العمليات والآليات المرتبطة بالمحاولات التي يبذلها المجتمع لتفهم تركة من تجاوزات الماضي الواسعة النطاق بغية كفالة المساءلة وإقامة العدالة وتحقيق المصالحة، وقد تشمل هذه الآليات القضائية وغير القضائية على السواء، مع تفاوت مستويات المشاركة الدولية (أو عدم وجودها مطلقاً) ومحاكمات الأفراد، والتعويض، وتقصي الحقائق، والإصلاح الدستوري، وفحص السجل الشخصي للكشف عن التجاوزات، والفصل أو اقترانهما معا”.[4] أي أن العدالة الانتقالية تتعامل مع إرث من الانتهاكات الممنهجة واسعة النطاق وليس مع التجاوزات الفردية.
فيما عرفها المركز الدولي للعدالة الانتقالية على أنها: مفهوم يشير إلى مجموعة التدابير القضائية وغير القضائية التي قامت بتطبيقها دول مختلفة من أجل معالجة ما ورثته من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وتتضمن هذه التدابير الملاحقات القضائية ولجان التحقيق وبرامج جبر الضرر وأشكال متنوعة من إصلاح المؤسسات، تُشيرُ العدالة الانتقاليّة إلى كيفية استجابة المجتمعات لإرث الانتهاكات الجسيمة والصّارخة لحقوق الإنسان. وهي تطرحُ بعضًا من أشدّ الأسئلةِ صعوبةً إن في القانون، أم السياسة، أم العلوم الاجتماعيّة، وتجهدُ لحسمِ عددٍ لا يُحصَى من الجدالات. إنَّ العدالة الانتقاليّة تُعنى، أوّلًا، بالضّحايا، قبلَ أي اعتبارٍ آخر[5].
2.2. عناصر العدالة الانتقالية:
إنّ العدالة الانتقالية متجذّرة في القانون الدولي لحقوق الإنسان. ويقع على عاتق الدول توفير سبل فعالة لإنصاف ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان،[6] فقد حدد الأمين العام للأمم المتحدة عناصر العدالة الانتقالية بأنها تتألف من عمليات واليات قضائية وغير قضائية على حد سواء ومن بينها مبادرات المقاضاة ومبادرات التيسير فيما يخص الحق في معرفة الحقيقة وجبر الضرر والإصلاح المؤسسي والمشاورات الوطنية، وأيا كانت المجموعة التي يجري اختيارها، فيجب أن تكون متوافقة مع المعايير والالتزامات القانونية الدولية.[7]
عناصر العدالة الانتقالية
الأسس الحقوقية للعدالة الانتقالية
التعريف
تدابير قضائية/شبه قضائية
محاكم وطنية أو محاكم دولية خاصة أو دائمة
الحق في العدالة
محاسبة الجناة أو المنتهكين حق للضحايا وحق للمجتمع، وتشمل التحقيقات القضائية مع المسؤولين عن ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان؛ أو من يُعتقد أنهم يتحملون القدر الأكبر من المسؤولية عن الانتهاكات الجسيمة أو الممنهجة.
لجان الحقيقة
الحق في معرفة الحقيقة
مهمتها التحقيق في أنماط الانتهاكات المنتظمة والتبليغ عنها والتوصية بإجراء تعديلات والمساعدة على فهم الأسباب الكامنة وراء الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، لا تحاكم، ولكن تصدر تقارير وتدرس أسباب المشكلة والأسباب التي أدت إلى هذه الانتهاكات وتعطي توصيات حول تعديل أو إلغاء بعض القوانين التي تؤثر على التحقيقات أو المحاكمات.
تدابير غير قضائية
برامج جبر الضرر
الحق في جبر الضرر
وهذه مبادرات تدعمها الدولة وتسهم في جبر الأضرار المادية والمعنوية المترتبة على انتهاكات الماضي ويكون التعويض مادي أو معنوي.[8]
إصلاح المؤسسات والتشريعات
ضمانات عدم التكرار
إنّ إصلاح المؤسسات هي العملية التي تتمّ بموجبها مراجعة مؤسسات الدولة وإعادة هيكلتها، بحيث تحترم حقوق الإنسان وتحافظ على سيادة القانون وتُخضع للمحاسبة كل من انتهك تلك الحقوق، لضمان عدم تكرار الانتهاكات وتأسيس الديمقراطية عبر إصلاح دستوري، ومن خلال إصلاح القوانين وإصلاح المنظومة الأمنية والقضائية والإعلامية في الدولة، لأنه من دون الإصلاحات قد تقوم هذه المؤسسات بتكرار تلك الانتهاكات.
المشاورات الوطنية
تعتبر المشاورات الوطنية عنصر حاسم الأهمية من عناصر النهج القائم على حقوق الإنسان لتحقيق العدالة الانتقالية بما فيها مشاركة أصوات المجموعات المختلفة المهمشة، كالنساء، والمجموعات العرقية، والدينية، واللغوية.
إن العدالة الانتقالية مشروع تحكمه مجموعة مركبة من الأسباب والشروط والقوى. وهي فضاء مفتوح لا ينص على اعتماد مقاربة واحدة، بل هي عملية تعطي الأولوية للتصورات المحلية الموضوعة للعدالة والمصالحة والسلام وتستلهم من التجارب التي سبقتها.
كما تتطوّر العدالة الانتقالية مع الزمن، فهي إلى جانب الممارسات القانونية والدستورية، هي واحدة من جملة الأدوات الفعّالة، في تعزيز قيمِ المواطنة وحقوق الإنسان وتعميم المشاركة المجتمعية وتطبيق الديمقراطية وممارستها، فأصبحت العدالة الانتقالية جزءاً من مسارات إعادة بناء المجتمعات التي حطمتها الدكتاتورية أو مزقتها الحروب الأهلية.
3. أشكال ومقاربات العدالة الانتقالية:
ليس للعدالة الانتقالية شكل واحد أو نموذج افتراضي، حيث لديها بنية متغيرة تتطور وتتغير مع تغير البيئات أو المجتمعات التي تعمل عليها أو بها. فالعدالة الانتقالية هندسة لمقاربات متعددة وهندسة لاستراتيجيات العدالة في ظروف معينة لبلد أو دولة ما نتيجة تحول ديمقراطي، أو نزاع أو انتقال في الحكم حيث تكون مؤسسات الدولة في حالة ضعف أو فساد أو دمار.[9]
ضمن هذا السياق، تقوم العدالة الانتقالية على ضرورة فهم السياق السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي الذي يطبع المجتمع المعني للاستعانة بها لمعالجة آثار انتهاكات الماضي، فلا يمكن نقل تجربة بلد ما إلى بلد آخر بحذافيرها، فالأولويات والتحديات والعقبات لا بد أن تختلف من بلد لآخر.
فمثلاً في حالة العدالة الانتقالية في كولومبيا، قدمت الحكومة اقتراحاً لتطبيق العدالة التصالحية بشأن المعاملة القانونية للفظائع التي ارتكبتها الجماعات شبه العسكرية: الاقتراح التشريعي موجه نحو مفهوم تصالحي، والذي يحل محل استيعاب العقوبة بالانتقام. هذا الاستيعاب نموذجي لخطاب يتفاعل بشكل أساسي مع المجرم بألم مشابه لما يسببه للضحية، ويسعى إلى عدم التكرار (المنع) وتعويض الضحايا. من المهم أن نأخذ في الاعتبار أنه عند إقامة العدل، أن القانون يشير إلى جبر الضرر وليس الانتقام. في مواجهة الفشل المتكرر للسجن، باعتباره الرد الوحيد على الجريمة، لإعادة دمج الجانحين في المجتمع.[10]
أمّا في تجربة جنوب إفريقيا،[11] والتي جاءت بعد إصدار قانون المصالحة في 1995، لم تتوقف جهود لجان العدالة الانتقالية، ولكن استمرت جهود جمعيات الضحايا في سبيل تعديل دستوري، وفي عام 2008، وبدعم من المركز الدولي للعدالة الانتقالية، أعلنت محكمة بريتوريا العليا عدم دستورية تعديلات سياسة الملاحقة القضائية.[12]
وفي العام 2010، أيّدت المحكمة الدستورية حقّ الضحايا باستشارتهم قبل منح العفو السياسي، وأيضاً في الطعن القانوني لإجراء تعديلات على سياسة الملاحقة القضائية الخاصّة بسلطة المتابعة القضائية الوطنية التي منحت عفوا عاما غير نزيه.[13] في مرحلة التحول الديمقراطي، كانت قضية العفو عن مرتكبي الجرائم الخطيرة خلال فترة الصراع من أهم نقاط المفاوضات، وقد توصل طرفي الصراع إلى تسوية مفادها أن العفو يمكن أن يتم بالنسبة للأعمال الإجرامية التي تمت بهدف سياسي وكان لها علاقة بنزاعات الماضي.[14]
مع اندلاع ثورات “الربيع العربي” كان لا بدّ من إجراء مراجعات كبيرة لهذا المفهوم بما يتناسب مع واقع المنطقة، إلى جانب الجرائم والانتهاكات الخطيرة التي ارتكبتها أنظمة الحكم والميليشيات المسلحة بحق السكان القابعين تحت سيطرتها مثلما هو حاصل في سوريا.
4. سوريا والعدالة الانتقالية:
على الصعيد السوري، لم يكن إلا قلّة من المختصين على دراية بهذا المفهوم قبل اندلاع الاحداث في سوريا 2011، حيث بدأ سوريون/ات ينظمون أنفسهم/ن في منظمات غير حكومية مختصة بقضية العدالة الانتقالية. وقد طرحت الفكرة في وثيقة العهد الوطني التي أقرها مؤتمر المعارضة السورية المنعقد تحت رعاية جامعة الدول العربية بالقاهرة بتاريخ 3 تموز/يوليو 2012.[15] والتي دعت إلى تشكيل هيئة عامّة للمحاسبة والمصالحة الوطنيّة، كذلك ظهرت العديد من منظمات المناصرة والتوثيق والتدريب التي شاركت في وضع تصورات لتحقيق العدالة الانتقالية في سوريا.
كما تم تشكيل مجموعات تنسيق هدفت إلى صياغة رؤية وطنية للعدالة الانتقالية في سوريا والبدء بعملية تشاور واسعة لإشراك السكان على نطاق أوسع في عملية العدالة الانتقالية وتشجيع الضحايا وعائلاتهم على تنظيم أنفسهم في منظمات/جمعيات الضحايا.[16] واصلت هذه الجهات التفكير في مفاهيم وآليات العدالة الانتقالية، وقد تركزت جهود هذه المنظمات في توثيق الانتهاكات والشهادات، حيث كانت هذه الوثائق ضرورية لإبراز معاناة الضحايا ومطالبات العدالة والمساءلة الخاصة بهم، كما كانت هناك جهود التقاضي الجنائي التي تسعى للوقوف في وجه الإفلات من العقاب، حيث نتجت عنها مبادرات الملاحقة القضائية المتعددة بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية – وكذلك أشكال أخرى من الولاية القضائية خارج الإقليم – للمحاكم المحلية في عدد من البلدان التي تستضيف لاجئين سوريين بمقاضاة الجرائم المرتكبة في سوريا. وقد خلق هذا دافع لجهود العدالة الجنائية الدولية، كذلك لجأت مجموعات الضحايا والجهات الفاعلة الأخرى في المجتمع المدني إلى البحث عن الحقيقة في محاولة لمعالجة أزمة عشرات الآلاف من الأشخاص المختفين قسريا والمفقودين في سوريا، والتي قادت مناهج جديدة ومبتكرة تجاه العدالة.[17]
لقد تنوّع إرث الانتهاكات في سوريا، بحيث طالت معظم أفراد ومكونات الشعب السوري، العرقية، والدينية، والثقافية، والاجتماعية. الأمر الذي يفرض على السوريين العمل على ابتداع مسار وفلسفة خاصة للعدالة الانتقالية، فحجم الانتهاكات من جهة، وحجم التحديات من جهة ثانية، يجعل من الواجب تصميم برامج متنوعة بآليات متعددة وأدوات مختلفة للوصول إلى النتائج المرجوة.
5. دور المجتمع الدولي في تعزيز مسار العدالة الانتقالية في سوريا:
ورد الحديث عن مفهوم العدالة الانتقالية وبعض عناصرها في بيان جنيف 2012،[18] في سياق الحديث عن السلامة والاستقرار والهدوء حيث تنص الفقرة 10(د) على “الالتزام بالمساءلة والمصالحة الوطنية. ويجب النظر في الجوانب المتعلقة بالمساءلة عن الأفعال المرتكبة خلال هذا النزاع. ومن اللازم أيضاً إعداد مجموعة شاملة من أدوات العدالة الانتقالية، تشمل تعويض ضحايا هذا النزاع أو ردّ الاعتبار إليهم، واتخاذ خطوات من أجل المصالحة الوطنية والعفو”. [19]
ورغم أنّ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254[20] لعام 2015، والقاضي بوقف إطلاق النار والتوصل إلى تسوية سياسية للوضع في سوريا، لم يذكر صراحة مفهوم العدالة الانتقالية، إلاّ أنّه أكّد بأنه ما من حل دائم للأزمة الراهنة في سوريا إلا من خلال عملية سياسية جامعة بقيادة سورية تلبي تطلعات الشعب السوري بهدف التنفيذ الكامل لبيان جنيف المؤرخ 30 حزيران/يونيو 2012، والذي أيده القرار 2118 لعام 2013. [21]
وفي سبيل تمثيل واسع لكافة مكونات السوريين، كان إنشاء غرفة دعم المجتمع المدني في كانون الثاني/يناير 2016، من قبل مكتب المبعوث الخاص لسوريا كمنصة لضمان عملية سياسية شاملة من خلال التشاور مع مجموعة واسعة ومتنوعة من الجهات الفاعلة في المجتمع المدني وإشراكها. ومن خلال غرفة دعم المجتمع المدني، يمكن للجهات الفاعلة في المجتمع المدني أن تلتقي وتتفاعل وتتبادل الأفكار فيما بينها، مع مكتب المبعوث الخاص، والجهات الفاعلة المعنية في الأمم المتحدة، فضلاً عن أصحاب المصلحة الدوليين، ولكن بعد عدة جولات للجنة الدستورية حول سوريا، كانت هناك آراء متضاربة بين الأطراف المنخرطة في العملية الدستورية، فمن جهة هناك رأي يدعو: “التزام الدولة بمعالجة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والانتهاكات لحقوق الإنسان يتبنى نهج شامل للعدالة الانتقالية، يقوم على الأسس التالية: عدم الإفلات من العقاب، عدم سقوط هذه الجرائم بالتقادم أو بصدور عفو سابق، ضمان حقوق الضحايا وعائلاتهم “، ويمثله (وفد مرشحي هيئة التفاوض السورية)، كما أنه في الجهة المقابلة هناك رأي يقول: “إن ما يسمى بالعدالة الانتقالية ليس مبدأً دستورياً، وبالتالي لا يمكن تضمينه في الدستور”، ويمثله وفد المدعوم من الحكومة السورية.[22]
وكمثال على تضمين عملية العدالة الانتقالية في تجارب سابقة يمكن الاستدلال بالتجربة التونسية التي تعتبر من أحدث التجارب في العدالة الانتقالية فقد تضمن الدستور التونسي لعام 2014 في المادة 148 الفقرة 9: “تلتزم الدولة بتطبيق منظومة العدالة الانتقالية في جميع مجالاتها والمدة الزمنية المحددة بالتشريع المتعلق بها، ولا يقبل في هذا السياق الدفع بعدم رجعية القوانين، أو بوجود عفو سابق، أو بحجية اتصال القضاء، أو بسقوط الجريمة، أو العقاب بمرور الزمن”[23]. أو في دستور جمهورية مصر العربية المادة 241: “يلتزم مجلس النواب فى أول دور انعقاد له بعد نفاذ هذا الدستور بإصدار قانون للعدالة الانتقالية يكفل كشف الحقيقة، والمحاسبة، واقتراح أطر المصالحة الوطنية، وتعويض الضحايا، وذلك وفقاً للمعايير الدولية”.[24]
6. التحديات والعقبات في تطبيق العدالة الانتقالية في سوريا:
إن أولى العقبات التي ستواجه الوصول إلى مرحلة انتقالية في سوريا هي وجود عدة جهات دولية وإقليمية متورطة في النزاع السوري وتسببت في انتهاكات جسيمة بحق المواطنين في سوريا، حيث لم يعد ارتكاب الجرائم الخطرة مقتصراً على القوات العسكرية والأجهزة الأمنية التابعة للحكومة السورية، حيث أن أطراف عديدة باتت مشتركة كالقوات العسكرية الروسية،[25] قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية،[26] القوات العسكرية والأمنية التركية،[27] قوات الحرس الثوري الإيراني مع جميع الميليشيات العراقية واللبنانية والأفغانية المرتبطة به،[28] كذلك الجماعات المسلحة المصنفة على قوائم الإرهاب الدولي بمن فيها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروف باسم (داعش)،[29] وتنظيم القاعدة الجهادي وتوابعه المحلية (جبهة النصرة/هيئة تحرير الشام)[30]، إضافة إلى فصائل الجيش السوري الحر/الوطني[31]، قوات سوريا الديمقراطية[32] جميعها مارست وتمارس صور العنف المختلفة بحق السوريين. ارتكبت هذه الجهات جملة من الانتهاكات ضد حقوق الإنسان، كما إن بعض الفصائل لم تعد موجودة أو لم تعد تملك السيطرة الميدانية التي كانت تمتلكها في وقت انتهاكها لحقوق المواطنين كتنظيم (داعش)، أو جماعات المسلحة المتطرفة الأخرى.
ومثلما هناك أطراف متورطة في النزاع المسلح في سوريا، هناك أطراف تتدخل في العملية الدستورية في سوريا حيث تضع شروط وفيتو على حضور جهات وعدم مشاركات جهات أخرى، حيث أن رسم شكل العدالة الانتقالية المرجوة في سوريا ليس فقط في يد السوريين وإنما في يد الأطراف المتورطة في الازمة السورية بشكل أساس.
هذا الوضع يحيلنا إلى التساؤل حول القدرة الفعلية في تطبيق جميع عناصر العدالة الانتقالية على جميع أطراف النزاع ومحاسبة مختلف الجرائم المرتكبة في سوريا.
بالتأكيد إن حجر الأساس في عملية الانتقال في سوريا، هي الإرادة السياسية، والتي تتحقق إما عبر توافق وطني داخلي وعملية مصالحة وطنية، أو تفرض هذه الإرادة من المجتمع الدولي وعبر الدول الفاعلة والمؤثرة. وفي السياق السوري هناك غياب لهذه الإرادة سواء على المستوى المحلي بين الأطراف المتنازعة أو عند الأطراف الدولية والإقليمية المؤثرة في السياق السوري مثل روسيا وتركيا وإيران.
إن انعدام الثقة بالمؤسسات الوطنية السورية سيشكل عائقاً أمام العدالة الانتقالية وأمام الوصول إلى عقد اجتماعي جامع، الذي هو -بشكل أو بآخر- يفترض أن يمثل مجموع إرادات السوريين بالعيش المشترك، وفق قواعد تحقق تطلعاتهم وتنظم سبل حياتهم. وتتجسد هذه الإرادة في الدستور، فبدون نصوص دستورية واضحة، لا يمكن أن يحوز أي مسار للعدالة الانتقالية الشرعيةَ والقبول من جهة، كما لا يمكن -لاحقاً- إلزام الحكومات اللاحقة على الحكم وفقاً بها من جهة ثانية.
لذا الخطوة المهمة في بداية المرحلة الانتقالية تتمثل في التأسيس الدستوري لمؤسسات السلطة: التشريعية، والتنفيذية، والقضائية. فالدستور السوري الحالي (دستور 2012)، كما الدساتير السابقة، كان ومازال يستمر في انتهاك حقوق المواطنين الموجودين في سوريا من جميع المكونات، على سبيل المثال في ديباجة دستور 2012:
تعتز الجمهورية العربية السورية بانتمائها العربي، وبكون شعبها جزءاً لا يتجزأ من الأمة العربية مجسدة هذا الانتماء في مشروعها الوطني والقومي، وفي العمل على دعم التعاون العربي بهدف تعزيز التكامل وتحقيق وحدة الأمة العربية.[33]
تتكرر كلمتا (العربي/العربية) أكثر من عشر مرات في الديباجة فقط، وهذا يخلق انطباعاً بأن الشعب السوري مؤلف من المكون العربي فقط، وهذه الرؤية لا تعكس الواقع في سوريا وتخلق شعوراً سلبياً وحالة اغتراب عند كل الإثنيات الأخرى من الكرد والتركمان والسريان الآشوريين وغيرهم من المكونات القومية، ويسري هذا الأمر على المادة الثالثة[34] من الدستور التي تنص على أن يكون الإسلام مصدر للتشريع وعلى هذا الأساس يتم استبعاد فئات سكانية مثل المسيحيين/ المسيحيات والايزيديين/ الايزيديات والدروز/ الدرزيات.
كما إن الرئيس السوري بموجب دستور 2012، يتمتع بصلاحيات تنفيذية، وتشريعية واسعة وشبه مطلقة، فلا يوجد مجال من مجالات الحياة السياسية، والاقتصادية، والأمنية، والاجتماعية، إلا وله الصلاحيات المطلقة للتدخل فيها، سواء عبر التشريع، أم عبر الأوامر والتعليمات الإدارية وهو الذي يحدد السياسة العامة للدولة مع مجلس الوزراء الذي هو يعينه بطبيعة الحال.[35] وله الحق بالاعتراض على القوانين التي يصدرها مجلس الشعب وهو الذي يصدر المراسيم، والقوانين، والأوامر، وهو الذي يعلن الحرب، والتعبئة العامة، ويعقد الصلح، بعد موافقة مجلس الشعب.[36] وهو الذي يعلن حالة الطوارئ ويلغيها.[37] وله أن يشكل اللجان، والهيئات، والمجالس الخاصة، ويحدد مهامها وصلاحياتها.[38] وهو رئيس مجلس القضاء الأعلى،[39] ويسمي أعضاء المحكمة الدستورية.[40]
وبموجب الدستور الحالي، ليس هناك وجود فعلي لفصل السلطات واستقلالها، أو للمساواة بين السوريين، أو للحياة السياسية، فكل الصلاحيات منحت للرئيس.
وهذا يقودنا إلى عقبة أخرى وهي تركيبة وصلاحيات المؤسسات والهيئات الضالعة في انتهاكات حقوق الإنسان والتي كانت شريكة في قتل وتهجير السوريين، مثل المؤسسات الأمنية (الشرطة والجيش)، كما يطرح الغطاء القضائي للانتهاكات إشكالية بالغة، من حيث كيفية التعامل مع الجهاز القضائي الذي كان شريكا في القمع وانتهاكات حقوق الإنسان عبر منح منفذيها الغطاء القانوني أو المشاركة الفعلية فيها.
على سبيل المثال: المرسوم 64 لعام 2008، الذي نزع يد القضاء عن النظر في الجرائم التي يرتكبها عناصر الشرطة وشعبة الأمن السياسي والضابطة الجمركية ومنحهم حصانة ضد الجرائم التي يرتكبونها بجعلها من اختصاص القضاء العسكري وحصر أمر تحريك الدعوى العامة أو حفظها بوزير الدفاع.
وأيضاً المادة 53 من قانون العقوبات العسكري التي لا تجيز ملاحقة من يخضع لاختصاص القضاء العسكري من العسكريين أو من العاملين في الدوائر العسكري إلا بموجب أوامر ملاحقة تصدر عن الجهات المختصة. أيضاً القانون رقم 14 لعام 1969: لا يجوز ملاحقة أي من العاملين في الإدارة عن الجرائم التي يرتكبونها أثناء تنفيذ المهمات المحددة الموكولة إليهم أو في معرض قيامهم بها إلا بموجب أمر ملاحقة يصدر عن المدير.[41]
حيث لا بد أن يترافق التأسيس الدستوري بالتأسيس القانوني في إلغاء القوانين الاستثنائية والقضاء الاستثنائي، وضرورة تعديل القوانين والتشريعات وتحديثها بما يتلاءم مع التعديلات الحاصلة في الواقع الاجتماعي والقانوني (قانون العقوبات، القانون المدني، قانون أصول المحاكمات المدنية والجزائية، قانون الأحوال الشخصية…)، ثم وضع قوانين صارمة لاحترام وتنفيذ الأحكام القضائية.[42] إذ تبدأ المرحلة الانتقالية بالتأسيس لدستور يؤسس بدوره نظاما قضائيا مستقلاً ومحايداً وقادراً على القيام بالدور المنوط به المتمثل بتحقيق المطالب المحقة للمتقاضين، ومنحه كامل الصلاحيات بعدم تطبيق القوانين الغير متوافقة مع الدستور ومع المعاهدات التي صادقت عليها سوريا ولا سيما تلك المتعلقة بحقوق الإنسان. وإعادة النظر بقانون المحكمة الدستورية العليا بحيث يتم نزع الصلاحيات الممنوحة للسلطة التنفيذية في مسألة تعيين قضاة هذه المحكمة.[43]
كما أن أبرز التحديات التي سوف تواجه السوريون هي تشكيل لجان الحقيقة وقدرتها على التوثيق والبحث التحقيق، في الكشف عن مصير آلاف القتلى أو المختفين قسراً أو المعتقلين، وذلك لأسباب عديدة منها اختلاف الجهات المسيطرة على المنطقة على مدار الازمة في سوريا، أو نتيجة غياب الأدلة والوثائق والشهود، أو نتيجة النزوح واللجوء لكثير من الضحايا وذوي الضحايا في دول العالم. فعلى سبيل: كان الاعتراف بمعالجة قضية المفقودين عنصر أساسي في عملية المصالحة الاجتماعية عقب العودة إلى الديمقراطية في تشيلي.[44]
وفي السياق السوري، هناك عدة صعوبات في هذا الجانب، جانب جبر الضرر، فمثلا! مفهوم الضحية وتحديد من هم الضحايا في سوريا،[45] وأيضاً المدة الزمنية لهذه العملية هل ستكون منذ بداية النزاع أو سيكون هناك نقطة بداية أخرى وخاصة في موضوع المعتقلين السياسيين أو موضوع الحرمان من الجنسية كما في حالة الكرد في سوريا.[46]
تشير تقارير المنظمات الحقوقية ولجنة التحقيق الدولية المستقلة إلى مجموعة واسعة من الانتهاكات الجسيمة لقانون حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.[47] في ظل العدد الكبير والمتنوع للانتهاكات وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وفي ظل العدد الهائل من الضحايا ووجود 6.2 مليون شخص مشرد داخلياً ومثلهم من اللاجئين وفي ظل الأزمة اقتصادية خانقة سوف تشكل عائق أمام أي جهة مستقبلية في سوريا لتنفيذ إجراءات عدالة انتقالية حقيقية وتوفير الموارد المالية لها.[48] حيث سيكون توافر الإمكانات المالية من القضايا والتحديات التي ستواجه السوريين، تبعا لحجم الدمار الذي أصاب الاقتصاد والبنية التحتية وحكم البطالة وحالة الفقر، والنقص الحاد في الموارد المالية.[49]
يضاف إلى هذه التحديات برامج جبر الضرر والموارد المالية والمادية المخصصة لذلك. إن الإقرار بالمسؤولية هو عنصرٌ أساسي في جبر الضرر، وغيابه ينبع من سوء الفهم بأن التعويض، إنْ أُعطي، كان في حد ذاته كافياً لجبر الضرر. حيث توجد حالات تعطي فيها الحكومات المال للضحايا دون تحمل المسؤولية عن إخفاق الدولة في منع الانتهاكات ودون الالتزام بعدم تكرار تلك الانتهاكات[50]. لذا لا بد من تزامن التعويض بالإقرار بالمسؤولية.
ففي حالة تشيلي: قامت بتقديم جبر الضرر لمجموعةٍ كبيرة ومتنوعة من الضحايا، ومعالجة الآثار الناجمة عن الانتهاكات من خلال تدابير شاملة. دفعت للتعويضات من المعاشات، ممّا أتاح لها أن توزع التكاليف على مدى عدة سنوات، وأن تضمن أيضاً عدم وقوع الضحايا في الفقر إذا ما كبروا. كما اشتملت برامج التعويضات على إرساء نظام رعاية صحية متخصص يراعي احتياجات الضحايا، وعلى برنامج يقدم المنح الجامعية للضحايا وأبنائهم. نُفِّذت برامج جبر الضرر في تشيلي والأرجنتين بالتوازي مع بذل جهود كبيرة للإقرار بالحقيقة، والتعبير عن تقبل مسؤولية الدولة، والتحقيق مع مرتكبي الجرائم الجسيمة ومقاضاتهم، وإصلاح المؤسسات.[51]
سوف يتوصل السوريون والأطراف المتصارعة في سوريا مستقبلاً إلى تسوية سياسية تخلق توازن في مصالح هذه الأطراف، حيث ستبدأ المرحلة الانتقالية في البلد، ولكن ستكون هناك واحدة من التحديات الأولية للعدالة الانتقالية تتمثل في الوعي القاصر بالعدالة الانتقالية كمفهوم، والذي سيكون عقبة في التوصل إلى حل مستدام في البلد، فالخلط بين مفهوم العدالة الانتقالية وبين مفاهيم أخرى، مثل مفهوم العدالة الجنائية/ العقابية، أو مفهوم العدالة الإصلاحية/ التصالحية أو أية مقاربات تهدف إلى تحقيق العدالة.
مثلاً وفي التجربة العراقية: بعد سقوط نظام صدام حسين في عام 2003، وحتى بعد الانتصار على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، سواء في محاكمة مسؤولي الدولة أو في قانون اجتثاث البعث، أو عناصر تنظيم الدولة، طغت الرغبة في الانتقام من النظام السابق على معايير المحاكمة العادلة كما لم تؤمن المحاكمات الفرصة لتحقيق العدالة والإنصاف للضحايا، حيث كانت هناك تنفيذ للمحاكمات، ولكن من دون مشاركة الضحايا ومن دون جبر الضرر ومن دون معرفة المعلومات عن المختفين أو من دون معرفة الحقيقة.[52]
وهنا لا بد من توضيح مفهوم هذه العملية، فالعدالة العقابية والعدالة الجنائية، ليستا خارج سياق العدالة الانتقالية، ولكنها واحدة من المقاربات التي تحتاج إليها العدالة الانتقالية لتنفيذ رؤيتها، مع ضمان سلام مستدام قائم على تطبيق العدالة. فمثلاً في تجربة جنوب افريقيا في العدالة الانتقالية، مثال بارز على عملية التحول الديمقراطي التي أخذت موقف وسط بين العدالة العقابية والعدالة الإصلاحية/التصالحية:
أخذت لجنة الحقيقة والمصالحة موقعاً وسطاً بين العدالة العقابية والعفو الشامل، نأت عن منهج الانتقام، وعملت على إعادة تأسيس نظام أخلاقي يؤسس على منطق الفهم، ويستعيض عن العقاب الجنائي بالوصم الاجتماعي، فقد أجاز قانون لجنة الحقيقة والمصالحة “العفو من أجل الحقيقة” لمرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان الذين رغبوا بالاعتراف. وتمت عمليات العفو الرئاسية بموجب محاكمات سرية بغياب الضحايا ومن دون أي تمثيل لهم. كما مكّنت مرتكبي الجرائم في زمن التمييز العنصري، ممّن لم يتقدّموا بطلبات للحصول على عفو لجنة الحقيقة والمصالحة، الإفلات من العقاب.[53]
يمكن أن تتخذ العدالة مقاربة أخرى فتكون شكلاً من أشكال عدالة المنتصر، أو أن تكون السلطة القائمة قد اتبعت نهج العدالة الانتقالية تحت الضغوط الدولية، وهذا ما يمكن ملاحظته في تجربة المغرب في العدالة الانتقالية، التي تم عرضها في ورشة العمل، وتشكيل هيئة الإنصاف والمصالحة.[54]
أنشئت هيئة الإنصاف والمصالحة ضمن النظام السياسي نفسه، وظلت منسجمة معه، فلم يكن في مقدورها تجاوزها، وكانت بمثابة هيئة سياسية وإن بدت بمضامين حقوقية وقانونية. وقد انعكس ذلك بوضوح على عمل الهيئة، فقد اقتصر عملها على العدالة التصالحية واختصاصات غير قضائية، مكتفية بتدابير التحقيقات المستقلة وإعادة الحقوق والتعويضات المعنوية، ومنح تعويضات لأسر الضحايا من دون منحهم حقوق التقاضي ودون إدانة مسؤولين ممن غادروا أو مازالوا في مواقع المسؤولية بارتكاب الانتهاكات، فقد تحدد اختصاص ولاية الهيئة في مهمات البحث والتحري والتقييم والتحكيم والاقتراح من دون إمكانية إثارة المسؤولية الفردية عن الانتهاكات[55].
أو مثلما حصل في التجربة الشيلية للعدالة الانتقالية،[56] فقط أصبحت السلطات العسكرية المتورطة بالانتهاكات في شيلي شريكة ولها الدور في السلطة الجديدة، حيث ظل بنوشيه، الرئيس التشيلي الذي يتهم نظامه بتنفيذ انتهاكات وجرائم ضد حقوق الإنسان في شيلي، نفسه كقائد عام للجيش.[57] الأمر الذي منع لجان الحقيقة من البحث والتحقيق في الانتهاكات التي تورطت فيها قيادات في الجيش الشيلي.
غير أن بلدان ما بعد النزاع والديكتاتورية والتي تحاول تنفيذ توصيات لجان الحقيقة الخاصة بها أو وضع برامج قائمة بذاتها لمنح الضحايا درجات من العدالة التعويضية تواجه صعوبات نتيجة الاحتياجات الملحة لسكانها.
نص قرار تأسيس هيئة الإنصاف والمصالحة في المغرب على أن ولاية الهيئة يشمل المرحلة الزمنية الممتدة من بداية الاستقلال إلى تاريخ المصادقة الملكية على إحداث هيئة التحكيم المستقلة لتعويض ضحايا.
7. التوصيات:
استناداً إلى النقاشات التي رافقت الجلسات التي عقدتها “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” كجزء من مشروع “تجسير الهوّة بين السوريين/ات واللجنة الدستورية” الممول من قبل “الصندوق الوطني لدعم الديمقراطية”، يمكن استخلاص التوصيات الآتية:
ضرورة إدراج مبدأ العدالة الانتقالية (كفصل كامل) ضمن الدستور السوري الجديد المزمع كتابته في أروقة الأمم المتحدة، سواء من قبل اللجنة الدستورية إن كتب لها كتابة الدستور، أو من قبل جهات أخرى.
الضغط على الدولة السورية لمعالجة آثار الماضي من جرائم وانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، وضمان عدم تكرار ما حدث ويحدث وبناء السلم المجتمعي.
تبني نهج شامل للعدالة الانتقالية ينطلق من مبدأ عدم الإفلات من العقاب، واتخاذ مجموعة من التدابير القضائية وغير القضائية مبنية على مشاروات وطنية بما فيها من معرفة الحقيقة والكشف عن مصير المفقودين والمختفين، وضرورة المحاسبة والمساءلة.
تشكيل هيئة وطنية سورية للعدالة الانتقالية/لحقوق الانسان، تأخذ صلاحياتها من الدستور وتختص بإعداد مقترحاتها بخصوص عناصر العدالة الانتقالية ولها صلاحيات في تشكيل لجان تخصصية: (في جبر الضرر والإصلاح المؤسسي ولا سيما المؤسسات المتورطة في تلك الانتهاكات خاصة قوى الجيش والأمن والقضاء)، وتقديم تلك المقترحات إلى الحكومة التي ستشكل نتيجة التوافقات والتفاهمات التي ستتم بهذا الخصوص، بهدف تطبيق تلك المقترحات ووضعها موضع التنفيذ.
تشكيل لجان مهمتها التحقيق في الانتهاكات التي طالت حقوق الإنسان في سوريا طوال السنوات السابقة، على أن تكون قرارات تلك اللجان قابلة للطعن أمام القضاء المختص، بشرط تحرير الأخير من هيمنة السلطة التنفيذية.
تقديم الدعم والمساعدة من قبل المجتمع الدولي فيما يتعلق بمسارات العدالة الانتقالية الواجب السير فيها، ولا سيما الدعم المادي والتقني، والاستعانة بخبرات التقنيين الأكفاء العاملين في الهيئات الأممية المعنية بقضايا العدالة الانتقالية.
ضرورة مراجعة القوانين والمراسيم التي تتناقض مع الدستور الجديد ومع الاتفاقيات الدولية ولا سيما تلك التي تكون سوريا طرفاً فيها، وإلغاء تلك التشريعات أو تعديلها كي لا تكون عائقا أمام تطبيق برامج العدالة الانتقالية.
ضرورة إشراك الضحايا جميعا من مختلف المناطق السوريّة بتلك العملية، مشاركة حقيقة وفعلية منذ عملية التصميم، مع اعطاء خصوصية للنساء والأطفال وعائلات الضحايا.
[1] حبيب عيسى، التأسيس الدستوري للعدالة الانتقالية في سوريا، الأسس والمنطلقات في كتاب العدالة الانتقالية في سورية (دراسة قانونية) مجموعة من المؤلفين، مركز حرمون للدراسات المعاصرة، تركيا، تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، ص 9- 14
[2] حسان الأسود، العدالة الانتقالية في سورية الجديدة، مركز حرمون للدراسات المعاصرة، 26 كانون الأول/ ديسمبر 2021. (آخر زيارة للرابط: 9 أيار/مايو 2023). https://www.harmoon.org/reports/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%82%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9/
[3] العدالة الانتقالية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. مركز الدراسات الدولية والإقليمية. جامعة جورجتاون قطر. تقرير موجز رقم 16 (2018). (آخر زيارة للرابط: 9 أيار/مايو 2023). https://repository.library.georgetown.edu/handle/10822/1050477
[4] سيادة القانون والعدالة الانتقالية في مجتمعات الصراع ومجتمعات ما بعد الصراع، تقرير الأمين العام، مجلس الامن، الأمم المتحدة S/2004/616 23 آب/ أغسطس 2004، الفقرة 8، ص: 6. (آخر زيارة للرابط: 10 أيار/مايو 2023). https://undocs.org/Home/Mobile?FinalSymbol=S%2F2004%2F616&Language=E&DeviceType=Desktop&LangRequested=Fals
[5] مَا العدالةُ الانتقاليّة؟ المركز الدولي للعدالة الانتقالية. (آخر زيارة للرابط: 10 أيار/مايو 2023). https://www.ictj.org/ar/what-transitional-justice
[6] لمحة عن العدالة الانتقالية وحقوق الإنسان، الأمم المتحدة، حقوق الإنسان، مكتب المفوض السامي. (آخر زيارة للرابط: 10 أيار/مايو 2023). https://www.ohchr.org/ar/transitional-justice/about-transitional-justice-and-human-rights
[7] مذكرة توجيهية أعدها الأمين العام للأمم المتحدة، نهج الأمم المتحدة في شأن العدالة الانتقالية (12-38576)، الأمم المتحدة، اذار/ مارس 2010، ص 3، متوفر على الرابط (آخر زيارة للرابط: 10 أيار/مايو 2023). http://www.ivd.tn/ar/wp-content/uploads/2015/02/%D9%87%D9%86%D8%AC-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%B4%D8%A3%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%82%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%B0%D9%83%D8%B1%D8%A9-%D8%AA%D9%88%D8%AC%D9%8A%D9%87%D9%8A%D8%A9-%D8%A3%D8%B9%D8%AF%D9%87%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85-%D9%84%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%A9.pdf
[8] بحسب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 60/147 لعام 2006 المتضمن المبادئ الأساسية والمبادئ التوجيهية بشأن الحق في الانتصاف والجبر لضحايا الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان، تنقسم التعويضات إلى تعويض مادي: التعويضات النقدية أو الخدمات الصحية والعلمية المجانية على الضحايا أو ذويهم، وتعويض معنوي: تخليد الذكرى، أو إقامة المتاحف والنصب التذكارية التي تحفظ الذكرى العامة.
https://undocs.org/Home/Mobile?FinalSymbol=A%2FRES%2F60%2F147&Language=E&DeviceType=Desktop&LangRequested=False
[9] حبيب نصار، مدير السياسات والأبحاث في “إمبيونيتي ووتش”، ضمن محاضرة في ورشة حول العدالة الانتقالية في سوريا نظمتها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة.
[10]الجريدة الرسمية للكونغرس الكولومبي رقم 436، 2003. انظر: العدالة الانتقالية والعدالة التصالحية والمصالحة. بعض الرؤى من الحالة الكولومبية. (Transitional Justice, Restorative Justice and Reconciliation. Some Insights from the Colombian Case). ماريا باولا سافون ورودريغو أوبريمني. جامعة كولومبيا الوطنية 2005، ص 1. (آخر زيارة للرابط: 10 أيار/مايو 2023).
https://www.legal-tools.org/doc/e5caf8/pdf/
[11] تعد تجربة جنوب افريقيا من أبرز تجارب العدالة الانتقالية، حيث عانت جنوب افريقيا على مدار ثلاثين عاماً: من عام 1960 إلى 1990، من حكم الفصل العنصري من الأقلية البيضاء ضد الأكثرية السوداء، وصراع مسلح قاده المؤتمر الوطني الافريقي ضد نظام التمييز العنصري انتهى بمرحلة الانتقال الديمقراطي في عام 1990 مع رفع الحظر عن نشاط المؤتمر الوطني الأفريقي وإطلاق سراح نلسون مانديلا.
[12] جنوب إفريقيا، المركز الدولي للعدالة الانتقالية. (آخر زيارة للرابط: 10 أيار/مايو 2023). https://www.ictj.org/ar/location/sud%C3%A1frica
[13] المرجع السابق.
[14] في منتصف عام 1995 صادق برلمان جنوب افريقيا على قانون دعم الوحدة الوطنية والمصالحة رقم 34 في 1995 الذي أسس للجنة الحقيقة والمصالحة، وكان مقرها في كيپ تاون، كان عمل اللجنة ضمن ثلاث لجان: (لجنة انتهاكات حقوق الإنسان، لجنة جبر الضرر وإعادة التأهيل، لجنة العفو). الموقع الإلكتروني الرسمي للجنة الحقيقة والمصالحة. (آخر زيارة للرابط: 10 أيار/مايو 2023). https://www.justice.gov.za/trc/
[15] وثائق القاهرة: الرؤية السياسية المشتركة، مركز مالكوم كير- كارينغي للشرق الأوسط. (آخر زيارة للرابط: 10 أيار/مايو 2023). https://carnegie-mec.org/syriaincrisis/?fa=50099
[16] العدالة الانتقالية في سوريا المسار والمآل، مركز مع العدالة، 24 آب/ أغسطس 2018. (آخر زيارة للرابط: 10 أيار/مايو 2023). https://pro-justice.org/ar/accountability/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%82%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D8%A7.html
[17] فتح الطريق إلى العدالة في سوريا (Unlocking the Road to Justice in Syria). أوبينيو يوريس. 1 تشرين الأول/أكتوبر 2022. (آخر زيارة للرابط: 10 أيار/مايو 2023). http://opiniojuris.org/2022/10/01/unlocking-the-road-to-justice-in-syria/
[18] البيان الختامي لمجموعة العمل من أجل سوريا عام 2012 (بيان جنيف). هيئة التفاوض السورية اللجنة الدستورية. 30 حزيران/يونيو 2012. (آخر زيارة للرابط: 10 أيار/مايو 2023). https://syriancc.org/2021/09/02/%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D9%86-%D8%AC%D9%86%D9%8A%D9%81/
[19] البيان الختامي الصادر عن مجموعة العمل من أجل سوريا، الجمعية العامة للأمم المتحدة 30 حزيران/ يوليو 2012 رقم S/2012/522 . (آخر زيارة للرابط: 10 أيار/مايو 2023). https://undocs.org/Home/Mobile?FinalSymbol=S%2F2012%2F522&Language=E&DeviceType=Desktop&LangRequested=False%D8%8C
قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2118. (آخر زيارة للرابط: 10 أيار/مايو 2023). https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B1_%D9%85%D8%AC%D9%84%D8%B3_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%86_%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A_%D8%B1%D9%82%D9%85_2118
[20] القرار S/RES/2254(2015)، الأمم المتحدة، مجلس الأمن، 18 كانون الأول/ ديسمبر 2015. (آخر زيارة للرابط: 10 أيار/مايو 2023). https://undocs.org/Home/Mobile?FinalSymbol=S%2FRES%2F2254(2015)&Language=E&DeviceType=Desktop&LangRequested=False
[21] اللجنة الدستورية، مكتب المبعوث الخاص للأمين العام في سوريا.(آخر زيارة للرابط: 10 أيار/مايو 2023). https://specialenvoysyria.unmissions.org/ar/%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B3%D8%AA%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9
[22] من محضر جلسات مفاوضات وفد الحكومة السورية ووفد هيئة التفاوض في اللجنة الدستورية.
[23] دستور الجمهورية التونسية الصادر في 27 كانون الثاني/يناير 2014. (آخر زيارة للرابط: 10 أيار/مايو 2023). https://legislation-securite.tn/ar/law/44137
[24] دستور مصر. رئاسة الجمهورية المصرية. الباب السادس. المادة: 241. (آخر زيارة للرابط: 8 أيار/مايو 2023). https://www.presidency.eg/ar/%D9%85%D8%B5%D8%B1/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B3%D8%AA%D9%88%D8%B1/
[25] التقرير السنوي السابع عن أبرز انتهاكات القوات الروسية منذ تدخلها العسكري في سوريا في 30 أيلول 2015، الشبكة السورية لحقوق الإنسان، 30 أيلول/ سبتمبر 2022. (آخر زيارة للرابط: 10 أيار/مايو 2023). https://snhr.org/arabic/2022/09/30/%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%82%d8%b1%d9%8a%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%86%d9%88%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d8%a7%d8%a8%d8%b9-%d8%b9%d9%86-%d8%a3%d8%a8%d8%b1%d8%b2-%d8%a7%d9%86%d8%aa%d9%87%d8%a7%d9%83%d8%a7/
[26] التقرير العشرون والسنوي السادس عن قوات التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، الشبكة السورية لحقوق الإنسان، 23 أيلول/ سبتمبر 2022. (آخر زيارة للرابط: 10 أيار/مايو 2023). https://snhr.org/arabic/2020/09/23/12683/
[27] سوريا: أدلة دامغة على جرائم الحرب وغيرها من الانتهاكات التي ارتكبتها القوات التركية والجماعات المسلحة المتحالفة معها، منظمة العفو الدولية، 18 تشرين الأول/ أكتوبر 2019. (آخر زيارة للرابط: 10 أيار/مايو 2023). https://www.amnesty.org/ar/latest/press-release/2019/10/syria-damning-evidence-of-war-crimes-and-other-violations-by-turkish-forces-and-their-allies/
[28] خبيران سوريان: مجموعات إيران ساعدت النظام في انتهاكاته، وكالة الاناضول، 10 أيار/ مايو 2022. (آخر زيارة للرابط: 10 أيار/مايو 2023). https://www.aa.com.tr/ar/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9/%D8%AE%D8%A8%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7%D9%86-%D9%85%D8%AC%D9%85%D9%88%D8%B9%D8%A7%D8%AA-%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%B3%D8%A7%D8%B9%D8%AF%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%A7%D9%85-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%87%D8%A7%D9%83%D8%A7%D8%AA%D9%87/2583809
[29] أبرز انتهاكات تنظيم داعش بحق المجتمع السوري وإسهامه في تشويه الحراك الشعبي المطالب بالحرية والكرامة، الشبكة السورية لحقوق الإنسان. 10 شباط/فبراير 2022. (آخر زيارة للرابط: 10 أيار/مايو 2023). https://snhr.org/arabic/2022/02/10/14769/
[30] أبرز انتهاكات هيئة تحرير الشام منذ تأسيس جبهة النصرة حتى الآن، الشبكة السورية لحقوق الإنسان، 31 كانون الثاني/ يناير 2022. (آخر زيارة للرابط: 10 أيار/مايو 2023).https://snhr.org/arabic/2022/01/31/14719/
[31]سوريا: “المناطق الآمنة” انتهاكات واقتتال دائم بين مجموعات المعارضة المسلح، سوريون من اجل الحقيقة والعدالة، 1 اب/ أغسطس 2022. (آخر زيارة للرابط: 10 أيار/مايو 2023). https://stj-sy.org/ar/%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%B7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A2%D9%85%D9%86%D8%A9-%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%87%D8%A7%D9%83%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%AA/
سوريا: انتهاكات بحق المدنيين في “المناطق الآمنة”، هيومان رايتس ووتش، 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2019. (آخر زيارة للرابط: 10 أيار/مايو 2023). https://www.hrw.org/ar/news/2019/11/27/335938
“دمهم ما زال هنا” عمليات الإعدام وإطلاق النار العشوائي واتخاذ الرهائن من قبل قوات المعارضة في ريف اللاذقية، هيومن رايتس ووتش، 11 تشرين الأول/ أكتوبر 2013. (آخر زيارة للرابط: 10 أيار/مايو 2023). https://www.hrw.org/ar/report/2013/10/11/256480
[32] تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية A/HRC/51/45 الجمعية العامة. 17 آب/أغسطس 2022. (آخر زيارة للرابط: 10 أيار/مايو 2023). https://reliefweb.int/report/syrian-arab-republic/report-independent-international-commission-inquiry-syrian-arab-republic-ahrc5145-enarruzh
[33] الدستور السوري، موقع مجلس الشعب السوري، 27 شباط/ فبراير 2012. (آخر زيارة للرابط: 10 أيار/مايو 2023). http://www.parliament.gov.sy/arabic/index.php?node=5518&cat=423&
[34] المصدر السابق.
[35] المواد 97، 98، 99، 124
[36] المواد 100، 101، 102
[37] المادة 103
[38] المادة 115
[39] المادة 133
[40] المادة 141
[41] قانون إحداث إدارة أمن الدولة وقانون التنظيمات الداخلية لإدارة أمن الدولة، اللجنة السورية لحقوق الإنسان، 6 شباط/ فبراير 2004. (آخر زيارة للرابط: 10 أيار/مايو 2023). https://www.shrc.org/?p=7451
[42] سوريا: حصانة نظرية للقضاة في ظل ضغوط السلطات التنفيذية والأجهزة الأمنية، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 28 تموز/ يوليو 2022. (آخر زيارة للرابط: 10 ايار/مايو 2023). https://stj-sy.org/ar/%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D8%AD%D8%B5%D8%A7%D9%86%D8%A9-%D9%86%D8%B8%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%84%D9%82%D8%B6%D8%A7%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%B8%D9%84-%D8%B6%D8%BA%D9%88%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D8%B3/
[43] المحكمة الدستورية العليا في سوريا: استقلالية شكلية وأداة بيد رئيس الجمهورية، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 15 آب/ أغسطس 2022. (آخر زيارة للرابط: 10 أيار/مايو 2023). https://stj-sy.org/ar/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D9%83%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B3%D8%AA%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%8A%D8%A7-%D9%81%D9%8A-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D8%B3%D8%AA/
[44] تشيلي، اللجنة الدولية لشؤون المفقودين. (آخر زيارة للرابط: 10 أيار/مايو 2023). https://www.icmp.int/ar/where-we-work/the-americas/latin-america-and-the-caribbean/chile/
[45] تعرف الجمعية العامة للأمم المتحدة وفق القرار 60/147 (21 اذار/ مارس 2006) الضحايا بأنهم الأشخاص الذين لحق بهم الضرر، أفرادا كانوا أو جماعات، بما في ذلك الضرر البدني أو العقلي أو المعاناة النفسية أو الخسارة الاقتصادية أو الحرمان بدرجة كبيرة من التمتع بحقوقهم الأساسية، وذلك من خلال عمل أو امتناع عن عمل يشكل انتهاكا جسيما للقانون الدولي لحقوق الإنسان، أو انتهاك للقانون الإنساني الدولي. (آخر زيارة للرابط: 10 أيار/مايو 2023). https://undocs.org/Home/Mobile?FinalSymbol=A%2FRES%2F60%2F147&Language=E&DeviceType=Desktop&LangRequested=False
[46] سوريا والحرمان الجنسية: محنة بلا نهأية، سوريون من اجل الحقيقة والعدالة، 5 تشرين الأول/ أكتوبر 2022. (آخر زيارة للرابط: 10 أيار/مايو 2023). https://stj-sy.org/ar/%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a%d8%a7-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b1%d9%85%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%86%d8%b3%d9%8a%d8%a9-%d9%85%d8%ad%d9%86%d8%a9-%d8%a8%d9%84%d8%a7-%d9%86%d9%87%d8%a7%d9%8a%d8%a9/
[47] تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا، مجلس حقوق الإنسان الدورة 37 -A/HRC/37/72 . (آخر زيارة للرابط: 10 أيار/مايو 2023). https://undocs.org/Home/Mobile?FinalSymbol=A%2FHRC%2F37%2F72&Language=E&DeviceType=Desktop&LangRequested=False
[48] تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا، مجلس حقوق الإنسان الدورة 40 -A/HRC/40/70 . (آخر زيارة للرابط: 10 أيار/مايو 2023). https://undocs.org/Home/Mobile?FinalSymbol=A%2FHRC%2F40%2F70&Language=E&DeviceType=Desktop&LangRequested=False
[49] المرصد الاقتصادي السوري – ربيع 2022: جيل ضائع من السوريين. مجموعة البنك العالمي. (آخر زيارة للرابط: 9 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022).
https://openknowledge.worldbank.org/handle/10986/37617
[50] القاعدة 150، من قواعد بيانات القانون الدولي الإنساني، المجلد الثاني، الفصل 42، القسم ب. (آخر زيارة للرابط: 10 أيار/مايو 2023). https://ihl-databases.icrc.org/ar/customary-ihl/v1/rule150
[51] تقرير البرامج للمركز الدولي للعدالة الانتقالية: جبر الضرر، المركز الدولي للعدالة الانتقالية، 25 أيار/ مايو 2013. (آخر زيارة للرابط: 10 أيار/مايو 2023). https://www.ictj.org/ar/node/16978
[52]كتيب: العدالة الانتقالية في سوريا، منظمة دولتي ومنظمة لا سلام دون عدالة، أغسطس/اب 2014، ص 19 (اخر زيارة للرابط 8 أيار/ مايو 2023). https://dawlaty.org/publications/%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%af%d8%a7%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%86%d8%aa%d9%82%d8%a7%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a%d8%a7/
[53]مثال: بيتر وليم بوتا (اخر رئيس وزراء في حكومة الفصل العنصري)، الذي وصف المحاكمات بالسيرك ورفض الذهاب إليها. لجنة الحقيقة والمصالحة (جنوب إفريقيا). Truth and Reconciliation Commission South Africa. (آخر زيارة للرابط: 10 أيار/مايو 2023). https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82%D8%A9_%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%A9_(%D8%AC%D9%86%D9%88%D8%A8_%D8%A5%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7)
[54] تُعد تجربة العدالة الانتقالية في المملكة المغربية من أوائل التجارب في الدول العربية. في العام 1990 أسس الملك حسن الثاني المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان نتيجة للضغط الداخلي والدولي. تأسست هيئة التحكيم المستقلة سنة 1999 لتعويض ضحايا الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري. أوصى المجلس بإنشاء لجنة للحقيقة. صادق الملك محمد السادس على تأسيس هيئة الإنصاف والمصالحة سنة 2003، وكانت ذات اختصاصات غير قضائية في مجال تسوية الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان و من مهامها البحث و التحري و التقييم و الاقتراح. تنظر هذه اللجنة في الانتهاكات من تاريخ الاستقلال في عام 1956 حتى تاريخ تشكيلها في عام 2004. اعتمدت الهيئة منهجية التحريات الميدانية والبحث الوثائقي ودراسة السجلات والوثائق.
[55] نبيل زكاوي، انحراف مسار ما بعد العدالة الانتقالية وهشاشة الانتقال الديمقراطي في المغرب، المركز العربي للأبحاث ودراسة الدراسات، مجلة سياسات عربية، العدد 47، تشرين الثاني/ نوفمبر 2020. ص 57- 72. (آخر زيارة للرابط: 10 أيار/مايو 2023). https://siyasatarabiya.dohainstitute.org/ar/issue047/pages/issuehome.aspx
[56] أنشأ الرئيس السابق باتريسيو ايلوين عام 1990 بمرسوم رئاسي لجنة عرفت باسم (لجنة ريتنغ/Retting commission)، لكشف الحقيقة والمصالحة بين المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان وأسر ضحايا الاغتيالات والاختفاء القسري التي وقعت خلال 17 سنة من حكم العسكري لنظام أوغستو بينوشيه،في شباط / فبراير 1991، أصدرت اللجنة الوطنية التشيلية من أجل الحقيقة والمصالحة تقريراً مفصلاً عن انتهاكات حقوق الإنسان التي أسفرت عن حالات وفاة واختفاء خلال سنوات الحكم العسكري. ووفقاً للتقرير، قُتل 2296 شخصاً خلال فترة الـ 17 عاماً. وقدرت التقديرات اللاحقة عدد المفقودين إلى 3400. تم الاعتراف بمعالجة قضية المفقودين كعنصر أساسي في عملية المصالحة الاجتماعية عقب العودة إلى الديمقراطية تشيلي، اللجنة الدولية لشؤون المفقودين: https://www.icmp.int/ar/where-we-work/the-americas/latin-america-and-the-caribbean/chile/ (آخر زيارة للرابط 22 تشرين الأول/ أكتوبر 2022)
[57] مجلة لباب. العدد 5 – شباط/فبراير 2020. مركز الجزيرة للدارسات. (آخر زيارة للرابط: 10 أيار/مايو 2023). https://online.flippingbook.com/view/267413/26/#zoom=true
المصدر: سوريون من أجل الحقيقة والعدالة
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=23142