الجمعة, نوفمبر 22, 2024

أسئلة وأجوبة: تفاصيل قضية مجدي نعمة (إسلام علوش) في فرنسا

ما هي الحقائق وراء القضية؟

مجدي نعمة، المعروف باسم إسلام علوش، قيادي سابق في ميليشيا جيش الإسلام. ألقي القبض عليه في 29 كانون الثاني/يناير 2020 في مدينة مرسيليا الفرنسية، ثم اتهمته وحدة جرائم الحرب الفرنسية التابعة للمحكمة القضائية في باريس بارتكاب جرائم حرب وتعذيب وإخفاء قسري والتواطؤ في تلك الجرائم. تم وضعه رهن الحبس الاحتياطي قبل محاكمته.

يمثل هذا الاعتقال بدء أول تحقيق قضائي في الجرائم التي ارتكبتها هذه الميليشيا المعارضة في سوريا. وينشط جيش الإسلام بشكل رئيسي في الغوطة الشرقية، على مشارف دمشق، واتهمت الميليشيا بارتكاب جرائم دولية ضد السكان المدنيين الذين عاشوا تحت سيطرتها من عام 2013 حتى عام 2018. وتشير العديد من التقارير والشهادات إلى جرائم ارتكبتها الميليشيا، مثل الاستخدام المنهجي للتعذيب في السجون، والإعدام خارج نطاق القضاء، والاختفاء القسري، والهجمات على السكان المدنيين، واستخدامهم كدروع بشرية.

كما يشتبه أنهم مسؤولون عن الاختفاء القسري لمحامية حقوق الإنسان رزان زيتونة، المؤسسة المشاركة للجان التنسيق المحلية وعضو في المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، ووائل حمادة، مدافع عن حقوق الانسان، وزملائهم سميرة الخليل، الناشطة السياسية، وناظم الحمادي، محامي حقوق الإنسان.

وقد اختطفوا جميعاً في كانون الأول/ديسمبر 2013 من المكاتب المشتركة لمركز توثيق الانتهاكات في سوريا ومنظمة التنمية المحلية ودعم المشاريع الصغيرة في مدينة دوما.

في 26 حزيران/يونيو 2019، قدمت الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، والمركز السوري للإعلام وحرية التعبير، ورابطة حقوق الانسان شكوى ضد جيش الإسلام على الجرائم التي ارتكبتها الميليشيا في سوريا. منذ ذلك الحين، تدعم منظماتنا الضحايا وعائلاتهم في سعيهم لتحقيق العدالة. وقد انضم خمسة ضحايا إلى القضية كأطراف مدنية إلى جانب المنظمات الثلاث.

ما هي التهم الموجهة لمجدي نعمة؟

كان مجدي نعمة قائداً في جماعة جيش الإسلام على الأقل بين عامي 2013 و 2016، عندما كانت الجماعة المعارضة تسيطر على منطقة الغوطة الشرقية، وخاصة في مدينة دوما. تنسب العديد من التقارير والشهادات إلى جيش الإسلام أعمال التعذيب والإخفاء القسري وجرائم الحرب التي ارتكبت خلال هذه الفترة.

مجدي نعمة متهم بالتواطؤ في الاخفاء القسري وفي جرائم الحرب التالية: تجنيد الأطفال ، القتل العمد ، تعمد إحداث معاناة شديدة ، الخطف والعزل، الهجمات المتعمدة ضد السكان المدنيين والتآمر لارتكاب جرائم حرب.

لماذا رفعت القضية في فرنسا وليس في سوريا أو أمام المحكمة الجنائية الدولية؟

على الرغم من خطورة وحجم الجرائم المرتكبة في سوريا منذ القمع الوحشي للحراك الشعبي في آذار/مارس 2011 التي أدت إلى أكثر من اثنتي عشرة سنة من النزاع، إلا أن هناك طرقاً محدودة أمام الضحايا وعائلاتهم للحصول على العدالة والإنصاف. لم تصدق سوريا على نظام روما الأساسي، ورغم محاولات الحصول على قرار من مجلس الأمن بإحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية، فإن استخدام روسيا والصين المتكرر للفيتو منع المحكمة الجنائية الدولية من فتح تحقيق بشأن سوريا.

ومع انسداد الطريق إلى المحكمة الجنائية الدولية، وعدم وجود احتمال حقيقي للعدالة المستقلة والمساءلة داخل سوريا، اتجه الضحايا إلى بلدان أخرى – مثل ألمانيا والسويد وفرنسا – للتحقيق في القضايا بناء على ما يعرف بالولاية القضائية خارج الحدود الإقليمية أو الولاية القضائية العالمية. ورفع محامون سوريون وأفراد ومنظمات وكذلك منظمات دولية لحقوق الإنسان قضايا في هذه البلدان لإجراء تحقيقات حول تهم التعذيب والجرائم ضد الإنسانية و/ أو جرائم الحرب.

ما هي المعايير المطبقة في فرنسا لبدء التحقيقات في الجرائم المرتكبة في سوريا؟

تتمتع المحاكم الفرنسية تقليديًا بالسلطة القضائية على الأفعال المرتكبة على الأراضي الفرنسية أو في الخارج من قبل الجاني الفرنسي أو ضد الضحية الفرنسية.

ومع ذلك ، في حالة ما يسمى بالجرائم “الدولية”، اعتمد المشرع الفرنسي عدة نصوص تمكن الضحايا الذين لا يأملون في الحصول على العدالة في بلادهم من الوصول إلى العدالة.

على سبيل المثال، منذ إدراج اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب في القانون الفرنسي في عام 1986، يمكن مقاضاة أي مشتبه به موجود على الأراضي الفرنسية ومحاكمته في فرنسا بتهمة التعذيب.

وينطبق الشرط نفسه منذ آب/أغسطس 2013 على المشتبه في ارتكابهم جريمة الإخفاء القسري، بعد إدراج اتفاقية الأمم المتحدة لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري في القانون الفرنسي.

بغض النظر عن جنسيتهم وبلد إقامتهم، يمكن لضحايا التعذيب والاختفاء القسري تقديم شكوى جنائية إلى المدعي العام الفرنسي والمشاركة في الإجراءات كأطراف مدنية. يمنح هذا الوضع الضحايا حقوقاً واسعة طوال فترة التحقيق، مثل القدرة على طلب إجراء تحقيقات محددة، أو استدعاء شهود معينين للإدلاء بشهاداتهم.

فيما يتعلق بالجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية وجرائم الحرب المرتكبة في الخارج، اعتمد البرلمان الفرنسي في 9 آب/أغسطس 2010 قانوناً يدرج نظام روما الأساسي في القانون الفرنسي. ويمنح هذا القانون المحاكم الفرنسية اختصاص محاكمة مرتكبي هذه الجرائم إذا توفرت الشروط التالية:

-يقيم المشتبه به في فرنسا.

-وجود تشريع يجرم هذه الأفعال في الدولة التي ارتكبت فيها، أو تكون الدولة التي يكون المشتبه فيه من رعاياها أو التي ارتكبت فيها الجرائم طرفا في نظام روما الأساسي.

-لا يمكن الشروع في الملاحقات القضائية إلا بناء على طلب المدعي العام الفرنسي.

-المشتبه به ليس خاضعاً لأي طلب تسليم أو مقاضاة من محكمة دولية أو وطنية.

تم تعديل هذه الأحكام بشكل بسيط بموجب قانون 23 آذار/مارس 2019 الذي استبعد شرط التجريم المزدوج لجريمة الإبادة الجماعية، وأزال الرفض الصريح للاختصاص من قبل المحكمة الجنائية الدولية.

في 1 كانون الثاني/ يناير 2012، تم إنشاء وحدة متخصصة لمحاكمة الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب في باريس. وتتألف هذه الوحدة اليوم من فريق من خمسة مدعين عامين، وثلاثة قضاة تحقيق مستقلين، وفريق من المحققين المتخصصين، يعملون حصراً في قضايا الجرائم الدولية. وتجري الوحدة الفرنسية حالياً 85 تحقيقا أولياً و79 تحقيقاً قضائياً متعلق بجرائم دولية ارتكبت خارج الأراضي الفرنسية، منها نحو 10 تحقيقات تتعلق بجرائم ارتكبت في سوريا.

ما هو موقف محكمة النقض العليا من تفسير شروط تطبيق الولاية القضائية العالمية؟

في 17 آذار/مارس 2023، نظرت الجمعية العامة للمحكمة العليا الفرنسية (محكمة النقض) في تفسير العديد من شروط تطبيق الولاية القضائية العالمية في فرنسا، بعد الاستئناف بالنقض الذي قدمه الدفاع في قضية نعمة والمعارضة التي قدمتها الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان ضد حكم شعبان الصادر في 24 تشرين الثاني/نوفمبر، 2021.

ونظرت المحكمة في القضيتين بشكل مشترك، وأسفرت عن قرارين صدرا في 12 أيار/مايو 2023 (رقم 22-82.468 ورقم 22-80.057)

وفيما يتعلق بشرط الإقامة الاعتيادية، المطلوب لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية، قضت المحكمة العليا بأنه ينبغي تقييم الوفاء بهذا الشرط «بمراعاة مجموعة من المؤشرات، مثل مدة الإقامة، الفعلية أو المتوقعة، وظروف وأسباب وجود الشخص على الأراضي الفرنسية، رغبته في الاستقرار أو البقاء هناك، أو روابطه الأسرية أو الاجتماعية أو المادية أو المهنية”. ويكمن تقييم هذه المجموعة من الأدلة في إطار التقدير السيادي للمحاكم الأدنى

وكان مجدي نعمة موجوداً على الأراضي الفرنسية لمدة ثلاثة أشهر تقريباً عندما ألقت السلطات القانونية القبض عليه. بالإضافة إلى ذلك ، كان طالباً في برنامج إيراسموس في “معهد البحوث والدراسات حول العالم العربي والإسلامي” في جامعة إيكس مرسيليا. كان لديه بطاقة مكتبة من هذه الجامعة ، وكذلك بطاقة هاتف فرنسية. وأشار المحققون أيضا إلى أن مجدي نعمة بقي في شقته معظم الوقت، وتصرف “كمقيم فعال وليس كسائح”

ووفقا للسوابق القضائية لمحكمة الاستئناف، كان له بالتالي محل إقامة معتاد في فرنسا.

وعلاوة على ذلك، وفيما يتعلق بشرط ازدواجية التجريم، قضت المحكمة العليا بأن هذا الشرط “لا يعني أن التوصيف الجنائي للوقائع متطابق تماما في كلا التشريعين، بل يتطلب فقط تجريم الوقائع من قبل كليهما”. وهكذا، “يمكن استيفاء شرط التجريم بموجب القانون الأجنبي من خلال جريمة القانون العام التي تشكل أساس الجريمة الملاحقة، مثل القتل أو الاغتصاب أو التعذيب”

في هذه القضية، وجدت محكمة التمييز أن “الأفعال التي اتهم بها مجدي نعمة، تحت وصف جرائم الحرب والتواطؤ، يعاقب عليها القانون السوري، من خلال جرائم القانون العام وجريمة إشراك الأطفال في الأعمال العدائية”

وأخيراً، فيما يتعلق بجريمة التعذيب، قضت محكمة النقض بأن تعريف الشخص الذي يتصرف بصفته الرسمية “يجب أن يفهم على أنه يشمل الشخص الذي يتصرف لصالح كيان غير حكومي أو نيابة عنه، عندما يحتل هذا الأخير إقليما ويمارس سلطة شبه حكومية عليه”. في هذه القضية، وجدت محكمة النقض أن “تنظيم جيش الإسلام مارس وظائف شبه حكومية في أراضي الغوطة الشرقية، التي احتلها في ذلك الوقت”.

ولذلك فإن المحاكم الفرنسية لها اختصاص النظر في القضية.

ما هي الخطوات الإجرائية التالية؟

أمام الأطراف في القضية عشرة أيام للطعن في لائحة الاتهام أمام المحكمة الجنائية. وفي حالة تقديم استئناف، تختص غرفة التحقيق التابعة لمحكمة الاستئناف بتحديد ما إذا كان ينبغي إلغاء أمر قاضي التحقيق أم لا.

وفي حال عدم تقديم استئناف، أو إذا صدقت غرفة التحقيق على لائحة الاتهام، يحال مجدي نعمة إلى محكمة باريس الجنائية للمحاكمة.

وستتألف المحكمة الجنائية من هيئة مؤلفة من ثلاثة قضاة وستة محلفين يختارون بالقرعة من القوائم الانتخابية.

 

المصدر: المركز السوري للإعلام وحرية التعبير

شارك هذه المقالة على المنصات التالية