الكرد في إدلب ـ4
برادوست ميتاني
من الأثر الكردي في إدلب وما حولها
يظهر الأثُر الكردي في إدلب في حالات ودلائل كثيرة سواء في أسماء القرى أو المدينة أو أسماء العوائل والشخصيات أو بلكنتها اللفظية:
إذ إن كثيراً من القرى والبلدات تنتهي بلاحقة “ناز” وتعني (لطيف ورومانسي ناعم)، كأسماء تفتناز، أرمناز، وداراز وغيرها.
كما أن هناك قرى كثيرة أخرى تحمل أسماء كردية صرفة أو أسماء تميل في معناها ولكنتها إلى اللغة الكردية منها:
اسم إدلب المشتق من دلبين: دل – بين أي تعني القلب أي صميم القلب، أو عزيز أو الروح، ودلبي حيث أن لب أو “لبي” في اللغة الكردية تشير إلى تقدير سامي لشخص عزيز حيث نقول: ها لبى أي نعم يا قلبي أو عزيزي أو روحي…..إلخ
أما بعض القرى ذات الاسم أو الدلالات الكردية فهي كثيرة، منها: فريكة وتل حمكى، ومزرعة بكداش، وأزمارين (فيها 2500 كردي ـ أ. كولو) وسركيلا (توجد قرية في جنوب كردستان بالاسم نفسه) وحفسرجة (المكان ذات الرؤوس السبعة) ودركوش (المهد) وتل آفس (الحبلى) وسهل روج (الشمس)، وكورين (القربان والتضحية أو القبر)، وسرمدا (بمعنى يتجه إلينا، ربما أن الاسم هو ذاته سورميد أو سورمد، عندما كان في القرن السابع قبل الميلاد لسوريا أيام الإمبراطورية الكردية، عنما كان يسمون سوريا ببلاد سورمد، أو هورمد، أو خورمد نسبة إلى أسلاف الكرد الخوريين والميديين)، وسنجار (المأخوذ من شنكال) كللي (الوردة)، مورين (النمل) وسرمين (الأعلى) بنش، عرشين، ملس (أي الجالس دون حراك)، بارة (مرة)، دللوزة، تفتناز، أرمناز، سراقب جبل باريشا (بارشا أي الهواء الأسود أي القادم من الشرق ونسميه في اللغة الكردية بارش)، طورين (الشمسي وتوجد عشائر كردية طورية)، كوتى (الجبلي وهو اسم لأحد شعوب من أسلافنا الكرد أي الجوديين)، حزرا (الفكر)، ساحة البازار بإدلب (السوق)، بلو (العالي أو البارز وقال عنها المؤرخ أحمد وصفي زكريا في كتابه عشائر الشام عام 1945م: إنها قرية كردية. للعلم أنها الآن معربة إلى اسم البشيرية، ومعظم أهلها يعلمون أن اسمها القديم هو بلو. سكانها 3000 نسمة كلهم كرد، ولكنهم لا يتكلمون الكردية ولكن سماتهم كردية حيث خوفاً على مصالحهم ادعوا أنهم من عشيرة طي العربية، وقد سكنوا البلدة بعد أن هجرها الكرد وأن جدتهم كردية، وسمى أولادهم على أسماء أخوالهم (أ.كولو). ودشتا أمَك (عشيرة كردية مازالت موجودة – سهل العمق بعد التعريب).
علماً أن التعريب نخر في عظامها لعقود من السنوات، ولكنه لم يفلح في القضاء على كرديتها.
أسماء العائلات والشخصيات منها رستم، كردي، ممو، كردش، رشواني، آغا، شيخان، هنانو، سليم آغا، خيرو. خدو، سيدو، تمرور(أي الشجاع)،علو ، ميرمى، قريمزان (من مادة قرمز في الكردية)، البيراوي (من المرتبة الدينية لدى أهلنا الإيزيديين، والزردشتيين وهو اسم بير، باوي أو بعوي وهما اسمان يستخدمان بكثرة في اللغة الكردية، الأول اسم مرض والثاني تقليب الحرف الصوتي الألف في الكردية إلى العين في العربية.
محمد الزردى وكنجو وآل بكباشي ومحمد ممو، الباشا والآغا، رشوان، مللان، شدادان، عليزرا، برازي، كيتكان وموشان، وشدادان.
كما أن معظم الأسماء للعائلات كما هي في اللغة الكردية تنتهي بحرف الواو، وهي خصوصية مميزة للغتنا الكردية. تأكيد المبعوث الفرنسي لإبراهيم هنانو أنه كردي عندما فاوضه على إيقاف الثورة وليعدله عن الاستمرار بها عندما قال له: لماذا أنت كردي وتحاربنا إلى جانب العرب. كذلك التأكيد على وجود الكرد في إدلب بكثرة، هو أنه في معارك تخاريم شارك لواءان كرديان من إدلب في ثورة الشمال بقيادة إبراهيم هنانو، وهما يحملان اسم لواء الكرد، وكذلك لواء باسم الكرد من جبل الأكراد، كما أنه في قرية أبين يفاجأ الثائر مصطفى حاج حسين بالمتطوعة من الشراكس والكرد البالغ عددهم خمسمائة خيالة (أ. قوصرة). كذلك يضيف المؤرخ أديب معوض أنه يوجد ثمانون قرية كردية بين اللاذقية، وجسر الشغور.
أ. موسى عثمان من قرية سلة الزهور يقول: بعض الكرد في إدلب مازالوا يتحدثون بلغتهم الكردية، وأنا وعائلتي نتحدث اللغة الكردية والجميع يقرون بكرديتهم ويفتخرون بها وجميع الكرد في منطقة جسر الشغور الشرقية في إدلب متحدون معا على أساس واحد، أنهم كرد فقط، وبالرغم أنهم عشائر وتحت قيادة الشيخ نصر ويعاونه شيوخ الكرد من القرى لكنهم تحت راية واحدة يسمونها قبيلة الكرد أحفاد صلاح الدين.
نذكر هنا أن الكثير من الآراء التي تابعناها وقرأناها عبر وسائل التواصل كانت مؤيدة للكثير مما نقوله هنا ونورده، وزودتنا بمعلومات قيمة عن الكثير من القرى والمعالم والأشخاص والعائلات ذات الجذور الكردية الضاربة في التاريخ.
الحس القومي
تقول المصادر: إن الأنظمة في الحكومات السورية في سياستها التعريبية ربطت الوظائف ولقمة عيش بتعريبهم وابتعادهم عن عدم استخدام ثقافتهم الكردية، بل والأسوأ من ذلك هو عدم ذكر أصلهم الكردي، ومما سهل للتعريب هذا هو أن معظم الكرد بينهم أصحاب الشهادات العالية، ولأن هؤلاء تعبوا وصرفوا كثيراً حتى نالوا تلك الشهادة فخوفاً من عدم توظيفهم سجلوا أنفسهم أفراداً من عشائر عربية، وخاصة عشيرة طي، وقالوا: إنهم جاؤوا إلى إدلب بعد “الهواء الأصفر” لذا العديد منهم يعلن عربيته (أ.كولو).
كما أن البعض منهم انصهر في المجتمع العربي تحت تأثر الدعوة الدينية، ورجال الدين الذين عظموا من شأن الدين وخصوصية العرب كحملة للدين الإسلامي وناشرين له، ليفتخروا بعروبتهم ولغتهم العربية، التي ستكون لغة أهل الجنة، لذا الكثير من العائلات الكردية تخلت عن أصلها، ووجدت لنفسها انتساباً إلى أحد الخلفاء الراشدين أو الصحابة بالإضافة إلى سبب التقرب المصلحي من السلطات لتسلم الوظائف الريادية سواء في الأنظمة الدينية أو التي جعلت من نفسها علمانية.
لم يعد الشعب الكردي منسياً كما كان لكي يدير المستبدون برحاهم الظالمة على وجوده الغزير في مناطقه التاريخية أينما كان، وخاصة في سوريا، وروج آفا كما أن الكثير منه لم يعد ينظر إلى نفسه نظرة دنيا بعدما أدرك حقيقة قوته البشرية والانسانية في التاريخ، هذا الشعب استيقظ قومياً وصار مدركاً حقيقته أكثر بكثير من الأزمنة الفائتة، فقد سمع وتأثر بالثورات الكردستانية المعاصرة، وخاصة الرياح القومية القادمة من ثورات جنوب وشمال وشرق كردستان، والأكثر من ذلك الآن ثورة روج آفا، وهو يسمع ويرى بين الحين والآخر تضحيات وحدات حماية المرأة، ووحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية وانتصاراتها جميعاً، وكذلك النضال السياسي للإدارة الذاتية الديمقراطية ولإنجازاتها القومية والاجتماعية الوطنية من جهة والدور البارز في حماية الأرض، والوطن والعرض من جهة، وفشل الأنظمة الشمولية في سوريا بقهر الكرد وزوال آلتهم القمعية والشعور بالحرية من جهة أخرى، لذلك صار الكرد في إدلب أيضاً كما هي في المناطق الأخرى يفتخرون بأصلهم الكردي، ويعتزون به، وأخذ العديد منهم يعبرون عن ذلك علناً كما أنهم ينخرطون في مؤسسات ومنظمات عديدة وبغض النظر عن أيديولوجيتها، ولكنهم يتمسكون بكرديتهم كما ذكرنا آنفاً أمثلة منها.
لذلك يظهر العديد منهم على وسائل الإعلام ويخوضون مناقشات لا تخلو من حسهم القومي الكردي السياسي، كما أن هذه الحقيقة صارت ظاهرة للعيان لدى بعض الإخوة من الشعوب الأخرى في إدلب وغيرها حيث يؤكدون على كثرة الكرد فيها خاصة، وفي سوريا عامة ويمدحون الاندماج والعمل معاً ولكن الثغرة الباقية في ذلك هي أنها أي تلك “الكردايتي” تحتاج إلى تبلور فكري قومي كردي صرف وبشخصية قومية كردية بحتة.
المصادر:
1-محافظة إدلب، المكتب المركزي للإحصاء. نشرة السكان – المناطق والنواحي. تاريخ الولوج 17 نيسان 2011 نسخة محفوظة 10 مارس 2013 على موقع واي باك مشين
2-أ.المحامي علي كولو يوتيوب 27 آذار 2023م
3-مقالة بعنوان: هل يمكن تعريب هوية إدلب الكردية؟- للأستاذ بيار روباري – صوت كردستان-21-9-2021م
4-الثورة العربية في الشمال السوري –ثورة إبراهيم هنانو-فايز قوصرة.
5-الدكتور المؤرخ أديب معوض –الأكراد في سوريا ولبنان -مجلة الحوار –العدد 76-عام 2020
6-أ.موسى عثمان يوتيوب، المحامي أ. علي كولو 13 آذار 2023م.
المصدر: صحيفة روناهي
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=51096