تحقيق يسلط الضوء على المصادر المالية المختلفة لـ “أبو عمشة” وفصيل العمشات
يسلّط هذا التحقيق الذي أعدته “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” الضوء على المصادر المالية المختلفة التي يعتمد عليها فصيل “فرقة السلطان سليمان شاه/العمشات” في تمويل نفسه وأحكام قبضته العسكرية في شمال سوريا؛ وخاصة في منطقة “شيخ الحديد” في عفرين والمعروفة بالاسم المحلّي لدى سكانها الكرد بـ”شيه”.
كما يسرد هذا التقرير معلومات وشهادات موثوقة عن مصادر الإثراء غير المشروع لقائد الفصيل نفسه، والمعروف لدى السوريين/ات باسم “أبو عمشة” وحجم “الاستثمارات” غير القانونية التي يديرها في سوريا وتركيا وليبيا بواسطة أشقائه الخمسة ودائرة صغيرة من المقربين منه.
إنّ أسلوب الابتزاز المنظّم بحق المدنيين/السكان الأصليين في ناحية “شيخ الحديد” في عفرين، والمترافقة مع عمليات الاعتقال التعسفي والخطف بهدف الفدية، والاستيلاء على المنشآت التجارية والمباني السكنية واتهام أصحابها بالارتباط بالإدارة الذاتية الكردية (التي كانت مسيطرة على المنطقة حتى شهر آذار/مارس 2018) هي إحدى أهم مصادر دخل “أبو عمشة” وفصيله. ووفقاً للشهادات التي حصلت عليها “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، فإنّ معظم تلك الانتهاكات تتم بأوامر من “أبو عمشة” وإشراف من قبل عدد من أشقائه وتنفيذ من قبل عناصر الفصيل،
أيضاً، ومنذ احتلال منطقة عفرين في آذار/مارس 2018، من قبل القوات التركية وفصائل المعارضة السوريّة المسلّحة، شكّلت عمليات مصادرة معظم محاصيل السكان الكرد من الزيتون وباقي المزروعات في موسم 2018. وفرض أتاوات و”ضرائب” وصلت إلى نسبة 25 % من قيمة المحاصيل في المواسم الزاعية التالية، وهي التي تمثّل الجزء الأكبر من الثروة التي جمعها “أبو عمشة” والتي تقدّر بملايين الدولارات حالياً.
بموزاة ذلك، استحوذ الفصيل على ينابيع المياه الطبيعية في “شيخ الحديد” وفرض على المزارعين الكرد دفع مبالغ مالية إضافية لقاء حصولهم على المياه الصالحة للسقاية. كشكل مستحدث من أشكال فرض الأتاوات على السكان الأصليين.
لقد كشفت المعلومات التي حصلت عليها “سوريون” لغرض هذا التقرير، واستناداً إلى 26 مقابلة مركّزة (مع ضحايا ومتضررين وعسكرين مطلعين) إلى حجم الدخل السنوي الضخم الذي يحققه “محمد الجاسم/أبو عمشة” كفرد، والذي يصل إلى أكثر من 30 مليون دولار سنوياً. وأعطت التفاصيل الواردة في تلك الإفادات كيفية إسناد “أبو عمشة” مناصب كبيرة في “الفصيل” إلى عدد من أشقائه. إضافة إلى تفويضهم بإدارة مشاريعه واستثماراته في سوريا وتركيا وليبيا.
ولا يقتصر دور أشقاء “أبو عمشة” الخمسة، والأفراد المقربين منه على “إدارة المشاريع”، بل يتخطى دورهم إلى مشاركتهم المباشرة في مجموعة واسعة من الانتهاكات السابقة، إضافة إلى عمليات اختلاس مستمرة من مرتبات عناصر الفصيل في سوريا وليبيا و قبلها أذربيجان، ومن إنشاء شبكة لتهريب البشر والاتجار بهم. إضافة إلى تجارة المخدرات وإدارة شبكة تهريب بضائع ومواد محظورة عبر الحدو السورية التركية.
وعقب إعلان وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على فصيل “أحرار الشرقية” بتاريخ 28 تمّوز/يوليو 2021، طالب المركز السوري للعدالة والمساءلة بتوسيع العقوبات وفقاً لذلك لتشمل الجماعات المسلحة الأخرى التي ترتكب الانتهاكات في المنطقة دون عقاب، بما في ذلك فصائل الجيش الوطني السوري مثل لواء السلطان سليمان شاه/العمشات، حيث قال أكّد المركز تورط قائد الفصيل بجرائم خطيرة منها العنف الجنسي والنهب.
منهجية التقرير:
استندت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” في هذا التقرير على إفادة 26 مصدراً، بينهم مدنيون متضررون أجريت مقابلات معهم من قبل باحثي المنظمة، وتجّار مدنيين تعرضوا لانتهاكات مباشرة من عناصر فصيل العمشات. إضافة إلى عمال إغاثة في منظمات إنسانية نشطة في منطقة “شيخ الحديد” بعفرين أخبروا “سوريون” بطرق وآليات توجيه المساعدات الإنسانية نحو المقاتلين وعائلاتهم في المنطقة، على حساب المحتاجين.
بعد الحصول على الإفادات من المصادر السابقة، تمّ مقاطعتها مع معلومات وردت في شكاوى تقدّم بها مدنيون آخرون إلى الشرطة العسكرية وإلى المكتب الأمني التابع للفصيل (بعض هذه الشكاوى تمّ إحالتها إلى اللجنة المشتركة لردّ الحقوق في عفرين وريفها) مباشرة، وذلك للتحقق من درجة اتساع حجم الانتهاكات ومنهجيتها، حيث بلغت الشكاوى بالمئات ضدّ هذا الفصيل وحده.
كما قام فريق العمل بمقاطعة المعلومات التي أدلى بها تلك المصادر مع المعلومات الواردة من الباحثين الميدانيين على الأرض داخل شيخ الحديد، لاسيما فيما يتعلق بالاستثمارات المحلّية لقائد الفصيل “أبو عمشة” مثل المقاهي والمولات (أسواق تجارية)، وتحديد مواقعها، وكذلك الأمر بالنسبة لبعض الاستثمارات في تركيا.
أيضاً قام فريق العمل بمقاطعة المعلومات مع أحداث وانتهاكات سبق أن تم توثيقها في قاعدة بيانات المنظمة، ولاسيما تلك التي تحدثت عن عمليات اعتقال تعسفي وخطف بحق السكان الأصليين بهدف طلب الفدية، إضافة إلى فرض الضرائب على أشجار الزيتون وغيرها.
كما قامت “سوريون”، بالحصول على عدد من الإفادات من قادة عسكريين من الصف الأول في “الفيلق الثاني” ومن فصيل “العمشات” نفسه، متواجدون داخل سوريا وليبيا وتركيا. زودّا المنظمة بمعلومات وتفاصيل دقيقة حول المبالغ المالية التي تمّ اختلاسها “أبو عمشة” والدائرة المقرّبة منهم، من الدعم والتمويل المقدّم للفصيل، في ليبيا وقبلها أذربيجان، إضافة إلى الاختلاس/الاستقطاع المتستمر من الكتلة المالية الممنوحة للفصيل، والتي يتمّ تسليمها وسطياً كل 50 يوم.
من هو فصيل فرقة “السلطان سليمان شاه”؟
تشكيل الفصيل:
تنضوي فرقة “السلطان سليمان شاه/العمشات” حالياً تحت راية الفيلق الثاني، في الجيش الوطني السوري، التابع للحكومة السورية المؤقتة، المنبثقة من الائتلاف السوري المعارض.
رغم أنّ جميع المصادر تقوم بأنّ أغلب مقاتلي الفصيل ينحدرون من القومية التركمانية التي أقامت في محافظة حماه، ويُتداول اسم “العمشات” في الإعلام عند الحديث عن ممارسات هذا الفصيل سيء الصيت. إلاّ أنّ المصادر الخاصة بسوريون، أكّدت أن المقاتلين التركمان يشكّلون أقلية نسبة إلى المقاتلين العرب، وأنّهم يتم الترويج لهذه المعلومات رغبة في كسب وتأييد أطراف تركيّة قومية.
تأسس الفصيل أواخر العام 2011، (أي بعد عدّة أشهر من انطلاق الانتفاضة السورية)، تحت اسم لواء/مجموعة “خط النار” في محافظة حماه، لمواجهة قوات الحكومة السورية، وشارك بالعديد من المعارك ضد الجيش السوري. وتأسس بشكل أساسي آنذاك من أبناء عشيرة “محمد الجاسم” بني جميل، كفصيل منتمي للجيش السوري الحر.
لاحقاً اضطر “أبو عمشة” للهروب مع مقاتليه إلى ريف الشمالي، بعد ملاحقتهم من قبل عناصر “جبهة النصرة/تنظيم القاعدة في بلاد الشام”، وذلك بالتنسيق مع القوات التركية التي توغلت لاحقاً في سوريا بشكل عسكري مباشرة لقاء التخلّي عن حلب وعن دعم فصائل المعارضة السورية في أحياء حلب الشرقية بحسب رئيس الوزراء التركي السابق أحمد داوود أوغلو.
في أوائل العام 2016، أعلن الفصيل عن إعادة تسميته باسم “السلطان سليمان شاه” نسبة للجد المؤسس للدولة العثمانية، وكنوع من أنواع التقرّب للسلطات التركية. وفي العام ذاته، شارك الفصيل إلى جانب القوات التركية في عملية “درع الفرات” التي أفضت إلى احتلال جزء من الأراضي السورية (إعزاز والباب وجرابلس وغيرها).
وفي عام 2018، شارك الفصيل في عملية “غصن الزيتون” التي أفضت إلى احتلال منطقة عفرين السورية، ذات الغالبية الكردية، وفي عام 2019 في عملية “نبع السلام” التركية التي أفضت إلى احتلال تل أبيض ورأس العين/سري كانيه. وفي أواخر العام 2019، بدأ الفصيل وبأوامر من الحكومة التركية بإرسال مقاتليه إلى ليبيا وأذربيجان للقتال إلى الأطراف المؤيدة للحكومة التركية، كمقاتلين مرتزقة.
المصدر: “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=5430