ب. د. فرست مرعي
1- هناك عدد من رجال الدين المسيحي ذكروا في فهارس المخطوطات التي نشرها المجمع العلمي العراقي – هيئة اللغة السريانية، والمجمع العلمي السرياني في بغداد من القساوسة والرهبان، فضلاً عن ذكر كنيسة في بارزان تحت اسم (مريم العذراء)، منهم:
أ – القس داود بن الشماس يوحنان البارزاني صاحب كتاب (العهد الجديد) قراءات طقسية من الانجيل.
ب – القس يعقوب بن شماس كانون بن اخ مزو (هرمز) بن ابراهيم البارزاني صاحب تفسير سفر الرؤيا.
ج – القس يعقوب بن القس كانون البارزاني ال النجار حيث كتب فصلا من انجيل متى باللغة الكردية، والف ايضا كتاب طقس القداس وصلوات.
د – القس داؤد البارزاني، الف عددا من التراتيل والمراثي الحزينة، وهي اكثر من عشرين.
هـ – القس كوركو البارزاني، كتب العهد الجديد – قراءات طقسية من الإنجيل.
و – الشماس كانون بن نيسان بن كوركو البارزاني، كتب العهد الجديد – قراءات طقسية من الرسائل.
2- وفي هذه الايام (= بعد الشهر الخامس من سنة 1873م) وقعت في المنطقة امور غريبة فقد ظهر رجل من مسلمي الاكراد في منطقة زيبار، شيخ من قرية برزاني … وإدعى النبوة مثل سيمون الساحر(= سيمون السمري الغنوصي) وأنه مرسل من الله، وتبعه خلق كثير من الاكراد، وكان هؤلاء ينتقلون من مكان الى آخر ويرتكبون الشرور، … ويضايقون المسيحيين ويوجهون اليهم الكلمات المفزعة والشتائم سواءً كانوا رجالاً أو نساءً أو أطفالاً، ولا يتورعون عن إرتكاب جريمة القتل، فقد أقدموا على قتل رجل مسيحي اسمه (نيسان)، طلبو منه أن يتخلى عن دينه ويتبعهم في مذهبهم، إلا أن الرجل التقي رفض ذلك وقال بشجاعة(( حاشاي أن أكفر بسيدي يسوع))، وإذ سمع أبناء الظلام كلامه هذا وهويتحداهم بجسارة ودون خوف، إمتلأوا غيضاً وغضباً، فأقبلوا عليه كالوحوش الهائجة وقتلوه طعناً بخناجرهم، فمات شهيداً للرب، أما أفراد عائلته من نساء وأطفال فقد دفعهم الخوف الى أن يكفروا بالمسيح ويتبعوهم وكانوا خمسة أفراد. وبعد موت نيسان قتلاً دفن سراً في الكنسية، وفي الليل شوهد نور نازل من السماء على القبر، ابناء الظلام إعتقدوا أن كوراً تشتعل، فسروا بذلك. الا أن حماة القتيل حين رأت ذلك قالت: “إنه نور وليس ناراً، والدليل على ذلك هو أنه إذا أحرقت فهي نار وإن لم تُحرق فهي نور”، فاندهش أولئك الاشرار من هذه المعجزة التي شاهدوها بأعينهم، عندئذ حماة القتيل المؤمنة وأسمها (بيري) أخذت أبنائها وهربت الى عقرة وجاهرت أمام حاكم عقرة(= قائمقام القضاء) حسن أفندي وفي وسطه مجلس وقالت: “نحن مسيحيون وقد تبعناهم خوفاً منهم، نحن لن نكفر بديننا”. عندئذ قال لهم الحاكم: “أنتم أحرار فيما تختارونه”، فتركوا بيتهم وكل ما يملكونه وخرجوا هم والثياب التي علهم وقصدوا الدير عندنا (= دير مارهرمز في جبل القوش شمال الموصل) عندنا وظلوا في ضيافتنا لايام كثيرة. والمسيحيون الاخرون هناك كانوا ينتهزون الفرص فيهربون تاركين بيوتهم خوفا من هؤلاء الاشرار. وتوجهت قوات من الموصل الى عقرة لاستيفاء الضرائب، ولم يبالوا بما تقوم به هذه الزمرة الظالة، هذا اذا استثنينا ما قام به قائممقام عقرة المذكور (= حسن افندي) الذي ارسل يستدعي الشيخ… واسمه عبد سالم الا ان الاخير لم يستجيب لطلب الحاكم بل تحداه وتمرد عليه. ينظر: بنيامين حداد، حوليات الرهبنة الهرمزدية الكلدانية، ص388 – 389.
3- في سنة 1778م التحق البطريرك (يوحنا هرمزد النسطوري) مع روما واصبح كاثوليكياً أخذ بالتبشير لدعوتها الذي يقول في سيرته الذاتية عن قرية بارزان وما حصل فيها سنة 1790م ما يلي: “ربنا يسوع المسيح أضاء عقول أبناء قرية (آرينا – هرنى الزيبارية) و(برزان). كلاهما تقبلتا عقيدة الكنيسة المقدسة (= الكاثوليكية في روما) وتحرروا من الهرطقة(= هرطقة نسطوريوس) بواسطة ابن أخي (المطران شمعون)، الذي جلب كهنتها عندي… فأكرمتهم وأعطيتهم ما يحتاجون اليه من كتب وآنية مقدسة، لتكون كنائسهم كما هي البيع المسيحية، وعادوا الى قراهم”.
4- ذكر المدبر البطريركي والزائر لأبرشية عقرة الكاهن ” اسطيفان كجو” (1883 – 1953م) انه في زيارته الرعوية لقرية بارزان عام 1918 ذكر بأن:”كنيسة برزان هي اليوم (= سنة 1918م/1338هـ) إصطبل لمواشي الشيخ، وقد عمر فوقها المسجد أو تكية الشيخ. وكنيسة برزان المعنية مشيدة على اسم مريم العذراء.
5- في هذه السنة اسماعيل باشا (سميباشا) الى برزان في سنة 2149 يونانية/ 1838م، وبالاعتماد على مصدر سرياني آخر فإن إسماعيل باشا أمير العمادية (= امارة بهدينان) هاجم قرية بارزان سنة 1838م، أي قبل سقوط امارة بهدينان باربع سنوات 1842م.
6- في 23/8/1902م غادر قائممقام عقرة مع حمايته من رجال الشرطة البالغ عددهم (8) الى قصبة نهري في منطقة شمدينان لإجراء مصالحة بين شيخ بارزان “محمد بن الشيخ عبد السلام الاول” وبين شيخ نهري “محمد صديق بن الشيخ عبيدالله نهري”، ودامت رحلته حوالي ثمانية أشهر.
7- في سنة 1905م وصل مدينة عقرة كل من المستشرقين الاخوين الاسكتلنديين”دبليو ويكرام وادكارتي ويكرام” صاحبي كتاب ” الحياة في شرق كردستان – كردستان مهد البشرية”، وحلوا ضيوفاً على مسؤول الضريبة في عقرة وهو مسيحي من أهالي عقرة؛ نظراً لتواجد القائممقام وغيره من المسئولين خارج مركز القضاء، وبعد قضاء يوم واحد عبروا كل من جبل عقرة ووادي نهلة وجبل بيرس في طريقهم الى بارزان للالتقاء بشيخ بارزان ” عبدالسلام الثاني بن الشيخ محمد بن الشيخ عبدالسلام الاول” (1870؟ – 1914م)، حيث أشارا الى هذه الناحية في كتابهما بالقول:” عبد السلام شيخ بارزان. رجل في مقتبل العمر يناهز الثامنة والعشرين، وهو كمعظم سكان الجبال متوسط القامة ضامر الجسم ممتلئ حيوية ونشاطاً، ذو وجه مهيب بشوش، كان يضع على رأسه عمامة بيضاء فوق قلنسوة…” (الحياة في شرق كردستان، طبعة دار ئاراس، ترجمة: جرجيس فتح الله، ص155). كما وسماه ب” شيخ النصارى” نظرا لعطفه على النصارى ومنع اعتداء بعض القبائل الكردية الرحالة على ممتلكاتهم ومزارعهم في طريق ذهابهم وإيابهم ومن والى زمومهم (= مراعيه الصيفية) في فراشين في منطقة هكاري.
8- في ديسمبر/كانون الأول عام 1913م، واستناداً إلى أقوال أحد المبشرين المحليين: ” قام الشيخ البارزاني (= عبدالسلام الثاني) بشن غارة على بضع قرى (=عشيرة نيروه)، ثلاث منها آشورية (= نسطورية)، وست كردية. وأعملوا فيها النهب والسلب، وقتل ستة من اليهود. وكانت تلك الغارة رداً على رفض رجال قبائل(نيروه – ريكان) مساعدته في هجوم تم التخطيط له على قبيلتي (جال) و(تخوما) الآثوريتين”. ويطرح الباحث تساؤلاً:” ولكن لماذا قتل هؤلاء اليهود المساكين”، وينقل عن المبشر ناقل الخبر: “إنه شيء غير مفهوم”. بعدها يحاول الباحث تحليل هذا الخبر المفاجئ، لأن ذلك التقرير يثير الشكوك والمواقف الصادقة لشيوخ بارزان تجاه الكرد اليهود، ويحاول الإجابة قائلاً:” لأن مختلف التقارير الصادرة من مصادر متنوعة، حول المعاملة الكريمة التي يبديها البارزانيون تجاه اليهود”. وهذا ما يتناقض إلى حد كبير مع أساس العلاقات الجيدة بين اليهود وشيوخ بارزان، حيث يشير الكاتب بوضوح إلى ذلك من خلال قوله”: يبدو أن شيوخ النقشبندية، خاصة الشيخ أحمد، والملا مصطفى البارزاني، يرتبطون بعلاقة حسنة خاصة مع اليهود الكرد الذين يتمتعون برعايتهم… وزيادة على ذلك يتحدث الرواة من يهود مناطق: شنو، ميركه سور، سركاني، وديانا، يتحدثون عن المواقف الإيجابية للبارزانيين تجاه اليهود”. مردخاي زاكن، يهود كردستان ورؤسائهم القبليون، ص101 – 102.
9- في تشرين الاول سنة 1920م قام حوالي (8000) مقاتل آثوري بقيادة كل من: آغا بطرس، وملك خوشابا، وآغا ميرزا وآوو شموئيل خان وآغا عزريا وزعماء آخرين وبرفقتهم ضابطين بريطانيين كمستشارين، بتسلق جبال كردستان انطلاقاً من معسكرهم في قرية مندان الواقعة على نهر الخازرعلى طريق الموصل – عقرة، بغية اقامة دولة آثورية (=آشورية ) في مناطق أورمية وهكاري (أجزاء من كردستان الشمالية والشرقية)، وقد تقدمت هذه القوات تحت رايتها الحمراء ذات الصليب الابيض مدعومة بالمدفعية البريطانية نحو مدينة عقرة، ويشير آغا بطرس في معرض حديثه عن الهجوم بالقول:” توجهت القوة الآشورية (= الآثورية) الى مدينة (عقرا) لفتح الطريق وسط الاكراد ( الزيباريين والارطوش) و( أورمار) و(كاور)- العشائر الاكثر شراسة في القتال”. ينظر: نينوس نيراري، آغا بطرس سنحاريب القرن العشرين،ترجمة: فاضل بولا، ص209.
وبعد معارك عنيفة وشديدة مع مسلحي عشيرتي السورجي والزيباري، تمكنوا من احتلال عقرة، بعدها عبروا جبل عقرة باتجاه وادي نهلة واصلوا تقدمهم لاحتلال قرية بارزان عن طريق جبل بيرس، وبعد معارك عنيفة وشرسة مع الزيباريين والبارزانيين الذين أوقفوا تقدمهم لعدة أيام؛ كان من نتيجتها حرق 12 قرية كردية، بعدها تمكنت القوات الآثورية بدعم من المدفعية البريطانية من عبور نهر الزاب الكبير واحتلال بارزان وحرقها في نهاية شهر تشرين الاول 1920م بعد استشهاد كل:
أ – القائد البارزاني المشهور سعيد ولي بك رێزانەی.
ب – لشكري آغا محمد أمين مير عمر بێرسیاڤی.
ج – محمد نبی ملا ژاژوکی.
د – محمد حاجی کانیەلنجی.
ثم انقسمت القوة الآثورية الى ثلاثة اقسام:
أ – التياريون والتخوميون، يتقدمون من غرب قبيلة الريكان تحت قيادة ملك (خنانو التخومي)، باتجاه قبيلتي النيروه وبرواري بالا.
ب – بنو أورميا يقودهم ( آغا ميرزا) شقيق (آغا بطرس) لاحكام السيطرة على كلي بالنده ومنطقة ريكان.
ج – والقوة التي أصبحت تحت أمرة ( آغا بطرس وملك خوشابا) تقوم بتطويق جبل شيرين في بارزان.
وتمكن الرتل الثالث من حرق قرية زلكا (= رزكا) الريكانية وكانت نية بطرس آغا هي حرق قرية نيروه سيتو التابعة لسيتو آغا أورمارى ” كونه من من ألد الاعداء الذين لعبوا دوراً في تأليب العشائر الكردية لقتل الآشوريين وسلبهم في سنة 1915م”، انتقاماً منه لما لحقه من خسائر بالقبائل الاثورية في سنتي 1915م، ويذكر بطرس آغا بأنه بهروب سيتو آغا أورماري فإنه سيلتحق ب سمكو الشرير ( = على حد وصفه) كما فعل ( بيريز آغا)؟ الزيباريين. وسيتمكن هؤلاء الثلاثة من جمع قوة كردية كبيرة تقف حائلاً بين الآشوريين (= الآثوريين) وسيطرتهم على ( أورميا، سلامس، وحكاري – هكاري) المدن التي كانت هدفهم المنشود. ينظر: نينوس نيراري، آغا بطرس سنحاريب القرن العشرين، ص212.
ويبدو أن غالبية خسائرهم كانت في منطقة جبل شيرين حيث قتل العديد من مقاتليهم وثمة مقاتلين أصبحوا مجهولي الهوية، وآخرون ماتوا من البرد والمرض، وآخرون حوصروا في وديان قبيلتي شيروان ومزوري بالا الوعرة، ومن أبرزهم : آمر السرية ( كوركيس مرقس الماواني).
ثم واصلت تقدمها نحو مناطق عشائر المزوري زوري والدوسكي زوري والارتوشي والريكاني والنيروي والبرواري بالا، حيث أحرقت ودمرت في طريقها العشرات من القرى الكردية لعشائر الزيباري والبارزاني والريكاني والنيروي والبرواري انتقاما وثأراَ لخسائرها في معارك عام 1915م مع المقاتلين الكرد في سنوات الحرب العالمية الاولى من أبناء العشائر المذكورة، ولولا حلول فصل الشتاء وحدوث انقسام بين القائدين الاثوريين آغا بطرس وملك خوشابا وبين مقاتلي أبناء مناطق اورمية وهكاري، لكانت الامور تسير وجهة اخرى. نينوس نيراري، آغا بطرس سنحاريب القرن العشرين،ص207 -214.
المصدر: كردستان 24
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=54573