الجمعة, ديسمبر 27, 2024

مطالب دولية بحمايتها.. أضواء على الأقليات والطوائف بسوريا

أصبحت حماية حقوق الأقليات في سوريا مطلبا دوليا بعد سيطرة الفصائل المعارضة وسقوط نظام بشار الأسد.

وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن في تصريحات السبت إن دبلوماسيين كبارا من الولايات المتحدة وتركيا والاتحاد الأوروبي ودول عربية اتفقوا على أن الحكومة الجديدة في سوريا يجب عليها احترام حقوق الأقليات.

تصريحات بلينكن جاءت في أعقاب محادثات استضافتها الأردن، والتي أكد البيان المشترك الصادر عنها على حكومة شاملة تمثل فئات الشعب وتحترم حقوق الأقليات ولا توفر “قاعدة للجماعات الإرهابية”.

وتقود فصائل المعارضة السورية المسلحة، هيئة تحرير الشام والتي كانت تعرف باسم جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة، والتي فرض عقوبات دولية عليها، ووضعتها واشنطن في قوائم الإرهاب.

أبرز الطوائف والأقليات التي تعيش في سوريا

المجموعات العرقية والدينية في سوريا 2024

وتعيش في سوريا العديد من الأقليات الإثنية والطوائف الدينية على غرار طوائف مسيحية واسماعيلية والطوائف الشيعية، والأكراد والأرمن، والشركس، والأشوريون، وغيرهم.

ووفقا لـ”تقديرات” أميركية رسمية تعود إلى عام 2023 يبلغ عدد سكان سوريا حوالي 24مليون نسمة، بينما نزح أكثر من نصف سكان البلاد مقارنة مع عددهم قبل الحرب، مشيرة إلى أن استمرار النزوح أدى إلى عدم يقين في تقديرات التحليلات الديموغرافية.

وبلغ عدد المسجلين السوريين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في البلدان المجاورة أقل من ستة ملايين لاجئ، ناهيك عن تسجيل نزوح 6.8 مليون شخص في الداخل السوري.

وتشير التقديرات إلى أن 74 في المئة من سكان سوريا هم من المسلمين السنة، وعرقيا “عرب وأكراد وشركس وشيشان، وبعض التركمان، وفقا لتقديرات الحكومة الأميركية.

أما المجموعات المسلمة الأخرى، تضم العلويين والإسماعيليين والشيعة، تشكل مجتمعة 13 في المئة من السكان، بحسب التقديرات الأميركية.

وترجح تقديرات أخرى أن الشيعة، ويتركز العلويون منهم في اللاذقية، يشكلون نحو عشر سكان البلاد الذين بلغ عددهم 23 مليون نسمة قبل اندلاع الحرب الأهلية في 2011، بحسب تقرير لوكالة رويترز.

وبشأن مكان تواجدهم، يتوزع المسلمون السنة في جميع أنحاء سوريا، بينما يقطن غالبية المسلمين الشيعة في المناطق الريفية، لا سيما في محافظتي إدلب وحلب، أما الشيعة “الاثني عشرية” يعيشون في دمشق وحلب وحمص وما حولها.

ويتواجد أعلى تركيز للمسلمين الإسماعيليين في مدينة السلمية، بمحافظة حماة.

ويشكل الدروز 3 في المئة من إجمالي السكان.

ويقطن الكثير من الدروز منطقة جبل العرب “جبل الدروز” في محافظة السويداء، الواقعة في جنوب البلد، حيث يشكلون غالبية السكان المحليين هناك.

وتشير تقديرات الحكومة الأميركية إلى أن حوالي 10 في المئة من السكان مسيحيين، منوهة إلى وجود تقارير تشير إلى أن العدد أقل من ذلك بكثير ولا يتجاوز الـ 2.5 في المئة.

ومن بين 2.2 مليون مسيحي عاشوا في سوريا قبل الحرب، يقدر أن ما يقرب من ثلثهم فقط، أي حوالي 579 ألف شخصا لم يغادروا البلاد.

وينتمي المسيحيون في سوريا إلى الكنائس الأرثوذكسية المستقلة، أو إلى الكنائس الكاثوليكية الشرقية، أو إلى كنيسة المشرق الآشورية وغيرها من الكنائس النسطورية المستقلة المنتسبة إليها.

ولا يزال معظمهم يقطنون مدن دمشق وحلب وحمص وحماة واللاذقية والمناطق المحيطة بها، أو في محافظة الحسكة.

وكان هناك مئات الآلاف من اللاجئين المسيحيين العراقيين قبل اندلاع الحرب، انتقل معظمهم إلى دول مجاورة أو عادوا إلى العراق.

وقبل الحرب كان هناك عدد قليل من السكان اليهود في حلب ودمشق، ويستشهد تقرير نشره موقع السفارة الأميركية الإلكتروني في سوريا بتقرير لصحيفة “جويش كرونيكل” يعود إلى يونيو 2021 بأنه لا يعرف بوجود يهود ما زالوا يعيشون في سوريا.

وكان هناك سكان إيزيديون في سوريا بلغ عددهم حوالي 80 ألف شخصا قبل الحرب الأهلية، وتوزعوا في مدن الحسكة وقراها وحلب وريفها وكذلك عفرين.

وعاش الإيزيديون سابقا في حلب، لكنهم الآن في مناطق شمال شرق سوريا التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية “قسد” التي يقودها الأكراد.

خريطة توزيع الأكراد في سوريا والعراق 2019

و”قسد” التي تسيطر على بعض أكبر حقول النفط في سوريا، هي الفصيل الرئيسي في التحالف الذي تقوده واشنطن ضد تنظيم داعش الإرهابي. وتقودها وحدات حماية الشعب الكردية، وهي جماعة تعدها أنقرة امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي خاض قتالا ضد الدولة التركية لمدة 40 عاما وتحظره أنقرة.

بعدما عانى الأكراد خلال حكم عائلة الأسد من تهميش وقمع طيلة عقود، حرموا خلالها من التحدث بلغتهم وإحياء أعيادهم وتم سحب الجنسية من عدد كبير منهم، استطاعوا خلال سنوات النزاع إدارة ذاتية في شمال شرق سوريا ومؤسسات تربوية واجتماعية وعسكرية، بعدما شكلوا رأس حربة في قتال تنظيم داعش.

تاريخ استهدف الأقليات في سوريا

المجموعات العرقية والدينية في سوريا 2012

ومنذ عام 2011 وحتى مطلع 2023 وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اعتقال أو إخفاء لما لا يقل عن 156ألف مواطن سوري معظمهم تم إخفاؤهم من قبل نظام بشار الأسد وبقوا في عداد المفقودين.

وكشف تقرير دولي بشأن الحرية الدينية في سوريا صادر في 2021 أن الاستهداف والتهميش لم ينال من الأقليات فقط في سوريا، بل حتى من الأغلبية، إذ رغم وجود أكثرية سنية إلا أن “الأقلية العلوية استمرت في الاحتفاظ بمكانة سياسية رفيعة لا تتناسب مع أعدادها، ولا سيما في المناصب القيادية في الجيش والأجهزة الأمنية”.

وبحسب دراسة أجراها مركز كارنيغي للشرق الأوسط في مارس من 2021 أن “العلويين يشغلون كافة المناصب الأربعين العليا في القوات المسلحة”.

وواصل النظام السوري خلال السنوات الماضية وبدعم من حلفائه الروس والإيرانيين، في ارتكاب انتهاكات وإساءات عشوائية لحقوق الإنسان ضد المدنيين، ومعاقبة من تتصورهم من المعارضين، وأغلبهم، كما تعكس التركيبة السكانية للبلاد، من المسلمين السنة.

ووفقا لورقة مشتركة صادرة عن معهد الشرق الأوسط ومنظمة “إيتانا” انخفض عدد المسيحيين في جنوب غرب سوريا بنسبة 31 في المئة عما كان عليه قبل بدء الأزمة في سوريا، وانخفض عدد المسلمين الشيعة في المنطقة ذاتها بنسبة 70 في المئة.

وتعرض المسيحيون للتمييز والعنف على أيدي المجموعات المتطرفة الإرهابية ما دفعهم الانتقال إلى مكان آخر داخل البلد أو الهجرة.

وعلى جانب آخر، أفادت لجان التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة أن “بعض جماعات المعارضة السورية المسلحة المدعومة من تركيا ارتكبت انتهاكات قد تصل إلى حد جرائم الحرب، بما في ذلك التعذيب والاغتصاب واحتجاز الرهائن والنهب ومصادرة الممتلكات الخاصة، لا سيما في المناطق الكردية، فضلا عن تخريب المواقع الدينية الإيزيدية في المناطق الخاضعة لسيطرتهم”.

مخاوف دولية ورسائل “طمأنة”

مناطق السيطرة في سوريا بعد سقوط الأسد

ودعت منظمة هيومن رايتس ووتش قبل أيام إلى ضرورة حماية المدنيين والأقليات، مشيرة إلى أن “سجلات الفصائل المعارضة بشأن الاعتقالات تثير مخاوف جدية إزاء سلامة الأشخاص المرتبطين بالحكومة السورية أو الجنود السوريين الذين تم أسرهم أثناء الهجوم العسكري. كما أن الجماعات لديها سجلات موثقة جيدا لسوء معاملة الأقليات الدينية والعرقية والنساء في المناطق الخاضعة لسيطرتها”.

ووجهت الفصائل المعارضة منذ مطلع ديسمبر أكثر من مرة إشارات طمأنة الى الأقليات الدينية التي تقطن في مناطق باتت مؤخرا تحت سيطرتها.

وسارع زعيم هيئة تحرير الشام أحمد الشرع الذي عرف باسم “أبو محمد الجولاني” إلى طمأنة المسيحيين والطوائف الأخرى، وخاطب في بيان نشره حساب قيادة الفصائل على منصة “تلغرام”، المقاتلين بالقول “هدئوا من روع أهلنا من كافة الطوائف”.

ورغم أن الهيئة كانت تابعة لتنظيم القاعدة قبل فك الارتباط معها عام 2016، فقد نجحت في طمأنة زعماء العشائر والمسؤولين المحليين والسوريين بأنها ستحمي الأقليات، وقد حظيت بدعم داخلي واسع النطاق.

وقال نائب مدير منطقة الشرق الأوسط لدى هيومن رايتس ووتش، آدم كوغل “وعدت الجماعات المسلحة المعارضة بضبط النفس واحترام المعايير الإنسانية، لكن في المحصلة سيتم الحكم على أفعالها وليس أقوالها”.

وكرر وزير الخارجية الأميركي، بلينكن تصريحاته أن الانتقال في سوريا يجب أن يؤدي إلى “حكم موثوق وشامل وغير طائفي” بما يتفق مع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254.

ويدعو هذا القرار، الذي تمت الموافقة عليه في عام 2015، إلى عملية بقيادة سورية تتولى الأمم المتحدة تسهيلها، والتأسيس لحكم غير طائفي في غضون ستة أشهر وتحديد جدول زمني لعملية صياغة دستور جديد.

وقال بلينكن في مؤتمر صحفي إن الدول التي التقت في الأردن السبت “اتفقت على بيان مشترك يدعو أيضا إلى حكومة شاملة تمثل فئات الشعب وتحترم حقوق الأقليات ولا توفر قاعدة للجماعات الإرهابية”

وأكد البيان المشترك أيضا “الدعم الكامل لوحدة سوريا وسلامة أراضيها وسيادتها”.

وأضاف وزير الخارجية الأميركية “الاتفاق يبعث رسالة موحدة إلى السلطة المؤقتة الجديدة والأطراف في سوريا حول المبادئ الضرورية لتقديم الدعم والاعتراف المطلوبين بشدة”.

واجتمع بلينكن ومبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا غير بيدرسون ومسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس ووزير الخارجية التركي ووزراء خارجية الأردن والسعودية والعراق ولبنان ومصر والإمارات والبحرين وقطر. ولم يشارك في الاجتماع أي ممثل لسوريا.

واجتمع الدبلوماسيون العرب في وقت سابق على نحو منفصل وأصدروا بيانا دعوا فيه إلى انتقال سياسي سلمي وشامل يؤدي إلى إجراء انتخابات ودستور جديد لسوريا.

المصدر: الحرة

شارك هذه المقالة على المنصات التالية