الأربعاء, ديسمبر 18, 2024

خالد علوكة: الايزيدية والشر واينشتاين

خالد علوكة

عندما يكون الايمان بالله مطلقا فان المعرفة والعلم تقف جانبا لان الاصل في البشرية هو الايمان الانساني بكل شئ ، والايمان بالواحد الخالق يتجاوز كل الشبهات ، اما الشر والكفر فهو طارئ ولو أن الالوهية تجمع الضدين لان الطبيعة تكره الفراغ .

شخصت بعض الاديان الشر باسماء منها ابليس والشيطان بل اعطت لهم من القدرة في فعل الزنى والحرام وهذا خارج الارادة الالهية لانه شرك محض ان يقدر شئ على فعل اكبر ممن خلقه وهو الله وياتي ايضا عجز الخالق لاسمح به .

ألاراء في الموضوع متعددة لكل دين وجهة نظر بل شريعة هذا لي وهذا لك ! والدين والعلم لايلتقيان لان الاول كلامه نهائي بينما العلم يستند الى المعرفة في عمله ولو انه مثلا بالعلم لايثبت وجود الخالق من عدمه فكيف مثلا يثبت وجود ابليس .

الاديان القديمة والبدائية كانت علامتها الزهد والتصوف والمحبة وتعتبر كل ماجاء من الخالق خير حتى لو كان فيه شر، لكن تقدم البشرية وصعود الاديان الشمولية والتبشيرية الى مسرح الحياة بشرائع خاصة بها ملزمة للمقابل قبولها ولوعلى مضض هنا فسر الخير والشر على مقاسهم انت معي انت خير وخلافة فانت كافر .

طبعا لسنا في باب تفنيد ماعند الاخرين لان كل قوم بما عندهم فرحون ، في الديانة الايزيدية لها نص وقول ديني مقدس تقر به كل شئ من الله حتى الخير والشر مصدره واحد ونص يقول (اعمل الخير يبعد عنك الشر) لاتشخيص للشر بكائن ما ، لان التوحيد غير متعدد وهو الواحد وان زاد عنه اعتبر شركا لانه قبل القسمة على غيره . والله في الحقيقة كائن مطلق لايمكن حصره في جنس واحد.

فعل الشر مشخصا بابليس في بقية الاديان طغى مبررا على كل خطأ او جريمة انسانية وهذا ليس حق وكون الله نعبدة لايضع المعاصي امام البشر وبما ان سلوك الانسان خاضع لجينات تركيبه العضوى اسوة بسم العقرب والحية مثلا فمنه لايمكن منع وقوع امر لاارادي .

طبعا في الاديان مثل الاسلام يقول الخير والشر من الله ، وفي المسيحية اعتبر الشر من فعل البشر .

الأمر المهم للاسف في موضوعنا اتهام الازيدية انهم عبدة الشيطان وهذا شرك بالله ومجافِ للحقيقة كون الله موجود فكيف بك تضع مكانه ماهو مخلوق من الله لتتهم الله بما ليس فيه وتجرده من قدرته المحسوبة عن الكل بخالق السماوات والارض .

يقول غاندي ( الخطأ لايصبح حقيقة بسبب تضاعف الانتشار ولاتصبح الحقيقة خطأ لان لاأحد يراها الحقيقة تبقى كما هي تعزز نفسها ). وكما ان السكوت على أمر لايعني تركه ولايعني قبوله واحيانا ظروف الامر تجبر على الهدوء والسكينه وتاريخيا لاتعويل على ذكر ابليس في الديانة الازيدية بل الشر وارد ذكره حتى لايجسد في السومريات والبابليات والاشوريات مثلا عندما قتل قابيل اخاه هابيل بسبب الحسد لانرى السبب في قتله اغواء ابليس لقابيل وكذلك نجد الحال عن جبروت نمرود وحكم فرعون بل نجد من اطلق عليهم بالظالم والطاغية. ولو عند لابارت في كتابه المعتقدات الدينية نجد عبارة مثيرة – الله لايسد الطريق على الشيطان- !!-

وفي اليهودية لم تعرف ابليسا لحين العودة من السبي البابلي لليهود عام 586 ق.م حسب قول الكاتب المصري مصطفى العقاد،او من كتاب افستا الزرادشتي ، وفي اللغة العبرية يأتي باسم (ستين) وتعنى المقاومة والخصم ومن ثم في الرواية التوراتية لاوجود لذكر الشيطان وخالية من ذكر السجود للملاك المكرم حسب – د. رعد الكيلاني وكتابه الانبياء في العراق – وحتى اسم عزازيل معناه (نصرت الله) لم يرد اسمه في التوراة والانجيل .

وفراس السواح يقول في كتابه الرحمن والشيطان (في قصة التكوين في التوراة وخلق الايام والشمس والقمر لم نرى ايه ذكر لخلق الملائكة والشياطين ).

ونفس الكتاب نقرأ للسواح ليقول ( ابليس هو الخلل يتم تصحيحه عبر جدلية تاريخية تقوم على صراع الخير والشر بانتصار الاول ،، ومع زوال ابليس ينتهي التاريخ !! لانه لاوجود لتاريخ بلا صراع وبلا تناقض وبلا أضداد ) فيما من جانب اخر يقول السواح – بان ابليس ليس ازليا لكن مكوناته أزلية !! فيما قال في مكان اخر بان جذوره سماوية وليس وثنية !.!.

وفي المسيحية واسفار العهد الجديد لايقم رواية واضحه عن منشأ الشيطان وسيرة حياته بل ذكرعنه – بانه سيد هذا العالم –يوحنا 12:13 وفي رواية اخرى طلب ابليس من ألمسيج بالسجود له مقابل اعطائه كل الارض التي هو عليها فاجابه المسيح لاأسجد الآ لمن خلقني ؟.

وبعده جاء الاسلام بالقران الكريم الذي زاد بذكره 88 مرة للشيطان في القران ولاذكر فيه للحية وحديثها مع حواء حسب كتاب الانبياء في العراق . وفي حديث للنبي محمد يقول ( خلق الله ارضا بيضاء مثل الفضة وهي قدر الدنيا 30 مرةوبها أمم كثيرة لايعصون لله طرفة عين …لايعلمهم إلا الله ليس لهم علم بآدم ولايعلمون بإبليس !!)- من كتاب بدائع الزهور في وقائع الدهور – لابن أياس –

وابن كثير يقول (لااله إلا الله وحده لاشريك له ولاولد ولاصاحب ولانضير ولا وزير ولامشير ولا عديد ولانديد ولاقسيم ).

وعلي الوردي في كتابه مهزلة العقل البشري يقول ( ان الله خلق الشر لسبب هو يعلمه هو ولم يشأ ان يعلم الملائكة اياه لئلا يفسدهم به ) مبررا وجود أي شئ ما بسبب حتى لوكان المستوى النسبي للسببية .

وهنا يدخل على الخط العالم الفيزيائي الالماني البرت إينشتاين 1879-1955م صاحب النظرية النسبية لنرى ماذا في جعبة انيشتاين عن الشر ،

تحدى احد اساتذة الجامعة تلاميذه بالسؤال الاتي :-

هل الله هو خالق كل ماهو موجود ؟.

فاجابه احد الطلبة بشجاعة نعم الله خالق كل الاشياء ، وهنا قال الاستاذ ، مادام الله خالق كل شئ اذن الله خلق الشر .. حيث ان الشر موجود وطبقا للقاعدة ان اعمالنا تظهر حقيقتنا اذا الله شرير ، راح الاستاذ يتيه عجبا بنفسه وراح يفتخر امام الطلبة قائلا :

أنا اثبت مرة اخرى خرافة الايمان بالله !!؟!!.

وهنا رفع طالبا اخر يده وقال هل لي ان اسألك سؤالا يااستاذي فرد الاستاذ قائلا بالطبع يمكنك وكان الطالب هو (البرت انشتاين ) وسأل الاستاذ قائلا :

هل البرد له وجود ؟ فاجاب الاستاذ بالطبع الن تشعر به فضحك باقي الطلبة من سؤال زميلهم فاجاب البرت قائلا :

في الحقيقة ياسيدي البرد ليس له وجود طبقا لقوانيين الطبيعة مانعتبره نحن بردا هو في حقيقته غياب الحرارة ، فاستطرد قائلا كل جسم او شئ يصبح قابلا للدراسة عندما يكون حاملا للطاقة او ناقلا لها والحرارة هي التي تجعل جسما او شيئا حاملا او ناقلا للطاقة … الصفر المطلق (460 )فهرنايت او 373مئوية هو الغياب المطلق للحرارة البرد ليس له وجود في ذاته ولكننا خلقنا هذا التعبير لنصف مانشعر به عند غياب الحرارة .

استمر البرت يقول استاذي هل الظلام له وجود ؟

فرد الاستاذ : بالطبع الظلام موجود فقال البرت معذرة ولكن للمرة الثانية هذا خطأ ياسيدي فالظلام هو الاخر ليس له وجود فالحقيقة ان الظلام يعنى غياب الضوء ، نحن نستطيع ان ندرس الضوء ولكننا لانستطيع دراسة الظلام .

بالحقيقة يمكننا استخدام منشور نيوتن لنفرق الضوء الابيض لأطياف متعدد الالوان ثم ندرس طول موجة كل لون ، ولكنك لاتقدر ان تدرس الظلام . وشعاع بسيط من الضوء يمكنه اختراق عالم من الظلام وينيره،

كيف يمكنك ان تعرف مقدار ظلمة حيز معين ؟ ولكنك يمكنك قياس كمية ضوء موجود أليس ذلك صحيحا؟ ، الظلمة هي تعبير استخدمه الانسان ليصف مايحدث عندما لايوجد النور .

وفي النهاية سأل البرت استاذه سيدي :

هل الشر موجود؟ وهنا في عدم يقين قال الاستاذ : بالطبع كما سبقت وقلت نحن نرى كل يوم وهو المثال لعدم انسانية الانسان تجاه الانسان انه تعدد هذه الجرائم وهذا المقدار الوافرمن العنف في كل مكان من العالم حولنا هذه الظاهر ليست سوى الشر بعينه .

وهنا اجاب البرت قائلا : الشر ليس له وجود ياسيدي على الاقل ليس له وجود في ذاته ، الشر ببساطة هو غياب الله انه مثل الظلام والبرد ، كلمة اشتقها انسان ليصف غياب الله .. الله لم يخلق الشر !!؟ الشر هو النتيجة التي تحدث عندما لايحفظ الانسان محبة الله في قلبه انه مثل البرد تشعر به عندما تغيب الحرارة او الظلمة التي تأتي عندما يغيب النور ،

وهنا جلس الاستاذ مذهولاَ .. ( انتهى الحوار ) . المصدر: كتاب (اينشتاين والدين ).

هنا عزز انشتاين في رأي صحة مالدى نظرة الديانة الايزيدية حول لاوجود لابليس اصلا فقط الله هو المطلق بالخالق والخلق .

وثانيا : غياب الله وهذا خطأ وغير وارد تماما ليظهر محله ابليس او غيره لبث الشر او فعل المظالم فالله حاضر في كل زمان ومكان وهو المطلق الذي لاحدود له.

وثالثا: الشر يحدث عندما لايحفظ الانسان محبة الله في قلبه وكيف ونحن عندنا {الله ولاشئ سواه } وهو محفوظ في قلوبنا وصدورنا بايمان مطلق لله على ظهر قلب لايدخله الشر بل الخير وتنتقل من مؤمن الى آخر مثل سراج الشموع .

والخلاصة:-

هنا قد لاتنتهي لعبة اتهام الاخرين بسوء وعدم القبول ، ومن الظلم الانساني اتهام او لصق عبادة ابليس بالدياة الازيدية ، انما الذي واجبا فعله هو ان ينتهي ويكف الاخرون بتكفير غيرهم لان الله لايخلق كفارا بل بنى ادم في احسن الخالقين ، وعندما نشرك بالله بوجود واظهار شخصنة كائن ابليس بدلا عن الله ونغيب الله وتستخدم ابليس مكانه فهذا تثنية وهو الكفر بعينه …

واخيرا الكثرة يقابلها القليل والواحد الله يقابله الواحد ، والله يعرف غيره بوجود غيره فيه …… والله التمام ونحن الاقل .

يوليو \ 2022م

شارك هذه المقالة على المنصات التالية