الأحد, فبراير 23, 2025

الكرد وبوابة دمشق الطائفية

فتح الله حسيني

اعتقد؛ الشعب السوري بكل مكوناته؛ أن دمشق العاصمة؛ في سوريا “الجديدة” ستختلف حتماً عن دمشق قبل الثامن من ديسمبر العام الماضي؛ بعد كل تلك الدمار والخراب وسفك الدماء؛ إلا أن متعة الاختلاف لم تك متعة ولا نعمة؛ وربما تتحول تلك النعمة إلى نقمة جديدة؛ قد تؤدي بدمشق إلى سيناريوهات دامية تفضي إلى فوضى جديدة ضمن أسوار سوريا الجديدة.

تنصيب هيئة تحرير الشام لسيدها أحمد الشرع رئيسا للجمهورية “العربية” السورية؛ ولملمة متزعمي الفصائل المسلحة من جنبات المدن المحتلة؛ وأغلبهم مرتزقة وأمراء حرب؛ وتنصيبهم مراتب وتقليدهم رتب عسكرية ونياشين بطولية تحررية ما هي إلا انقلاب واضح وصريح على ما تنشدها سوريا بعد أربعة عشر عاماً من الحرب الداخلية المميتة؛ وانقلاب في الوقت ذاته على دعوات الدول الغربية والعربية بضرورة تشكيل حكومة تشاركية دون إقصاء أي مكون من جميع الجغرافيات السورية الممزقة أصلاً.

انقلاب الشرع وهيئته على الدعوات الغربية والعربية تكريس جديد للاستبداد الذي عانت منه الشعوب السورية؛ طويلا؛ على مدى حكم الأسدين؛ الأب والابن لأكثر من أربع وخمسين عاماً؛ وحكم حزب البعث لأكثر من ستة عقود؛ عقود طويلة من التهميش والاقصاء؛ والتحدث بلغة الحديد والنار والزنازين.

عملياً؛ سوريا كدولة ممزقة؛ وخارطتها مقسمة؛ وحكم القصر الجمهوري في دمشق لا يعني حكم المدن الأخرى سواء في الوسط أو في الجنوب أو في شمال الشرق؛ وأيضاً هو تهور جديد والسير بالبلاد إلى هاوية جديدة وعواقب لا تحمد عقباها في أتون نار مستعرة عانت منها المكونات السورية؛ وبكل تأكيد تلك المكونات لا تريد لتلك النار أن تلتهم أحلامها في الحرية والتعددية واللامركزية المنشودة.

دمشق قد تفرض قرارات؛ ولكن لن تجد لها شرعية في مدن سورية أخرى؛ لأنه على مدى سنوات الحرب السورية الطويلة أيقنت المكونات أن ترتيب أمورها السياسية والعسكرية أولويات عملت عليها من أجل ترتيب شؤونها وشجونها بعيداً عن المعارك الطائفية والمذهبية التي أوصلت البلاد إلى كل هذا الخراب والحقد والعدوانية.

وفق ما هو واضح؛ فإن أجندات أنقرة والدوحة هي الطاغية؛ وليست إرادة الشعوب السورية؛ وهذا بحد ذاته خروج وانقلاب على الشرعية الداخلية السورية؛ بعدما دفعت سوريا ومكوناتها ضريبة قاسية جراء سياسات هاتين العاصمتين.

نأمل أن يكون الأول من آذار المقبل؛ بداية واضحة لمرحلة جديدة لسوريا الجديدة؛ مرحلة يرسم ملامحها السوريون وحدهم دون املاءات خارجية؛ التي تفرض وفق مصالح طائفية؛ والتي كانت السبب الأساس والرئيس في اندلاع الأزمة السورية.

الشرع أمام امتحان داخلي؛ وهو ما يجب اجتيازه بنجاح؛ لأن الامتحان الخارجي سيضع أسئلته القوى الدولية لا النوايا الإقليمية.

سننتظر؛ ومعنا سينتظر السوريون توضيح ملامح جمهوريتهم المقبلة / الجديدة؛ التي حلموا بها سواء في المنافي والشتات أو في مدنهم المهدمة.

 

شارك هذه المقالة على المنصات التالية