في هذا اليوم الأغر، نستذكر بمهابةٍ وإجلال، قوافل الشهداء الذين ارتقوا على درب الحرية والكرامة، ونعاهد أرواحهم الطاهرة أن تظل تضحياتهم منارة تهدي خطى الأحرار في سبيل بناء وطنٍ حر، تعددي، ديمقراطي، ينتمي لجميع أبنائه دون تمييز أو إقصاء. إن يوم الشهيد في شمال وشرق سوريا ليس مجرد ذكرى عابرة، بل محطة خالدة في وجدان شعوب المنطقة، تجسد أسمى معاني الفداء والتصدي للإرهاب والاستبداد والاحتلال.
في صبيحة الخامس والعشرين من نيسان عام 2017، أقدمت الطائرات الحربية التركية على ارتكاب جريمة مدوية بقصفها مركز القيادة العسكرية لقوات سوريا الديمقراطية ومقر الإعلام لوحدات حماية الشعب على جبل قره جوخ، حيث استشهد على إثر ذلك نخبة من خيرة القادة والمقاتلين الذين كانوا يتصدّرون الصفوف في الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي.
لم يكن عدوان قره جوخ مجرد خرق لسيادة الأرض السورية، بل كان الإعلان الأول عن المشروع التوسعي التركي، الذي ما انفكّ يتوسّع عدواناً واحتلالاً، ويضرب عمق الاستقرار في شمال وشرق سوريا، عبر القتل والتهجير وتغيير هوية الأرض. لقد مثّلت هذه الجريمة نقطة تحول كشفت طبيعة السياسات التركية العدوانية، التي لا تتورع عن استهداف من حارب الإرهاب، فقط لأنهم ناضلوا من أجل الحرية وحقوق شعوبهم الأصيلة.
إن شهداء قره جوخ، الذين ارتقوا وهم يحملون راية الدفاع عن الإنسانية في وجه أبشع تنظيم إرهابي، لم يكونوا فقط ضحايا للعدوان، بل باتوا رموزاً للمقاومة، وركائز أساسية في بنيان التجربة الديمقراطية في شمال وشرق سوريا. لقد كان لبطولاتهم الأثر البالغ في دحر داعش، وتمكين أبناء المنطقة من بناء مؤسساتهم الذاتية، وفق رؤية تشاركية، تعددية، تنبذ الاستبداد، وتؤمن بوحدة سوريا أرضاً وشعباً.
وفي هذا السياق، لا يمكن فصل العدوان التركي على قره جوخ عن السياق التاريخي الطويل من الجرائم التي ارتكبتها الدولة التركية، بدءاً من المجازر التي طالت الأرمن في بدايات القرن العشرين، وصولاً إلى السياسات الإبادية التي تستهدف اليوم الوجود الكردي والسرياني والعربي والإيزيدي في سوريا. إنها عقلية استعمارية متجددة، تواصل إنكار حقوق الشعوب الأصلية، وتسعى لتكريس أنماط السيطرة عبر العنف والإرهاب.
إنّنا في مجلس سوريا الديمقراطية، إذ ننحني إجلالاً أمام أرواح الشهداء، نعاهد أرواحهم الزكية بأن نبقى أوفياء لدمائهم، وأن نصون أمانتهم، ونمضي قدماً حتى يتحقق لشعبنا السوري حلمه بوطنٍ حرّ، آمن، ديمقراطي، يليق بتضحيات شهدائه، ويطوي صفحات الاستبداد والاحتلال إلى غير رجعة. كما نؤكد في هذا اليوم المجيد تمسكنا بنهج الحوار، والعمل من أجل ترسيخ السلام، وتعزيز علاقات حسن الجوار ، ووقف الحروب، وبناء منطقة خالية من الإرهاب والاستبداد، تكون نموذجاً للعدالة والتعايش المشترك.
25 نيسان/أبريل 2025
مجلس سوريا الديمقراطية
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=67706