الثلاثاء 01 تموز 2025

أين نحن الكرد من اليهود؟!

بير رستم

يوم أمس وأنا أستمع لبرنامج “تلك الأيام” على اليوتيوب، والذي يقدمه اليوتيوبر العراقي د. حميد عبدالله حيث كان الحديث عن كتاب يتناول سيرة ذاك الطفل الكردي؛ تيمور أحمد عبدالله، الناجي الوحيد من مجزرة أنفال سماوة وكيف أن الجيش العراقي ساقهم من كردستان، رجالً ونساءً وأطفال، إلى الصحراء ليتم قتلهم بشكل جماعي وبدم بارد عبر مجازر إبادة جماعية راحت ضحيتها، بحسب الاحصائيات الكردستانية أكثر من مائة وثمانون ألف ضحية وقربان، بينما العراق وعلى لسان علي الكيماوي؛ علي حسن المجيد وهو الذي كان المسؤول عن ملف الشمال وابن عم صدام، أعترف بأن عدد الضحايا بحدود المائة ألف، طبعاً مشكلتنا ليست مع الرقم حيث الجريمة جريمة، إن كانوا مائة أم مائة وثمانون ألفاً، وإن كانت للأرقام حجمها ودلالاتها على حجم الكارثة والمأساة الانسانية والتي تعرض لها شعبنا في جنوب كردستان على يد أولئك الطغاة المجرمين من نظام حكم صدام حسين البعثي الشوفيني، بل تكشف هذه التراجيديا حجم الاستهتار من قبل مجرمي النظام العراقي السابق وذلك عندما يقول؛ بأن العدد هو مائة ألف حيث قمة الاستهتار بمعاناة شعب أرتكب بحقه أحد أبشع جرائم العصر الحالي!

لكن التراجيديا الكردية لا تتوقف فقط عند الأعداء حيث استهتارهم بالدم الكردي وارتكاب الفظائع بحق شعبنا وتاريخنا وثقافتنا وبحق جغرافية كردستان والتي ينهش بجسدها كل الكلاب الضارية بحيث بات كل أفاق وغازي معتدي يريد هبش جزء منها، بل الكثيرين منهم يحاولون أن ينكروا وجودها التاريخي بالرغم من أن الوثائق التاريخية، بل الحقائق على الأرض تؤكد على هوية هذه المناطق الكردستانية، لكن “المال السايب بعلم الناس على السرقة”، كما يقول المثل الشعبي السوري، وللأسف المال الكردي ودمهم وجغرافيتهم وو .. كلها سايبة بحيث تجد الكلاب تحوم بها من كل الجهات، لكن الأسوأ من كل هذا وذاك هو “التنبلة الكردية” حيث الكردي ما زال ذاك الساذج بالرغم من تغير ظروفه المادية والمعنوية، فقد نزل من الجبل وخرج من كهوفها وترك الخراف للذئاب وجاء ليعمر البلدان، لكن الكردي فهم من العمران انشاء الأبراج مع أن العمران الأساسي هو الانسان.

وهكذا ندخل أربيل فتجد أبراجها وفنادقها ومولاتها تضاهي نظيراتها في الإمارات وتركيا، وربما تتفوق على تلك التي في إسرائيل، لكن أمشي في شوارعها وأدخل إلى فنادقها وأبراجها ستجد؛ بأن كل شيء أعد بشكل عاجل وتجاري وكأن من عمل بها أراد فقط أن يقدم لوحة تجارية في إطار فني جميل حيث عدم الالتزام بالجودة وقد لاحظت ذلك في عدد من المواضع المختلفة، بل تجد في شوارعها الأوساخ والزبالة، مما يعني بأننا نهتم بالخارج والقشور وما زلنا لا نعرف كيف نتعاطى مع الحضارة في جانبها الانساني أولاً حيث بناء الانسان والاهتمام به وباحتياجاته المادية والروحية هي الأهم والأكثر ضرورة لنقد صورة حضارية لكردستان وهو الفرق بيننا وبين اليهود حيث نحن نهتم بالخارج والقشور وبشكل تجاري، بينما هم يهتمون بالمضمون ولب القضايا وبكفاءة في الأداء والتنفيذ، ليس فقط في الحياة اليومية للناس، بل مع مختلف قضاياهم ومنها قضية التاريخ والمآسي التي تعرض لها الشعبين والتي كانت السبب في كتابة هذا المقال أساساً!

ولتوضيح هذه المقارنة بين كل من شعبنا الكردي والشعب اليهودي في التعاطي مع قضاياهم الوطنية وكذلك مآسيهم، فإننا أخذنا بكارثة ذاك الطفل الكردي والناجي الوحيد من أنفال سماوة، ونقصد السيد تيمور، حيث ربما قلة منكم سمع بحكايته وبالأحرى بمأساته وكارثته والتي هي تمثيل وتجسيد حي وحقيقي عن الجرائم المروعة، وبالأخص كارثة “الأنفال”، والتي أرتكبها النظام العراقي البائد؛ نظام صدام البعثي العروبي العنصري المافيوي ضد شعبنا في جنوب كردستان، وهذه تعتبر جريمة أخرى ترتكبها القيادات الكردية بحقه وبحق شعبنا وبحق كارثة الأنفال وضحاياهم بحيث يتم إهمال مثل هذه المأساة وعدم القاء الضوء عليها وهو الفرق بيننا وبين اليهود، فبينما وجدنا اليهود عملوا عشرات، بل مئات الأفلام الوثائقية والسينمائية عن “الهولوكوست والنازية” في حين نحن حتى فيلم وثائق مثل الخلق والعالم لم نعمل لهذا الشخص الحي من أحد أبشع جرائم العصر، طبعاً جريمة الأنفال ليست وحدها لم تلقى الاهتمام اللازم والضروري، بل مختلف مآسينا ومنها مأساة شعبنا في عفرين مع احتلال التركي الميليشاوي.

للأسف المال الكردي وإعلامه مشغول بإقامة الفنادق واستقبال “ريم السواس”، وليس لالقاء الضوء على القضايا الكردستانية وايصالها للمنابر الدولية.