صوت كوردستان
في ظل التحديات الاستراتيجية التي تواجه الشعب الكردي في سوريا، يصبح دور الإعلام الكوردي أكثر حيوية وأهمية. الإعلام ليس مجرد أداة للمعلومات، بل هو سلاح الحقيقة في مواجهة التطرف والإرهاب. للأسف، يبدو أن جزءاً من الإعلام الكوردي يتخبط بين المسايرة السياسية والانحراف عن المهمة الجوهرية: فضح الإرهاب والدفاع عن الحق. هذا التخبط ليس مجرد خطأ تكتيكي، بل هو انحراف استراتيجي يهدد المصالح العليا للشعب الكردي والمكونات الأخرى المضطهدة في سوريا.
الخيانة الإعلامية الفادحة
التجميل الإعلامي للوحوش
من المؤسف أن نرى إعلاميين كورد يحاولون تجميل صورة الجولاني وتقديمه كرجل إدارة محنك، بينما الحقيقة المرة أن هذا النظام مرتبط بـسابق إرهابي شنيع، لا يزال يمارس الإرهاب اليومي، مسؤول عن إبادة جماعية ضد الأقليات، وقاتل المدنيين والنساء والأطفال. هذا التجميل الإعلامي ليس مجرد تفاؤل سياسي، بل هو خيانة صريحة للمبادئ الإعلامية والأخلاقية. عندما يحاول الإعلام تبييض سمعة من قتل الأطفال واغتصب النساء، فإنه يتحول من كونه صوت الحقيقة إلى صوت الخيانة.
المقارنة المؤلمة
المرصد السوري لحقوق الإنسان لا يتوقف عن نشر الحقائق الصعبة، حتى لو كانت مؤذية للجميع، حيث يوثق الجرائم بمهنية وأمانة تامة، بينما الإعلام الكوردي في بعض منصبه يحاول تبييض السمعة للإرهابيين، هذا التناقض يُعد خيانة للمهمة الإعلامية الحقيقية. الفرق جلي بين الإعلام المسؤول الذي يوثق الحقيقة، والإعلام المتواطئ الذي يحاول تجميل وجوه الوحوش السياسيين.
الحقيقة الصعبة التي يجب قولها
الماضي الإجرامي
الجولاني وفصائله لهم ماضي إجرامي لا يمكن تجاهله أو تبريره. الانتماء لتنظيم القاعدة في البداية لم يكن خطأ جزافياً، بل كان خياراً استراتيجياً يُظهر طبيعة الفكر المتطرف. ارتكاب جرائم حرب في مناطق مختلفة، القتل المستهدف للمعارضين، واستهداف المدنيين الأبرياء، كل هذه الأفعال تُظهر أن النظام الحالي ليس مجرد حكومة جديدة، بل هو استمرار لفكر إرهابي قديم يعيد نفسه تحت أقنعة مختلفة.
الحاضر الإرهابي
الممارسات المستمرة تُظهر أن الجولاني لم يتغير، بل أصبح أكثر فتكًا وشراسة. إبادة العلويين في الساحل السوري لم تكن مجرد خلاف سياسي، بل كانت إبادة جماعية منظمة تستهدف طائفة بأكملها. مذابح الدروز في السويداء أثبتت أن النظام لا يفرق بين المدنيين والمقاتلين، بل يستهدف المدنيين الأبرياء بشكل خاص. قتل السوريين المتجنسين العائدين لبلدهم يُظهر أن النظام لا يعترف حتى بحق السوريين أنفسهم في العودة إلى وطنهم. الهجوم على قوافل الأمم المتحدة يُظهر عدم احترام النظام حتى للقوانين الدولية الأساسية.
الخطأ الاستراتيجي الفادح
محاولة التطبيع
محاولة إجراء مباحثات مع الجولاني هي خطأ استراتيجي فادح، لأنها تعطي شرعية لمن لا يستحقها. اعتباره سلطة معترف بها هو خيانة للمبادئ الديمقراطية، والبحث عن “حلول سياسية” مع الإرهابيين هو انتحار سياسي، والتمسح بـ “التجربة الديمقراطية” في مناطقهم هو وهم خطر. هذه المحاولات المفضوحة تُظهر غياب الفهم الاستراتيجي الحقيقي للمشهد السوري، وتبني أوهاماً على حساب الدم السوري.
النتيجة المؤسفة
الشعب الكوردي فقد ثقته بشكل كامل في هذه المحاولات، لأن التجربة السابقة أثبتت أن الجولاني لا يتغير، والوعود كانت كاذبة، والجرائم تزايدت بدلاً من التقليل، والإرهاب أصبح نظاماً مؤسساً وليس مجرد ظاهرة عابرة. هذا الواقع المؤسف يجب أن يُقبل به الإعلام الكوردي بصدق وشفافية، وليس محاولة إخفائه أو تجميله.
الواجب الإعلامي الصحيح
التركيز على كشف الإرهاب
المهمة الأولى للإعلام الكوردي هي فضح الإرهاب بجميع أشكاله، وليس تجميله أو تبريره. كشف جرائم الجولاني يومياً يجب أن يكون أولوية، وليس هامشاً. توثيق المجازر بشكل علمي ومهني يجب أن يكون منهجاً، وليس استثناءاً. عدم التوقف عن الحديث عن الخطر يجب أن يكون مبدأ، وليس خياراً. هذا الالتزام بالحقيقة هو ما يُميز الإعلام المسؤول عن الإعلام المتواطئ.
رفض الاعتراف المشروع
الرسالة الواضحة التي يجب أن يحملها الإعلام الكوردي هي أن الجولاني ليس شريكاً للحل، والإرهاب لا يتحول إلى ديمقراطية، والماضي الإجرامي لا يُمحى، والجرائم المستمرة تؤكد الخطر بشكل قاطع. هذا الرفض الواضح للاعتراف بالمشروعية هو خط أحمر يجب ألا يُخترق تحت أي ظرف.
الفوائد الاستراتيجية للكشف
حماية الشعب الكوردي
الكشف المستمر عن جرائم الإرهابيين يُحذّر المجتمع الدولي من الخطر الحقيقي، ويمنع التطبيع مع الإرهابيين، ويُبرر دعم الأكراد كقوة ديمقراطية حقيقية، ويحمي الأقليات من الإبادة الجماعية. هذا التوعية المستمرة هي درع الحماية الحقيقي للشعب الكوردي، وليس التطبيع مع أعدائه.
الضغط الدولي
توثيق الجرائم يُجبر الدول على اتخاذ موقف واضح من الإرهاب، ويُوقف المساعدات للإرهابيين، ويُعزز العقوبات الدولية، ويُعزل النظام إعلامياً وسياسياً. هذا الضغط الجماعي هو ما يمكن أن يُحدث فرقاً حقيقياً في مواجهة الإرهاب.
بناء التحالفات
الحقيقة كسلاح تجمع الدول المعادية للإرهاب، وتُبرر التدخل الإنساني، وتُدعم قوات سوريا الديمقراطية، وتُوقف دعم الإرهابيين. هذه التحالفات المبنية على الحقيقة هي أقوى من أي تحالفات مبنية على المصالح المؤقتة.
الدروس من الإعلام المسؤول
المرصد السوري لحقوق الإنسان
النموذج الإيجابي للمرصد السوري لحقوق الإنسان يكمن في عدم التوقف عن نشر الحقائق مهما كانت مؤذية، وتوثيق شامل لجميع الجرائم دون تمييز، وعدم التحيز لأي طرف حتى لو كان مدعوماً دولياً، والصدق مع الجمهور حتى لو كان مؤلماً. هذا النموذج يجب أن يكون مصدر إلهام للإعلام الكوردي.
الإعلام الكوردي المطلوب
الواجب الأخلاقي للإعلام الكوردي هو قول الحق مهما كانت العواقب، وكشف الإرهاب بلا هوادة، وحماية المدنيين بالأقلام، والدفاع عن الإنسانية حتى لو كان ذلك مكلفاً. هذا الالتزام بالمبادئ هو ما يُميز الإعلام الحقيقي عن الإعلام المُوظف.
الخطر من المسايرة الإعلامية
خيانة الثقة الشعبية
الشعب الكوردي يسأل بحق: لماذا ندافع عن من قتل أبناءنا؟ لماذا ندعم الإرهابيين؟ لماذا نخون رسالتنا الإعلامية؟ لماذا نكون جزءاً من المشكلة؟ هذه الأسئلة المشروعة تستحق إجابة صادقة، وليس تهرباً أو تبريرات واهية. خيانة ثقة الشعب هي أخطر أنواع الخيانة، لأنها تُفقِد الشرعية نفسها.
تعزيز الإرهاب
النتيجة السلبية للمسايرة الإعلامية هي تبرير الإرهاب في العلن، وإعطاء شرعية للنظام الإجرامي، وتشجيع المزيد من الجرائم، وإضعاف المقاومة الديمقراطية. هذا التأثير المضاد يُظهر أن الإعلام المتواطئ ليس مجرد مراقب سلبي، بل هو شريك فاعل في الجريمة.
الخلاصة: الطريق الصحيح
الموقف الواضح
الإعلام الكوردي يجب أن يكشف الإرهاب بدلاً من تجميله، ويوثق الجرائم بدلاً من إهمالها، ويحذّر من الخطر بدلاً من تجاهله، ويدعم الحلول الحقيقية بدلاً من الوهم. هذا الموقف الواضح ليس موقفاً طائفياً، بل هو موقف إنساني وديمقراطي ومسؤول.
الرسالة النهائية
الجولاني لن يتغير، لأن الإرهاب لا يتحول إلى ديمقراطية. الشعب الكوردي تعلم من التجربة المؤلمة أن التعامل مع الإرهابيين يؤدي إلى المزيد من الإرهاب. الإعلام الكوردي يجب أن يكون صوت الضمير وليس مطرب النظام الإجرامي. هذا الفهم العميق هو ما يُميّز القوة السياسية الحقيقية عن الضعف الاستراتيجي.
الخلاصة: الإعلام الكوردي أمام خيار استراتيجي: إما أن يكون شريكاً في كشف الإرهاب، أو شريكاً في تجميله. الخيار الأول يخدم الشعب الكوردي والقضية الإنسانية، بينما الخيار الثاني يُعد خيانة للدم السوري وحق المدنيين في العيش بأمان وكرامة. الشعب الكوردي يستحق إعلاماً صادقاً يدافع عن الحق، وليس إعلاماً متسولاً يبحث عن الهدنه مع الإرهابيين. هذا التمييز الأساسي هو ما يُحدد مصير الإعلام الكوردي في التاريخ.
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd-online.com/?p=73085