د. محمود عباس
الجولاني وحكومته يمهّدون، بوعي أو بدهاء، لتقسيم سوريا، مستخدمين أسلوبًا خبيثًا يقوم على دفع الكورد، ولا سيما الإدارة الذاتية وقوات قسد، إلى الواجهة، وكأنهم هم من يقومون بالعمل، بينما تبقى حكومته متخفية خلف ستار البراءة الزائفة، إنه السيناريو نفسه الذي جُرِّب في السويداء مع إخوتنا الموحدين الدروز، ولا يزال يُعاد بإصرار، في محاولة لتكرار المأساة وتعميمها على بقية المكوّنات.
التبريرات التي ساقتها حكومة الجولاني لتغطية رفضها إجراء الانتخابات البرلمانية في المقاطعات الكردية والدرزية، لا تمت للحقيقة بصلة، الجميع يعلم أن مناطق الإدارة الذاتية هي من أكثر بقاع سوريا استقرارًا وأمانًا، رغم ما تتعرض له من جرائم تركية مستمرة، سواء بالعدوان المباشر أو عبر أدواتها من المرتزقة والجماعات الإرهابية، من هنا يتضح أن الهدف ليس الأمن، بل التلاعب بالمعادلة السياسية، وتشويه صورة المكوّنات الوطنية، وإلقاء التهمة عليها بأنها تسعى للتقسيم.
غير أن المشاركة في هذه الانتخابات، وفي البرلمان الذي يُراد تشكيله، تمثل جريمة سياسية وإدارية كبرى، لأنها تستند إلى دستور مشوَّه ومرفوض، لا يعبّر عن تطلعات السوريين ولا عن حقوقهم. هذا البرلمان، إذا ما وُلد، لن يكون ممثلًا للشعب السوري، بل نسخة أكثر خطورة من مجالس الشعب البعثية والأسدية التي زوّرت إرادة الأمة لعقود، إنه يهدد بتحويل سوريا إلى مسرح لشرعنة الاستبداد بوجه جديد، وربما أشد خطرًا على مستقبل البلاد من الاستبداد القديم نفسه.
من هنا، فإن الموقف الوطني الحق يقتضي مقاطعة هذه الانتخابات المهزلة، وفضحها أمام السوريين والعالم أجمع، لا بد من تعرية هذه الحكومة الإرهابية المتطرفة التي تحاول التلاعب بالمفاهيم الوطنية، وفي الوقت نفسه تتهم الكورد والدروز وغيرهم من المكوّنات بمحاولات تقسيم سوريا، بينما هي من يمارس فعل التقسيم عمليًا، بالسياسات والإجراءات، وبإرادة التبعية للقوى الإقليمية والدولية التي ترعاها.
الولايات المتحدة الأمريكية
24/8/2025م
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd-online.com/?p=74554




