الثلاثاء 01 تموز 2025

الايزيديون في سوريا: عقود من الإنكار والتمييز (تقرير)

قال تقرير لمنظمات حقوقية إن الأقلية الدينية الايزيدية في سوريا تعرّضت إلى طبقات متعددة من الظلم والاضطهاد تمثلت بحرمانهم من ممارسة شعائرهم الدينية الخاصة بهم ومن تعلّم أصول ديانتهم وعدم الاعتراف الدستوري بهم.

وجاء في الملخص التنفيذي الذي أعدته كل من “Ceasefire ” وسوريون من أجل الحقيقة والعدالة ورابطة “تآزر” للضحايا وبدعم من الوكالة النرويجية للتعاون التنموي:

يعود تواجد الايزيديين (ئيزيدي)[1] في سوريا والمنطقة، إلى عصور قديمة، لكن وبسبب حملات الإبادة المتكررة التي تعرّضوا لها تضاءلت أعدادهم كثيراً، ليصبحوا واحدة من الأقليات الدينية المهددة بالانقراض. ومع ذلك، لا تزال توجد بعض الجيوب الصغيرة من المجتمعات الايزيدية تعيش في سوريا والعراق وكردستان وتركيا وبلدان أخرى.

وقعت آخر عمليات الإبادة الجماعية، المعترف بها، بحقّ هذه الأقلّية الدينية في المنطقة خلال عام 2014، وتحديداً من قبل التنظيم الذي يطلق على نفسه اسم الدولة الإسلامية، والمعروف إعلامياً باسم (داعش). عندما هاجم منطقة سنجار (شنكال) العراقية واحتجز ونقل آلاف الايزيديين والايزيديات إلى سوريا، حيث تعرضوا لفظائع تفوق الخيال بحسب وصف لجنة التحقيق الدولية المعنية بسوريا.[2]

لقد سُبقت معظم حملات الإبادة التي تعرض لها الايزيديون بمهاجمة هذه الجماعة الدينية في معتقدها ودينها وعاداتها وأصولها، رغبة في تشويه الديانة وطقوسها ونزع الصفات الإنسانية منهم، وهو ما ساهم في خلق بيئة معادية لها قبل ارتكاب عمليات القتل والتهجير الفعلية بحقهم.

إنّ غياب الاعتراف الديني المتبادل بالأديان وضعف التسامح الديني بشكل عام ورفض القبول بوجود أديان أخرى أو عدم اعتراف بعض الأديان الواسعة الانتشار بحق الجماعات الدينية الصغيرة في ممارسة طقوسها وتقاليدها بحرية تامة، ساهم هو الآخر في تشويه سمعة الأديان المختلفة الأخرى أو المخالفة لدين الأكثرية أو “الدين الرسمي” في الدولة.

على الرغم من أن معظم الايزيديين ينحدرون من أصول عرقية كردية، ويتحدثون اللغة الكردية (الكرمانجية)، إلا أنهم يختلفون دينياً عن الأغلبية الكردية السنية. كأقليات، يفضل بعض الايزيديين أن يتم الاعتراف بهم كمجموعة إثنية منفصلة بشكل واضح عن الأكراد بسبب اختلافاتهم الثقافية والدينية.[3]

يقع معبد الايزيديين الرئيسي (معبد لالش) في منطقة “شيخان” بالقرب من مدينة الموصل، في محافظة نينوى بالعراق، إلا أنّهم انتشروا في أغلب مدن كردستان العراق وأجزاء من سوريا ولبنان وتركيا وإيران، وبأعداد مكثفة في أرمينيا وجورجيا.

استمرت معاناة الايزيديين في المنطقة، ولكن على أيادي أطراف عسكرية أخرى؛ منها فصائل المعارضة السورية المسلّحة، المرتبطة بالائتلاف السوري المعارض، حيث تعرّضوا لانتهاكات عديدة، خلال وعقب عمليتي “غصن الزيتون” عام 2018 “ونبع السلام” التركية عام 2019، منها عمليات الاحتجاز التعسفي لنساء أيزيديات في عفرين ودعوتهن إلى “اعتناق الإسلام” من قبل المجموعات العسكرية تلك.[4]

يتعرض ايزيديو عفرين لتضييق ديني يتمثل بمنعهم من الاحتفال بمناسباتهم الدينية، ومن إعطاء الدروس الدينية الايزيدية، وخاصة في المناطق المحتلة من قبل تركيا.

وقد انتقدت “اللجنة الأمريكية للحريات الدينية” في تقريرها بشأن سوريا لعام 2020، ما تتعرض له الأقليات الدينية والعرقية، خصوصًا الكرد والايزيديين والمسيحيين النازحين في المناطق الخاضعة للسيطرة التركية مثل مدينة عفرين من اضطهاد وتهميش. ودعا التقرير إلى ممارسة الضغط الشديد على تركيا لتقديم جدول زمني لانسحابها من سوريا، مع ضمان عدم توسيع قواتها العسكرية أو حلفائها من الجيش السوري الحر لمنطقة نفوذهم في شمالي شرق سوريا، أو إجراء أي عمل من أعمال التطهير الديني أو العرقي في تلك المنطقة، أو انتهاك حقوق األقليات الدينية والعرقية من المستضعفين فيها.”[5]

المنهجية:
يعرض هذا التقرير أبرز ما تعرّض له أتباع الديانة الايزيدية على مدار تاريخها من حملات الإبادة التي كانت تُسبق عادة بمهاجمة هذه الجماعة الدينية في معتقدها ودينها وعاداتها وأصولها، ومحاولة إسباغها بصفات شتّى، ساهمت بقسط كبير في تشويه حقيقة الديانة وطقوسها، وخلق بيئة معادية لها قبل ارتكاب عمليات الإبادة الفعلية بحقهم.

في الرد على ذلك؛ سيقوم هذا التقرير بدراسة أصول الديانة الايزيدية، ومعتقداتها والطقوس والرموز التي تبنى عليها أسس هذه الديانة، كذلك سيقوم التقرير باستعراض الانتهاكات التي تعرضت لها هذه المجموعة في سوريا تحديداً، إلى جانب سرد عدد من الفتاوى الدينية التي صدرت حول الديانة والرواية الدينية وخصوصاً الإسلامية حول هذه الديانة.

كما سيقوم التقرير بعرض للوجود الايزيدي في سوريا المعاصرة، وكيف تعاملت الحكومات السورية المتعاقبة مع هذه الأقلية الدينية وصولاً إلى ما يتعرض له أفراد هذه الطائفة الدينية في مناطق سيطرة الجماعات المسلحة المدعومة من تركيا في منطقة عفرين ومحيطها وكذلك في منطقة رأس العين/سري كانيه، بعد العملتين العسكريتين التركيتين في سوريا في عامي 2018 و 2019، والمعروفتين على التوالي باسم عملية “غصن الزيتون” وعملية “نبع السلام”، اللتان أدت إلى نزوح النسبة الساحقة من السكان الأيزيديين في منطقة رأس العين/سري كانيه، ومعظم من في عفرين. اعتمد هذا التقرير بشكل أساسي على شهادات حيّة من ضحايا ايزيدين في سوريا و/أو من هاجروا إلى خارج البلاد، وقد بلغ مجموع من تمّ مقابلتهم/ن 32 شخصاً، بينهم 14 امرأة.

تم الاستناد أيضاً على تقارير ودراسات صادرة عن منظمات حقوقية محلية ودولية، كما استعرض التقرير الجوانب القانونية في الدستور السوري فيما يتعلق بالحريات الدينية وقانون الأحوال الشخصية الناظم للمواطنين في سوريا، كذلك استعرض التقرير في جانبه التاريخي العديد من الدراسات والأبحاث التي تناولت الديانة الايزيدية في سوريا والمنطقة من حيث أصول وعقائد هذه الديانة وكذلك الانتهاكات التي تعرض لها أتباع هذه الديانة.

ينقسم التقرير الى: (1) قسم يتناول الانتهاكات المرتبطة بالنزاع الحالي في سوريا منذ 2011 وحتى عام 2022، وما يتعرض له الايزيديون في سوريا وخصوصاً في مناطق سيطرة الجيش التركي في عفرين ورأس العين/سري كانيه، مع عرض لشهادات الضحايا من الاستيلاء على أملاكهم أو اعتقالهم أو حتى القتل، وما تعرضوا له بسبب كونهم من غير ديانة الفصائل المسلحة. وفي القسم الثاني: (2) يتناول التقرير الانتهاكات التي تعرض لها الايزيديون في ظل الحكومة السورية (خاصة قبل العام 2011) من حرمان من الحقوق القانونية وإنكار لديانتهم، حيث يستعرض هذا القسم الإطار القانوني والدستوري للحكومة السورية مع قانون الأحوال الشخصية وانتهاكها لحقوق الديانة الايزيدية، وفي هذا القسم أيضاً يستعرض التقرير القوانين والتشريعات الدولية التي تحمي حقوق الأقليات الدينية بما تناسب مع مبادئ حقوق الإنسان العالمية. وفي القسم الثالث (3) يتناول التقرير أصول الديانة الايزيدية من حيث أصلها ومعتقداتها وشعائرها الدينية وما تعرض له أتباعها على مرّ التاريخ من انتهاكات استهدفت وجودهم، وأماكن توزعهم في سوريا، إضافة إلى جملة من التوصيات لأصحاب المصلحة.

لقراءة تقرير (الايزيديون في سوريا: عقود من الإنكار والتمييز) اضغط على الرابط التالي:

الايزيديون-في-سوريا_عقود-من-الإنكار-والتمييز

[1] لا يوجد اجماع حول طريقة كتابة اسم أتباع الديانة الايزيدية باللغة العربية، لذا تمّ اعتماد “الايزيديين” بحكم اعتمادها من قبل المرجعية الدينية الأعلى في “لالش”، ويتم كتابة الاسم كالآتي آيضاً: (الأيزيديين أو الإيزديين) وسوف يتم التفصيل بأصل المصطلح لاحقاً.

[2] “جاؤوا ليُدَمِروا: جرائم داعش ضد الأيزيديين”. لجنة الأمم المتحدة للتحقيق المعنية بسوريا. 15 حزيران/يونيو 2016. رقم الوثيقة A/HRC/32/CRP.2

[3] Ely Sannes, The Status of the Yazidis: Eight Years on from the ISIS Genocide, Washington Kurdish Institute, May 27, 2022: Last visit July 14, 2022: https://dckurd.org/2022/05/27/the-status-of-the-yazidis-eight-years/

[4] “لا أيدي نظيفة” – خلف الجبهات الأمامية والعناوين الرئيسية، إستمرار تعرض المدنين لانتهاكات مروعة ومستهدفة بشكل متزايد من قبل الجهات المسلحة. لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا. 15 أيلول/سبتمبر 2020. آخر زيارة لرابط البيان الصحفي 9 تموز/يوليو 2022.

 https://www.ohchr.org/ar/2020/09/un-commission-inquiry-syria-no-clean-hands-behind-frontlines-and-headlines-armed-actors?LangID=A&NewsID=26237

كتب البيان الصحفي بناءً على التقرير/الوثيقة التي تحمل الرمز A/HRC/45/31

[5] إيزيديو عفرين: انتهاكات وتضييق ديني يهدّد وجودهم. نينار خليفة. جريدة عنب بلدي. 31 تموز/يوليو 2021. (آخر زيارة للرابط: 19 تموز/يوليو 2022). https://www.enabbaladi.net/archives/502338

انظر المصد الأصلي للاقتباس: فصل سوريا.  تقرير”اللجنة الأمريكية للحريات الدينية” السنوي لعام 2020. (آخر زيارة للرابط: 2 آب/أغسطس 2022). https://www.uscirf.gov/sites/default/files/Syria_Arabic_0.pdf

[6] Sebastian Maisel, Syria’s Yezidis in the Kūrd Dāgh and the Jazīra: Building Identities in a Heterodox Community, In: The Muslim World Volume 103 (2013). P. 24.