تقرير حقوقي موسّع: تصاعد الهجمات الطائفية في وسط وغرب سوريا وسط إفلات تام من العقاب

مقدمة
رصدت منظمات حقوقية وشبكات محلية مستقلة خلال الأسابيع الأخيرة تصاعداً حاداً في الهجمات والاغتيالات ذات الطابع الطائفي في محافظات حمص، طرطوس، اللاذقية، وحماة، ما أسفر عن سقوط عشرات المدنيين بين قتيل وجريح. وتشير الأدلة الميدانية وشهادات الأهالي إلى ضلوع مجموعات مسلحة تابعة لما يُعرف بـ”ميليشيات الأمن العام” المرتبطة بتنظيم الجولاني في هذه الجرائم، وسط صمت رسمي وتقصير أمني متعمد من قبل السلطات السورية.


أولاً: استهداف المدنيين في وادي النصارى – حمص
في مساء الأول من تشرين الأول/أكتوبر، هاجم أربعة مسلحين ملثمين على دراجتين ناريتين مجموعة من المدنيين أمام مكتب المختار في قرية عناز، ما أدى إلى استشهاد الشابين وسام جورج منصور وشفيق رفيق منصور، وإصابة بيير حريقص بجروح خطيرة.
شهود العيان أكدوا أن المهاجمين انسحبوا باتجاه قرية الحصن، وهي منطقة تخضع لنفوذ جماعات مسلحة يشتبه بارتباطها بالأمن العام الإرهابي، دون أن تتدخل أي جهة أمنية لملاحقتهم.


ثانياً: جرائم متكررة في ريف طرطوس
في معيار شاكر بريف طرطوس، قُتل الدكتور المهندس حيدر شاهين برصاص مباشر أثناء خروجه من منزله، كما استُشهد المواطن كمال عبد اللطيف صبح، 66 عاماً، على حاجز يتبع للميليشيات نفسها في قرية بعزرائيل.
وفي صافيتا، عُثر على جثامين ثلاثة مدنيين من الطائفة العلوية كانوا قد اختُطفوا في 11 أيلول/سبتمبر، وقد بدت عليهم آثار تعذيب شديد.


ثالثاً: اغتيالات منظمة في حمص وتلكلخ
في مدينة تلكلخ، قُتل الشاب هيثم عبد العزيز يوسف بدافع طائفي، كما أُبلغت عائلة باسل سلمان أن جثمان ابنها موجود في مشفى الوليد بعد أشهر من اعتقاله على يد عناصر الجولاني.
وفي حي جب الجندلي، اغتيل المواطن شعبان عز الدين، في حين عُثر في حيالين بريف حماة الغربي على جثامين ثلاثة إخوة بعد تعرضهم للتعذيب والتصفية.


رابعاً: توسيع دائرة الجرائم إلى اللاذقية وحماة
في ريف القرداحة، قُتل الشاب عروة مصطفى الخير برصاص مسلحين مجهولين، كما استُشهد الشاب فريد ياسر حاج موسى من أبناء الفوعة بعد اختطافه والمطالبة بفدية مالية كبيرة من عائلته.
وفي مصياف، تم العثور على جثمان الشاب حسن محمود إسماعيل داخل بئر مياه بعد قتله على يد عناصر الأمن العام الإرهابي، بينما عُثر في سهل الغاب على جثة الشاب محمود خنيسة من بلدة عين الكروم مقتولاً بالطريقة نفسها.


خامساً: دمشق ليست بمنأى عن الانتهاكات
في العاصمة دمشق، اختُطف المهندس مجد كامل خليل من حي السومرية، ليُعثر على جثمانه بعد أيام في أطراف المدينة. وتشير المعلومات إلى أن المجموعة المنفذة على صلة بشبكات تهريب وتمويل تابعة للأمن العام.


سادساً: أنماط متكررة من الانتهاكات
تظهر الحالات الموثقة نمطاً متكرراً من الجرائم، يتمثل في:

  1. استهداف المدنيين بناءً على انتمائهم الطائفي أو المذهبي.
  2. استخدام الاختطاف والابتزاز المالي والتعذيب حتى الموت.
  3. انتشار الحواجز غير الرسمية التي تشارك في القتل والتصفية.
  4. غياب أي تحقيق رسمي أو مساءلة قانونية للمجرمين.

تحليل حقوقي
تشير هذه الانتهاكات إلى تواطؤ أمني واضح يسمح باستمرار نشاط الميليشيات في مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة السورية، ويشكل ذلك انتهاكاً صريحاً لالتزامات الدولة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، ولا سيما الحق في الحياة والأمن الشخصي وعدم التمييز.
كما تُعدّ هذه الأفعال جرائم محتملة ضد الإنسانية إذا ما تبيّن أنها جزء من سياسة منهجية تستهدف مكوّنات دينية محددة.


توصيات

  1. مطالبة لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا بفتح تحقيق خاص في أنماط الاغتيالات الطائفية في وسط وغرب البلاد.
  2. دعوة مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وبعثة الاتحاد الأوروبي إلى الضغط على الحكومة السورية لوقف عمل الميليشيات المسلحة ومحاسبة قادتها.
  3. إنشاء آلية وطنية مستقلة للتوثيق والمساءلة تضم منظمات المجتمع المدني المحلية.
  4. مطالبة جميع الأطراف السورية بوقف التحريض الطائفي وضمان حماية المدنيين دون تمييز.

​المصدر: مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا

 

Scroll to Top