أحزابنا لا تقضوا على أحلامنا!

كورد أونلاين |

إن بوستي يوم أمس عن التقصير في الجانب الإعلامي وغيره من الجوانب الأخرى في دوائر الإدارة الذاتية حيث عدم الاعتماد على النخب الأكاديمية، بل العمل بالحالة الرفاقية الحزبية وبأن الأقربون أولى بالوظائف والقيادة وما لاقى من ردود فعل كان في الغالب سلبية تجاه الإدارة الذاتية حتى من أقرب الناس إليها، بل من رفاقهم ومن داخل الحزب، قد كشف عن حقيقة مؤسفة للكثيرين؛ بأن وللأسف هناك الكثير الكثير من الأخطاء والسلبيات، طبعاً ليس فقط بالجانب الإعلامي وإن كانت هذه تعتبر في عصرنا، عصر الإعلام والتقانة، كأهم أداة ووسيلة من وسائل العمل السياسي وغير السياسي وذلك كقوة ناعمة لتحقيق الأهداف والمكاسب وبالتالي تجد الدول -ومنهم أعدائنا- يصرفون عليها الملايين لإعداد وحتى شراء الكادر والبرامج والوسائل، بينما نحن وللأسف وبكل سذاجة وعقلية ريفية كجزء من شخصية الكردي الذي ما زال لم يتمدن بعد مع كل محبتنا لأهلنا بالريف حيث نقصد الجانب المعرفي وليس الأخلاقيات والقيم الريفية الطيبة، نعم ما زالت الأحزاب الكردية وحتى الإدارات الكردية تعتمد على العقلية الحزبية والرفاقية الريفية في تعيين المسؤول وليس ذات الخبرة والكفاءات الأكاديمية.

ولذلك وانطلاقًا مما سبق، بات لزامًا على الإدارة أن تعمل على إعداد الكوادر -نعود ونقول ليس في أكاديمياتكم مع احترامنا لها ولكم- بل إرسال بعثات للخارج أو الاعتماد على أبناء شعبنا الذين تخرجوا في جامعات أوروبا، طبعاً قد يقول قائل؛ بأن “هؤلاء لن يقبلوا العودة”، ونحن نؤكد؛ بأن عندما تقول لهم عليك أن تعمل كرفيق ومتبرع لقضيتك، راح يقلك “تبر شو”، كما في مسرحية الغربة في طلب المعلم لبناء المدرسة! وهكذا فلن تجد الكثير، لكن عندما تقدم حوافز مادية ترغبه بالعمل سيأتي الكثير .. وبالمناسبة نعلم؛ بأن كان هناك الكثير الذي يشغلكم سابقًا-وما زال- لكن بات من الضروري الاهتمام بالحالة المؤسساتية والانتقال من دولة الحزب لدولة المجتمع؛ الدولة المدنية مع التأكيد بأن هناك فعلاً محاولات جادة من قبل الكثيرين لتحقيق ذلك، لكن ومن خلال المتابعة نشهد بأن ما زال الكثيرين يفضلون العمل وكأن الإدارة الذاتية هي ملكية حزب وطرف سياسي وليس مشروع سياسي لكل أبناء المنطقة بمختلف أحزابها وقومياتها وأديانها وبالتالي يجب إشراك الجميع وفق عقلية مؤسساتية.

بالأخير نود القول؛ بأننا نعلم حجم التحديات الداخلية والخارجية وحجم الأعداء وشبكاتهم ودورهم، لكن ذاك يجب أن يدفعكم أكثر لتلافي الأخطاء والنواقص والارتقاء بدوائركم من خلال مشاركة مجتمعية وليس فقط رفاقية وعلى مبدأ الشخص المناسب في المكان المناسب، كما سبق وقلنا، وبذلك تقوون جبهتكم الداخلية وهي الضمان لنجاحكم وفوزكم على الأعداء. طبعاً كنا نؤجل الكثير من هذه الانتقادات والتي هدفها الارتقاء بالعمل ونجاح الإدارة كأهم مكسب سياسي تحقق لشعبنا في العصر الحديث وذلك لم كانت تتعرض لها الإدارة من أخطار وتحديات، لكن الاستمرار بالسكوت عنها ودوام العمل بها سيكرس حالة الفساد والاستبداد وهو أخطر من أي هجوم وعدوان خارجي؛ فإن كان التهديد الخارجي يستهدف الكيان السياسي، فإن الآخر بستهدف الكائن السياسي وشخصية الانسان الكردي وبالتالي فإن ذهب الكيان بعدوان خارجي ستبقى جذوة النضال والأمل لاعادة العمل عليه مجددًا، بينما ذهاب الكائن السياسي والقضاء على إرادة الانسان الكردي من خلال ايصاله لفكرة أن الاحتلال أفضل من الاستبداد (الحزبي، الطائفي، القبلي والعائلي) ، كما حصل مع الشعوب العربية في مقارناتهم بين الاحتلالات الغربية والحكومات العربية، سيجعلنا نفقد إرادة النضال وبالتالي نهاية الحلم الكردي.

وآخراً؛ نأمل أن يصل صوتنا لمراكز القرار ويدركوا المقاصد والمعاني حيث نجاح التجربة هي نجاحنا جميعًا وفشلها هي فشل لنا جميعًا ولذلك نقول لكل أحزابنا، داخل وخارج الإدارة الذاتية، أملنا أن لا تقضوا على الحلم الكردي من خلال سلوكياتكم وبرامجكم وعقليتكم الحزبوية القبلية وكل التمنيات الارتقاء بالفكر السياسي للحالة الوطنية المؤسساتية حيث جميعنا ندور حول التل معًا والتجربة لا تخص طرفًا دون الآخرين.. طبعاً عندما نخاطب كل الأحزاب الكردية، فلأن التجربة يجب أن تعني الجميع وليس فقط أحزاب الوحدة الوطنية، بل حتى تلك التي خارجها وهذا يتطلب من الجميع القيام بمراجعة نقدية ومحاولة فهم المرحلة؛ بأن هذا القرن، وكما قلت سابقاً، سيكون قرنًا كردياً بحق لو عرفت هذه الهياكل السياسية الكردية كيف تتفاعل معها وتستخدم طاقات وتضحيات شعبنا وصولاً للحرية والاستقلال والعيش الكريم، وإلا فإن الزمن لن يرحمنا؛ فإن كنا في السابق خسرنا الحدود في معاركنا الفاشلة، فقد نفقد هذه المرة الوجود! وإن تجربة عفرين لن تكون الأخيرة إن لم نرتقي بأدائنا السياسي ليكون لائقاً بشعبنا وتضحياته ولذلك حاولوا أن تكفوا عن مراهقاتكم الحزبية لتتحدوا على رؤية ومشروع سياسي يخدم قضايانا الوطنية، طبعاً هذا الكلام يمكن أن يقال للأخوة في جنوب (إقليم) كردستان أيضًا!

​ 

بير رستم

شارك هذه المقالة على المنصات التالية