الصحافة الكردية من صحيفة كردستان إلى عام 1970 -1
ميديا حنّان
سلكت الصحافة الكردية منذ انطلاقتها إلى عام 1970 طريقاً مغايراً، لتأثّرها بظروف الحرب العالمية الأولى والثانية وسياسات تقسيم المجتمع الكردستاني.
تدخل الصحافة الكردية غداً، عامها الـ 126، وقد اعتُمد هذا اليوم، لإصدار أول صحيفة كردية فيه، في العاصمة المصرية القاهرة عام 1898 تحت اسم “كردستان”، ولتصبح هذه الصحيفة فيما بعد بداية الصحافة الكردية.
لطالما كانت الصحافة الكردية حاضرة قبل إصدار هذه الصحيفة، سواء أكانت كتابية أم شفوية، ولكن على صعيد العمل الصحفي، فأن صحيفة “كردستان” هي الأولى.
خلال الأعوام الأخيرة من زمن الإمبراطورية العثمانية، حاول الكرد تنظيم أنفسهم والتعبير عن رأيهم عبر العشائرية والدين والانتفاضات. وبعد فشل هذه الانتفاضات ونفيهم، بدأ الكرد البحث عن وسائل جديدة للتواصل، وعليه بدأ المثقفون والكتّاب الذين هُجّروا من بلدانهم بنشر كتاباتهم في القاهرة وإسطنبول.
صحيفة “كردستان”
ظهرت صحيفة كردستان بعد أن هاجرت العائلة البدرخانية من بوتان إلى العاصمة المصرية القاهرة، حيث بدأ مقداد مدحت بدرخان بطباعة الصحيفة في 22 نيسان عام 1898، ومنذ ذلك التاريخ بدأت الصحافة الكردية وأصبح 22 نيسان يوماً للصحافة الكردية.
كانت الصحيفة تُصدر بالأحرف الآرامية، وتُنشر سراً في كردستان، وتتناول معظم مواضيعها جغرافية كردستان والأسرة البدرخانية، والشعر والمقالات والقصص.
ونظراً للظروف السياسية والعسكرية التي كانت سائدة آنذاك، صدرت أعداد من الصحيفة في بلدان؛ لندن والعاصمة السويسرية جنيف وفولكستون جنوب إنكلترا، حيث أُصدر 31 عدداً، بينها عددان مفقودان، وتوقفت الصحيفة عن النشر عام 1902.
وعلى الرغم من أن الصحيفة كانت تُنشر على نطاق ضيّق، فقد أُقِر يوم 22 نيسان كيوم للصحافة الكردية.
مسيرة دون انقطاع
بدأت مسيرة الصحافة الكردية، بعد إصدار صحيفة “كردستان”، ونتيجة الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، شهد الشرق الأوسط صراعات سياسية وعسكرية جمّة، وفي الفترة العثمانية تعرضت الصحافة الكردية للكثير من الضغوط، ولكنها وعلى الرغم من ذلك واصلت نشاطها في أماكن مختلفة، فقد صدرت صحف متعددة في مصر، وإسطنبول، وآمد، وبغداد والسليمانية.
فبالتزامن مع إصدار صحيفة “كردستان”، صدرت صحيفة أخرى باسم “أوميد” في مصر، وكانت تُطبع وتُنشر بشكل نصف شهري. وكذلك صحيفة Kürt Teavûn ve Terakkî Gazetesî (الحركة الكردية للدعم والتطوير) التي صدرت في إسطنبول، وما يميّز هذه الصحيفة هو صدورها باللهجتين الكرمانجية والصورانية للمرة الأولى، لذا عُدّت صحيفة رائدة في هذا الخصوص.
كما صدرت صحيفة Şark ve Kürdistan (الشرق وكردستان)، وروجي كرد، وصحيفة Yekbûn (الوحدة)، في إسطنبول أيضاً. بالإضافة لصحيفة سربستي التي استمر نشرها 12 عاماً، وكانت الأطول نشراً آنذاك، بالإضافة إلى صحيفة Peyman (الاتفاق) في مدينة آمد، و Bangî Kurd (النداء الكردي) في بغداد.
مدة محددة
كانت معظم الصحف التي صدرت في ذلك الوقت، من قبل الجمعيات الكردية والمثقفين والأسر المعروفة والطلبة، وكانت تنشر باللغتين؛ التركية والكردية وأخرى باللغة العربية، ووُزع معظمها في مدن كردستان، وقد أثّرت السياسات السائدة على الكرد وتقسيم كردستان على منشورات هذه الصحف، لذلك بقيت مجزأة وضيقة.
“هاوار” ومرحلة جديدة
عقب الحرب العالمية الأولى وانهيار الإمبراطورية العثمانية، تغيّرت التوازنات، وطرأت تغيّرات على الصحافة الكردية أيضاً، بعد أن تأسست العديد من الدول القومية، وقسّمت كردستان بين العراق وتركيا وإيران وسوريا، ما زاد من القمع والضغوطات ضد الصحافة الكردية.
وخلال الحرب العالمية الثانية وما بعدها، خضعت منشورات الصحف الصادرة، لسياسات الهيمنة الفرنسية، ومع ذلك وعلى الرغم من الضغوطات فقد واصلت الصحافة الكردية عملها.
وفي هذه المرحلة، كانت أغلب الصحف والمجلات تُنشر من قبل الجمعيات والتنظيمات الكردية بالإضافة إلى الأحزاب.
في 15 أيار 1932، بدأت الصحافة الكردية مرحلة جديدة، حيث صدرت في العاصمة السورية دمشق، مجلة هاوار، من قبل مير جلادت بدرخان، وقد استخدمت للمرة الأولى الأحرف اللاتينية بدلاً من الآرامية. بينما استمرت في جنوب وشرق كردستان بالأحرف الآرامية.
وتأثرت مجلة هاوار بالسياسات الفرنسية، وفي عام 1942 صدرت صحيفة روناهي كاستمرارية لصحيفة هاوار، وضمت نشراتها للمرة الأولى الأخبار اليومية وأخبار الحروب.
محاولات الطلبة والمثقفين في شمال كردستان
وفي شمال كردستان، اتبعت الدولة التركية العنصرية والإبادة السياسية، وعرقلت محاولات تطوير الإعلام. وعلى الرغم من ذلك استطاع المثقفون الكرد والطلبة مواصلة النشاط الإعلامي، حيث أصدر العديد منهم، من أمثال موسى عنتر، وأديب كاراهان، وياشار كايا ومدت سرهد، مجلات عدة، مثل مجلة Dîcle Kaynağı (مصدر دجلة)، و Şark Mecmuası (مجلة الشرق)، İleri Yurt (الوطن الجديد).
وفي جنوب وشمال وشرق كردستان، أصدر العديد من الأحزاب والتنظيمات الكردية صحفاً عديدة، وكانت أغلب منشوراتها حزبية. ومع تأسيس جمهورية مهاباد التي استمرت 11 شهراً، خطت الصحافة الكردية خطوات مهمة، وصدرت العديد من الصحف والمجلات مثل “هاواري نشتمان، وهلالي، وهاواري كردي، بالإضافة إلى افتتاح مطبعة كردستان.
وبعد الحرب العالمية الثانية وبين أعوام 1945-1970، اعتُمدت نشرات الصحافة الكردية من خلال الأحزاب والتنظيمات والمثقفين والطلبة، واعتبرت هذه الفترة في تاريخ الصحافة الكردية فترة ضيقة وغير فعالة.
المصدر: ANHA
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=41402