جان دوست
ساوج بولاغ (مهاباد)، 4 آب 1903
أمي الحبيبة وأختي العزيزة!
لقد خصصت اليوم بعد الظهر لأكتب لكم بهدوء. يوم الخميس يكون دائماً مليئاً بالانشغال: في الصباح حوالي الساعة الثامنة تصل الرسائل، وبحلول الساعة الثانية عشرة يريد مدير البريد الردود. لقد أجبت بالفعل على رسالتكم المؤرخة في 7 تموز، وآمل أن يصل غداً أو بعد غد شيء محدد من طهران حول مستقبلي. سأكتب عن هذا لاحقاً.
روتيني اليومي هنا رتيب جداً: في الخامسة صباحاً أستيقظ وأوقظ الخدم ثم أنتظر حتى يتم تجهيز الحمام، ثم أغفو قليلاً.
بعد الاستحمام نتناول الفطور: قهوة، بيض، خبز، وفواكه متنوعة يعدها الطباخ الطهراني باقر بشكل ممتاز. جربوا الوصفة التي اخترعتها مؤخراً: كرز حامض مع مشمش مطبوخ معاً!
في السابعة صباحاً: نبدأ العمل مع المترجم ميرزا جواد. ترجم 8000 بيت شعري أملاها عليّ عبد الرحمن بن باقر من قرية حاجي حسين خلال 22 يوماً، بحيث تكون كل التفاصيل واضحة، ليست مهمة سهلة. المسكين ميرزا جواد يتصبب عرقاً من شدة الجهد.
ثم نستمر حتى حوالي 12 ظهراً.
بعدها نتناول الغداء: شوربة ولحم. لقد مللت من لحم الضأن لدرجة أنني سأصبح مثل الخراف إذا عدت!
بعدها أستريح قليلاً.
في الثانية ظهراً أعود للعمل، ميرزا عادة ما يتأخر قليلاً.
نستمر في الترجمة حتى حوالي الخامسة والنصف ثم نركب الخيل بعد أن نغير ملابسنا.
لا يوجد في هذه المنطقة المقفرة سوى ثلاثة أو أربعة مسارات للمشي، وأنا أعرفها جميعاً عن ظهر قلب بالطبع. عند إحدى نقاط النهر العميقة الجميلة أنزل من على الحصان، أرمي حجراً في الماء، فتغطس الكلاب الثلاثة كالمجانين في النهر؛ هذا حمامها اليومي وضروري لها، وإلا لكانت هذه الحيوانات المسكينة قد ماتت بسبب الحشرات. أما أنا، فإن البراغيث تزعجني بشكل لا يطاق.
بحلول الساعة السابعة نعود إلى المنزل؛ وفي الثامنة تماماً يحين وقت العشاء: شوربة، طبق لحوم وحلوى، غالباً ما تكون مثلجات! مثل: كرز، بطيخ، كاكاو وغيرها. عادة ما يفسد معدتي، خاصة أن الخدم يميلون إلى تقديم مخلل الخيار (مع الطماطم!) قبل اللحم في الأيام التي يعدون فيها المثلجات. المشروب الآن كما في الصيف الماضي هو الليموناضة: عصير تفاح والكرز وغيره من الفواكه.
بحلول التاسعة والنصف أذهب إلى السرير. لكن الحرارة الشديدة في المساء لا تسمح لي بالنوم قبل الحادية عشرة أو الثانية عشرة.
هكذا يكون روتين يوم الباحث؛ إنه ممل، أليس كذلك؟ منذ الرابع من تموز، اليوم الذي وصل فيه الشاعر، لم أرَ أي إنسان! أي لم أقم بأي زيارات إلخ. لكن الملاحم القديمة التي أملاها عليّ هذا الرجل اللطيف للغاية رائعة جداً بحيث تستحق العناء. وما زلت حتى الآن أفقد أعصابي تقريباً كل يوم من شدة إعجابي بما جمعته هنا.
بالمناسبة، كان رحمن باقر رجلاً رائعاً جداً. قصير القامة. بلا أسنان، متسخاً جداً، لكنه يتمتع بذكاء فطري وحس دعابة. كان يبهجنا كل يوم. ذات مرة غضبت عليه قليلاً، وسببته بألفاظ ألمانية “إنه أمر مقزز مع هذا الثور”. فنظر إليّ بحزن وقال بسذاجة: والله، لا أعرف ما هو kotz وochs . فضحكت بصوت عالٍ وتبدد غضبي. حدث هذا عدة مرات
سأرتب أموري لأكون في القسطنطينية حوالي نيسان. ما سيحدث بعد ذلك، سأكتب عنه لاحقاً.
إذا رفضت تركيا منح تصريح السفر تماماً، وهو ما كنت أفضله، فلن أعود. وإلا سيقول الناس في برلين: كان يشعر بالحنين إلى الوطن. ساخاو(إدورد سخاو المستشرق الألماني المعروف، مدارات كرد ) لم يعلق على هذا في رسالته. كنت قد سألت ماذا يجب أن أفعل إذا قالت تركيا “لا”. لم يذكر هذا بكلمة واحدة، بل كتب فقط: اعتن بصحتك، يمكنك العودة إذا شعرت أنك لم تعد قادراً على البقاء في تلك البلاد. بما أنني في الواقع لا أعاني من أي شيء، فلا أريد أن أترك مجالاً لأي انتقادات لاحقة.
أفكر في الذهاب منتصف أيلول من هنا إلى أورمية وخوي. في الطريق وفي خوي سأجد بعض اللهجات الكردية المثيرة للاهتمام. ثم إلى تبريز، ومن هناك في منتصف أو نهاية تشرين الأول إلى همدان (16 يوم سفر) ثم إلى سلطان آباد المحبوبة (للراحة) ومن هناك عبر كاشان إلى يزد (حوالي 15 يوم سفر أخرى). في يزد سأدرس لغة (الزرادشتيين). من كانون الأول حتى شباط تقريباً. ثم إذا أمكن عبر سمنان إلى طهران. من هناك عبر رشت-باكو-تبليسي-باتوم إلى القسطنطينية. وهناك قد تنضم إلينا مارثا مع أو بدون البروفيسورة والسيد ريتشارد شميدت. رحلات القوافل الطويلة إلى يزد تمنحني ذريعة ممتازة لإخبار الأكاديمية أن النقود قد نفدت.
من القسطنطينية عبر إزمير (أو بدونها) ثم أثينا-كورفو-برينديزي-نابولي-روما-فلورنسا ثم أفكر في ميلانو. يمكن للوالدة أن تأتي إلى هناك بسهولة: سيكون ذلك حوالي نهاية نيسان أو أوائل أيار. ستظل في برلين حتى نبرق لها من فلورنسا أو حتى من ميلانو. ثم تصعد في مساء ذلك اليوم إلى قطار الإكسبريس (نفس القطار الذي سأركبه) وتسير مباشرة إلى ميلانو حيث نستقبلها. أعتقد أن الوالدة ستتحمل هذا القطار. ثم نتجول ببطء عبر بحيرة ماجيوري، بحيرة كومو وغيرها في حوالي 3 أسابيع عائدة إلى برلين. المال سيكون كافياً لهذا.
لكن الشيء الرئيسي هو أن تظل الأم بصحة جيدة. المبيت في القطار ليس سيئاً فقد رأيتم الأسرّة المريحة وغيرها. هناك عربة طعام للإفطار والغداء والعشاء. يمكنها أيضاً التحرك كثيراً، وطاقم القطار متعاون جداً: هناك خادمة أو اثنتان للسيدات. ويصل القطار إلى ميلانو في الساعة الثامنة والنصف. في العودة يمكننا السفر بدرجة أقل لتوفير المال. هل توافقون على هذا؟
الحمد لله، وصلت سجادات طهران! المسكينة مارثا، “لقد تعبت حتى سقطت بيضتها” يا له من شيء جميل أن أسمع اللهجة العامية. أما بخصوص صندوق السجائر الذي يحتوي على المصنوعات الفضية: لقد كتبت لكم بالتفصيل عن محتويات الشحنة. لم أكن أعرف كيف تم تغليف كل شيء بالضبط، لأن السيد آرتر في طهران هو من تكفل بذلك.
يسعدني جداً أن كل شيء نال إعجابكم. يجب أن نتعامل بحذر مع السجادة الحريرية. أي عدم تعريضها لأشعة الشمس المباشرة لفترة طويلة. أخشى أنها مصبوغة بألوان أنيلين.
يمكن تحقيق رغبة الوالدة في الحصول على سجادة حريرية ثانية بسهولة، خاصة إذا ذهبت إلى يزد حقاً. هناك صانعو حرير كبار تخصصهم: شالات حريرية!
ومرة أخرى، كما قلت سابقاً: على والدتنا الحبيبة أن تحافظ على صحتها، أن تأكل وتشرب الكثير من الأشياء الجيدة والمفيدة، حتى أتمكن من أن أريها على الأقل الجزء الشمالي من إيطاليا: بحيرة كومو وغيرها!
أوسكار
الرسالة جزء من مئات الرسائل أرسلها أوسكار مان إلى أمه وشقيقته خلال زيارته إيران وكردستان. وفيها يتحدث عن يومياته وعمله في مجال الدراسات الكردية. قريباً، عن منشورات رامينا، يرى الكتاب النور مترجماً إلى العربية من قبل الكاتب جان دوست.
المصدر: مدارات كرد
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=67821