الثلاثاء 15 تموز 2025

القوة العسكرية والسلطة الإدارية في شمال سوريا: الاحتلال التركي.. من تقرير لهيومن رايتس ووتش

جزء من تقرير كل شيء بقوة السلاح

عسكريا، تمارس تركيا سيطرتها على الأراضي السورية التي تحتلها من خلال قواتها المسلحة ووكالاتها الاستخباراتية.

تمتلك تركيا أكثر من 100 موقع عسكري، بما فيها قواعد ومراكز مراقبة، في المناطق التي تحتلها في شمال سوريا وكذلك في إدلب، حيث تتمركز وتسيطر “هيئة تحرير الشام”، وهي أكبر تحالف لجماعات المعارضة المسلحة المعروفة سابقا باسم “جبهة النصرة”، وحيث حال وجود تركيا حتى الآن دون التدخل العسكري من قبل الحكومة السورية وحلفائها الروس.

تُشرف الوكالات العسكرية والاستخباراتية التركية على سلوك الفصائل في هذه المناطق، ولديها غرف عمليات في الباب وجرابلس ورأس العين وعفرين توجّه فصائل الجيش الوطني السوري، وفقا لإحاطة استخباراتية من “معهد نيو لاينز” في ديسمبر/كانون الأول 2022. جاء في الإحاطة أن “ضباط الجيش والمخابرات الأتراك الذين يرأسون هذه المراكز ينسّقون توزيع المسؤوليات العسكرية المستمرة، ويتخذون جميع القرارات، ويُبلغون القادة السوريين الذين ينفّذون بعد ذلك الأوامر”. تعتقل السلطات التركية والجيش الوطني السوري في كثير من الأحيان المواطنين السوريين وتنقلهم بشكل غير قانوني إلى تركيا لمحاكمتهم، وهو عمل محظور بموجب قانون الاحتلال “بغضّ النظر عن دوافعه”.  حسبما ذكرت “لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا” التابعة للأمم المتحدة في تقريرها الصادر في سبتمبر/أيلول 2020، “توفر عمليات النقل هذه مؤشرا إضافيا على التعاون والعمليات المشتركة بين تركيا والجيش الوطني السوري بغرض الاحتجاز وجمع المعلومات الاستخبارية”.

بموجب القانون الدولي، تعتبر الأراضي “خاضعة للاحتلال” عندما تخضع للسيطرة أو السلطة الفعلية لقوات مسلحة أجنبية، سواء جزئيا أو كليا، دون موافقة الحكومة المحلية. هذا تحديد يستند إلى الوقائع، وبمجرد أن تصبح الأرض تحت السيطرة الفعلية للقوات المسلحة الأجنبية، يصبح القانون الدولي بشأن الاحتلال ساريا.

من الناحية الإدارية، تتعامل تركيا مع المناطق التي تحتلها كجزء من تركيا، حيث تشرف سلطات ولايات كيليس وغازي عنتاب وهاتاي وشانلي أورفا بشكل مباشر على توفير التعليم والصحة والخدمات المالية والمصرفية والمساعدات الإنسانية في المناطق السورية المتاخمة الخاضعة للسيطرة التركية إلى جانب المجالس المحلية التي أنشأتها تركيا والتي غالبا تتم الموافقة على ممثليها أو تعيينهم من قبل تركيا.

حلّت الليرة التركية محل العملة السورية في هذه المناطق. تُقدِّم البنوك التركية ومكتب البريد التركي حصريا الخدمات المالية. توفر الشركات التركية الكهرباء ومن خلال شبكة الكهرباء في تركيا، وتشرف مديريات الصحة التركية على مرافق الرعاية الصحية. تُدرَّس اللغة التركية كلغة ثانية في المدارس، وتظهر اللغة التركية إلى جانب اللغة العربية على لافتات الشوارع والمعالم البارزة. في عفرين، أعيدت تسمية المعالم ذات الأسماء الكردية، واستُبدلت أحيانا بأسماء مرتبطة غالبا بتركيا. مثلا، أصبح دوار نوروز في مدينة عفرين يعرف منذ ذلك الحين بـ دوار صلاح الدين الأيوبي، ودوار كاوا الحداد بـ دوار غصن الزيتون، وأُعيد تسمية إحدى الساحات إلى ساحة رجب طيب أردوغان.

بطاقات الهوية الصادرة عن الحكومة السورية لم تعد أيضا مقبولة في المناطق الخاضعة للاحتلال التركي. بدلا من ذلك، يُطلب من السكان الأصليين والمجتمعات النازحة المعاد توطينها على حد سواء الحصول على بطاقات هوية صادرة عن المجلس المحلي تحتوي على معلومات باللغتين التركية والعربية.

في المناطق التي تحتلها تركيا، كما هو الحال في أجزاء أخرى من سوريا، يواجه السكان والعائدون والنازحون ظروفا اقتصادية متدهورة ويواصلون الاعتماد بشكل كبير على المساعدات الإنسانية. في العامين الماضيين، خرجت احتجاجات واسعة النطاق طالب فيها السكان بتحسين الظروف المعيشية والخدمات، خاصة بسبب ارتفاع أسعار الكهرباء وغلاء المواد المعيشية الأساسية، وبعد مزاعم الفساد في المجالس المحلية وشركات الكهرباء.

المصدر: هيومن رايتس ووتش