الأحد, مايو 5, 2024

بدران جيا كرد: في ذكرى انتفاضة 12 آذار

آراء

تمرّ علينا الذكرى العشرون لانتفاضة 12 آذار التي نستذكر شهداءها وجميع الشهداء الذين سقطوا لاحقاً على درب الحرية، بكل احترام.

هذه الانتفاضة التي اندلعت في 12 آذار 2004 كانت تشكل ذروة تراكم الاحتقان الذي خلقه النظام السوري نتيجة سياساته الاقصائية والقمعية الاستبدادية تجاه شعبنا، وكانت شرارتها الأولى صعقت في قامشلو لتتضامن معها جميع مناطق روج آفا حتى المدن السورية الكبرى كحلب ودمشق واللاذقية.

كانت هذه الانتفاضة بداية ثورة 19 تمّوز وميراثاً ثورياً لثورة الحرية والكرامة، وهذا يدل على أن شعبنا كان سبّاقاً في نضاله وريادته للثورة السورية  ونموذجاً حياً على كفاحه ضد  السياسات  الشوفينية اللاديموقراطية التي تشتت النسيج الوطني السوري، في الوقت آنذاك تعرّض شعبنا للتنكيل والقتل على يد الكثيرين من  المسؤولين الذين باتوا اليوم في مواقع “معارضة” في مواجهة النظام، لكن الحقيقة الثابتة أن شعبنا الكُردي يشكل النواة الصلبة والقوة الإستراتيجية الأساسية للتحوّل السياسي الديموقراطي في سوريا، وقد استمر في نهجه الوطني مع اندلاع الثورة السورية في 15 مارس 2011 ولم ينزلق عن مساره، في الوقت الذي تحوّلت فيه الثورة السورية لاحقاً إلى حرب استنزاف داخلية ذات طابع طائفي ومذهبي بامتياز تلبيةً لمطالب قوى اقليمية ودولية!

لقد خلق شعبنا الكردي تكامل وتلاحم وطني فريد من نوعه بين مكونات شمال وشرق سوريا، وقد بنى نموذجاً وطنياً سورياً يشكل إرثا نضالياً لكل السوريين الديموقراطيين الوطنيين.

انتفاضة 12 آذار كانت نقلة نوعية عملية في كسر جميع الحواجز الأمنية بجرأة ثورية لا مثيل لها. ونتيجة ذلك قدمت المئات من الضحايا ما بين شهيد وجريح ومختطف، إن هذه الجرأة نبعت من وعي وطني مترسخ نتيجة المعاناة التي تعرّض لها شعبنا منذ عقود من قبل النظام السوري.

لكن النظام السوري ما يزال يتعامل مع جميع القضايا البنوية الداخلية بذات العقلية التي أدت لاندلاع انتفاضة 12 آذار رغم مرور نحو 13 عاماً على الهلاك والدمار السوريين، اللذين يؤكدان حاجة البلاد للتغيير السياسي الشامل والديموقراطي، كي يكون ذلك الأرضية والمساحة التي يتوافق عليها جميع السوريين للحفاظ على حقوق جميع المكونات والقضاء على السياسات التمييزية الجائرة التي ولدت أزمات وصراعات دموية كلفت الشعب السوري باهظاً، وهو ما يتحمّل النظام مسؤولية.

لابدّ من فتح أبواب الحوار بين السوريين أنفسهم وفق مبادئ ومصالح وطنية سورية، وإلا لن يكون هناك بوادر للحل المنشود بل ستستمر سوريا نحو المزيد من إراقة الدماء والدمار، إذ لم يعد ممكناً إدارة البلاد وفق سياسات أحادية الجانب ذات ثقافة واحدة أزّمت المجتمع بعدما أنكرت مكونات أصيلة منه وقمعت أصوات معارضة.

 

شارك هذا الموضوع على