السبت, أبريل 27, 2024

عفرين: قصص من مقاومة العصر – 8 عدة مقاتلين يوقعون المئات من المرتزقة في كمين وينقذون مقاتلة من الحصار

أخبار

مقاومة العصر التي جرت في عفرين في مرحلتها الأولى شهدت الكثير من قصص المقاومة والفداء والتضحية من قبل المقاتلين والمقاتلات المدافعين عن أرض الزيتون، وأظهرت مدى إصرار أهالي ومقاتلي عفرين الدفاع عن أرضهم رغم عدم التكافؤ في المعركة من حيث العتاد والعدد والعدة، وروح التضحية من أجل الوطن عاملاً هاماً في قدرة المقاتلين على مواصلة المقاومة أمام الترسانة العسكرية المتطورة لجيش الاحتلال التركي لقرابة شهرين، والتي لاتزال مستمرة في مرحلتها الثانية حتى اللحظة.

المقاتل في صفوف وحدات حماية الشعب دمهات زاغروس يروي لنا إحدى قصص المقاومة والتضحية التي شارك فيها وكان شاهداً عليها في المرحلة الأولى من مقاومة العصر.

يشير دمهات زاغروس أنه التحق بوحدات حماية الشعب في العام المنصرم وكان لايزال يتلقى دورة تدريبية عسكرية عندما بدأ العدوان التركي على عفرين بتاريخ 20 تشرين الثاني 2018 ، وعليه توجه نحو خنادق القتال وتمركز في الخطوط الأمامية للجبهات.

مقاومة بلدة بعدينا وإيقاع المرتزقة في كمين

يقول المقاتل دمهات أنه وبعد مدة من العدوان التركي على عفرين تم فرزه مع مجموعة من رفاقه المقاتلين إلى بلدة بعدينا التابعة لمنطقة راجو، وكان حينها احتل الجيش التركي ومرتزقته قرية خليل وتلة الإذاعة التابعة لها والتي تقابل بعدينا، كانوا يقصفون بعدينا بالأسلحة الثقيلة من التل والطيران الحربي يشن كل فترة غارات على البلدة، وبعد عدة أيام من القصف المتواصل وتيقن الاحتلال بأننا لن نترك البلدة بسهولة، بدأوا بالاستعدادات لشن هجمات برية على مواقعنا، وتحت غطاء الطيران الحربي والاستطلاع وبدعم مدفعي وقصف بالدبابات تحرك جيش الاحتلال التركي ومرتزقته من قرية خليل صوب بعدينا، كنا نراقب تحركاتهم والجهات التي يهاجمون منها، كانوا يهاجمون بأعداد كبيرة من المرتزقة وخلفهم جيش الاحتلال التركي ليمنعوا المرتزقة من الهروب.

ونظراً لعددنا القليل جداً أمام أعداد العدو المهاجم علينا، قررنا اتخاذ خطة جديدة في المواجهة وهي بأن ننفذ العمليات النوعية وإيقاع المرتزقة في كمائن وإلحاق ضربات متفرقة بهم، لأنه لايمكننا المواجهة بحرب تقليدية، وعليه توزعنا في أطراف البلدة وداخلها في نقاط استراتيجية وقررنا ألا نطلق أي رصاصة باتجاه العدو حتى يدخلوا أطراف البلدة لنتمكن من إيقاع أكبر عدد منهم في الكمين،  والتزمنا الصمت والمراقبة، حتى اقترب المرتزقة وجيش الاحتلال من البلدة التي كان القصف مستمراً عليها وسط تحليق للطيران الحربي والاستطلاع فوقها، كان العدو يريد أن نتحرك أو نبدأ بالرد عليهم ليكشفوا مواقعنا وتستهدفنا الطائرات، ولكننا التزمنا أماكننا دون حراك ولم نطلق أي رصاصة، وبعد أن وصلوا أطراف البلدة كانوا يتحركون ببطئ وخوف ويفتحون نيران رشاشاتهم صوب منازل البلدة بشكل عشوائي، كنا ننتظر أن يعطينا قائد المجموعة الإشارة لنبدأ بالمواجهة، وانتظرنا حتى بدأ المرتزقة بالتحرك بحرية أكبر ظناً منهم أننا هربنا من البلدة قبل وصولهم إليها وبعد أن تجاوزوا عدة منازل وباتت مجموعاتهم في مرمى أهدافنا بادر قائد مجموعتنا بإطلاق أول رصاصة صوب المرتزقة وعليه فتحنا نيران رشاشاتنا الخفيفة صوب المرتزقة الذين كانوا قريبين منا كثيراً وتعالت أصوات الرصاص التي امتزجت بصراخ المرتزقة الذين أصيبوا، وعم حالة من الذعر والفوضى في صفوف المرتزقة ولم يعد يدركون من أين يأتيهم الرصاص ويهربون يميناً وشمالاً ويطلقون الرصاص حولهم بشكل عشوائي حتى أنهم باتوا يطلقون الرصاص على بعضهم البعض من شدة الخوف، وبعد أقل من ساعة من القتال تراجع باقي المرتزقة تاركين خلفهم عشرات الجثث والجرحى، وبعد انسحابهم عاد الطيران لقصف البلدة بشكل مكثف مرة أخرى، وعليه سارعنا إلى تغيير مواقعنا، واتخذنا أماكن أكثر أمناً، واستمر قصف الطيران والمدفعية على البلدة عدة ساعات دمرت فيها الكثير من المنازل وأصيب بعض رفاقنا بجروح بسيطة.

وأضاف دمهات:” بعد القصف الوحشي الذي طال البلدة عاد جيش الاحتلال ومرتزقته لشن هجوم جديد، وعليه سارعنا لاتخاذ مواقعنا للتصدي، واتبعنا الخطة السابقة ولم نبادر بإطلاق الرصاص على المرتزقة حتى دخلوا البلدة مجدداً ولكنهم هذه المرة حاولوا استفزازنا لنرد عليهم ويكشفوا نقاطنا وذلك بإطلاق الشتائم والسباب، ولكننا لم ننجر خلف أساليبهم القذرة تلك وتركناهم يتقدمون مرة أخرى وحاصرناهم من 3 جهات واشتبكنا معهم وألحقنا ضربات موجعة بهم مرة أخرى، وبعد تلقي المجموعة الأولى للضربات ومقتل غالبيتهم دخلت البلدة مجموعة ثانية من المرتزقة واندلعت اشتباكات قوية بيننا.

إنقاذ مقاتلة من الحصار   

وأكمل دمهات تفاصيل ماجرى معهم في تلك المعركة بالقول:” بعد عدة ساعات من الاشتباكات القوية حاول المرتزقة الإلتفاف علينا ودخل المرتزقة من طرف مقبرة البلدة أي الجهة الجنوبية الشرقية للقرية، وهنا اشتدت الاشتباكات وبعد مقاومة بطولية ومقتل العشرات من المرتزق وإصابة عدد آخر، وصل اثنان من رفاقنا إلى مرتبة الشهادة، كان لاستشهادهما وقع كبير علينا، ولكننا ازددنا إصراراً على الانتقام وإلحاق أكبر قدر من الخسائر بالمرتزقة، ومع استمرار الاشتباكات كان المرتزقة يضيقون الحصار علينا، وبينما كانت رفيقتنا المقاتلة هيفي تتصدى للمرتزقة من داخل إحدى المنازل وقعت في الحصار جراء وقوع باب المنزل تحت مرمى نيران العدو، وعليه لم يعد بإمكانها الخروج لأن نوافذ المنزل الخلفية كانت محمية بالحديد ولا يمكنها الخروج منه، كان المرتزقة ينادون عليها ويطلبون منها الاستسلام، ويدعون أنهم لن يفعلوا لها شيئاً، لكن المقاتلة كانت تطلق عليهم الرصاص، ولم استطع تحمل رؤية المقاتلة محاصرة وقررت التحرك في محاولة لإنقاذها، فتسللت إلى خلف البيت وناديتها وقلت لها لا تخرجي سأنقذك، فكرت ملياً بالطريقة التي سأنقذها بها والوقت كان يداهمنا، وأثناء بحثي عن المخرج رأيت نافذةً وقلت لها ابتعدي من خلف النافذة واحتمي، وقمت بوضع قنبلة يدوية في النافذة واستلقيت على الأرض بسرعة وانفجرت القنبلة وخلعت إحدى أطراف النافذة، وهدمت قسماً من الجدار، فقمت وسحبت النافذة وفتحت مساحة تكفي لمرور شخص، وخرجت المقاتلة منها زحفاً، ثم توجهنا صوب حقل لأشجار الزيتون على أطراف البلدة واختبأنا بين الأشجار وأعلمنا باقي رفاقنا أنهم خرجوا من البلدة أيضاً وطلبوا منا مواصلة المسير والوصل لإحدى نقاط رفاقنا القريبة من البلدة، وأكملنا السير  بين الأشجار وكان المرتزقة يطلقون الرصاص صوب الأشجار بشكل عشوائي لعلهم يصيبوننا ولكن لحسن الحظ لم نصب بأذى وتمكنا الوصول إلى نقاط رفاقنا القرية وبهذا الشكل تم انقاذ رفيقتنا المقاتلة.

مقاومة تلة قرية قاسم وقتل مرتزقة كانوا يتعاطون المخدرات

بعد خروجهم من بلدة بعدينا تم فرز دمهات مع مجموعة من المقاتلين إلى تلة قرية قاسم في ناحية راجو، ويقول دمهات:” بعد توجهنا إلى قرية قاسم في ناحية راجو قمنا بالكشف على المنطقة ومعرفة مداخلها ومخارجها وبعدها اتخذنا مواقعنا فوق تلة قرية قاسم، وبقينا هناك عدة أيام ثم قررنا تنفيذ عمليات نوعية ضد المرتزقة، وعليه توجهت في الليل مع أحد المقاتلين إلى قرية كورا القريبة من قرية قاسم والتي كانت محتلة من قبل جيش الاحتلال ومرتزقته، تسللنا إلى أطراف القرية وقررنا استهداف أحد نقاط المرتزقة، تقدمنا صوب إحدى النقاط بهدوء ولدى اقترابنا منها شاهدنا 3 مرتزقة جالسين خلف ساتر ترابي بجانب إحدى المنازل وهم يضحكون ويبدو عليهم أنهم ليسوا بكامل وعيهم، وهاجمنا النقطة وقتلنا المرتزقة الـ 3 في مكانهم، وشاهدنا بجانبهم كميات من الحبوب المخدرة والمنشطات، وأخذنا أسلحتهم وعدنا بسرعة إلى نقاطنا.

وأضاف :”في صباح اليوم الثاني تعرض التل لقصف مكثف بالدبابات والمدفعية، وبدأ الطيران الحربي شن الغارات على التل ومحيطها واستهداف قرية قاسم أيضاً، وبنتيجتها أصيب بعض رفاقنا بجروح وطلبت القيادة إيصالهم إلى قرية قاسم لنقلهم إلى النقاط الطبية، وعليه بادر بعض المقاتلين على نقل المصابين ولم يبقى في التل سوى أنا ومقاتلة تسمى بريفان، وبعد اشتداد القصف مرة أخرى وبدء المرتزقة الهجوم صوب القرية والتل ، طلبت القيادة منا الانسحاب والتوجه إلى القرية لأن المرتزقة باتوا يحاصرون التل من عدة جهات وقلنا بأننا لن نترك لهم التل وسنقاوم حتى النهاية، وبالفعل تصدينا لهجمات المرتزقة مدة يومين لوحدنا ولم نسمح لهم دخول التل، واتصلت بنا القيادة مرة أخرى وطلبت منا الانسحاب لأن المرتزقة بدأوا يضيقون الحصار، بدورنا أصرينا على المقاومة وطلبنا منهم المؤازرة وأعلمناهم بأنه لم يبقى لدينا طعام، وعليه أرسلت القيادة مقاتلين لإيصال الطعام إلينا ومساندتنا، لكن بسبب تحليق طائرات الاستطلاع بشكل مكثف على التل واستهداف كل من يتحرك لم تتمكن المقاتلات صعود التل ووضعوا لنا الطعام تحت شجرة أسفل التل وتراجعوا، ومع حلول المساء نزلنا من التل لجلب الطعام ولدى اقترابنا من المكان الذي وضع فيه الطعام عادت طائرات الاستطلاع تحوم فوق المنطقة، فاختبأنا تحت الأشجار وطلبت من المقاتلة بريفان عدم التحرك حتى لايكشفنا الطيران، وبعد عدة دقائق قالت بريفان أنها ستذهب لجلب الطعام وبمجرد ابتعادها عن موقها بحوالي 30 متر قصفتها طائرة استطلاع واستشهدت أمامي، كانت تلك اللحظة أشبه بكابوس وكانت صدمة قوية شلت تفكيري، وجلست مكاني مدة حتى تمكنت من استجماع قواي، وبقيت وحيداً هناك ثم تواصلت مع القيادة وأعلمتهم بما حصل، وطلبوا مني التوجه إلى قرية قاسم بمجرد غياب طائرات الاستطلاع، وفي ذلك الوقت سمعت أصوات المرتزقة فوق التل وهم يصرخون، وأصبحت في مرمى أهدافهم، وتوجهت إلى المكان الذي وضع رفاقنا فيه الطعام والماء وأخرجت الماء وصببته على الأرض وصنعت الطين وغطيت جسدي بالطين وبدأت أتحرك زحفاً من شجرة إلى أخرى حتى لايراني المرتزقة أو طائرات الاستطلاع وهكذا حتى ابتعدت مسافة 300 متر ثم قمت وتوجهت إلى قرية قاسم التي فيها رفاقنا، ولكنا وعندما دخلت القرية سمعت أشخاصاً من خلف أحد المنازل يتحدثون بالعربية والتركية، جلست خلف حائط واستمعت عليهم كانوا يقولون أن القرية تبدو خالية من وحدات الحماية، وأدركت أنهم من جيش الاحتلال ومرتزقته، وحاولت الاقتراب منهم خلسة ووجدت 4 مرتزقة اثنان من جيش الاحتلال واثنان من المرتزقة، ففتحت الرصاص عليهم وقتلتهم، ثم تواصلت مع القيادة لأستفسر منهم إن كانوا في القرية أو خرجوا، فأخبروني أنهم على أطراف القرية، وأعلمتهم بما حصل فطلبوا أن أجلب معي أسلحتهم وأتجه نحوهم.

واختتم المقاتل دمهات زاغروس حديثه بالقول أنه واصل المشاركة في المقاومة مع باقي رفاقه حتى الإعلان عن انتهاء المرحلة الأولى من المقاومة وبدء المرحلة الثانية، وعليه انضم إلى المرحلة الثانية التي لاتزال مستمرة معاهداً جميع رفاقه الشهداء بالانتقام لهم وتحرير عفرين مهما كلف الثمن.

ANHA

شارك هذا الموضوع على

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *