الخميس, أبريل 18, 2024

مسعود حامد: العدالة الجندرية بين القانون والتطبيق… ضياعُ حقوقٍ في مهب الريح “الأنثى تولد إنساناً ثم تصُنع امرأة “

آراء

مسعود حامد

*مسعود حامد

أصبح مفهوم العدالة الجندرية المتداول في الوسط العام وبين النشطاء المدافعين عن حقوق المرأة، يركز على ضرورة النهوض بالمرأة لتكون الشريكة في بناء الأسرة ومنها شريكة في بناء مجتمع، إلا أن العوائق لا تزال كثيرة في طريقهم خاصة في المناطق التي لا تزال منغلقة على نفسها في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

المجتمعات التي لا تزال تفتقر لمعرفة دور النساء، هي تلك المجتمعات التي تسيطر عليها مجموعة من العوامل الثقافية والعشائرية والدينية، وهي نفسها لا تريد تجاوز مفهوم المساواة بين الجنسين، معتبرة إن الرجل هو الآمر في كل شيء، وهو سيد العائلة والمجتمع، لأن هذه الفروق من صنع البشر منذ عصور.

نشأة مفهوم الجندرة:
مصطلح الجندرة هي كلمة من أصل لاتيني، ويعني الفرق بين الرجل والمرأة من حيث البنية التكوينية، آن أوكلي هي التي أدخلتِ المصطلح إلى عِلم الاجتماع؛ وتوضح أوكلي
أن كلمة “الجنس تشير إلى التقسيم البيولوجي بين الذكر والأنثى، بينما يشير النوع الجندر إلى التقسيمات الموازية وغير المتكافئة اجتماعيًّا إلى الذكورة والأنوثة”.

تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في تموز عام ٢٠١٠ نشأة وكالة جديدة للأمم المتحدة للنساء باسم كيان الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين النساء وبناء قدراتهن على القيام بالعمل مساواة للرجل في الأعمال التي تكون مساعدة حسب بنيتها الجسدية، وظهر مصطلح الجندرة في بدايتها عام ١٩٩٤ في مؤتمر القاهرة، في العام الذي تلاه تم توضيح الشروط الخاص بمفهوم الجندرة في مؤتمر بكين.

مفهوم الجندرة ووسائل التقنية الحديثة:
يتجدد هذا المفهوم في كل مرة، وكانت الحاجة الملحة بعد ظهور التقنية الحديثة، والاتصال والتواصل بين العالم أجمع، وتحولت الكرة الأرضية لقرية يتمكن الجميع من معرفة ما يحدث في حالة الرغبة في المعرفة، فظهر مفهوم الجندرة بقوة بين النشطاء الذين استفادوا من التقنية في التواصل وإيصال صوت المرأة للعالم أجمع، واعتبارها الشريكة في كل شيء ولا يجوز التخلي عن إمكانياتها العملي، التي تكون في كثيرٍ من الحالات أفضل من إمكانيات الشريك الرجل.

السنوات التي تلت الأزمة السورية، وبعد مرور عقد من النزاع السياسي والعسكري، وحالة الفوضى التي دخلت فيها البلاد والعباد، ظهر مفهوم العدالة، المساواة، الدفاع عن المرأة والعمل على تمكين قدراتها، خاصة بعد الحالات الكثيرة التي انتشرت عبر صفحات التواصل الاجتماعي عن العنف الجنسي ضد النساء، وجرائم الشرف التي ارتكبت بحقهن.

خلق العالم الافتراضي مساحة واسعة لحرية التعبير عن الرأي للنساء، ويمكن من خلالها الخروج من القوقعة التي يمكثن فيها، ومعرفة حقوقهن عبر التواصل مع أقرانهن في العالم.

مصطلح الجندرة في القوانين الدولية:
جاء هذا المصطلح في القوانين الدولية من أجل حماية حقوق المرأة، لإلزام الدول الموقعة على هذا القانون باحترام حقوق النساء والعمل على إنهاء كافة أشكال التمييز ضدهن، فجاءت المادة الخامسة من اتفاقية (سيداو)، التي فتحت باب التوقيع عليها في ١ آذار عام ١٩٨٠ بعد موافقة ٢٠ دولة على التقييد بأحكامها، حيث نصت هذه المادة على: “تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة ولتحقيق ما يلي:
(أ) تعديل الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة، بهدف تحقيق القضاء على التحيزات والعادات العرفية وكل الممارسات الأخرى القائمة على فكرة دونية أو تفوق إحدى الجنسين، أو على أدوار نمطية للرجل والمرأة.

العدالة الجندرية والصراع المستمر من أجل تحقيقها:
لا يزال الصراع القائم من أجل تحقيق العدالة الجندرية بين النساء والرجال مستمراً، ولا تتحقق المساواة بين الجنسين، بسبب وجود التمييز الجنساني بينهما في كافة مجالات الحياة ودور العلم، والصراع قائمٌ على ردع جميع الممارسات التي تخلق الشرخ في المجتمع، ويعتبر الناشطون في مجال الدفاع عن حقوق النساء، أن التنمية والعدالة الاجتماعية لا يمكن الوصول إليها إذا كانت ناقصة دون أن تحصل النساء على حقوقهن.

هذا الصراع لم يتوقف ولا يزال مستمراً في بلدانٍ كان التسلط الذكوري هو مصدر القرار، فلن يكون من السهل تحقيق تلك العدالة بسهولة، التي كرستها المفاهيم الرجولية، وخاصة في الدولة التي تلتزم ببعض القيم الاجتماعية، والثقافية الخاصة بها.

إن معاناة النساء تمتدّ إلى جميع تضاريس خريطة العالم، وفي تقرير للمنتدى الاقتصادي العالمي أشار إلى أن النساء يحتجن إلى قرون لتحقيق التكافؤ مع الرجل، أولاً إلى ١٠٨ سنوات لردم الفجوة وإلى٢٠٢ سنة لإزالة الفروق، والأمر يتعلّق بالتعليم والصحة والفرص الاقتصادية والتمثيل السياسي، وكلما كان الحديث عن البلدان النامية ازدادت الصورة قتامة، خصوصاً فيما يتعلّق بالفقر والتخلّف والحريّة والعقبات الاجتماعية واستخدامات الدين السياسية وكل ما يقف حجر عثرة أمام التنمية المستدامة.
يعتقد الكثيرون في العالم أن حقوق النساء فقط البقاء في المنزل وتربية الأطفال، وأكثر النساء اللواتي يتعرضن لهذا التمييز النساء اللواتي يقمن في الأرياف، فيحرمن من معظم حقوقهن، التعليمية، العمل، والمساواة، نتيجة سيطرة العادات والتقاليد الاجتماعية السائدة في المجتمعات الشرقية، وبذلك يكون الصراع مستمراً من أجل العدالة الجندرية، التي بدأ الحديث فيها بشكل مكثف في العقود الأربعة الماضية، من أجل تحقيق المساواة، وإعطاء النساء الدور القيادي التي تستحق في هذا العالم كما ينبغي.

المراجع :

1ـ الفيلسوف الفرنسي” سيمون دي بوفوار ” 2ـ مقال للكاتبة ليلى الرفاعي في موقع الجزيرة نت ( مفاهيم جندرية …. من ملكية الجسد إلى تطبيع الشذوذ) 3ـ الفقرة الأولى من المادة الخامسة في أتفاقية (سيداو) 4ـ مقالة الكاتب عبد الحسين شعبان ( الجندر والجندرية وما في حكمهما )

*مسعود حامد : صحفي كُردي سوري، خريج جامعة السوربون الفرنسية ومدير مؤسسة “نودم “الإعلامية، عمل مع العديد من المؤسسات الإعلامية الفرنسية والامريكية.

المصدر: شبكة الصحفيين الكُرد السوريين

شارك هذا الموضوع على