تفرض سلطات الدول التي تتقاسم الشعب الكردي و أرضه تعتيماً إعلاميا على الأوضاع في المناطق الكردية، و تمنع نشر كل ما يتعلق بعمليات القمع الحكومية و ما تواجهها الحركة الوطنية الكردية من مقاومة مشروعة. و هذه السياسة متبعة منذ تشكل هذه الدول و حتى يومنا هذا.

و هكذا نجد بأن محافظ حلب كان يفرض على الصحف منع نشر الأخبار المتعلقة بأحداث الجزيرة في عام 1937، و ذلك لتتمكن القوات الحكومية من ممارسة القوة و الخداع بحرية في مواجهة الحركة الشعبية المطالبة بالحكم الذاتي في الجزيرة.

سنستمر في نشر بعض الوثائق المتعلقة بالحركة الشعبية المطالبة بالحكم الذاتي في الجزيرة في عام 1937 ، نترجم في هذه الحلقة وثيقتين فرنسيتين، إحداها مرسلة في السادس و الثانية في السابع من شهر أيلول عام 1937، من قبل مدير الأمن العام، المفتش العام للشرطة، إلى وزارة الخارجية الفرنسية في باريس.

****
(الوثيقة الأولى)
الأمن العام
بيروت في السادس من أيلول 1937
معلومة رقم 4633
أمن حلب : 4-9-37.-

آ/س- عن الجزيرة :

استدعى المحافظ الصحفيين في حلب إلى فندق بارون، في الخامس من الشهر الجاري و في الساعة العاشرة، و طلب منهم عدم نشر المقالات حول ” الأخبار المنحازة التي انتشرت في المدينة بخصوص الجزيرة، و التي تفيد بأنه تم طرد المحافظ و قائم مقام القامشلية، و بأنه تم تمزيق العلم السوري من قبل سكان هذه المدينة أثناء المظاهرات”.

توقيع
مدير الأمن العام
المفتش العام لشرطة دول المشرق الخاضعة للانتداب الفرنسي

****
(الوثيقة الثانية)
الأمن العام
بيروت في السابع من أيلول 1937
معلومة رقم 4667
أمن دير الزور : 3-9-37.-

آ/س- الوضع في الجزيرة :
أفاد مسافر مارّ من دير الزور بما يلي:

– بأنه في يوم وصول المحافظ إلى الحسجة و إلى القامشلية، كانت الأسواق مغلقة ( من 31/8/37 حتى 2/9/37)

– بأن سكان الحسجة غير الراضين من الإجراءات المتخذة مؤخراً من قبل الحكومة السورية، جاؤوا بأعداد كبيرة إلى دار الحكومة، و أنزلوا العلم السوري ليستعيضوا به بالعلم الفرنسي. بتدخل من ضابط إدارة المخابرات أُعيد رفع العلم السوري من جديد.

– بأن قداسة حبى، مطران السريان الكاثوليك، في الجزيرة قد وصل إلى الحسجة في الثاني من أيلول حيث جرى له استقبال كبير.

– بأنه سيتم تجنيد 150 عنصراً من الجندرمة من سكان الجزيرة.

– بأن السكان مستمرون في رفض بيع أية بضاعة إلى موظفي الحكومة المحلية.

– بأنه تم منح سكان الجزيرة مهلة جديدة مدتها شهراً لدراسة مطالبهم.

– بأن الأهالي متفقون في الرأي على متابعة الحركة الانفصالية(1) إلى النهاية.

توقيع
مدير الأمن العام
المفتش العام لشرطة دول المشرق الخاضعة للانتداب الفرنسي
****

ملاحظة من المترجم:
(1)- كان يتم إطلاق كلمة الانفصاليين على القوى التي كانت تريد إدارة المناطق الخاضعة للانتداب بأسلوب لامركزي، بحيث تتمتع فيه كل منطقة بحكم ذاتي محلي يتناسب مع ظروفها الخاصة.

يتبع

شارك هذه المقالة على المنصات التالية