طمع الاحتلال بإرث الأجداد… انتهاكات ونهب بحق آثار مقاطعة الجزيرة

قامشلو/ دعاء يوسف

تضم مقاطعة الجزيرة أكثر من 1043 موقعاً أثرياً، لتكون منبع للحضارة السوريّة وتعمل الإدارة الذاتية الديمقراطية على حماية هذه المواقع، كما أن مكتب حماية المواقع الأثرية في مقاطعة الجزيرة طالب البعثات الأثرية، والمنظمات الدولية المعنيّة، بحماية المواقع الأثرية في المنطقة، وبالأخص الآثار المتواجدة في المناطق المحتلة، وإعادة القطع المسروقة من قبل الاحتلال التركي ومرتزقته.
تُعدُّ سوريا من أغنى البلدان في العالم بالمواقع الأثرية، وبشكلٍ خاص مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، فمنطقة الجزيرة وحدها تحتوي على ألف وثلاثة وأربعين موقعًا أثريًّا، متوزعة في ديرك 203 موقعاً، والحسكة 358 موقعاً، وقامشلو 314 موقعاً، وسري كانيه 168 موقعاً.
آلية عمل مديرية الآثار
هذا وقد تأسست مديرية الآثار في مقاطعة الجزيرة في عام ألفين وأربعة عشر، وتضم أربعة مكاتب في مدينة قامشلو، وأربعة مكاتب في مدينة الحسكة.
ولمعرفة المزيد عن عمل مديرية الآثار؛ التقت صحيفة “روناهي” مع عضو مكتب حماية المواقع الأثرية في مقاطعة الجزيرة “شيخموس حمو”، والذي حدثنا عن آلية عمل مديرية الآثار في المنطقة بقوله: “إننا نعمل على حماية المواقع الأثرية من الانتهاكات وعمليات التنقيب العشوائي، فيما نسعى إلى الحفاظ على تراث وتاريخ المنطقة العريق”.
وبيّن حمو إنهم وثّقوا العديد من المواقع الأثرية في مقاطعة الجزيرة، وخاصةً التي كانت تحت سيطرة مرتزقة داعش والمجموعات المرتزقة الأخرى، بالإضافة إلى توثيق المواقع الأثرية في حوض البليخ بمنطقة كري سبي/ تل أبيض، ومواقع أخرى بالصور والمخطوطات التي كانوا يعملون عليها، كما رمموا العديد منها، كمقبرة فرحية، أبو جداري وموقع تل بيدر الأثري، وقلعة سكرة والكثير من الأوابد، بهدف حمايتها من العوامل الجوية.
كما تطرّق حمو إلى الصعوبات التي تواجه عمل المديرية ومنها: “إن عدد المراقبين قليل بالنسبة لعدد المواقع الأثرية التي تجاوزت الألف مواقع فنحن نملك 33 مراقباً فقط، بالإضافة إلى الصعوبات المادية من تصليح الدراجات النارية الخاصة بالمراقبين، وتأمين مادة المحروقات”.
وعن آلية التنسيق بين المراقب والمديرية، أوضح حمو بأنه؛ يقوم المراقب بجولته الأسبوعية المعتادة وأن اكتشف محاولات تنقيب أو بناء ضمن حرم المواقع الأثرية، أو أي اعتداء وتجاوز على حرم الموقع، يرفع التقرير إلى مكاتب المديرية التي ترفعها للنيابة عن طريق محامي الهيئة، ويحاكم المخالف بغرامة مادية أو الحبس وإزالة البناء أن انتهك حرمة الموقع الأثري بالبناء فيه.
وتعمل مديرية الآثار على ترميم المواقع الأثرية، التي تعاني التهالك عبر استخدام مادة الجص والطين للحفاظ على هيكلها ومعالمها، وبيّن حمو أنهم قاموا على مدار ثلاث سنوات بترميم ثلاثة مواقع وهي تل بيدر، ومستودع رميلان، ومستودع خشان.
أما على الصعيد الخارجي، فأشار إلى أن المكتب على تواصل دائم مع كافة البعثات الأجنبية الأثرية التي كانت تعمل في المنطقة، وهناك العديد من البعثات التي تُقدّم لهم الاستشارة العلمية، في إطار حماية المواقع الأثرية وتوثيقها.
المواقع الأثرية على الحدود التركيّة
وفيما يخص المواقع الأثرية التي تقع على محاذاة الحدود التركية، وكمية الانتهاكات التي تتعرض لها هذه المواقع، أكد شيخموس حمو إن مراقبة تلك المواقع صعبة، إذ يتعرض من يحاول الاقتراب منها للطلق الناري والإصابات، وتبقى هذه المواقع خارج حماية مديرية الآثار، إلا أن المديرية تتواصل مع القرى القريبة من الموقع، وتحاول القيام بكشوفات على المواقع من خلال الأهالي الذين يبدون تعاونهم مع المديرية.
وأشار حمو: “هدف مديرية الآثار هو حماية المواقع كافة رغم الإمكانيات الضعيفة والأمور المادية التي نواجهها، وبالرغم من الهجمات المستمرة على المنطقة وخطورة المواقع الأثرية المتواجدة على الحدود مازلنا مستمرين بعملنا ونسعى لحفظ الموقع الأثري”.
كما دعا حمو الأهالي للمشاركة في المحافظة على المواقع الأثرية وحماية تاريخ المنطقة، فالعديد من الأهالي يقصدون العديد من المواقع للرحلات والنزهات كقلعة السكرة وغيرها، وعليهم الاعتناء بمعالمها، فعمر بعض المعالم الأثرية في الجزيرة يصل إلى 3500 سنة قبل الميلاد ومن خلال هذه الآثار تعرّفنا على أنفسنا وتاريخنا”. وبدورها مديرية الآثار تعمل على توعية المواطنين والزوار وتثقيفهم من خلال ورشات توعية وتوزيع البروشورات.
المواقع الأثرية في المناطق المحتلة
ولم ينسَ حمو المواقع الأثرية التي تقع في المناطق التي احتلتها تركيا، ونوه: “إن تركيا تحتل العديد من المدن في مقاطعة الجزيرة، والتي تحوي أكثر من ستين موقعاً أثرياً، وحسب المصادر والفيديوهات، فإن الاحتلال التركي ومرتزقته يعملون على سرقة هذه المقتنيات الأثرية، بالإضافة إلى تاريخ وثقافة شعوب المنطقة”.
كما أكد إن مرتزقة الاحتلال التركي بعد نهب وسرقة المقتنيات الأثرية حوّلوها لثكنات عسكرية، وحفروا فيها الأنفاق ليتحول الموقع لدمار شامل.
وفي الختام؛ طالب عضو مكتب حماية المواقع الأثرية في مقاطعة الجزيرة “شيخموس حمو” كافة الجهات المعنية سواء كانت منظمات دولية أو بعثات أثرية التي كانت تعمل في المنطقة، في القيام بواجباتها والوقوف أمام مسؤولياتها، مؤكدًا أن حماية هذه المواقع الأثرية هي حماية للتاريخ الإنساني، وأن عليها إعادة القطع الأثرية المنهوبة من قبل الاحتلال التركي إلى المنطقة.

صحيفة روناهي

شارك هذه المقالة على المنصات التالية