الجمعة, أكتوبر 4, 2024
القسم الثقافي

كيسنجر والأكراد: العمل السري ليس عملاً تبشيريًا

راج آل محمد / مدارات كرد

خلال السنوات الثلاث الأولى لهما في المنصب، كان ريتشارد نيكسون وهنري كيسنجر مشغولين للغاية بالانفراج والحرب في فيتنام، ولم يعيرا اهتمامًا كبيرًا لاندفاع الكرد المستمر نحو المسؤولين الأمريكيين في واشنطن وطهران وبراغ. ولكن عندما قرر صدام حسين التوقيع على “معاهدة الصداقة والتعاون” لمدة خمسة عشر عاماً مع الاتحاد السوفييتي في أبريل/نيسان 1972، بات العراق في صلب اهتمام البيت الأبيض. فقد وافق الاتحاد السوفييتي قبل ستة أشهر على تقديم ما يقارب 250 مليون دولار للعراق على شكل معدات عسكرية سوفييتية، تتضمن دبابات تي-52، وصواريخ أرض-جو، ومقاتلات ميغ-23 النفاثة. في فبراير/شباط 1972، زار صدام حسين موسكو، حيث التقى بزعيم الحزب الشيوعي ليونيد بريجنيف ورئيس الوزراء أليكسي كوسيجين ووضع الأساس للتحالف السوفييتي-العراقي[1]. في 31 مارس/آذار، أبلغ مدير وكالة المخابرات المركزية  ريتشارد هيلمز البيت الأبيض أن المصادر الكردية في الوكالة أفادت بأن صدام حسين سيوقع معاهدة مع القادة السوفييت في أوائل أبريل/نيسان، وأنه ينوي أيضًا “تأميم جميع المنشآت النفطية الأجنبية في العراق” قبل نهاية العام.[2]“

كان من المقرر أن يسافر نيكسون وكيسنجر إلى موسكو في أواخر مايو/أيار 1972 لعقد اجتماع قمة مع بريجنيف وكوسيجين قبل التوقف لفترة قصيرة في طهران لرؤية شاه إيران في طريق عودتهما. في ورقة موجزة مؤرخة في 18 مايو/أيار 1972، أكد موظفو مجلس الأمن القومي (NSC) على أن المخاطر في العراق عالية للغاية. “لقد أنتج العراق جيلاً من الدكتاتوريين العسكريين القوميين وغير المنتظمين” وكان آخر تجسيد لهم هو صدام حسين، “المتشدد” و”الملك الافتراضي لجهاز الأمن العراقي”. ومما يثير استياء إيران والدول المجاورة الأخرى أن العراق قد تلقى معدات عسكرية سوفييتية تبلغ قيمتها ما يقارب مليار دولار في السنوات الأخيرة، مما يعني أن النظام البعثي “لديه القدرة على إثارة المشاكل في الخليج إذا تمكن من استغلال الدعم السوفييتي بذكاء.”[3]

رغم إنه من غير الواضح ما إذا تم إثارة تلك القضايا خلال قمة موسكو أم لا، فإن المشاكل المحتملة في الخليج العربي كانت على رأس جدول أعمال الشاه في طهران. قال نيكسون للعاهل الإيراني في 30 مايو/أيار إن “القادة السوفييت يحاولون تطويق الشرق الأوسط” وإثارة المشاكل للولايات المتحدة بين المتطرفين العرب ومنتجي النفط العرب. وفي إشارة إلى أن الأمور في حالة العراق تسير على ذلك النحو، أعرب الشاه عن قلقه بشأن نفوذ موسكو المتزايد في بغداد. أصر نيكسون على أننا “لن نخذل أصدقاءنا “، وسأل كيسنجر الشاه: “ما الذي يمكن فعله؟” فجاء الرد إن على الإيرانيين في البداية أن “يمتلكوا أحدث الأسلحة”، ولكن بالإضافة إلى ذلك “يمكن لإيران أن تساعد الأكراد”. وعندما غادر نيكسون وكيسنجر على متن الطائرة الرئاسية في اليوم التالي، كانا قد وعدا ببيع الشاه أي شيء من ترسانة الأسلحة الأمريكية باستثناء الأسلحة النووية واستكشاف سبل مساعدة الأكراد في نضالهم ضد النظام البعثي في العراق.”[4]

من بين الأشياء التي كانت في انتظار نيكسون وكيسنجر لدى عودتهما إلى واشنطن كان هناك تقرير من وزارة الخارجية بعنوان: الكرد والعراق: عصيان متجدد؟” مع تصاعد الضغوط بين البشمركة القلقين لاستئناف حرب العصابات ضد بغداد، تنبأ خبراء الوزارة في شؤون الشرق الأوسط بأن “التوتر الإضافي المتمثل في حرب كردية أخرى يمكن أن يؤدي إلى إسقاط حكومة البعث التي لا تحظى بشعبية”. وأشار التقرير إلى أنه “في مناسبتين على الأقل، بناءً على نصيحة إيرانية، على ما يبدو، تواصل الأكراد أيضًا مع الشيعة المنعزلين والمحافظين اجتماعيًا ودينيًا، وحاولوا، دون جدوى، فتح جبهة ثانية في جنوب العراق”. وخلُص التقرير إلى أن” الملا مصطفى [البرزاني] لن يجد فرصاً أفضل لدعم خارجي كافٍ لتجديد تمرده”.[5]

كادت تلك الخلافات أن تشهد تطوراً، ليس فقط بسبب التزامات الولايات المتحدة الأخيرة تجاه شاه إيران، ولكن أيضًا بسبب قرار العراق بتأميم شركة نفط العراق في الأول من يونيو/حزيران دون تعويض مالكي اتحاد الشركات النفطية الأمريكية والبريطانية. وسرعان ما علم هارولد سوندرز، موظف مجلس الأمن القومي الذي كان يراقب الشرق الأوسط، أن الشاه أراد من كيسنجر أن يجتمع سراً مع اثنين من ممثلي البرزاني. كان سوندرز يشعر بالقلق من أن مثل هذا الاجتماع من شأنه أن “يضلل الأكراد “ويدفعهم إلى توقعات مبالغ فيها بالدعم الأمريكي المباشر”، لكنه رأى أيضًا أنه ثمة أسبابًا قوية لتشجيع انتفاضة أخرى. أولاً، لأن إيران وإسرائيل دعمتا ” الأكراد على مر الزمن، وبشكل متقطع، كوسيلة لتقييد القوات العراقية في الداخل”، و”هناك الآن احتمال تدخل عراقي نشط في الخليج، وهو ما قد يساعد عدم الاستقرار الداخلي على إضعافه”. والأهم من ذلك، أن وكالات الاستخبارات الأجنبية “قد تكون قادرة على ربط الجهود الكردية بالاتصالات التي تجريها مع المنشقين العسكريين العراقيين الذين قد يطيحون بالحكومة التي وقعت على المعاهدة مع الاتحاد السوفييتي” وصادروا شركة النفط العراقية. ومن ناحية أخرى، حتى مع مساعدة أمريكية متواضعة، فإن أفضل نتيجة يمكن أن يتوقعها البرزاني والحزب الديمقراطي الكردستاني بشكل واقعي كانت “الوقوف في وجه الحكومة في بغداد”. وفي أسوأ الأحوال، كما حذر سوندرز كيسنجر في 7 يونيو/حزيران، “إذا تحولت المعركة ضد الأكراد، فلن يكون لدينا الأموال ولا المصلحة لتقديم الدعم الحاسم لهم”[6]

لم يتحدث ممثلو برزاني أبدًا مع كيسنجر [بشكل مباشر]، لكنهم التقوا مع مدير وكالة المخابرات المركزية  هيلمز ومع النائب الأول لكيسنجر ، ألكسندر هيج. في مقر وكالة المخابرات المركزية في يوليو/تموز. ووفقًا لمحمود عثمان، “وزير خارجية الحزب الديمقراطي الكردستاني” فإن هيلمز هو من تولى الحديث معظم الوقت. وأخبر مدير الاستخبارات المركزية محمود عثمان “إن الشاه يريد من الحكومة الأمريكية أن تدعم الكرد، وطالما استمر الشاه في تلك السياسة، فإن الولايات المتحدة ستستمر فيها أيضاً”[7] في هذه الأثناء، اتصل عملاء البرزاني بالدبلوماسيين الأمريكيين في بيروت للإبلاغ عن هجوم عراقي وشيك في كردستان. “بتشجيع من الدعم السوفييتي وتأميمه الناجح لشركة نفط العراق، كان النظام البعثي في ​​بغداد يستعد ” لزيادة الضغط على برزاني والتخلص من المكاسب التي حصل عليها في مارس/آذار 1970.” من جانبه، كان زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني يعمل على “الترتيبات النهائية لثورة كردية شاملة مع حلفائه في طهران[8]“.

لعلمه التام بما كان البرزاني والشاه يرتبان له، أرسل ريتشارد هيلمز إلى البيت الأبيض اقتراحًا مفصلاً في 18 يوليو/تموز يحدد فيه الخطوط العريضة لما يجب فعله بعد ذلك. وأوضح رئيس وكالة المخابرات المركزية “من الواضح أنه من مصلحة الحكومة الأمريكية وأصدقائها وحلفائها في المنطقة أن يظل النظام العراقي الحالي غير متوازن، أو حتى الإطاحة به، إن أمكن، القيام بذلك دون تصعيد الأعمال العدائية على المستوى الدولي”. إن الديكتاتورية البعثية “استبدادية داخليًا” و”معادية بشدة في نواياها تجاه إيران والكويت والأردن والمملكة العربية السعودية”. وعلى وجه الخصوص، فإن “الأيديولوجية الماركسية المغامرة الزائفة” التي يبشّر بها صدام حسين و”زمرته البعثية” باتت بسرعة “عاملاً متزايد الأهمية في المنطقة بسبب الدعم السوفييتي المتزايد بشكل مطرد للعراق”، متمثلة في المعاهدة التي وقعتها موسكو وبغداد في نيسان/أبريل. في ضوء كل ذلك، أوصى هيلمز بأن يخصص البيت الأبيض مبلغ 5.4 مليون دولار كمساعدات سرية لتمويل وتسليح البشمركة الكردية كجزء من “عملية إفساد تهدف على الأقل إلى مضايقة البعث وربما المساهمة في تهيئة الظروف لاستبداله بعناصر أقل عدائية لمصالحنا ومصالح أصدقائنا في هذه المنطقة”.[9]

بعد عشرة أيام، أعطى ألكسندر هيج كيسنجر مذكرة يوصي فيها بالموافقة على خطة وكالة المخابرات المركزية، مع تسليم الأسلحة والمال إلى الأكراد عبر وسطاء إيرانيين. وأكد هيج أن العمل السري في كردستان يبدو “أكثر أهمية من أي وقت مضى بسبب الأحداث الأخيرة في مصر”، حيث أن قرار الحكومة بطرد المستشارين العسكريين السوفييت “من المحتمل أن يؤدي إلى تكثيف الجهود السوفياتية في العراق بشكل أكثر”. علاوة على ذلك، وبما أن اثنين من أصدقاء أميركا – إسرائيل وإيران – كانا على استعداد لتقديم مساهمات كبيرة من جانبهما، فيجب أن يحصل الأكراد على مبلغ 18 مليون دولار اللازم لإبقاء 25 ألف مقاتل جاهزين للقتال للسنة القادمة. أقنعت هذه الحرب الباردة كل من كيسنجر ونيكسون على الموافقة على الخطة في 31 تموز/يوليو 1972.[10] يتذكر كيسنجر بعد ذلك بفترة طويلة قائلاً: “كانت استراتيجيتنا واضحة تماماً وهي إضعاف أي بلد تربطه علاقات مع الاتحاد السوفييتي. وبما أن السوفييت قد أقاموا للتو علاقات عسكرية مع العراق، فإننا كنا متقبلين جداً [لفكرة] مساعدة الأكراد”[11]. بحلول أوائل أكتوبر/تشرين الأول، بات بإمكان مدير الاستخبارات المركزية، هيلمز، أن يؤكد على أنه وبفضل “التعاون الممتاز [من] الشاه فإن الأموال والأسلحة قد تم تسليمها إلى البرزاني عبر الإيرانيين دون أية عوائق”، مما مكن البشمركة التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني من تقييد ثلثي الجيش العراقي في جبال كردستان[12]. وخلص محللو وكالة المخابرات المركزية مع قرب نهاية 1972 إلى أن “الملا مصطفى برزاني ذو الشخصية الكاريزمية، الذي يحظى بدعم واسع النطاق من إيران وإسرائيل، قد نجح في التغلب على الخصومات القبلية التقليدية من أجل توحيد الجماعات الكردية المتباينة في حركة متجانسة قادرة، إلى حد ما، على التصدي لتوجهات بغداد”. وزعموا إلى أن زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني “يرغب في الحصول على مساعدة مباشرة من الولايات المتحدة لاستكمال الأسلحة والأموال والمدربين العسكريين الذين يتلقاهم من إسرائيل وإيران [13]“.

وسواء عرفوا ذلك أم لا، فإن نيكسون وكيسنجر كانا يلعبان بالنار. لسبب واحد هو أن الأكراد ظلوا منقسمين أكثر بكثير مما كانت وكالة المخابرات المركزية تعرفه. فقد رفض جلال طالباني والاتحاد الوطني الكردستاني، على سبيل المثال، التعاون مع البرزاني والحزب الديمقراطي الكردستاني، وأقاما علاقات سرية مع الاتحاد السوفييتي، وقاما في أكثر من مناسبة، بتمرير معلومات حول عمليات البشمركة إلى صدام حسين. وكانت القبائل الأخرى مثل الزيباريين والإيزيديين تكره كلاً من الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني. فضلاً عن ذلك، حتى لو تغلب الأكراد العراقيون المشاكسون ذات يوم على خلافاتهم وأنشأوا جبهة موحدة مناهضة للبعث، فمن المؤكد أنهم سوف يحثون الانفصاليين الأكراد في تركيا وإيران على الانضمام إليهم. لم يكتفِ صدام حسين بمراقبة وتشجيع التنافس بين الفصائل الكردية، بل أشار إلى الاضطرابات المتفاقمة في شمال العراق لانتزاع المزيد من المساعدة العسكرية من اتحاد الجمهوريات السوفييتية. في 31 مارس/آذار1973، أفاد جيمس شليزنجر، الذي عينه نيكسون مؤخرًا لخلافة هيلمز في منصب مدير وكالة المخابرات المركزية  أن “تحسين مخزون الأسلحة العراقية، إلى جانب زيادة التدريب السوفييتي للقوات العراقية المحمولة جواً، له صلة مباشرة وواضحة بتحسين القدرات العسكرية العراقية ضد الأكراد.”[14] في 17 نيسان/ابريل أكد آرثر لوري، وهو أعلى دبلوماسي أمريكي في بغداد وكان قد قام بعدة زيارات إلى شمالي العراق في غضون الأسابيع التي تلت تقرير شليزنجر أن “الموقف بين الأكراد والبعثيين يبقى متوتراً  حيث الجانبان “مدججان بالأسلحة الآلية” ومنخرطان بشكل واضح في “هدنة مسلحة”[15]

بحلول صيف عام 1973، أصبحت المناوشات بين النظام البعثي والمؤيدين الأكراد أكثر توترا. في 28 يونيو/حزيران، أشار ريتشارد هيلمز، الذي بات سفير نيكسون إلى إيران بعد أن ترك وكالة المخابرات المركزية، إلى “غضب شديد أشد من كل ما قد ظهر في الآونة الأخيرة” وأن كل الدلائل” تشير إلى أن الجيش العراقي بصدد البدء في القتال.”[16] ومع تصميمهم على تجنب إطلاق الرصاصة الأولى، لعب الأكراد على وتر التعاطف الأمريكي التقليدي مع المستضعفين. فقد أخبر مصطفى البرزاني جيم هوغلاند من صحيفة واشنطن بوست في بداية يوليو/تموز عام 1974: “يمكننا أن نصبح ولايتكم رقم 51 ونزودكم بالنفط”[17]. وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، وصل شاه إيران إلى واشنطن، حيث استعرض العمليات السرية في كردستان العراق مع كبار صناع السياسة الأمريكيين. قال الشاه لكيسنجر في 27 يوليو/تموز “فيما يتعلق بالأكراد، يمكننا أن نظهر دعمًا مباشرًا أكثر قليلاً”. وقال إن البرزاني والحزب الديمقراطي الكردستاني كانا على وشك المواجهة مع البعثيين في بغداد، “لكن إذا طلبنا منهم ذلك، فسوف يتعين علينا أن نمنحهم المزيد من المال”. وأكد كسينجر، الذي كان حريصاً دوما على خلق المشاكل لأصدقاء موسكو في العراق وأماكن أخرى في العالم العربي، للشاه أن إدارة نيكسون مستعدة لتوسيع التمويل غير المحدود للأكراد: “يمكنك الاعتماد على ذلك من حيث المبدأ”[18]. وجاء الخبر من كردستان أنه كلما تمكن نيكسون وكيسنجر من ترجمة المبادئ إلى أفعال بشكل أسرع، كان ذلك أفضل. فقد أبلغ وزير الاعلام للحزب الديمقراطي الكردستاني، شفيق قزاز، مسؤولي وزارة الخارجية الأمريكية في 5 سبتمبر/أيلول 1973″ الأكراد منزعجون للغاية من حقيقة أن الجيش العراقي قد تلقى شحنات من “الغاز السام من السوفييت”[19]. وفي اليوم ذاته، ذكر محللو وكالة المخابرات المركزية أن صدام حسين كان “يعتمد على “لجان السلامة العامة” لتعزيز سلطته الشخصية دون رحمة وإنه” قد تم عملياً إرهاب أو تحييد كل معارضي البعث تقريبًا، باستثناء الأكراد”[20]

كان صدام وحماته السوفييت يأملون أنه بمجرد أن تدخل اتفاقية الحكم الكردي الانتقالية حيز التنفيذ الكامل في أوائل عام 1974، فإن البرزاني والحزب الديمقراطي الكردستاني سوف يُحيدان تماماً مثل باقي الجماعات الأخرى المناوئة للبعثيين. في 30 ديسمبر/كانون الأول 1973 أكد السفير السوفيتي فينيامين ليخاتشيف لآرثر لوري أن “عدداً متزايد من الكرد بات يُدرك أن أفضل ما يتمنونه في المستقبل هو في العراق”، وأن ” الحكومة العراقية تحاول الآن حل المشكلة من خلال الوسائل الاقتصادية  وتوزيع [عائدات] الثروة النفطية”[21]، لكن في أوائل مارس/آذار 1974، أرسل برزاني ابنه إدريس إلى بغداد لإبلاغ صدام حسين أن البشمركة لن يسلموا أسلحتهم إلى الجيش العراقي كما كان مقررا. وقال صدام لزائره الكردي “نحن مصممون على الوفاء بالتزاماتنا، ونتوقع منكم أن تفوا بالتزاماتكم”. ولشعوره بأن لدى “البرزاني نوايا شريرة”، أرسل الدكتاتور البعثي إدريس إلى مسقط رأسه مع هذه الكلمات التحذيرية لوالده “إن كانت هناك حرب، فسوف ننتصر.”[22]

في غضون ستة أسابيع، بات للقوات العراقية، التي جرى تسليحها من قبل الاتحاد السوفييتي، القول الفصل على الأكراد في سلسلة من المعارك الشرسة مع قوات البشمركة التي يتفوق عليها في شدة النيران والتسليح. بعد تفادي الهزيمة على أيدي الجيوش العربية المدعومة من قبل الكتلة السوفييتية في أكتوبر/تشرين الأول، حث الاسرائيليون المسؤولين الأميركيين على ألا ينسوا أن الحرب العرقية في جبال كردستان محفوفة بتبعات الحرب الباردة. مشيرين إلى أن “الاتحاد السوفيتي قد قرر على ما يبدو إلقاء كامل ثقله خلف النظام البعثي في بغداد”. وقد حذرت رئيسة الوزراء الإسرائيلية كولدا مائير كيسنجر في 7 مايو/أيار 1974 من أن “أصدقائنا الأكراد ….في ورطة ” وقالت يجب على الولايات المتحدة أن تقوم بتزويد البرزاني والحزب الديمقراطي الكردستاني بالأسلحة والذخيرة على “وجه السرعة عبر القنوات الإيرانية المعتادة”[23]. كان الشاه على استعداد تام للاستجابة، وفي 27 يوليو/تموز أرسل إلى كيسنجر “نداء عاجلاً من البرزاني للمساعدة”، مضيفًا “تحذيرًا خاصًا به من مغبة “العواقب الخطيرة لإيران والخليج [الفارسي] بأكمله في حالة انهيار المقاومة الكردية. ” وبعد شهر، أبلغ كيسنجر رئيسه الجديد، جيرالد فورد، أن الشاه يفكر في إرسال قوات نظامية لمساعدة عملاء السافاك وغيرها من “القوات الأجنبية الداخلة في خدمتها” الذين هم بالفعل داخل العراق و”يرتدون زياً كردياً”. عندما بات الوضع أكثر يأسا، وافق فورد على مخطط حِيك في واشنطن وتل أبيب يقضي بـ “نقل المعدات السوفيتية التي استولت عليها إسرائيل في حرب عام 1973 إلى الأكراد”. وبحسب كيسنجر فإن الأشهر الأخيرة من سنة 1974 شهدت “نقل ما قيمته نحو 28 مليون دولار من الأسلحة السوفييتية ” إلى الأكراد وحتى “نفاد الأسلحة السوفيتية المناسبة للحرب في التضاريس الكردية لدى الإسرائيليين[24]“.

مع جفاف خط أنابيب الأسلحة الكردية ومخاطر تصعيد التوترات بين إيران والعراق، اكتشف المسؤولون الأمريكيون علامات تشير إلى أن الشاه كان يعيد النظر في الحرب غير السرية. من بغداد، أكد آرثر لوري قبل عيد الميلاد عام 1974 مباشرة أن الأخبار الواردة من كردستان هي أن السافاك لا يعتبر بيشمركة البرزاني سوى “مفسدين” و” لن يقدموا لهم المساعدة الكافية لصد الهجوم” ضد الجيش العراقي. وأوضح لوري أنه “لا الكرد ولا الطائفة الشيعية (في العراق) لديها المؤسسات أو الموظفين اللازمين للحكم ومواصلة عملية التحديث. لا تزال [الأغلبية] من كلا الفئتين تعيش بشكل أساسي في مجتمعات قبلية من العصور الوسطى.”[25] وقام السفير هيلمز، الذي كان قد أقام علاقات وثيقة مع السافاك خلال فترة عمله كمدير لوكالة المخابرات المركزية، بالضغط بقوة في طهران للحفاظ على “المساعدة السرية التي كانت الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران تقدمها للانفصاليين الأكراد في نضالهم ضد العراق”. ولكن بحلول بداية عام 1975، حذر [هيلمز] القادة في واشنطن من أن “الشاه بات قلقًا بشأن استنزاف الموارد الإيرانية”[26]. الشاه نفسه قال لكيسنجر خلال لقاء على انفراد في زيوريخ أن “المقاومة الكردية تضعف” وأن قادتها “لم تعد لديهم الشجاعة”. في مواجهة هذه النظرة القاتمة، أبلغ كيسنجر الرئيس فورد في 19 فبراير/شباط 1975 أن الشاه “يخطط للقاء رجل [العراق] القوي، صدام حسين” قريبًا جدًا ويبدو أنه يميل إلى محاولة التحرك في اتجاه نوع من التفاهم مع العراق بشأن الأكراد.”[27] ومع ذلك، لم ير كيسنجر أي سبب لذكر تلك المعلومة المزعجة في رسالة الاطمئنان التي أرسلها إلى برزاني في اليوم التالي. ونتيجة لذلك، ظل الزعيم الكردي غافلاً عن نوايا إيران.[28]

بعد ذلك بوقت قصير، وافق الشاه وصدام حسين على الاجتماع في الجزائر العاصمة، حيث توصلا في 5 مارس/آذار 1975 إلى اتفاق من شأنه أن يجعل مكيافيلي فخورًا. ففي مقابل قطع المساعدات الإيرانية السرية للأكراد، يتخلى العراق عن مطالبته الحصرية بمياه شط العرب. وكان صدام قد أوضح فكرته بشأن هذه المسألة قبل عام خلال لقائه مع إدريس برزاني. “خلاف إيران مع العراق هو حول طموحها للحصول على نصف شط العرب”، وليس رغبة إيرانية في إنشاء كردستان مستقلة. وأخبر نجل البرزاني “لو خُيرنا بين الاحتفاظ بكل العراق، بما في ذلك شط العرب، فلن نتنازل عن السيادة. ولكن، لو وجدنا أنفسنا في زاوية أمام الاختيار بين التنازل عن نصف شط العرب أو العراق كله، فإننا سنتخلى عن شط العرب من أجل الحفاظ على العراق كله بالشكل الذي نريده.”[29] في اليوم التالي لإعلان الشاه “اتفاقية الجزائر”، سأله أحد مساعديه بصورة شخصية: “وماذا عن فكرة كردستان المتمتعة بحكم ذاتي؟” أكد جواب الزعيم الإيراني الساخر أن تحليل صدام حسين له ما يبرره عندما قال “إنه لغو”[30]

صُعِق قادة الكرد واستشاطوا غضباً من اتفاقية الجزائر. ولأن مصطفى البرزاني ومحمود عثمان كانا في طهران في أوائل مارس/آذار 1975، فقد تلقيا الأخبار السيئة مباشرة من زعيم السافاك نعمة الله ناصري، الذي أبلغهم في 5 مارس/آذار أن المخابرات الإيرانية ستوقف شحنات الأسلحة إلى الأكراد خلال 48 ساعة. تلقى البرزاني الأخبار “بجَلَد”، لكن عثمان “وبّخ الناصري بشدة بسبب وقاحته وخيانة الشاه للقضية الكردية”[31]. وأثار التخلي المفاجئ عن الأكراد غضب الإسرائيليين، الذين كانوا يصطادون في المياه العكرة في كردستان منذ أكثر من عقد من الزمن.  يستذكر ضابط الموساد إليعازر تسافرير بعد ذلك بوقت طويل ” إن ما فعله الشاه يشبه ما فعله تشامبرلين مع هتلر عندما تخلى عن تشيكوسلوفاكيا”. ويتفق معه الملحق العسكري الإسرائيلي في طهران، ياكوف نمرودي، الذي قال لأحد المحاورين في عام 2004 إن بيع الأكراد كان “خطأً كبيراً” وأكدت شكوك إسرائيل بشأن العاهل الإيراني: “إنه كان معتوهاً”.[32]

وقد لخص تقرير وكالة المخابرات المركزية تشريح الهزيمة بشكل جيد: “منذ منتصف الستينيات، قامت إيران بتقديم المساعدة للمتمردين الأكراد وحرضت إسرائيل على القيام بذلك، فقدمت إسرائيل المساعدة المالية والمادية وأرسلت مستشارين عسكريين واستخباراتيين لتدريب القبليين الأكراد في مواقع داخل كردستان العراق وإيران. وفي ظل غياب الدعم اللوجستي الإيراني فإن ” المقاومة المسلحة للأكراد بمستوى عام 1974 باتت غير واردة الآن”[33]

في 1 أبريل/نيسان 1975، وبعد تدفق آلاف المقاتلين الأكراد وعائلاتهم إلى إيران، أغلق الشاه فجأة الحدود مع العراق. في غضون أيام أكدت القنصل الأمريكي في تبريز أن الأكراد “يخشون زيادة العزلة عن الخارج وسوء معاملة إيرانية محتملة”، وحذر من أنه ما لم تقدم الولايات المتحدة مساعدات إنسانية للاجئين، فإن “الولايات المتحدة قد تُتهم بالتغاضي عن مثل ظروف كهذه.”[34] لم تكن استجابة إدارة فورد للمحنة الكردية بغض الطرف فحسب، بل أيضًا بصم الآذان. فعندما توغل جيش صدام حسين في عمق كردستان العراق في أوائل مارس/آذار 1975 للقضاء على التمرد، ذكّر البرزاني البيت الأبيض بأن “الولايات المتحدة لديها مسؤولية أخلاقية وسياسية تجاه شعبنا، الذي التزم بسياسة بلدكم”.[35]

لم يكلف كيسنجر، الذي كان يشغل منصب مستشار الأمن القومي ووزير الخارجية ويشرف على العمليات في كردستان في ذات الوقت، نفسه عناء الرد. وبدلاً من ذلك، ألقى باللوم في الكارثة على الشاه وقرر أن الأكراد غير مؤهلين للحصول على مساعدة الولايات المتحدة المقدمة للاجئين[36]. وأخبر كسينجر الرئيس فورد في جلسة للكونجرس برئاسة اوتيس بايك دعوني استعداداً لعقد جلسات استماع في أكتوبر/تشرين الأول 1975″دعوني أذكّركم بشأن المسألة الكردية” فبعد أن “توسل” الشاه مساعدة الولايات المتحدة للحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة البرزاني قبل ثلاث سنوات، “اتفقنا على امتصاص الطاقات العراقية”، وليس لتحقيق تقرير المصير للأكراد.  بمزيج غريب من الفخر والشفقة على الذات، قال كيسنجر إن لجنة بايك تبحث عن كبش فداء ومصممة على “إظهاري على أنني العبقري الشرير”. وعلى الرغم من أن فورد حثه على “الحفاظ على هدوئه”، إلا أن كيسنجر شعر بالغضب عندما تم استجوابه بشأن مسؤولية الولايات المتحدة عن 300.000 لاجئ كردي يائس يرتجفون في مخيمات مؤقتة داخل إيران.”[37] وأخبر للجنة بايك: “لا ينبغي أن نخلط بين العمل السري والعمل التبشيري”[38]

وبعيداً عن الحيرة فقد شعر بايك وزملاؤه بالفزع إزاء خيانة إدارة فورد للأكراد، وقد ذكروا ذلك في تقريرهم النهائي. وخلصوا إلى أنه «حتى في سياق العمل السري، كان مشروعنا شائناً “[39]لم يوافق ويليام كولي، الذي أصبح المدير الثالث لوكالة المخابرات المركزية خلال بضع سنوات من عمر الأزمة الكردية. بعد وقت طويل أخبر كولبي أحد المراسلين إنه “لطالما كان وقف الدعم عن الكردي خيارًا للشاه”. وأضاف مع مسحة من الأسف: “إنها حكاية تراجيدية، وليس قصة جميلة. في ربيع ذلك العام كان لدينا العديد من الحكايات المأساوية الأخرى في جنوب شرق آسيا أهم بكثير.”[40] وقد تردد صدى تصريحات كولبي عند بريت سكوكرافت، النائب الأول لكيسينجر وخليفته في نهاية المطاف كمستشار للأمن القومي. ويتذكر سكوكرافت بعد سنوات طويلة أنه بعد أن توقفت إيران عن تسليم الأسلحة للأكراد، “لم تكن لدينا طريقة عملية لدعمهم” واضطررنا إلى اتباع خطى الشاه، “إنهم مجرد أشخاص لا قيمة لهم”[41].

حيثما بدت الرهانات أكبر حجماً، كما هو الحال في أنغولا، أو حيثما بدا الوصول إليها أكثر سهولة، كما في لبنان، كان كيسنجر وسكوكرفت وآخرون في الإدارة لا يزالون يأملون في استغلال الصراعات العرقية لصالح الولايات المتحدة. ففي منتصف السبعينيات ساعدت العصبية القبلية الأنغولية وكالة المخابرات المركزية في حشد مقاومة باكونجو وأوفيمبوندو Bakongo & Ovimbundu ضد النظام المدعوم من الاتحاد السوفيتي بقيادة أغوستينو نيتو، من شعب مبوندو، الذي قام بدعوة فيدل كاسترو لإرسال قوات كوبية إلى لواندا. في النصف الآخر من العالم وفي بيروت تحديداً، مكنت التوترات الدينية السائدة وكالة المخابرات المركزية من إقامة علاقات متينة مع الميليشيات المسيحية التي كانت داخلة في حرب أهلية شرسة ضد الأغلبية الإسلامية المناوئة لأمريكا في لبنان. لئن فكر زعيم أوفيمبوندو الأنغولي جوناس سافيمبي أو أمير الحرب المسيحي اللبناني بشير الجميل في مصير الأكراد العراقيين، لربما تساءلوا عما إذا كانت الحسابات القاسية للحرب الباردة ستجعلهم في يوم من الأيام قابلين للاستهلاك مثل مصطفى برزاني.[42]

حاول المسؤولون الأمريكيون تجميل الهزيمة في كردستان. ففي ملخص للعلاقات الأمريكية مع العراق، تم استكماله قبل أيام قليلة من هزيمة كارتر لجيرالد فورد في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر 1976، عزت وكالة المخابرات المركزية هجوم صدام حسين على الأكراد إلى “السلطة والنفط” وليس إلى التدخل الخارجي. وعلى الرغم من أن البرزاني كان يتلقى المساعدة من المملكة العربية السعودية وإيران وإسرائيل والولايات المتحدة” لعدة سنوات، إلا أن الوكالة أصرت على أن “الثورة ربما كانت ستندلع في مرحلة ما، آخذين بالحسبان طبيعة المطالب الكردية واحجام الحكومة العراقية لتلك المطالب سواء أكانت بعثية ام لا”[43] لكن المسؤولين زعموا خلاف ذلك. في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني، التقى بيتر بورن، أحد أقرب أصدقاء الرئيس المنتخب كارتر، بسعدون حمادي، وزير الخارجية العراقي، في بغداد في مؤتمر دولي حول المخدرات. قال بورن لكارتر في الأول من كانون الأول/ ديسمبر 1976: “إن العراقيين غاضبون بشكل خاص من دعمنا السابق للأكراد. ويقول حمادي إنه واجه كيسنجر ذات مرة بحقيقة أنه كان يسلح الأكراد، وبالتالي يتدخل في الشؤون الداخلية للعراق. ويزعم أن كيسنجر أخبره مباشرة أن السبب هو أنه، أي كيسنجر، يعتقد أن العراقيين يقتربون أكثر من اللازم من السوفييت”[44].

[1] CIA, “Moscow and the Persian Gulf,” 12 May 1972, in FRUS, 1969–1976, Vol. E-4, Item 307.

[2] Helms to Kissinger, Rogers, and Laird, 31 March 1972, in FRUS, 1969–1976, Vol. E-4, Item 303.

[3] NSC Staff Report, “Iraq,” 18 May 1972, in FRUS, 1969–1976, Vol. E-4, Item 308.

[4] Kissinger, Memorandum of Conversation, 30 May 1972, in FRUS, 1969–1976, Vol. E-4, Item 200.

[5] DOS, “The Kurds of Iraq: Renewed Insurgency?” 31 May 1972, in Pol 23-9 Iraq, State Department Alpha-Numeric File, RG59, NARA.

[6] Saunders to Kissinger, 7 June 1972, in Nixon Presidential Library and Museum (NPLM), Yorba Linda, CA,  http://www.nixon.archives.gov/virtuallibrary/documents/mr/060772_iraq.pdf. The names of the foreign intelligence agencies have been redacted, but Saunders was most likely referring to the SAVAK and the CIA.

[7] Randal interview with Othman, 9 Oct. 1991, in Randal, After Such Knowledge, p. 153.

[8] Houghton (Beirut) to DOS, Telegram, 13 July 1972, in Pol 23-9 Iraq, State Department AlphaNumeric File, RG59, NARA.

[9] Helms, “Assistance to Iraqi Kurdish Leader, Mulla Mustafa Barzani,” 18 July 1972, and “Prospects and Problems of Assistance to the Kurds,” 18 July 1972, in FRUS, 1969–1976, Vol. E-4, Item 321.

[10] Haig to Kissinger, 28 July 1972, in FRUS, 1969–1976, Vol. E-4, Item 321; and Kissinger to Helms, 31 July 1972, in FRUS, 1969–1976, Vol. E-4, Item 322

[11] Randal interview with Kissinger, 23 Aug. 1992, quoted in Randal, After Such Knowledge, p. 151.

[12] Kissinger to Nixon, 5 October 1972, in FRUS, 1969–1976, Vol. E-4, Item 325.

[13] CIA, National Intelligence Estimate (NIE) 36.2-72, “Iraq’s Role in Middle Eastern Problems,” 21 1972, in FRUS, 1969–1976, Vol. E-4, Item 330.

[14] Schlesinger to Kissinger, “Soviet Influence in Iraq and Southern Arabia,” 13 March 1973, in RDP80M01048A000300330005-0, CREST, NARA.

[15] Lowrie to DOS, Telegram, 17 April 1973 (1973BAGHDA00214), in State Department Electronic Telegrams 1/1/1973–12/31/1973, Central Foreign Policy Files, RG 59, Access to Archival Databases (AAD), NARA, http://aad.archives.gov/aad/. Although Iraq severed diplomatic relations with the United States following the Six Day Mideast War in June 1967, the Ba’athist regime permitted Washington to open a “U.S. Interests Section” in Baghdad, headed by Arthur Lowrie, in September 1972.

[16] Helms to DOS, Telegram, 28 June 1973, in State Department Electronic Telegrams 1973, AAD, NARA

[17] Barzani’s quip was not disclosed until 30 years later in Jim Hoagland, “The Kurdish Example,” The Washington Post, 27 July 2003, p. A17.

[18] The Shah and Kissinger are quoted in Harold Saunders (NSC), Memorandum of Conversation, 27 July 1973, in NPLM,  http://www.nixon.archives.gov/virtuallibrary/documents/jun09/072773 –memcon.pdf.

[19] DOS Memorandum of Conversation, 5 September 1973, in Item 0004, Iraq-Gate Collection, DNSA.

[20] CIA, “Some Notes on Iraqi Politics,” 5 September 1973, in RDP80M01048A000300330002-3, CREST, NARA.

[21] Lowrie to DOS, Telegram, 30 Dec. 1973, in State Department Electronic Telegrams 1973, AAD,NARA.

[22] روى صدام حسين حديثه مع إدريس بارزاني الذي جرى  في مارس/آذار 1974 خلال اجتماعه المثير للجدل مع السفير الأمريكي أبريل جلاسبي عشية الغزو العراقي للكويت بعد ستة عشر عامًا. For the Iraqi text of the 25 July 1990 Saddam-Glaspie meeting, see Elaine Sciolino, The Outlaw State: Saddam Hussein’s Quest for Power and the Gulf Crisis (New York: Wiley, 1991), pp. 277–278.

[23] Meir, “The Situation in Kurdistan,” 7 May 1974, attached to Kissinger-Meir Memorandum of Conversation, 7 May 1974, in Item 1143, Kissinger Transcripts Collection, DNSA.

[24] Henry Kissinger, Years of Renewal (New York: Simon and Schuster, 1999), pp. 589–592.

[25] Lowrie to DOS, Telegram, 23 December 1974, in Other FOIA, State Department Electronic Reading Room,  http://www.foia.state.gov.

[26] Richard Helms, with William Hood. A Look over My Shoulder: A Life in the Central Intelligence Agency (New York: Presidio Press, 2004), p. 417.

[27] The Shah and Kissinger are quoted in Brent Scowcroft (NSC) to Gerald Ford, 19 February 1975,in Kurds (3), Box 19, Kissinger-Scowcroft West Wing Ofªce Files, National Security Adviser Series, Gerald R. Ford Presidential Library, Ann Arbor, MI (GRFL).

[28] Kissinger to Barzani, 20 Feb. 1975, in Kurds (2), Box 19, Kissinger-Scowcroft West Wing Office Files, National Security Adviser Series, GRFL.

[29] Saddam Hussein quoted in the Iraqi text of meeting with April Glaspie, 25 July 1990, in Sciolino, Outlaw State, pp. 277–278.

[30] Diary entry for 7 March 1975, in Asadollah Alam, The Shah and I: The Confidential Diary of Iran’s Royal Court, 1969–1977 (New York: St. Martin’s Press, 1991), p. 417.

[31] Godley (Beirut) to DOS, Telegram, 15 March 1975, in State Department Electronic Telegrams 1975, AAD, NARA.

[32] Tsafrir and Nimrodi quoted in Parsi, Treacherous Alliance, p. 57.

[33] The Implications of the Iran-Iraq Agreement,” 1 May 1975, in DCI/NIO 1039-75, CIA FOIA Electronic Reading Room, http://www.foia.cia.gov.

[34] AmConsul Tabriz to DOS, Telegram, 10 April 1975, in State Department Electronic Telegrams 1975, AAD, NARA.

[35] Barzani to Kissinger, 10 March 1975, in U.S. Congress, House of Representatives, Select Committee on Intelligence, CIA: The Pike Report (Nottingham, UK: Spokesman Books, 1977), pp. 215–216. The Village Voice published a bootleg copy of the Pike Report (under the title “The Report on the CIA That President Ford Doesn’t Want You to Read”) on 16 February 1976

[36] DOS Circular Telegram, 23 July 1975, in State Department Electronic Telegrams 1975, AAD, NARA; and DOS Circular Telegram, 19 December 1975, in State Department Electronic Telegrams 1975, AAD, NARA.

77- Kissinger Memorandum of Conversation, 31 October 1975, in Item 1821, Kissinger Transcripts Collection, DNSA.

[38] The House Select Committee on Intelligence attributed the remarks about covert action and missionary work to an unnamed “high U.S. ofªcial” (Pike Report, p. 198). New York Democrat Otis Pike,who chaired the committee, and others then in positions to know later confirmed off the record that the comments were Kissinger’s. For more on this episode, see John Prados, Safe for Democracy,pp. 393–394; Vanly, “Kurdistan in Iraq,” pp. 165–173; and Bulloch and Morris, No Friends but the Mountains, pp. 136–141.

[39] Pike Report, p. 197.

[40] Randal interview with Colby, 21 December 1991, quoted in Randal, After Such Knowledge, p. 163.

[41] Lawrence interview with Scowcroft, 25 July 2006, quoted in Lawrence, Invisible Nation, p. 28.

[42] For an account of tribal politics in Angola in the 1970s by a long-time CIA Africa hand, see John Stockwell, In Search of Enemies: A CIA Story (New York: W. W. Norton, 1978), pp. 52, 64–65, 141–146. On CIA ties to Gemayel, see Bob Woodward, Veil: The Secret Wars of the CIA 1981–1987 (NewYork: Simon and Schuster, 1987), pp. 204–205, 217–218.

[43] CIA, “Iraq under Baath Rule, 1968–1976,” November 1976, in RDP79T00889A000900040001-6, CREST, NARA.

[44] Bourne to Carter, 1 December 1976, in Declassified Documents Reference System, 1993/1701.

المصدر: مدارات كرد

 

الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين

شارك هذه المقالة على المنصات التالية