الخميس, أبريل 18, 2024

تواصل تدفق التمويل الفلسطينيّ لبناء مشاريع الاستيطان في عفرين المحتلة

حقوق الإنسان

 

لعله من المستغرب أن يقوم فلسطينيو الأراضي المحتلة بتمويل أيّ مشروعٍ استيطانيّ في سوريا لصالح دولة غير عربيّة تحلتها مناطق فيه، فهم ضحايا الاستيطان الإسرائيليّ وعانوا ويلات النزوح واللجوء في دول الجوار وكذلك الحروب الطويلة، إلا أنّ الولاء العقائديّ يتقدم على الانتماء القوميّ، وما تفعله به جمعيات الداخل الفلسطينيّ لا يختلف عن الجمعيات الإخوانية في دول الخليج.

لا يتوقف التمويل الفلسطينيّ عند حد تقديم المساعدات الإغاثيّة للفلسطينيين الذي تم استقدامهم من مناطق مختلفة من ريف دمشق وبعض مشاريع بناء المساجد في عفرين المحتلة، بل إنّ الإطار الأوسع له هو تمويل مشاريع بناء بؤر الاستيطان في الإقليم الكرديّ، لتساهم في تثبيت التغيير الديمغرافيّ الذي تقوم به سلطات الاحتلال التركيّ.

مشاريع التجمعات الاستيطانيّة بتمويل فلسطينيّ مباشر

ــ مستوطنة أم طوبا

افتتح في 8 مايو الجاري في عفرين المحتلة مشروع إسكان استيطانيّ جديد في قرية شاديره/ شيح الدير بناحية شيراوا، باسم قرية أم طوبا نسبة إلى اسم القرية الفلسطينيّة التي وردت منها تمويلات المشروع، وتقع القرية جنوب شرق مدينة القدس. كما يقع المشروع جنوب مشروع “بسمة” الاستيطانيّ.

وتتألف القرية الاستيطانية الجديدة من 40 شقة سكنيّة، وبذلك يبلغ عدد العوائل المستوطنة 281 عائلة أي بما يوازي 1700 نسمة.

ومجدداً نشرت الجمعية على صفحتها أرقام الهواتف لتواصل ورقم الحساب المصرفيّ واسم (مصرف هبو عليم) باللغة العبرية، داعياً إلى مزيد من التبرعات باسم (الصدقات).

لصدقاتكم 0508257221- 097404278، بواسطة التحويل البنكي- بنك هبوعليم 12 فرع 506 رقم الحساب 364097 – שם מוטב: לחיות בכבוד.

أُنشئت مستوطنة “بسمة” جنوب قرية “شاديره”- شيروا 15 كم جنوب مدينة عفرين، و18 كم عن الحدود التركيّة، وتشمل ملحقات (مدرسة وروضة أطفال ومسجد ومركز صحيّ وبنى تحتيّة)، ومساحة الأرض 10 آلاف م2 تعود ملكيتها للمواطن “زياد حبيب” الذي أُجبر على بيعها، وافتتحت على مرحلتين، الأولى بتاريخ 4/10/2021 وتضم 96 شقة سكنية، والمرحلة الثانية في 22/3/2022 وتضم 125 شقة سكنيّة، ومساحة كل شقة 45 م2.

ونشرت قناة سوريا الإخوانية، أمس 21، أيضاً مقطعاً يظهر العمل في مشروع تعبيد طريق يصل إلى سفح جبل ليلون والذي سمته القناة “جبل الخالدية”، والمشروع من تنفيذ شركة “وطن”، وقالت القناة إنّ المشروع جاء بعد مناشدات أطلقها “الأهالي” وتقصد بهم سكان المستوطنات.

ــ مشروع جود الاستيطانيّ

في سياق متصل بمشاريع الاستيطان ذكرت وكالة نورث برس، أمس 21، أيضاً أنّه تم بناء تجمع استيطانيّ جديد باسم “جود” بدعم تركيّ وفلسطينيّ في موقع حرش الخالدية جنوب شرق مدينة عفرين، وبذلك يشهد جبل ليلون كثافة في مشاريع الاستيطان بدأت بمشروع القرية الشامية وتجمع البركة وكويت الخير ومشروع سكنيّ لمستوطنين ينحدرون من مدينة البوكمال مشروع الأمل 2.

ــ مستوطنة الزعيم

يُذكر أنّ مشروعاً استيطانياً آخر يحمل اسم قرية فلسطينيّة افتتح في 28/8/2022، باسم قرية “الزعيم” ويقع في قرية كفر صفرة بناحية جنديرس، وأيضاً حمل المشروع اسم القرية التي موّلت المشروع، وهي قرية فلسطينية تقع قرب مدينة القدس. ونفذته مؤسسة “وفاء المحسنين”، الفلسطينية ووصل أشخاص من الأراضي المحتلة إلى عفرين عن طريق تركيا لحضور افتتاح التجمع السكنيّ.

وبحسب ما أعلنت عنه المؤسسة، فقد تم تسليم 34 وحدة سكنية ضمن المشروع، كما يجري إعداد 80 وحدة سكنية ضمن المرحلة الثانية التي بدأوا بها منذ عدة أسابيع، لافتةً إلى أن الأخيرة بتمويل من “الشعب العماني”، وسيجري نقل المستوطنين إلى تلك الوحدات قبل فصل الشتاء المقبل.

جمعية وفاء المحسنين مقرها في تركيا إسطنبول ــ نظمت ايكيتلي ــ حي المنطقة الصناعية.

الحقيقة الصادمة أنّ قرية الزعيم شرق القدس، هي سجنٌ كبيرٌ محاطٌ بأسوار عالية، ومزودٌ ببابٍ كبيرٍ، والدخول والخروج محدود بمواقيت معينة، والمفارقة الكبيرة أنّ إسرائيل تهدم البيوت في القرية، فيما يقوم أهلها بتمويل البناء في عفرين!

ــ مستوطنة قرب المحمديّة

وفي 10/4/2023 نقلت وكالة نورث برس عن مصادرها إن “جمعية وفاء المحسنين الخيرية” أنهت عمليات بناء نحو 50 شقة سكنية بالقرب من قرية المحمدية جنوب مدينة جنديرس وتواصل أعمال البناء. وأضافت أنّ المشروع جرى بناؤه قرب مستوطنة “مجمع الزعيم”، التي كانت قد بنيت قبل نحو عام بدعم فلسطينيّ، وبلغ عدد الشقق في القريتين نحو 150 شقة سكنية.

ــ أجنادين فلسطين

مشروعٌ رابع حمل اسماً فلسطينياً هو “أجنادين فلسطين”، ففي 4/1/2023 نشر فريق إدلب الوطن على صفحته الرسمية على موقع فيسبوك دعوة عامة لحضور احتفال افتتاح قرية استيطانيّة في ناحية جنديرس باسم “أجنادين فلسطين”، ووزعت منظمة “فريق إدلب الوطن” الإخوانيّة نحو 40 منزلاً كدفعة أولى، على عوائل مسلحين من ميليشيات “أحرار الشام” المسيطرة على عدة قرى في الناحية.

وأقيم المشروع الاستيطانيّ على أرض زراعيّة خصبة، مساحتها 4 هكتارات بعد قطع 280 شجرة زيتون معمرة فيها. وتقع في المنطقة الفاصلة بين قريتي حميلكة ورفعتية شرقي مدينة جنديرس، وتعود ملكيتها لأولاد المرحومين مجيد ومراد منان، من أهالي قرية شيتكا، أي هكتارين لكلّ من العائلتين، وتم الاستيلاء عليها بعد احتلال عفرين 2018 بذريعة انتماء أصحابها لحزب الاتحاد الديمقراطيّ.

القرية من تنفيذ “فريق إدلب الوطن”، ومصدر التمويل هو من أهالي فلسطين. وممثلين بـ “الجمعية الخيرية الإغاثية أجنادين” ولذلك تم اعتمادها اسمها ليكون اسم مشروع القرية الاستيطانيّة. ويتضمن مشروع قرية أجنادين الاستيطانية بناء 200 منزلٍ مع مرافق خدميّة تشمل مدرسة ومسجد ومعهد شرعي لتحفيظ القرآن وملحقات.

ويوجد داخل المستوطنة نحو 40 خيمة قام مسلحو ميليشيا “أحرار الشرقية” بإسكان أقربائهم فيها للاستفادة من المساعدات الإغاثية الإنسانية المخصصة للمنكوبين والمتضررين من الزلزال الأخير الذي ضرب المنطقة.

ورصد نشطاء المرصد السوريّ، في 20/4/2023، إقدام ميليشيا “أحرار الشرقية” على بناء مجمع سكنيّ، على الطريق الواصل بين جنديرس – عفرين، بعد قطع 280 شجرة، تعود ملكيتها لمهجريْن من أهالي عفرين، ينحدران من قرية شيتكا التابعة لناحية موباتا، لتوطين عوائل مستوطنة فيها. ووفقاً لمصادر المرصد، سيتم تزويد هذا التجمع السكنيّ بـ  200 منزل مسبق الصنع، من قبل منظمة “أجنادين” الفلسطينية، بعد توقيع عقد معها من قبل ميليشيا “أحرار الشرقية” وبموافقة تركية، وبموجبه سيكون المجمع تحت إشراف المنظمة بشكل مباشر. وكخطوة أولية تم إرسال 20 منزل مسبق الصنع إلى المجمع السكني الجديد، في حين سيتم إرسال المنازل المتبقية على شكل دفعات.

يذكر أنّ فريق إدلب الوطن نفذ بالتنسيق مع الجمعية الخيريّة الإغاثية أجنادين العديد من مشاريع البناء وقدم المعونات الإغاثية، والمشرف على هذه المشاريع هو المدعو عبدالله العيدو.

وجاء الإعلان عن افتتاح القرية الاستيطانيّة بعد أشهر من تأكيد وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينيّة رفض التوطين في عفرين وعدم قبولها المساس بحقوق وممتلكات العائلات في عفرين وغيرها من المناطق الكردية في الشمال السوري، وذلك في كتاب رسمي في 15/9/2022.

مستوطنة في ماراته

في 10/3/2023 أعلنت جمعية “العيش بكرامة” الفلسطينية ذات الخلفية الإخوانيّة على صفحتها على موقع فيسبوك أنها بصدد إنجاز مشروع “استيطاني” جديد وصفته بأنه “مبارك”، عبارة عن قرية سكنية مكونة من 100 بيت. وقالت إنه مخصص لعائلات الأيتام والأرامل في عفرين المحتلة. وأضافت الجمعية أنّه تمت الموافقة على إتمام المشروع، بالإضافة إلى الحصول على عشرات الدونمات لبناء البيوت في القرية. وأشارت إلى أن الأرض مكفولة من حيث البنية التحتية ومعدات الحفر والتجهيز من قبل “جمعية تركية موثوقة”. وذكر الإعلان أن تكلفة كل بيت هو 6700 شيكل، مساحته 40 م2، ويشمل غرفتين وحمّام ومطبخ – كهرباء مع الطاقة الشمسية ومياه وحمّام وساحة خارجية.

ولم تذكر الجمعية الآلية القانونية التي تم وفقها الحصول على عشرات الدونمات من الأراضي لبناء المستوطنة، والتي تعود ملكيتها إلى أهالي عفرين الكرد.

وحسب معلومات حصلت عليها “عفرين بوست” تفيد بأن المستوطنة ستقام في محيط قرية ماراته التابعة لناحية مركز عفرين، على أرض تعود ملكيتها لعائلة دادو، دون ورود معلومات إضافية.

وكانت الجمعية قد أعلنت في 3/2/2023 عن استمرار نقل المستوطنين إلى تجمع “بسمة” الاستيطانيّ.

مستوطنة إعزاز

في منطقة إعزاز تواصل جمعية “عطاء” بالتنسيق مع منظمة “القلوب الرحيمة” الفلسطينيّة اعتباراً من نهاية العام الماضي العمل على بناء مستوطنة في منطقة سيجراز قرب مدينة إعزاز.

تحويلات عبر بنك إسرائيليّ

أضحت مسألة التحويلات المالية من قبل الجمعيات الفلسطينية قضية شائكة، وسبق أن صرحت وزارة خارجية السلطة الفلسطينية بكتاب رسمي أنها لا توافق على المشاركة الفلسطينية في أي من مشاريع الاستيطان التركية، إلا التحويلات المالية استمرت رغم ذلك.

واللافت في إعلان الجمعية أنه ذكر تكلفة البيت بالعملة الإسرائيلية كما ذكر أيضاً حساب الجمعية في مصرف إسرائيلي وذكر الاسم باللغة العبرية وهو 364097، رقم البنك: הפועלים 12، رقم الفرع: 506   שם מוטב: לחיות בכבוד.

وإذا كانت التحويلات المالية ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة لا تغيب عن الرقابة الأمنية الإسرائيلية فإن وصولها إلى عفرين عبر مصرف إسرائيلي وبالشيكل، يطرح المزيد من الأسئلة، ليؤكد ذلك أن عربة الاستيطان تجرها العديد من القاطرات بالتنسيق مع حكومة الاحتلال التركي، والنتيجة ترسيخ التغيير الديمغرافي وتثبيت واقع الاحتلال.

المصدر: عفرين بوست